خبراء يطالبون بتغيير منظومة التعاونيات في مصر وضمان استقلاليتها
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أمس الثلاثاء، بالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE، ندوة بعنوان: "تفعيل دور التعاونيات فى مصر: هل تسير الجهود الحالية فى الاتجاه الصحيح؟"، لمناقشة أهمية ودور القطاع التعاوني فى مصر وجهود الحكومة فى تطويره، وتقييم مدى توافقها مع فلسفة التطوير الصحيحة ومناقشة التجربة الهولندية فى التعاونيات للاستفادة منها.
وعرضت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، عرضا للمركز حول منظومة التعاونيات فى مصر، وأكدت أن قطاع التعاونيات رغم أهميته الكبيرة ونجاحه كمنوذج اقتصادي فى العديد من التجارب الدولية، إلا أنه غير فعال بالقدر الكافى فى مصر ويعاني العديد من المشكلات ويحتاج إلى التطوير، خاصة وأن المرحلة الحالية والمستقبلية تتطلب وجود قطاع تعاونى قوى، مشيرة إلى وجود بدايات لجهود واضحة من الدولة لتطوير قطاع التعاونيات، ومن المهم التأكد أنها تسير فى الاتجاه الصحيح، وهو الهدف من هذه الندوة.
وأشار العرض إلى أن التعاونيات هى جمعيات مستقلة من أشخاص يتحدون طوعا لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة من خلال مشروع مملوك لهم جماعيا ويتم إدارته بطريقة ديمقراطية، وتسهم هذه التعاونيات فى دعم التنمية وخلق فرص العمل، وتعظيم المنافع المشتركة خاصة المرتبطة بصغار المنتجين والمستهلكين، وتسهل ضم القطاع الغير منظم إلى المنظم، كما تساعد على المواجهة الجماعية للأزمات، وتنتشر التعاونيات فى نحو 98 دولة وينتمي لها ما يقرب من 3 مليار عضو أى نصف سكان العالم تقريبا، ويقدر عددها بنحو 3 مليون تعاونية وتحقق إيرادات تقدر بـ3 تريليون دولار، وتولد أو تضمن استمرار نحو 280 مليون وظيفة بما لا يقل عن 10% من إجمالى المشتغلين فى العالم.
وفى مصر يصل عدد الجمعيات التعاونية أكثر من 14 ألف جمعية تضم أكثر من 10 مليون عضو وبمساهمات مالية تفوق 40 مليار جنيه حتى عام 2020، ولكل نوع من التعاونيات القانون المنظم له وجهة تبعية مختلفة، ونصف الجمعيات التعاونية فى مصر هى تعاونيات زراعية، وتوجد النسبة الأكبر منها فى الوجه البحرى لكبر مساحة الأرض الزراعية.
واستعرض المركز الإطار القانوني للتعاونيات فى مصر حيث كان قانون 317 لسنة 1956 آخر القوانين الموحدة للتعاونيات المصرية، ليعقبه فلسفة جديدة فى التشريع تم من خلالها فصل القوانين طبقا لنوع التعاون المستهدف، كما تم استعراض مثال تفصيلي للتعاونيات الزراعية سواء ما يتعلق بالإطار التشريعي الحاكم لها، أو الإطار المؤسسى، ومقارنة المنظومة التعاونية الزراعية المصرية بأفضل الممارسات العالمية من واقع دراسة المركز، والتى أشارت إلى وجود فجوة كبيرة بين النموذج المصري وأفضل الممارسات، حيث تعد التعاونيات الزراعية في مصر كيانات حكومية ذات هيكل تنظيمي معقد يحكمها قانون يخالف المبادئ العالمية للتعاونيات مما يجعلها أذرعا تنفيذية للحكومة وهو الأمر الذي يحد من فرص تطويرها ويفقد الأعضاء الشعور بالملكية ويجنبهم المشاركة الحقيقية في الإدارة والتطوير، وبالرغم من انتشارها ومنطقية دوافع إنشائها، إلا أنها لم تعمل في أي وقت بالمفهوم السليم للتعاونيات، فأصبحت كيانات موجودة إلا أنها هامشية في خدمة القطاع الزراعي وتحسين مستوى معيشة المزارعين.
