إعداد: بولين روكيت | حسين عمارة تابِع إعلان اقرأ المزيد

لا تزال الفوضى تعم المدن المنكوبة في الشرق الليبي. فبعد مرور أسبوع واحد على الفيضانات المدمرة الناجمة عن انهيار سدين تحت ضغط الأمطار الغزيرة للعاصفة "دانيال"، تستمر عمليات الإنقاذ في حين تظل حصيلة القتلى، التي لا تزال مؤقتة، ثقيلة للغاية. ووفقا لآخر إحصاء رسمي صادر عن وزارة الصحة، نشر الاثنين 18 سبتمبر/أيلول، لاقى نحو 3338 شخصا حتفهم في هذه الكارثة غير المسبوقة.

من جانبها، تقدر الأمم المتحدة عدد المفقودين بما يقرب من 10 آلاف شخص.

بينما على الأرض، لا يزال البحر تقذف مياهه جثث المنكوبين علاوة على أنه لا يزال يتعين استخراج العديد من الجثث من تحت الأنقاض. وحذرت الأمم المتحدة الاثنين من أن وكالاتها تعمل على منع تفشي الأمراض في الأماكن المنكوبة وبخاصة في درنة.

وقالت الأمم المتحدة، التي تشعر وكالاتها بالقلق إزاء خطر انتشار الأمراض: "يواصل فريق منظمة الصحة العالمية العمل على منع تفشي الأمراض وتجنب حدوث أزمة مدمرة ثانية في المنطقة لا سيما بسبب المياه الملوثة ونقص النظافة".

"جميع مصادر الحصول على المياه باتت تالفة"

تنتشر رائحة الموت في كل مكان، ولا تزال مياه البحر تقذف بالجثث، كما لا يزال يتعين إخراج الجثث القابعة تحت أنقاض المباني المدمرة في كل أرجاء المكان. يؤكد أوليفييه روتو، مدير العمليات في منظمة "الإغاثة الأولية الدولية"، التي تعمل فرقها من مدينة البيضاء، على بعد 75 كيلومترا غرب درنة، أن "الوضع كارثي وغير عادي".

إضافة إلى ذلك تتعلق جميع المخاطر التي ذكرتها وكالات الأمم المتحدة تحديدا بمياه الشرب. ودعت منظمة الصحة العالمية، على وجه الخصوص، إلى وضع حد لاستخدام المقابر الجماعية، التي تمثل خطرا صحيا خطيرا على الحياة عند إقامتها بالقرب من نقاط استخراج المياه.

"هذه البادرة لا تهدف فقط إلى إدارة ضائقة السكان، ولكنها أيضا مدفوعة بالخوف من أن تلك البقايا البشرية قد تشكل خطرا على الصحة"، تشرح منظمة الصحة العالمية في بيان لها، مضيفة أن هذا النهج قد يكون ذا أثر ضار بحياة السكان.

ويوضح أوليفييه روتو بالقول "نظرا لعدد الوفيات الكبير والبنية التحتية المدمرة، تعد هذه مشكلة قصوى". "ولا تزال مدن عدة محاصرة ولا تعمل بها إلا أطقم الإغاثة المحلية لأن المساعدات لم تصلها بعد، لذا ينظم السكان أنفسهم دون أن يكون لديهم بالضرورة جميع المهارات المتعلقة بإدارة المخاطر وترقب وقوعها".

فيما أصدر المركز الليبي لمكافحة الأمراض تحذيرا صحيا "بحظر استخدام أو شرب المياه من الشبكة المحلية، لأنها ملوثة بمياه الفيضانات".

في درنة، وردت أنباء عن أن 150 شخصا أصيبوا بالتسمم جراء استخدام المياه الملوثة، كما توفي 55 طفلا متسممين بعد استهلاك هذه المياه، وذلك وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ويتابع أوليفييه روتو: "لقد تضررت جميع مصادر مياه الشرب، وهو ما يشكل خطرا عظيما".

لقد أصبح الحصول على الماء والغذاء والأدوية الآن أولوية للمنظمات غير الحكومية في الموقع، ولا سيما منظمة الإغاثة الأولية الدولية، التي تقول إنها تقوم بمجهودات كبيرة لاستعادة الوصول إلى الخدمات، وليس أعمال الأمن المدني التي يتمثل تحديها الأكبر اليوم في "إنقاذ الأحياء".

 

توفير المساعدة النفسية... الجانب المنسي من أوليات الاستجابة للطوارئ

 

وأكد فلوران ديل بينتو، رئيس مركز عمليات الطوارئ في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر على قناة فرانس24 الناطقة باللغة الإنكليزية، على أهمية تقديم الدعم النفسي للسكان المنكوبين ولا سيما "العائلات التي تواجه صدمات مروعة".

أما بالنسبة لمنظمة الإغاثة الأولية الدولية، الموجودة في مدينة بنغازي منذ عام 2017، فإن الرعاية النفسية الطارئة ضرورية أيضا. "في بعض الأحيان يكون هذا النوع من الرعاية الجانب المنسي من الاستجابة للطوارئ"، يأسف أوليفييه روتو. لذلك، يقول: "يجب أن نكون قادرين على مرافقة هؤلاء الأشخاص ومساعدتهم نفسيا على النجاة من هذه الصدمة".

ففي بلد تسود فيه الفوضى السياسية منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، لا يزال تنظيم الإغاثة وعمل المنظمات غير الحكومية معقدا. فالبلاد واقعة تحت حكم إدارتين متنافستين على السلطة: أولاها في طرابلس (غرب)، بقيادة رئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة، والأخرى شرق البلاد، ممثلة في برلمان طبرق وتنتمي إلى معسكر المشير القوي خليفة حفتر.

