الاقتصاد نيوز _ بغداد

اتسع بشكل لافت حجم المخاوف الناجمة عن التغيرات المناخية على القطاع الزراعي، الذي فقد مساحات واسعة جرَّاء آثار تلك التغيرات التي باتت تهدد مجمل نواحي الحياة في البلاد، وتنذر بمزيد من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تلوث المياه والتربة واتساع المساحات الصحراوية الزاحفة بشكل سريع صوب المدن، الأمر الذي دعا العديد من المختصين في الشأنين الاقتصادي والبيئي، إلى المطالبة بضرورة إقرار قوانين يمكن أن تحد من آثار التغيرات المناخية، وتخصيص "موازنة بيئية" لتنفيذ مشاريع قادرة على الحد من من تلك الآثار.


وفي صورة توضح حجم المخاوف المتنامية جرَّاء التغيرات المناخية، تُبيِّن الإحصائيات الأممية، أن العراق سيخسر قرابة 400 ألف دونم من الأراضي المستصلحة سنوياً بسبب تلك التغيرات، وهو الأمر الذي أكده لـ"الصباح" المستشار في وزارة الزراعة، الدكتور مهدي ضمد القيسي، حينما أشار إلى حصول تغيرات واسعة بالخطط الزراعية جرَّاء التغيرات المناخية وما رافقها من تراجع في الإطلاقات المائية وارتفاع درجات الحرارة وندرة هطول الأمطار.
 وقال القيسي: إن "القطاع الزراعي في العراق تأثر بشكل واضح بالتغيرات المناخية، لاسيما ارتفاع درجات الحرارة وقلة الإيرادات المائية من دول الجوار وتراجع نسب الأمطار، مشيراً إلى أن تلك العوامل لعبت دوراً كبيراً في التأثير في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني" .
وأوضح القيسي، أن قلة هطول الأمطار وتراجع الإيرادات المائية، أثرا بشكل سلبي في توجهات التوسع بالخطط الزراعية، لاسيما الشتوية، التي تشهد زراعة محصول الحنطة، الذي يعد محصولاً ستراتيجياً يرتكز عليه الأمن الغذائي للفرد بشكل رئيسي، فضلاً عن تاثر الإنتاج الحيواني بالتغيرات المناخية، حيث أدت قلة المياه إلى تراجع نمو الأعشاب وبالتالي تأثر هذه الثروة بشكل كبير.
كما لفت المستشار في وزارة الزراعة، إلى أن مخاطر تراجع الإيرادات المائية لا تتعلق فقط بعمليات السقي، حيث أدى ذلك التراجع  إلى حصول حركة في التربة والرمال، وبالتالي تزايد العواصف الترابية، مبيناً في الوقت ذاته، أن شحَّ المياه أدى إلى زيادة تراكيز الملوِّثات والملوحة فيها وبالتالي أثرت في طبيعة التربة، وأدت إلى تفاقم مشكلات الواقع الزراعي والثروة الحيوانية، مشيراً إلى أن التاثيرات البيئية في نشاطات القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، أثرت بشكل مباشر في سلسلة الغذاء التي يستفيد منها الإنسان، فضلاً عن تأثر الجوانب البيئية المرتبطة بها والمتمثلة بالمياه وتلوُّثها وزيادة تراكيزها لاسيما في مناطق الوسط والجنوب، وتحديداً البصرة.
من ناحيته، أوضح الصحفي البيئي الدولي، خالد سليمان، أن "آثار تغير المناخ على العراق تتمثل في تراجع تساقط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد العوصف الترابية، فضلاً عن آثار سلبية أخرى تتمثل في السياسات الإقليمية على اقتصاد العراق، حيث تسببت تلك السياسات الإقليمية في تراجع واردات المياه لاسيما القادمة من تركيا" .
ويرى سليمان، أن واحداً من الأسباب المباشرة التي أدت إلى تفاقم آثار تغير المناخ وبالتالي انعكاسها سلباً على الواقع الاقتصادي، هي إدارة الموارد المائية، حيث مازال العراق يعتمد على أساليب الري القديمة، ولم يزل يعتمد عليها بشكل واسع في الزراعة، ولم ينتقل إلى استخدام الوسائل المتقدمة في هذا المجال بشكل كامل، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن أزمة المياه في البلاد رافقتها أزمة خطيرة أخرى تتمثل في  تلوُّث المياه، لاسيما في ظل وجود مؤشرات واضحة على تفريغ المياه الآسنة في بعض الأنهر العذبة.
وأشار سليمان، إلى أن قلة تدفق المياه وتلوثها وتراجع الإطلاقات من دول المنبع، عوامل ستؤدي إلى تناقص كبير في الأراضي الزراعية، وإلى مضاعفة مساحات الأراضي المتصحِّرة، مبيناً أن الاقتصاد العراقي سيتأثر بشكل كبير جرَّاء التغيرات البيئية الناجمة عن تراجع الواردات المائية، لافتاً إلى أن السياسات الاقتصادية تركِّز بشكل كبير على "الاقتصاد الريعي" يقابلها إهمال كبير لبقية القطاعات الإنتاجية، لاسيما الصناعية والزراعية.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار التغیرات المناخیة القطاع الزراعی إلى أن

إقرأ أيضاً:

مخاوف عالمية وتحركات ضخمة للمواجهة.. ماذا حدث للعالم بسبب التغيرات المناخية وتأثيره على الكهرباء؟

شهد العالم التغيرات المناخية التي لها انعكاسات بشكل سلبي على العديد من دول العالم، فكلما ارتفعت درجة الحرارة العالمية، زادت مخاطر موجات الحر، وهذا العام أتت موجات الحر أكثر سخونة وأطول مما كانت عليه سابقًا بسبب الاحترار العالمي.