وتم عرض أهم التوجهات الحكومية الحالية للتعامل مع القطاع، وجهود التطوير المقترحة، وأهم ما تضمنته دراسة مجلس الشيوخ لتطوير التعاونيات والهيكل الإدارى المقترح لها، وأكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف أن فلسفة التطوير الصحيحة للتعاونيات يجب أن ترتكز على الرجوع لأصل مفهوم التعاونيات بغض النظر عن الشكل الموجود حاليا، والاستفادة من تجارب الدول الرائدة فى العمل التعاوني وعلى رأسها تجربة هولندا، وأن يتم هذا قبل وضع أى تصور تطويري للقطاع وقبل تنفيذ أى جزء منه.
وأشارت إلى أن الأصل أن التعاونيات مؤسسات غير حكومية يؤسسها أفراد بإرادتهم لتحقيق أهداف مشتركة، والحكومة منظم وداعم فقط، وتقدم التعاونيات خدمات متنوعة تحدد وفقا للمصلحة المشتركة، ويتم تمويلها من خلال مصادر متعددة منها حصص الأعضاء والاشتراكات ومقابل الخدمات والقروض، وتتم إدارتها من خلال إدارة تشاركية وديمقراطية من أعضاء الجمعية، وهى المبادئ العامة التى يجب أن ترتكز عليها أى جهود للتطوير، ومن جانب الإطار التشريعي فإن وجود تشريع واحد أو تشريعات متعددة يحكمها مبادئ عامة واحدة، ووضوح وشمول اتساق توازن التشريعات تضمن حقوق أعضاء التعاونيات، كما يجب أن يضمن الإطار التشريعي حد أدنى من التدخل الحكومي وأقصى درجة من اللامركزية وأقصى درجة من الديمقراطية.
واقترح المركز عددا من المقترحات لتحسين مسار الجهود الحالية وفقا للفلسفة المقترحة، وتتضمن تحديد الفجوة بين التعاونيات في مصر وأفضل الممارسات العالمية في نفس المجال، وتأجيل أي تعديل في الهيكل المؤسسي حتى يكتمل تحديد الفجوة بين مصر والعالم لأن الرؤية الحالية تحاول التحسين من خلال نفس المنظومة ومن نفس الجهات، مع عدم التوسع في أي نشاطات إضافية قبل الوصول إلى الشكل التشريعي والمؤسسي الذي يتوفر فيه المبادئ السليمة لنموذج التعاونيات.
وأكد المركز أن تقييم الأداء يجب أن يكون من جهة خارجية تمثل الأعضاء وليس من داخل المنظومة حتى يكون تقييما واقعيا، واقترح عدم ربط الرؤية برؤية 2030 لأنها في إطار التحسين كما أن التعاونيات نموذجا اقتصاديا أي أداة وليست هدفا في حد ذاتها، وأن تحديد احتياجات الجمعيات، المنتجات، كيفية توزيعها وإدارتها مسبقا يتعارض مع أصل العمل التعاوني، مؤكدا أن وضع الهيكل التنظيمي لقطاعات التعاونيات وتحديد الجهات المشرفة والمديرة قبل إعداد التشريع وتحديد شكل العلاقة بين الأطراف وحدودها غير مجدي.
من جانبه عقب يوست جيجر مستشار الشؤون الاقتصادية بسفارة هولندا بالهند عبر زووم والذى عمل فى مصر سابقا، قائلا أن الجمعيات التعاونية جزءا لا يتجزأ من المجتمع الهولندى وانتشر كثيرا فى الستينات وتطور ليصبح شركات متعددة الجنسيات، مؤكدا أنها نظام ديمقراطي يحدد مؤسسوه أهدافه بإرادتهم ويديروه لتحقيق أهدافهم المشتركة، مشيرا إلى أن التعاونيات فى مصر يطبق عليها العديد من القوانين، ولكن فى هولندا فإن الأمر أبسط بكثير فمثلها مثل الشركات الخاصة ولكنها كيان قانوني يتم محاسبته وفق القانون، وهو النظام الأكثر عملية.
وأشار جيجر إلى أن دور الحكومة يجب أن يقتصر فقط على وضع القانون والنظام العام ولا يتدخل فى عمل الجمعيات واتخاذ القرارات الخاصة بها، مشيرا إلى تجربة إنشاء تعاونيات خاصة بالمياه والرى لم يكن لها أى دور فعال وإيجابي فى توزيع المياه نتيجة للتدخل الحكومي وعدم قدرة الأعضاء على اتخاذ القرار، وهو ما يؤكد ضرورة استقلال الجمعيات التعاونية وأن تكون كيانا قانونيا مستقلا لديهم القوة لتحديد أهدافهم والعمل على تنفيذها دون تدخل حكومى.
