وجد عبدالوهاب المسيري نفسه أثناء عمله في المملكة العربية السعودية وتحديداً في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بالرياض في جو ثقافي فريد، بحسب ما قاله في كتبه وتحديداً في مذكراته الشهيرة، حيث كان يشارك ويحضر في عدد لا حصر له من الندوات والمحاضرات سواء تلك التي كانت تعقد في رحاب الجامعة أو مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية أو النادي الأدبي الثقافي بالرياض أو الأمكنة الأخرى خاصة وأن زملاءه في الجامعة وقسم اللغة الإنجليزية يشاركون في تلك الندوات وكان من الطبيعي أن يجرّوه معهم إليها وقد خصّ بالذكر زميله الأثير في الوسط الثقافي السعودي الدكتور سعد البازعي، الذي سنخصّص له مقالاً لاحقاً آخر، والدكتور عزت خطّاب الذي كان بحسب عبارات المسيري “خليطاً أصيلاً وفريداً من التقوى والحداثة فهو يتحدّث عن المونولوج الدرامي وهو يخلع نعليه استعداداً للوضوء وإقامة الصلاة”.
وقد استغل هذا المفكّر الكبير هذه الفرصة أجمل استغلال وكانت محاضراته من النوع الذي لا يُنسى خاصة وأن عناوينها تتناول قضايا مصيرية يعيشها الإنسان العربي والمسلم بشكل يومي مثل القضية الفلسطينية ومشكلة العرب الأزلية مع الصهاينة المحتلين للمسجد الأقصى، كما أن المسيري يستخدم أسلوباً جاذباً في مثل هذه المحاضرات العامة حيث كان يستهلها بمقدمات غير عادية ومعلومات تجعل المستمع مأخوذاً بالحقائق الصادمة التي يسمعها لأول مرة ومندهشاً في الوقت نفسه بطريقة تقديمها. ولعل المحاضرة العامة التي تحدّثنا عنها في المقال الرابع من هذه السلسلة خير مثال على هذا إذ كان الجمهور وقتها يقابله بعاصفة من التصفيق مع كل مناسبة يتوقّف فيها عن الكلام، في وقت كان التصفيق فيه أمراً نادراً في المحاضرات الثقافية العامة.
وقد ذكر البازعي في كتابه “قلق المعرفة” مثالاً آخر على الطريقة التي يستخدمها المسيري وهي المحاضرة التي ألقاها في النادي الأدبي بالرياض عن الرومانسية والصهيونية حيث استغرب الجميع، بحسب ما قاله البازعي، من البداية الذاتية الشخصية التي استهلّها بتعداد صداقاته والحديث عن مدينة الرياض ورؤيته عنها؛ لكن الدهشة الأخرى للجمهور هي الكيفية الجديدة التي ينظر بها المسيري للحضارة الغربية فهو يقف بين الرفض الكلي المحافظ والقبول الليبرالي غير المشروط.
ولم يفوّت المسيري فرصة التفاعل الإيجابي مع الثقافة السعودية حيث ظهرت مقالاته في العديد من الصحف والمجلاّت السعودية في نهاية الثمانينات حيث كان الوسط الثقافي يعجّ بالكثير من المناوشات بين أقطاب الحداثة وما بعدها من جهة، والتيار المحافظ الذي يرفض الحداثة وما بعدها بقضها وقضيضها. كان من السهل للمتابع وقتها أن يلاحظ أن المسيري يتمتع بلياقة عالية من التقبّل والتسامح والروح الرياضية التي تجعله يسبح في التيارين كليهما دون أن يقع في المطبات الأيدولوجية التي تورّط بها الكثير آنذاك، وكان في الوقت الذي يختلف فيها مع التيار المحافظ بأشياء كثيرة، ومثال ذلك ما ذكرناه في المقال الثاني، كان ينتقد بسخرية لاذعة التيار الحداثي وما بعد الحداثي، والذي سيكون عنوان مقال آخر قادم.
khaledalawadh@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
76 شركة مصرية تشارك في معرض «بيج 5» بالرياض لتعزيز صادرات مواد البناء
تشارك 76 شركة مصرية متخصصة في قطاعات مواد البناء في فعاليات معرض «بيج 5»، المقام في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة من 15 إلى 27 فبراير 2025، وذلك في إطار الجهود المكثفة لتعزيز صادرات مصر من مواد البناء إلى الأسواق العربية والإقليمية، وخاصة السوق السعودية التي تُعد واحدة من أكبر الأسواق الواعدة في المنطقة.
