هرب الليبيون من الشاطئ خوفا من أمواج البحر المتوقعة نتيجة العاصفة؛ ليموتوا ضحايا لفساد صغير متراكم، تسبب في هدم السدود التي غدرت بهم وكان مفترضًا فيها أن تحميهم وتحمى مدينتهم.
انتهت العاصفة ومات من مات، وفُقد من فُقد، ومازال عدّاد الموت يتزايد.
انقشعت العاصفة لكن كشفت فسادًا بدا طوال الوقت صغيرًا ومسكوتًا عنه، وحاولت أطراف صرف النظر عنه في أعقاب الكارثة، لكن حجم المأساة أكبر من غض الطرف عنها.
السؤال الكبير الآن في ليبيا هو: هل كان من الممكن الحد من أعداد الضحايا الهائلة، لو كان هناك حرص وعناية يتمثلان في صيانة السدين المشؤومين اللذين تسببا بنسبة كبيرة في مقتل الآلاف، بدلًا من الصمت عن فساد ضياع أموال الصيانة؟.
«إذا ثبت تقصير قد ارتُكب من قبل المسؤولين عن هذه السدود (...) فسوف تباشر النيابة العامة كافة الإجراءات القانونية»، هذا تصريح لأحد المسؤولين الليبيين، لا يهم الآن اسمه، لأنه متكرر على ألسنة الأطراف المتنافسة التي لم تنجح الكارثة في أن توحدها حتى الآن، حتى لو خرج العشرات وقالوا غير ذلك.
فكل طرف- للأسف- يحاول أن يحقق الانتصارات السياسية الصغيرة على جثث الضحايا.
يوجد في ليبيا ستة عشر سدًا مائيًا موزعة على مدن مختلفة في شرق البلاد وغربها، تعرض معظمها للتخريب والإهمال وسرقة المضخات منذ العام 2011، وهو العام «كلمة السر».
صحيح أن الإهمال والفساد كان سابقًا، إلا أنه منذ هذا العام بدأ مسلسل استشراء الفساد والتهاون الكبير حتى بأرواح الناس. ليس الفساد سرقة أموال، لكنه أيضًا يشمل تجاهل البحث العلمى الذي دائمًا ما يحذر من خطورة الأوضاع، ولكن لا يُسمع له.
لقد أشارت ورقات بحثية نشرها متخصصون خلال السنوات الماضية، إلى تعطل غالبية شبكات المياه المرتبطة بالسدود منذ قرابة 15 عاما، في ظل غياب أعمال الصيانة الدورية. وأشار تقرير لديوان المحاسبة الليبى عام 2021 إلى صرف ميزانيات منذ عام 2007 لصيانة السدود، منها ميزانية مخصصة لـ«سد درنة»، إلا أن تلك الميزانيات صُرفت دون أن يتم إنجاز الغرض منها مع «مماطلة» المسؤولين، كما أشار التقرير.
والآن وبعد مقتل وفقدان الآلاف جراء انهيار السدود، أعلنت إحدى «حكومات» ليبيا تشكيل لجنة للتحقيق، وتقصى أسباب عدم صيانة السدود، وسرقة المضخات والمعدات طيلة السنوات الماضية.
بنت السدين شركة يوغوسلافية في سبعينيات القرن الماضى، لحبس مياه السيول في الوادى الذي يشق وسط درنة، وظهر أول التشققات عام 1998، وفى عام 2007 كلف نظام العقيد الراحل معمر القذافى شركة تركية بأعمال الإصلاح في السدين، وبسبب عدم توفير الأموال، بدأت الشركة أعمالها في أكتوبر 2010، قبل أن تتوقف بعد أقل من 5 أشهر، عقب أحداث 2011 التي أطاحت بالقذافى، ومنذ ذلك الحين، تُخصص ميزانية لإصلاح السدين كل عام، لكن لم تباشر أي من «الحكومات» العمل.
قد تكون المبالغ التي امتدت لها أيادى الفساد صغيرة مقارنة بموازنة دولة، لكن هذا الفساد الصغير في دولة انشغل من وضعوا أنفسهم في مواقع القيادة، حقًا أو وهمًا، بصراعاتهم وأهدافهم المحدودة قصيرة النظر، وتركوا الفساد الصغير ينتشر ويكبر، ليدفع ثمنه بسطاء البلاد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [118]
بقلم / عمر الحويج
كبسولة : رقم [1]
خالد الإعيسر : لوتصدق زمان كان اللسان طلق المحيا وبالعرب الفصيح
لا من حسيب لا من رقيب الحديث ما كان ليه معقب وماكان عليه جمرك والآن وجب عليك الإعتذار لزوم الكرسي الوثير .
خالد الإعيسر : لوتصدق زمان كان اللسان طلق المحيا وبالعربي بالفصيح
الآن حملت مع البرهان خطأ تكوينه الجنجويد وما لك يد فيه ولكن له الإعتذار لزوم الكرسي الوثير .
لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]
***
كبسولة : رقم [2]
حملة السلاح :
هؤلاء الذين يحملون السلاح يرفعونه وهم به فرحين
ولدوا زمن الإنقاذ أرضعتهم كلاشنكوف لا ملعقة ذهب .
جيل البطولات :
إتولد وعلى الفم إحتجاج سلمي وملعقة حرية من ذهب .
حملة السلاح :
هؤلاء الذين يحملون السلاح يرفعونه وهم به فرحانين
قطعاً ولدوا وفي فمهم ملعقة كلاشنكوف لاملعقة ذهب .
جيل البطولات :
إتولد وعلى الفم إحتجاج سلمي وملعقة حرية من ذهب .
[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]
***
كبسولة : رقم [3]
ذكرى فأئتة .. لزوم التذكير .
خالد الأعيسر :
مبروك جهد الحنجرة لنيلها للجائزة وكنت ترتجيها
أحمل حقائبك من بلاد يموت من التشرد خاملوها
بلعلعة الفضائيات كنت تبذل المستحيل كي تتقيها
خالد الأعيسر :
مبروك جهد النفاق بعد وزارة أنت الآن مؤانسوها
نلتها بجعجعة كنت نفسك في الفضائيات تنتقيها
أحمل حقائبك الي بلاد يموت فيها ظمأً ساكنوها
في البيداء والماء على ظهورها محمول ولا تقيها
[ لا للحرب .. نعم للسلام .. والدولة مدنية ]
***
omeralhiwaig441@gmail.com