من جانبه قال الدكتور شريف سامي رئيس هيئة الرقابة المالية سابقا، أن مصر كانت الأقدم فى المنطقة العربية والأفريقية فى إنشاء النظام التعاوني حيث تأسست أول تعاونية فى مصر عام 1907، وظلت التعاونيات تنمو وتزدهر حتى عام 1952 عندما حدث تحول فى دور الدولة، وتتنوع أنشطة التعاونيات ما بين الزراعية والصيد والإسكان وأخيرا التعليم، وتوسعت فى مصر الجمعيات الزراعية ثم التعاونيات الاستهلاكية التى تحولت إلى شركات قطاع أعمال، لافتا إلى أن التحول الاقتصادي والسياسي فى مصر جعل الجمعيات الحكومية تنظيمات حكومية موازية يستخدم كقنوات توزيع فيما يخص الزراعة والتموين، وأصابه الضمور والاضمحلال.
وأشار إلى تعدد القوانين المنظمة للتعاونيات والتى يوجد بها العديد من المواد المكررة، ولفت إلى أن وجود اتحاد مركزى عام لا يملك ولكن يتحكم فى الجمعيات النوعية ويحصل على جزء من الفوائض المالية لهذه الجمعيات يزيد من تسرب الأموال إلى جهات لا تضيف للمنظومة، وهو ما يتطلب إعادة النظر والتفكير فى أن يحل محلها كيان استشاري لا يحصل على أموال من الجمعيات، مطالبا بوضع قواعد مبسطة للتعاونيات صغيرة الحجم وتزيد مع زيادة حجم الأموال والأعمال لتحقيق الجانب الرقابي. وأكد أن التعاونيات من الأنشطة الغائبة تماما والتى تحتاج لتوعية كبيرة بها وبأهميتها.
وعلق النائب أكمل نجاتي عضو مجلس الشيوخ أمين سر لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، والذى تقدم بدراسة إلى مجلس الشيوخ لتفعيل دور التعاونيات فى مصر، أن أهم ما فى الدراسة هو الفلسفة والرؤية، فالتعاونيات فى مصر تقتصر على 6 أنواع ليس منها التعاونيات المتنوعة والتى يمكنها المساهمة فى تعظيم دور سلاسل الإنتاج وهو أحد أهم الأنواع الموجودة فى عدد من الدول، مؤكدا على ضرورة أن تتمتع التعاونيات بديمقراطية الإنشاء وضمان عدم التدخل الحكومى إلا فى حالة الدعم سواء المالي أو منح حوافز ضريبية، وأن تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات فى السنة التى تتلقى فيها دعم حكومى.
وأكد نجاتي أن التشريع الموحد الذى يسعى الاتحاد التعاوني لتمريره من خلال الحوار الوطني قانون قديم تم إعداده منذ عام 2012 وهو يحتاج إلى مراجعة، لافتا إلى أنه ليس لدينا قاعدة معلومات متكاملة للتعاونيات، وهى أمور يجب أن تتم داعيا لضرورة قياس الأثر المجتمعي للتعاونيات.
واقترح نجاتى إنشاء وحدة تضع القواعد العامة لمراجعة الحسابات كما يتم مع الشركات، وهذا ليس تدخلا فى حرية التعاونيات ولكن لضمان التنظيم والرقابة، لافتا إلى وجود جدل كبير حول قواعد الترشح فى التعاونيات خاصة ما يتعلق بالمدد المفتوحة وهى غير منطقية وأدت إلى تقادم المنظومة ومقاومة الجمعيات للتغيير حيث أن هناك جمعيات يرأسها نفس الأشخاص منذ نحو 40 عاما.
وأكد نجاتى أن عمل نماذج جديدة للتعاونيات فى مصر ستحقق فكرة الإزاحة وهى من خلال إضافة أنشطة جديدة ومتنوعة بمنظومة جديدة وهو ما سيزيح القائم وسيغير المنظومة.
