ما الذي ينتظره اللبنانيون بعد؟
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
انتظر اللبنانيون أن تثمر المبادرة الفرنسية بما يرضي جميع الأطراف، فجاء الموفد الرئاسي الخاص جان ايف لودريان في المرة الاولى، وأعتقد اللبنانيون أنه يحمل معه المن والسلوى، ولكنهم اكتشفوا أنه لم تكن لديه خطة جاهزة لحلحلة العقدة الرئاسية، بل ما تبين لاحقا عندما عاد إلى باريس أن ما سمي بمبادرة كان الهدف منها طرح تسوية متكاملة تشمل رئاستي الجمهورية والحكومة.
وهذا ما عارضته القوى المسيحية، التي كانت تأمل في أن تكون هذه المبادرة متكاملة الفصول، من حيث تقديم تطبيق الدستور على أي طرح آخر، وبالأخص في موضوع الحوار، الذي رفضته في المبدأ، باعتباره يؤسس لسابقة دستورية، يُخشى أن تتكرر عند كل استحقاق رئاسي، بحيث تصبح هذه المركزية، من حيث فعاليتها وموقعها، مهمشة ومرتبطة بما يُسمى بالتوافق الداخلي، الذي يحظى بدعم وغطاء خارجيين، تمامًا كما حصل في اتفاق الدوحة. وتوالى انتظار اللبنانيين، ودخلت على خط المعالجة مجموعة الدول الخمس، التي كان لها توجه مغاير للتوجه الفرنسي، حيث أصدرت بيانًا وضعت فيه النقاط على الحروف النافرة، وبدأت من بعده بتحريك المياه الرئاسة الراكدة، وبدأ معها التحرك الداخلي لمواكبة الحركة الخارجية، فكان أن سحب النائب ميشال معوض ترشيحه من المعركة الانتخابية، وصار التوافق على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، الذي تمكّن من حصد ٥٩ صوتًا مقابل ٥١ صوتًا حصل عليها رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، في جلسة "اللاغالب واللامغلوب"، حيث تكوّنت قناعة راسخة لدى الرئيس نبيه بري باستحالة الوصول إلى أي نتيجة ما لم يجلس الجميع إلى طاولة للحوار لكي يطرح كل فريق هواجسه وتطلعاته، توصلًا الى توافق على خيار ثالث.لكن ما استجد في الساعات الـ ٢٤ الماضية أن وزير الاعلام زياد مكاري أعلن أن المعركة الرئاسية باتت محصورة بين مرشحين هما قائد الجيش العماد جوزاف عون وفرنجية، الأمر الذي استدعى ردًّا مباشرة من رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع رافضًا هذه المعادلة، ومؤكدًا ان القوى المعارضة لا تزال متمسكة بترشيح ازعور وبمبدأ الدورات المفتوحة لمجلس النواب، وأن تأخذ العملية الديمقراطية مجالها الواسع، وليفز في النهاية من يحظى بأغلبية الأصوات، وليحكم منطق "أكثرية تحكم وأقلية تعارض" في جو ديمقراطي سليم.
من جهته، أعلن العماد عون أنه غير معني بالمعركة الرئاسية، لأن هذا الأمر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد، لأن اهتماماته حاليًا محصورة في تأمين ما يلزم من مقومات الحدّ الأدنى لتبقى المؤسسة العسكرية صامدة، ولو "بالموجود جود"، لأن ما هو مطلوب منها على صعيد الاستقرار العام كثير، ويتطلب المزيد من الجهد والتضحيات. وهذا يعني في ما يعنيه بالقراءة السياسية لمختلف التطورات أن الأزمة الرئاسية باقية على حالها، وأن النقاش عاد إلى مربعه الأول، في انتظار ما يمكن أن تكون عليه تداعيات اللاموقف للمجموعة الخماسية، التي لم تتوصل إلى رسم خارطة طريق حول طريقة تعاملها مع المعطيات المستجدّة في الملف الرئاسي، في ضوء المواقف المعلنة في بيروت، وما ينتظره اللبنانيون بعد الجولة الثالثة للودريان، والتي التقى فيها جميع القوى السياسية المعنية بالاستحقاق الرئاسي، حيث أوحى لكل من التقاهم، كل على حدة، بأن مبادرته تأخذ في الاعتبار هواجسهم. فسمع الرئيس بري ما يطيب له أن يسمعه لجهة تأييد مبادرته الحوارية، وأسمع رئيس "التيار الوطني الحر" ما يروق له سماعه، وكذلك الأمر مع كل من الوزير فرنجية والدكتور جعجع ورئيس حزب "الكتائب اللبنانية" وحتى النواب المستقلين، حيث اعتقد الجميع أن ما سمعوه إنما يصّب في خانة ما يتطلعون إليه في المرحلة المقبلة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بين عون وجعجع.. هكذا ستقول السعودية كلمتها الرئاسية