أكبر مشاركة مصرية لقطاعات مواد البناء في معرض خارجيويُقام المعرض بتنظيم من شركة «إكسبو كونسالنت» العالمية، وبالتعاون مع المجلس التصديري لمواد البناء المصري، والتمثيل التجاري المصري، وهيئة المعارض والمؤتمرات المصرية، ويأتي هذا الحدث كجزء من استراتيجية مصرية أوسع تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي يشهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تعد أكبر مشاركة مصرية في قطاعات مواد البناء في معرض خارجي.
ويهدف المعرض إلى عرض أحدث المنتجات والتقنيات في مجال مواد البناء، بما في ذلك الأسمنت، والحديد، والزجاج، والسيراميك، والأدوات الصحية، بالإضافة إلى تقنيات البناء الحديثة والمستدامة، كما يوفر منصة مثالية للشركات المصرية لعقد لقاءات مع كبار المستثمرين والمقاولين والمشترين من السعودية ودول الخليج.
قطاعات متنوعة من صناعة مواد البناءتمثل الشركات المصرية المشاركة في المعرض قطاعات متنوعة من صناعة مواد البناء، بما في ذلك شركات رائدة في إنتاج الأسمنت، والحديد، والسيراميك، والزجاج وشركات التدفئة والتبريد، بالإضافة إلى شركات متخصصة في تقنيات البناء الحديثة والمستدامة، وتأتي هذه المشاركة في إطار الجهود التي تبذلها مصر لتعزيز صادراتها غير البترولية، وخاصة في قطاع مواد البناء الذي يُعد أحد القطاعات الواعدة في الاقتصاد المصري.
والسعودية واحدة من أهم الأسواق بالنسبة للصادرات المصرية في قطاع مواد البناء، حيث يعمل المجلس التصديري لمواد البناء على تذليل العقبات التي تواجه المصدرين، وتوفير الدعم اللازم لهم لتعزيز حضورهم في الأسواق الخارجية حيث قفزت صادرات القطاع إلي أسواق المملكة لتسجل 1.5 مليار دولار في 2024.
وافتتح فعاليات المعرض محمد العجلان رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمقاولين، مشيرًا إلى أن المعرض يشهد مشاركة واسعة من كبار المستثمرين والمشترين في قطاع البناء والتشييد.
وتأتي مشاركة الشركات المصرية في معرض «بيج 5» في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية تطورًا كبيرًا، حيث تعمل البلدان على تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وخاصة في قطاع البناء والتشييد الذي يشهد طفرة كبيرة في السعودية بفضل رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحفيز الاستثمار في البنية التحتية.
ويعكس المعرض التكامل بين الاقتصادين المصري والسعودي، حيث توفر مصر منتجات عالية الجودة بأسعار تنافسية، بينما توفر السعودية سوقًا كبيرًا وواعدًا لهذه المنتجات، ومن المتوقع أن تسهم المشاركة المصرية في تعزيز صادرات مواد البناء إلى السعودية، حيث من المستهدف زيادة الصادرات للملكة بما يوازي 10% بنهاية 2025.
ومعرض «بيج 5» فرصة ذهبية للشركات المصرية لتعزيز حضورها في السوق السعودية، التي تُعد بوابة مهمة لأسواق الخليج والشرق الأوسط من خلال هذه المشاركة، وتسعى مصر إلى تعزيز مكانتها كواحدة من أهم الدول المصدرة لمواد البناء في المنطقة، ودعم جهود التنمية الاقتصادية التي تقودها الحكومة المصرية لزيادة الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية.