منصة اقلام الامة على الفيسبوك التابعة لحزب الامة تعيد قبل اقل من ساعتين من الان اعتذارا منسوبا الى الصحفي عطاف عبدالوهاب كان قد نفاه بالامس

الاعتذار موجه – بحسب نصه المزعوم – من الصحفي عطاف الى السيد الصديق الصادق المهدي بشأن الخبر الذي كان عطاف قد فجره عن مصادر يبدو انه واثق من صحة معلوماتها بشأن حادثة ضبط سلطات الحدود والجمارك الاثيوبية لمبالغ مالية كبيرة ومشغولات وسبائك ذهبية كان السيد الصديق يحملها معه خلال رحلته من ام درمان الى وادي حلفا ومن هناك الى اثيوبيا ويبدو انه لم يعلن عنها عند نقطة دخول الاراضي الاثيوبية.

تعددت التصريحات المنسوبة الى موسسات حزب الامة وافراد من عائلة الامام المهدي والتي حاولت توضيح ما اورده الخبر ولكن في مجملها لم تنفي حادثة التوقيف ولا وجود مبالغ مالية وذهب في صحبة السيد الصديق وتركزت المحاولات على توضيح ان الذهب عبارة عن مشغولات زينة شخصية لاسرة السيد الصديق الصادق.

لكن اللافت هو هذا الارتباك الذي اصاب الحزب ومنسوبيه بسبب الخبر وسببه الظاهر المباشر هو حادثة توقيف احد قيادات الحزب في نقطة عبور وجمارك دولة اخرى وفشله في الاعلان عن اموال وذهب يحمله مما يوقعه تحت طائلة الاتهام بالتهريب حتى وان كانت الاموال والذهب املاك شخصية

لكن الارتباك الذي اصاب الحزب ومؤسساته ومنسوبيه يتجاوز السبب الظاهر، فالحادثة كشفت عن تحرك السيد الصديق والسيد البربر من ام درمان الى حلفا بصحبة اموال ومتاع شخصي كبير جدا وهو الامر الذي لم يتوفر للاخرين من الذين اخرجتهم الحرب من منازلهم بملابسهم التي عليهم وبعضهم دون اوراق ثبوتية ناهيك عن حمل امتعة واموال وحلي ذهبية ، كل الناس اضطرت الى اخفاء هواتفها النقالة عن اعين عصابات الجنجويد اما الساعات الثمينة والمشغولات الذهبية فلن تجد امراة واحدة خرجت من الخرطوم وفي اصبعها خاتم زواج ده عنك حلي ذهبية.

فالحادثة كشفت عن تحرك قيادات حزب الامة تحت حماية وبتنسيق تام مع المليشيا التي عاثت في الخرطوم فسادا ونهبا

وهنا مربط فرس الارتباك الذي سببه خبر الصحفي عطاف عبدالوهاب عن توقيف السيد الصديق ، فالحزب الذي عاش شبابه السياسي وكهولته يحاول التوفيق بين ميراث الثورة المهدية كحركة نضال وطني ويجتهد ان يحشر في بطن سيرتها ميراث الجهادية وكتلة المتمة وغيرها من المدن التي استباحتها ميلشيات الخليفة عبدالله التعايشي وما تركته من شرخ اجتماعي على صفحة الاجتماع الانساني ووجدان مجتمعات نيلية مستقرة بالكاد اصاب اي نجاح في مثابرته تلك ولولا سنن الاجتماع البشري التي اخرجت هجرات النزوح النيلي غربا خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي ولولا التغير المناخي الذي حاصر قطاعات المسير والرعي ودفع مسارات التجارة والعبور نحو النيل وسهل اتصال جماعات القبايل المتنقلة مع مجتمعات الاستقرار النيلي، ولولا تبادل منافع مواسم الحصاد مع مواسم التجارة المتنقلة عبر الحدود ، لولا ذلك لما تمتع الحزب باي قدر من السماحة والمسامحة الاجتماعية في مجتمعات نهر النيل والولاية الشمالية تحديدا.

