نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيات رجاء عبد الرحيم وفيفيان نيريم وهويدا سعد قلن فيه إن مئات الليبيين تظاهروا يوم الاثنين في مدينة درنة المدمرة بشرق البلاد مطالبين بإقالة المسؤولين بعد أسبوع من الأمطار الغزيرة التي دمرت سدين وتسببت في كارثة أودت بحياة الآلاف.

وهتف المتظاهرون "عقيلة، اخرج، اخرج"، في إشارة إلى عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، الذي تنصل من المسؤولية عن الكارثة ووصفها بأنها "القدر".

وفي خطاب متلفز مساء الخميس، بدا وكأنه يرفض الاتهامات بأن حجم الكارثة يرجع إلى سوء إدارة الحكومة وإهمالها، الأمر الذي أثار غضب العديد من الليبيين.

وكانت هتافات المتظاهرين جزءا من دعوات كثيرة متزايدة لمحاسبة القادة في جميع أنحاء ليبيا. وعلى وجه التحديد، يطالبون بإجراء تحقيق دولي في الظروف التي أدت إلى انفجار السدين على أطراف درنة.

يقول العديد من الليبيين إنهم لا يثقون في قدرة سلطات البلاد على تحديد المسؤول. وتنقسم هذه السلطات بين حكومة معترف بها دوليا في الغرب ومقرها العاصمة طرابلس ومنطقة تدار بشكل منفصل في الشرق حيث تقع درنة، والتي يديرها عقيلة صالح والبرلمان.

ولأكثر من عقد من الزمان، تنافست الحكومات المتعاقبة في ليبيا، الدولة الغنية بالنفط، على السلطة على حساب تلبية احتياجات الجمهور، وفقا لمنتقدين داخل ليبيا ومحللين يتابعون البلاد عن كثب. ويشمل ذلك إهمال صيانة البنية التحتية المتداعية مثل السدود القديمة التي انفجرت.

وقالت إلهام سعودي، مديرة منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا: "يجب أن يكون التركيز على ما حدث بالضبط، وبعد ذلك نقرر من يجب أن يتحمل المسؤولية. لكن لا يمكن للسلطات الليبية أن تفعل ذلك لأنها غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك".

وقالت إن منظمتها تجمع وثائق لتوضيح سبب حاجة ليبيا إلى إجراء تحقيق دولي.

وكانت الاستجابة الرسمية للكارثة فوضوية، وما زال تقدير العدد الإجمالي للقتلى قيد التقييم. وقدرت بعض التقديرات العدد بأكثر من 11000.

وقالت سعودي إن الغضب الناجم عن تلك الوفيات يوحد الليبيين بطرق تذكرنا بثورة الربيع العربي في ليبيا عام 2011، وهي الثورة التي أسقطت في نهاية المطاف دكتاتور البلاد، العقيد معمر القذافي.

وأضافت: "نشعر أن هذه هي لحظة تغيير. نأمل أن يكون هذا هو إرث هذه الكارثة المروعة".


وأشار التقرير إلى أن السدود التي تحمي درنة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، كانت تحتاج إلى صيانة أو أنها غير كافية لمواجهة العواصف التي تضرب البلاد. لكن يبدو أن السلطات الليبية في الشرق والغرب تجاهلت التحذيرات بشأن الخطر.

وفي بحث نشر العام الماضي، حذر عبد الونيس عاشور، المهندس الهيدروليكي بجامعة عمر المختار في ليبيا، من أن درنة "معرضة بشدة لمخاطر الفيضانات"، لأن العواصف التي شهدتها المنطقة في العقود الأخيرة يمكن أن تؤدي إلى انهيار السدود.  

وقال عاشور في ورقته البحثية إن السدود استخدمت تصميما غير مناسب وتم بناؤها من قبل مهندسين قللوا من كمية الأمطار المتوقعة.

وأضاف أن المسؤولين الحكوميين كانوا على علم بأن السدود بحاجة إلى إصلاحات، لكنهم تجاهلوا التحذيرات، بما في ذلك التحذيرات التي أطلقها هو.

وفي عام 2010، بدأت شركة تركية أعمال إصلاح السدود. لكن بعد أشهر، عندما بدأت انتفاضة الربيع العربي، توقف العمل، وفقا للنائب العام الليبي صادق السور.

وأظهر تقرير لعام 2021 لمدققي حسابات الدولة الليبية أن أكثر من 2.3 مليون دولار مخصصة لصيانة السدين لم يتم استخدامها مطلقا.

وفي حين أصدرت هيئة الأرصاد الجوية الليبية تحذيرات مبكرة بشأن الأمطار الغزيرة والفيضانات، إلا أنها لم تعالج المخاطر التي تشكلها "السدود القديمة"، حسبما قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.

وقالت الوكالة إن قدرات خدمة الأرصاد الجوية الليبية كانت محدودة بسبب "ثغرات كبيرة في أنظمة الرصد لديها" وكذلك تكنولوجيا المعلومات لديها.


وقال بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، للصحفيين في جنيف: "كان بإمكاننا تجنب معظم الخسائر البشرية".

وقارن طارق المجريسي، الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، رد فعل الليبيين على الفيضانات بردة فعل شعب لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020، والذي أثار الغضب ضد القوى السياسية هناك.

وأضاف أنه بالنسبة للعديد من الليبيين، فإنه "تم التعبير عن غضبهم عبّر في البداية في عبارة 'يجب على الجميع الاستقالة'، لأن هذه جريمة مروعة ضدهم".

وقد بدأ السور، النائب العام، تحقيقا، لكن الجمهور متشكك بشدة نظرا لتاريخ البلاد الطويل من الفساد والإفلات من العقاب. ويعتبر النائب العام أحد المناصب الحكومية القليلة التي اتفقت عليها الحكومتان، وهو يعمل مع الجانبين.

وعينت السلطات فريقا من المدعين الليبيين من مختلف أنحاء البلاد للتحقيق في أسباب انهيار السدين وتحديد ما إذا كانت إجراءات الصيانة، التي كانت مطلوبة لسنوات، كان من الممكن أن تمنع انهيار السدين.

وتعهد السور في مؤتمر صحفي متلفز مساء الجمعة، بأن "كل من أخطأ أو أهمل أو قصر وتسبب في هذه الكارثة، ستتخذ بحقه إجراءات صارمة".

وقال الحصادي، خبير الأرصاد الجوية، إن النائب العام أجرى العديد من التحقيقات من قبل ولكن لم يؤدي أي منها إلى العدالة.

وقال ماثيو بروباشر، المستشار الاقتصادي السابق لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: "إحدى مشاكل محاسبة الأشخاص هي أن هذه المشكلة تعود إلى زمن بعيد جدا".

وتساءل: "أي من الحكومات المتعاقبة التي وصلت إلى السلطة ستحاسبها على ذلك، خاصة عندما تكون لديك حكومات مجزأة؟"

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة درنة عقيلة صالح ليبيا ليبيا درنة عقيلة صالح اعصار دانيال صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يقدّم إحاطة لمجلس الأمن حول ليبيا

قدّم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إحاطة لمجلس الأمن الدولي من داخل طرابلس، للتطورات التي تشهدها ليبيا.

وقال كريم خان، “إن مكتبه يعمل على إنجاز قضايا تتعلق بالجرائم المرتكبة في ليبيا خلال الفترة بين 2014 إلى 2020”.

وأضاف: “لقد حددنا عددا من هؤلاء الأفراد الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال، نحن نعرف مكانهم، نطلب منكم مساعدتنا للقبض عليهم وإحالة هؤلاء إلى العدالة، وأنا مستعد للتعاون مع السلطات الليبية ومع دول الأطراف وغير الأطراف للحرص لتلبية تطلعات الضحايا”.

وقال خان: إن “هناك بريق أمل لأهالي ترهونة”، مشيرًا إلى أنه رأى “تغيرا كبيرا في طبيعة هذا التقدم الواضح خلال زيارة الأخيرة”.

وأضاف: “بالنسبة للتحقيق نحن نعمل بسرعة على قضايا حدثت ما بين 2014 إلى 2020 وستكون هناك طلبات قبض إضافية بحق هؤلاء، وبعضها ستكون سرية للسماح بالاعتقال، وسنواصل العمل بما في ذلك مجال المهاجرين”.

وقال خان: “سنبقى على قدم وساق نعمل على تحقيق خارطة الطريق لاستكمال التحقيق في نهاية 2025 ولن يحدث دون مساعدة ليبيا وبالتعاون والشراكة”.

وأضاف: “إن عائلات ضحايا الجرائم في ليبيا ثمنوا إصدار مذكرات اعتقال بحق المتورطين وطالبوا بمحاكمتهم”.

وتابع خان: “عقدت لقاءات في الجنوب مع عائلات خسروا أعضاء من أسرتهم، ورأينا تصميمهم ومطالباتهم باستخدام هذا الميكروفون لأتحدث باسمهم وأطلب وأطرح عليكم رسالتهم أنهم مسرورون بمذكرات الاعتقال ويطلبون منكم مساعدتهم في اعتقال هؤلاء ومحاكمتهم ليتمكنوا عن التحدث عن معاناة أسرهم”.

وكان وصل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إلى العاصمة طرابلس، صباح أمس الاثنين، في زيارة رسمية، تأتي في إطار متابعة تطورات الوضع القانوني والإنساني في البلاد”.

وجاءت إحاطة “خان” غداة سلسلة لقاءات أجراها مع عدة أطراف في ليبيا، من بينهم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، والنائب العام الصديق الصور.

آخر تحديث: 19 نوفمبر 2024 - 18:58

مقالات مشابهة

  • الحكومة تعلن عن تشييد 40 سداً جديداً في الجنوب الشرقي
  • ترامب يعتزم توسيع حظر السفر: ليبيا ضمن الدول المعنية
  • لبنان يرفع علمه على جراحه.. ويبحث عن نفسه بين أنقاض الحلم
  • الولايات المتحدة: انسحاب المجموعات المسلحة والمرتزقة أساسي لكسر الإفلات من العقاب في ليبيا
  • ارتفاع معدل التضخم في ليبيا إلى 2.7% خلال الربع الثالث من 2024
  • العراق يجري أول تعداد للسكان منذ 27 سنة
  • الميليشيات والصراعات المسلحة.. تهديدات تواجه الانتخابات البلدية في ليبيا
  • الأمم المتحدة: الفيضانات في ليبيا تكشف احتياجات إنسانية كبرى وخطط للتعافي
  • إنيرجي كابتل آند باور: بهذه الطريقة.. تسعى ليبيا لإنتاج مليوني برميل نفط يوميًا
  • المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يقدّم إحاطة لمجلس الأمن حول ليبيا