تترقّب الأوساط السياسيّة الدور الذي يُمكن أنّ تقوم به المملكة العربيّة السعوديّة في لبنان، ومدى تأثيره على الإستحقاق الرئاسيّ، قبل أيّام قليلة من جلسة 9 كانون الثاني التي يُعوّل عليها كثيراً لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. ورغم أنّ الوزير فيصل بن فرحان لن يزور لبنان، غير أنّ الرياض لا تزال تهتمّ بما يجري في بيروت، وتُشدّد على إجراء الإستحقاقات الدستوريّة في موعدها لاستقرار الأوضاع السياسيّة والإقتصاديّة في البلاد.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هناك أطرافاً نيابيّة مُؤثّرة على الملف الرئاسيّ لا تزال تنتظر إشارة من السعوديّة لاتّخاذ القرار المُناسب بما يتعلّق باختيار المرشّح والإقتراع له، وهنا الحديث عن النواب السنّة الذين بأغلبيتهم قرّروا أنّ يكونوا في موقعٍ وسطيّ، وينتظرون الإجماع على شخصٍ بين المُعارضة و"الثنائيّ الشيعيّ"، علماً أنّهم يُشجعون وصول رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة، أو قائد الجيش أو أيّ شخصيّة قد يتوافق عليها المسيحيّون.
ويبقى من المهمّ، بحسب العديد من الأوساط السياسيّة، أنّ تكون المملكة مُؤثّرة بالفعل في الملف الرئاسيّ، وخصوصاً من حيث التطرّق للأسماء ودعم أحدها، فموقف الرياض لا يزال على حاله، وهو حثّ اللبنانيين على اختيار رئيسهم بالتوافق، من دون أنّ تتدخّل أو تفرض أسماء مُعيّنة على النواب كيّ لا تُتّهم بأنّها تُفضّل أيّ مرشّح على آخر، أو أنّها تُملي على الكتل ما يجب فعله.
ومن المتوقّع أنّ تحمل زيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان إلى لبنان، إنّ حصلت، موقف المملكة عينه، مع التشديد على أنّه لا يجوز ولا يُمكن الإستمرار بالفراغ الرئاسيّ في ظلّ ما تمرّ به البلاد، ومع ما تشهده المنطقة من تغيّر.
في المقابل، من المهمّ أنّ ينقل بن فرحان موقف السعوديّة الواضح من الإستحقاق الرئاسيّ، وإذا ما كانت تدعم بالفعل قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي زار الرياض قبل فترة قصيرة، أوّ أنّها تُريد البقاء على الحياد. فوفق مصادر نيابيّة، إذا تناول قائد المؤسسة العسكريّة ملف الرئاسة مع القيادة في المملكة، وإذا كانت الأخيرة تُشجع وصوله إلى سدّة الرئاسة وترى أنّه الشخصيّة الأنسب في بعبدا، فعليها أنّ تُعلن ذلك، لأنّ هناك نواباً ينتظرون إشارة منها كيّ يبنون موقفهم، وأصواتهم تُعتبر حاسمة في الإنتخابات إنّ لمرشّح المُعارضة أو فرنجيّة، أو لأحد الأسماء الوسطيّة مثل عون.
وفي حين تتمنّى الرياض انتخاب شخصيّة مسيحيّة سياديّة تُعالج موضوع السلاح غير الشرعيّ وتُطبّق إتّفاق الطائف كاملاً، لبناء الدولة وإطلاق عجلة الإصلاحات، غير أنّها ليس من المرجّح أنّ تكشف عن نواياها أيضاً من هكذا مرشّحين، لترك الخيار أمام اللبنايين للتوافق، ولإعطاء فرصة للنواب الذين يقومون باتّصالات كثيفة قبل حلول موعد الجلسة في 9 كانون الثاني للإتّفاق، وخصوصاً وأنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي تعهّد بأنّ يكون هذا التاريخ حاسماً لانتخاب الرئيس، وأنّ لا يخرج النواب من قاعة المجلس من دون نتيجة.
وعليه، سيكون موقف السعوديّة تجاه لبنان متجانساً مع اللجنة الخماسيّة، وداعماً لجهود الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان، فهذه المرّة تُعوّل المملكة ومصر وقطر والولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا على تحلّي اللبنانيين بالمسؤوليّة لإنجاز الإستحقاق الرئاسيّ، وعلى وعد برّي من أنّه سيكون هناك رئيس قريباً. المصدر: خاص "لبنان 24"