وها هو تيار داخل الحزب يعتمر قلنسوة الخليفة عبدالله ويرى في حميدتي واخوانه عبدالرحمن نجومي جديد فيتخلى بذلك عن الدولة السودانية التي كان على راسها يوما ويوحد بذلك نضاله مع نضال تيارات علمانية ظلت تاريخيا تتعامل مع حزب الامة تحديدا بوصفه الحاضنة الاوسع للبرجوازية الانتهازية الصغيرة.

حادثة اثيوبيا لم تفعل سوى تسليط الضوء على ازمة عميقة داخل الكيان الذي كان في السابق يمثله حزب الامة وهي ازمة بلغت ذروتها بمجرد عودة الحزب من المعارضة الخارجية باتفاق جيبوتي في العام ١٩٩٩ اذ سرعان ما برزت تيارات الحزب المتعارضة بين التطرف الذي ينظر الى الانقاذ باعتبارها انقلاب اولاد الختمية داخل الحركة الاسلامية وبين تيارات تعاملت مع الانقاذ كحكومة امر واقع تسيطر على موسسات الدولة وهي موسسات عامة اوسع من الجبهة الاسلامية القومية ومنسوبيها. فشاهدنا تشققات الحزب وانقساماته التي لم تكتفي بخروج السيد مبارك المهدي على زعامة الامام الصادق المهدي بل اضطرار السيد الصادق نفسه للسماح لابنه الاكبر السيد اللواء عبدالرحمن بدخول قصر الرئاسة الانقاذ ولعب ادوار مفصلية في بعض تقلبات السياسة الانقاذية.

ويبدو الامر جليا الان بين اغلبية داخل تيارات حزب الامة لم تفقد عقلها ولا بصيرتها على النحو الذي يجعلها تركب تاتشرات الدعم السريع المنتحرة على بوابات المواقع العسكرية والتطورات السياسية، وبين اقلية تفعل بالضبط ذلك لانها تمارس السياسة بلا مرجعيات اجتماعية ولا مرتكزات فكرية …. تمارس السياسة كما مارسها الخليفة عبدالله الذي احرق العرش الذي بناه الامام المهدي باجماع قومي غير مسبوق في سبيل بناء عريش على مقاسه انتهى به الى تبروقة في الفلاة !!

صديق محمد عثمان

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: السید الصدیق حزب الامة

إقرأ أيضاً:

البرزاني في بغداد زيارة تؤسس لمستقبل أفضل

بقلم : هادي جلو مرعي ..