حيث زادت درجات الحرارة القياسية في يونيو الجاري مرتين، وهو ما انعكس سلبيًا على العديد من دول العالم، حيث تشهد العديد من الدول في أنحاء متفرقة من العالم موجة حارة قياسية، وسجلت بعض المدن مستويات قياسية اقتربت من حافة الـ 50 درجة مئوية.

الأمر الذي أدى إلى الضغط  على البنية التحتية للطاقة، وهي من الأسباب الرئيسية لانقطاع التيار الكهربي بشكل كبير في العديد من دول العالم ومنها دولة متقدمة ودول في الإقليم.


أسباب انقطاع التيار الكهربي

1- أنها أزمة مركبة تتكون من عدة أسباب أهمها ارتفاع درجة الحرارة وتأثيرها على كفاءة الطاقة الكهربائية المولدة، وكذلك زيادة الاستهلاك مما يحتاج معه زيادة فاتورة استيراد الوقود.

2- أن الشبكة الكهربائية في مصر لها طاقة للتحمل، وفي ظل تعرض مصر حاليا إلى موجة قوية من الطقس الحار، نتج عن ذلك استهلاك زائد للكهرباء بسبب تشغيل الأجهزة الكهربائية على رأسها مكيفات الهواء والمبردات، ما أدى إلى حدوث ضغط على الشبكة وهو ما يستلزم كميات كبيرة من الوقود سواء كانت فيما يخص المحطات التي تعمل بالغاز أو المازوت.


3- ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي غير مسبوق هذا العام أدي لزيادة استهلاك الكهرباء بصورة مرتفعة ( الأمر متعلق هنا بتوفير الطاقة لتشغيل شبكات الكهرباء، مما يؤدي الزيادة التحميل على الشبكة الكهربائية ويؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي في العديد من الدول، وفي الوقت نفسه، يمكن لدرجات الحرارة المرتفعة أن تجعل محطات الطاقة أقل فعالية، وتحد من كمية خطوط الطاقة التي يمكن أن تحملها، وتزيد من احتمالية حدوث أعطال في المحولات التي تساعد في التحكم في الجهد عبر الشبكة الكهربائية للدول.

4- أدت التغيرات المناخية إلى انعكاسات سلبية كبيرة علي العديد من دول العالم، فكلما ارتفعت درجة الحرارة العالمية، زادت مخاطر موجات الحر، وهذا العام أنت موجات الحر أكثر سخونة وأطول مما كانت عليه سابقًا بسبب الاحترار العالمي، ويتوقع الخبراء أن يدفع هذا الأمر لتجاوز درجة الاحترار المأمولة وهي 1.5 درجة مئوية، وإذا لم يتم تخفيض انبعاثات الغاز الدفيئة، ستستمر درجات الحرارة في الارتفاع.


5- تسببت درجات الحرارة المرتفعة التي تجتاح العالم بقوة خلال هذه الفترة في معاناة العديد من دول العالم من ضغوط على البنية التحتية للطاقة، وهي من الاسباب الرئيسية لانقطاع التيار الكهربي بشكل كبير في العديد من دول العالم ومنها دولة متقدمة ودول في الاقليم، حيث أدت "الحرارة الشديدة والطلب المتزايد على أجهزة تكييف الهواء إلي تشكيل ضغطا على النظام الكهربائي مما أدي إلي انقطاعات محلية في العديد من الدول.


تحركات الدول 


قامت العديد من الدول بإجراءات استباقية مثل الكويت ومصر وكذلك انقطاع الكهرباء في كل من العراق وتونس وليبيا، أو بشكل اضطراري ومنها دول البلقان وبريطانيا هذا الاسبوع، ومن المتوقع أن تقوم دول أخري خلال الفترة القادمة باتباع نفس النهج بسبب درجات الحرارة المرتفعة وغير المسبوقة فموجات الحر والجفاف تضع بالفعل توليد الطاقة في الوقت الحالي تحت الضغط، وفقًا لما ذكره تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. فمثلا:

- حيث قامت وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الكويتية بقطع الكهرباء بهدف تخفيف الأحمال وقت الذروة تباعًا من الساعة 11 صباحًا وحتي الساعة 5 مساء.
- كما ضرب انقطاع كبير للتيار الكهربائي دول البلقان بما في ذلك "الجبل الأسود والبوسنة وألبانيا ومعظم ساحل كرواتيا يوم الجمعة 21 يونيو 2024، بسبب الزيادة المفاجئة في استهلاك الطاقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وبسبب الحرارة نفسها التي تزيد من التحميل الزائد على أنظمة شبكات انتاج الكهرباء، وأدي لخلق مشكلة فنية بهذه الشبكات.
- وفي بريطانيا، منذ أيام أثرت مشكلة في امدادات الكهرباء علي مطار مانشيستر وعدد من المباني.