يوضح فلوران ديل بينتو أن هذا الوضع ليس له أي تأثير على الصليب الأحمر، مشيرا إلى "حياد" المنظمة. ويقول موضحا "نحن ننسق مع الكيان الحاكم على الأرض حيث نعمل".

وبالنظر إلى حجم الكارثة، يبدو أن المعسكرين المتنافسين قد أوقفا مشاجراتهما على أية حال. وتم إرسال فرق مساعدات كبيرة وأطقم إنقاذ مهمة من طرابلس إلى مناطق الكوارث.

كما أعلنت حكومة طرابلس الاثنين عن بدء العمل على بناء "جسر مؤقت" فوق الوادي الذي يعبر درنة ، حيث يتم قطع ضفتي المدينة منذ أن جرفت الأمواج المباني الأربعة التي تربطهما.

ومع ذلك، بالنسبة للسكان، فإن المسؤولين عن هذه الفوضى معروفون جيدا. فقد تظاهر الاثنين المئات من سكان درنة أمام المسجد الجامع في المدينة، وهم يرددون شعارات معادية للسلطات في الشرق ويطالبون بمحاسبة البرلمان ولا سيما رئيسه عقيلة صالح.

 

سكان من درنة، شرق ليبيا، يحتجون أمام مسجد الصحابة ضد الحكومة في شرق البلاد، 18 سبتمبر/أيلول 2023. © رويترز

ورددت الجموع "الشعب يريد إسقاط البرلمان"، و"عقيلة [صالح] عدو الله"، و"دماء الشهداء لن تذهب هدرا"، أو حتى "أولئك الذين سرقوا وخانوا يجب أن يشنقوا". وفي بيان تمت قراءته خلال المظاهرة دعا "سكان درنة" إلى "إجراء تحقيق سريع واتخاذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين عن الكارثة".

وبحسب الخبراء، فإن الوضع السياسي المتردي في ليبيا قد طغى على مسألة الحفاظ على البنية التحتية الحيوية، مثل سدود درنة التي يعود انهيارها إلى أصل المأساة التي يعيشها السكان المنكوبين الآن.

 

النص الفرنسي: بولين روكيت | النص العربي: حسين عمارة

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: زلزال المغرب فيضانات ليبيا وفاة مهسا أميني ريبورتاج ليبيا فيضانات ليبيا خليفة حفتر كوارث طبيعية احتجاجات مساعدات انسانية الأمم المتحدة لا تزال لا یزال

إقرأ أيضاً:

القاهرة الإخبارية: أزمات المياه والكهرباء تحاصر المدنيين في الخرطوم وأم درمان

وضع مأساوي وواقع مزري يعيشه المدنيون في السودان تحت وطأة الصراع المستمرة من أكثر من عام، إذ أن هناك أزمات إنسانية متلاحقة تفاقم معاناة السودانيين جراء انقطاع الخدامات وصعوبة وصول المساعدات إلى مناطق القتال بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، حسبما ذكرت قناة «القاهرة الإخبارية» في تقرير لها.

واقع مأساوي يعيشه السودانيون 

وأضاف التقرير، أن تعطيل إمدادات المياه والطاقة والغاز إضافة إلى نقص الغذاء والدواء والوقود، صورة قاتمة تجسد المشهد الإنساني في السودان لا سيما بالخرطوم وأم درمان.

وأشار إلى أن المياه النظيفة بات الوصول إليها محدودًا للغاية بل من المستحيلات في بعض المناطق، فمنذ اندلاع الصراع، تعرضت الهياكل الأساسية كمحطات معالجة وإمداد المياه وخطوط الأنابيب إلى أضرار جسيمة، ما ترك مئات الآلاف من الأسر دون مياه لعدة أشهر.

وقال أحد السودانيين لقناة «القاهرة الإخبارية»: «نعاني بكثرة من نقص المياه، ونعيش في ظلام غير عادي لعدم وجود كهرباء».

وكشفت تقارير الأمم المتحدة، أن 15 ولاية من أصل 18 في السودان تضررت بفعل الصراع، بينما تواجه المناطق التي لم تتأثر مباشرة بالعنف نقصًا في المياه وأبسط الخدمات الأساسية.

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها 

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها الشديد إزاء الوضع المتدهور في السودان، محذرة من أن استمرار النزاع يؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق في ظل نقص المساعدات الضرورية لتلبية احتياجات السكان المحليين والنازحين.

وأشارت القاهرة الإخبارية إلى أن العام اقترب على الرحيل، وتبقى الأزمة السودانية مستمرة دون أفق واضح أو مؤشر حول متى ستفرج الأزمة؛ لتنتهي معاناة ملايين السودانيين سواء من بقوا في نقاط القتال الملتهبة أو من نزحوا لولايات مجاورة.

مقالات مشابهة

  • الأونروا: المساعدات التي تدخل غزة في أدنى مستوياتها منذ أشهر
  • الأونروا : الوضع كارثي والمساعدات لا تكفي
  • القاهرة الإخبارية: أزمات المياه والكهرباء تحاصر المدنيين في الخرطوم وأم درمان
  • الأونروا: وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة "غير كاف"
  • الأونروا: وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة "غير كاف"
  • أونروا: المساعدات التي تدخل غزة عند أدنى مستوياتها منذ أشهر
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن فتح معبر جديد لإيصال المساعدات إلى غزة
  • الأمم المتحدة تؤكد أهمية بقاء معبر "أدري" مفتوحًا لضمان وصول المساعدات إلى دار فور
  • الأمم المتحدة: “إسرائيل” تمنع وصول المساعدات إلى شمال غزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تعرقل وصول 85% من قوافل المساعدات إلى شمال غزة