زيارة تاريخية بكل المقاييس لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود البرزاني الى العاصمة بغداد بعد سنوات طويلة شهدت تغيرات وتبدلات كبرى على صعد شتى، مع تحولات دولية وإقليمية كان للعراق حصة فيها لجهة التأثر والتأثير مع عيون مفتوحة من الخارج المتحفز للمصالح والتدخلات والأجندات. واللافت إن الزيارة تلك مثلت بارقة أمل كبيرة لتصحيح مسار العلاقة بين بغداد وأربيل بالرغم من إن التفاهمات طبعت العلاقات بين الحكومة الإتحادية برئاسة السيد محمد شياع السوداني وحكومة الإقليم برئاسة السيد مسرور البرزاني، ودون إغفال التحركات الإيجابية لرئيس الإقليم السيد نيجرفان البرزاني الذي زار بغداد لأكثر من مرة، وكذلك دولا ذات نفوذ حيوي وفعال مع زيارات للسيد السوداني لأربيل، ونتج عن ذلك الكثير من الهدوء، ونتائج يمكن القول: إنها إيجابية الى المستوى الذي ساهم الى حد بعيد في تجاوز حالة عدم الثقة التي أثرت في ملفات عدة إقتصادية وأمنية وسياسية.، ولكن مايبشر بتغييرات ذات أثر إيجابي في المستقبل القريب أن السيد البرزاني في زيارته الحالية لم يكتف بلقاء الجيل الأول من الساسة خاصة زعامات الإطار التنسيقي، بل وحضر الإجتماع الموسع للإطار الذي حضرته قيادة تمتلك صفات وعناوين تتجاوز السياسة الى الأمن، وهو مؤشر على وعي متقدم في أربيل وبغداد لخطورة التطورات السياسية والأمنية والتبعات الإقتصادية للتوترات الحاصلة في العالم خاصة مع إحتمال حدوث صدام أوسع بعد العدوان على غزة والحرب في أوكرانيا والتهديدات المتبادلة بين الغرب وروسيا.
مسؤولون كبار في الإقليم إستبقوا الزيارة بتحضيرات إستدعت إرسال وفد رفيع المستوى للتحضير لها مايعني إنه تم طرح جملة قضايا وملفات بعضها عالق والآخر بحاجة الى مزيد من البحث، وضم الوفد التحضيري الذي وصل بغداد الإثنين الفائت وزير الداخلية السيد ريبر أحمد، ووزير المالية والاقتصاد السيد آوات شيخ جناب، ومدير عام الجمارك والمعابر الحدودية.. وقد يكون الوفد أسس لحوار عالي المستوى مع السلطات التنفيذية والقوى الأساسية في الإطار التنسيقي، والتي لديها تصورات وأفكار يمكن النقاش فيها لجهة وضع تصور عام يشمل بغداد والإقليم تجاه القضايا الداخلية وقضايا الإقليم.. فالحكومة الإتحادية رفضت القصف الذي تعرضت له أربيل قبل مدة من الجانب الإيراني في حين تتوغل القوات التركية في عمق محافظة دهوك في الوقت الذي تلقي مشكلة سنجار بظلالها على العلاقة المركبة بين بغداد وأنقرة وأربيل.. علما أن زيارة اوردوغان الى بغداد والإقليم بعثت بمؤشرات عن تفاهمات قد تفضي الى حلحلة الأمور سوء عسكريا، أو لجهة الإنفتاح المتبادل، وعقد صفقات إقتصادية وتنموية كبرى ينبغي لجميع الاطراف تحقيق مكاسب منها تساهم في صناعة الإستقرار الإقتصادي، وتدعيم الأمن، ومنع تدهور الأمور خلال الفترة المقبلة.
قضايا الحدود وقانون النفط والغاز والمعابر وسنجار والتدخلات الخارجية ورواتب موظفي كردستان والمناطق المتنازع عليها ملفات جرى النقاش فيها في هذه الزيارة مع إنها كانت محل نقاش وتفاهمات سابقة. دون التغافل عن طبيعة العلاقة التاريخية بين قوى كانت معارضة لنظام صدام غير إن إستحقاقات الحكم أدت الى سلوك سياسي براغماتي في بعض الأحيان، وسلوك يطبعه عدم الثقة لأسباب وعوامل داخلية وخارجية، وزيارة البرزاني جاءت بعد تحضيرات وتفاهمات عميقة تناولت مختلف القضايا التي يمكن التباحث فيها، والوصول الى نتائج إيجابية لاتحتمل أن ينتقص منها أحد من المعلقين الذين حاول البعض منهم التلميح بحاجة الإقليم لهذه الزيارة، أو بتعليق مضاد إن الإطار بحاجة لها، ولكن الحقيقة إن العراق بحاجة لها بتوافق الجميع.

هادي جلومرعي

مقالات مشابهة

  • الطرق الصوفية تكشف حقيقة منع حلقات الذكر بمسجد السيد البدوي
  • مبارك الفاضل المهدي: وحل البلدوزر..!!!
  • حزب الله بعد حرب الإسناد.. تغييرات مُنتظَرة تشمل التحالفات؟!
  • ما هي مطاردة الساحرات التي نفذها كير ستارمر ضد داعمي فلسطين؟
  • العمال يعودون لحكم بريطانيا ويتعهدون بتجسيد التغيير بعد فوزهم في الأنتخابات التشريعية
  • بعد حصولها على جائزة مرموقة.. رسالة من «قومي المرأة» للباحثة سناء السيد
  • مسجد السيد البدوي بطنطا ينفذ أولى قرارات وزير الأوقاف الجديد
  • الفوز الساحق لحزب العمال في انتخابات بريطانيا ينهي 14 سنة من حكم المحافظين
  • البرزاني في بغداد زيارة تؤسس لمستقبل أفضل
  • لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في الناقورة... وصفارات انذار تسبق بدء الاجتماع مع القائد العام لليونيفيل