-  أعربت حكومات عديدة عن مخاوفها بشأن ارتفاع درجات الحرارة الشديدة وتزايد أعداد الوفيات، وبخاصة داخل دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك اليونان التي تواجه تزايدًا في أعداد الوفيات ونيودلهي في الهند، فضلًا عن المخاوف في المملكة المتحدة.

- في أمريكا، تتوقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي يوم الخميس القادم أن تشهد البلاد أول موجة حر كبيرة هذا العام، ما يهدد بمشاهدة انقطاعات في تيار الكهرباء في عدد من الولايات خلال هذه الموجة، وهو أمر يحدث عادة بسبب تغير الطقس، حيث تعرضت الشبكة العامة الكهربائية الأمريكية لضغوط متزايدة مع الموجة الحارة خلال الأعوام الماضية، والتي أدت إلي أزمة في انقطاع الطاقة المتكرر. وتسبب الطقس السيئ "الأمطار والعواصف وارتفاع الحرارة عن نحو 80% من جميع حالات انقطاع التيار الكهربائي الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية من عام 2000 إلى عام 2023 منها نحو %58% بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وفقا لتقارير مركز المناخ المركزي الأمريكي. وفي تصريحات صحفية للرئيس الأمريكي جو بايدن. يوم 27 يوليو 2023 حول الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، قال إنه تم تخصيص أكثر من 20 مليار دولار من قانون البنية التحتية لشبكات الكهرباء لتتحمل العواصف ودرجات الحرارة المرتفعة"، وهو حجم إنفاق ضخم على شبكات الكهرباء، ومع ذلك هذا وبالرغم من هذا توجد تحذيرات هذا العام من احتمالية انقطاع الكهرباء بسبب الموجة الحارة التي ستشهدها أمريكا.

- مصر من بين الدول التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة مثل باقي دول العالم، بل وصلت لمعدلات حرارة قياسية واستمرار موجة الحر الشديد على كافة الأنحاء، فمثلا سجلت أسوان يوم الجمعة 7 يونيو الجاري أعلي درجة حرارة في العالم، ووصلت درجات الحرارة بها إلى 49.8 درجة مئوية وبذلك، تكون أسوان قد تصدرت قائمة المدن الأكثر حرارة على وجه الأرض، متجاوزة العديد من المدن الأخرى التي تعاني من موجات حر قوية، أدت الموجة الحارة واستمرار الارتفاع الشديد في درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية لهذه الفترة في مصر إلى اتخاذ الحكومة عدد من الاجراءات للحفاظ على التشغيل الآمن والمستقر لشبكة الغاز ومحطات إنتاج الكهرباء، حيث تم التنسيق بشكل مسبق بين الوزارتين لتحديد الكميات الإضافية المطلوبة من الوقود اللازم لمجابهة زيادة الاستهلاك في أشهر الصيف الحارة، وبالفعل قامت وزارة البترول بالتعاقد على هذه الكميات منذ فترة واستلامها طبقا للتوقيتات المخططة، لكن مع استمرار الموجة الحارة بشكل غير مسبوق حتي عن العام الماضي مما صاحبه زيادة أكبر في استهلاك الكهرباء غير متوقعة، كان هناك حاجة لاستيراد المزيد من الطاقة، وقد تم اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية.

مقالات مشابهة

  • اجتماع بصنعاء يناقش آليات تقييم المصادر المائية في قاع سهمان بمديرية بني مطر
  • مزارعو الشرقية يطالبون بوضع استراتيجية وطنية للتغلب على إرتفاع درجات الحرارة العالية
  • تأثير التغيرات المناخية على شبكات الكهرباء في مصر: ضرورة الإجراءات الاستباقية
  • أستاذ عمارة: لو اتبعنا نظم البناء القديمة هنتخلى عن 80% من أجهزة التكيفات
  • فهيم: التغيرات المناخية سينتج عنها تقلبات جامحة أصعب من انقطاع الكهرباء
  • احترس من الحر
  • مخاوف عالمية وتحركات ضخمة للمواجهة.. ماذا حدث للعالم بسبب التغيرات المناخية وتأثيره على الكهرباء؟
  • أسباب التغيرات المناخية وارتفاع الحرارة بشكل كبير (شاهد)
  • برلماني يدعو الحكومة للإسراع في مواجهة آثار ارتفاع درجات الحرارة علي قطاع الزراعة
  • مطلوب التحرك بسرعة.. تحذير برلماني من مخاطر ارتفاعات الحرارة على الزراعة والأمن الغذائي