وشددت الدكتورة عبلة عبد اللطيف على الحاجة إلى نموذج جديد ومنظومة جديدة للتعاونيات فى مصر، لافتة إلى وجود بادرة أمل لإصلاح المنظومة وهو ما يجب أن يتم وفق فلسفة ورؤية تحقق الهدف الحقيقي للتعاونيات كنموذج اقتصادي هام فى دعم التنمية وتحقيق الاستقلالية والرقابة دون تدخل الحكومة فى عملها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: التعاونيات الجمعیات التعاونیة العدید من إلى وجود من خلال إلى أن یجب أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
البعثة الأممية: 29 شابًا وشابة يطالبون بإصلاحات اقتصادية حقيقية في ليبيا
???? تقرير أممي: الشباب الليبي يدعو لإصلاحات اقتصادية وسياسية لمواجهة التحديات
كشف تقرير ميداني نشرته البعثة الأممية عن مشاركة 29 شابًا وشابة من مختلف أنحاء ليبيا في سلسلة ورش عمل عقدت بحضور خبراء دوليين، لمناقشة التحديات الاقتصادية في البلاد وتقديم مقترحات لحلول مستدامة.
???? مطالب الشباب بالاستقرار السياسي كشرط للتعافي الاقتصادي
بحسب التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد، أكّد المشاركون، بمن فيهم 10 نساء، بأغلبية ساحقة على ضرورة تحقيق استقرار سياسي كشرط أساسي لتعزيز التعافي الاقتصادي، مع التركيز على مكافحة الفساد وتحسين الحوكمة.
???? الفساد والتحديات الاقتصادية في صلب المناقشات
سلّط المشاركون الضوء على الفساد المستشري كأحد أكبر العوائق أمام التنمية، حيث قال أحد المشاركين: “لا يمكننا الحديث عن اقتصاد مستدام في ظل مستوى الفساد الذي نشهده حاليًا، ما يتطلب إصلاحات سياسية لتعزيز المساءلة والشفافية“.
وأشار مشارك آخر إلى أن غياب الثقة بين الشباب والمؤسسات الحكومية يمثل عائقًا رئيسيًا أمام التنمية، حيث لا يرى العديد من الشباب أن المؤسسات تخضع للمساءلة أو تعمل بفعالية.
???? التوصيات المطروحة لتحسين الوضع الاقتصادي
طرح المشاركون جملة من التوصيات التي يمكن أن تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي، أبرزها:
تنويع الاقتصاد الليبي بعيدًا عن الاعتماد على النفط، من خلال تعزيز قطاعات السياحة، الخدمات، الزراعة، والطاقة المتجددة. تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة عبر إصلاح السياسات المالية والاستثمارية ومنع الاحتكار والفساد. دعم ريادة الأعمال من خلال تسهيل إجراءات تأسيس الشركات الناشئة، وتوفير حاضنات أعمال في مختلف البلديات. إصلاح نظام دعم الوقود لضمان استدامته المالية، وتقليل استفادة الجماعات المسلحة والشبكات الإجرامية منه. تعزيز التعليم والتدريب المهني لضمان توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل.???? دور التكنولوجيا في تحسين الحوكمة ومكافحة الفساد
ناقش المشاركون أيضًا أهمية الرقمنة في تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية الحكومية، حيث طالبوا بإدخال التكنولوجيا لمراقبة أداء الحكومة في المجالات الاقتصادية والمالية الرئيسية، وضمان إتاحة البيانات للجمهور.
???? دعوة إلى وضع دستور دائم لتحقيق الاستقرار
أكد المشاركون أن الاستقرار الاقتصادي لا يمكن تحقيقه دون وجود دستور دائم، حيث قالت إحدى المشاركات: “نحن بحاجة إلى دستور لا يقتصر على تضمين التنوع الاقتصادي، بل يشرعه أيضًا، لضمان استدامة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية”.
وأوضحت مشاركة أخرى أن الشباب الليبي يمتلك فرصة للتحول إلى رواد أعمال مبتكرين، مؤكدة أن تحقيق الاستقرار من خلال انتخابات نزيهة هو السبيل الوحيد للنمو الاقتصادي المستدام.
ترجمة المرصد – خاص
Previous سوريا.. وزارة الدفاع تعلن إحباط هجوم لفلول الأسد في اللاذقية Related Posts
ليبية يومية شاملة
جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results