NYT: سكان درنة يطالبون بالمحاسبة من بين أنقاض الفيضانات شرق ليبيا
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيات رجاء عبد الرحيم وفيفيان نيريم وهويدا سعد قلن فيه إن مئات الليبيين تظاهروا يوم الاثنين في مدينة درنة المدمرة بشرق البلاد مطالبين بإقالة المسؤولين بعد أسبوع من الأمطار الغزيرة التي دمرت سدين وتسببت في كارثة أودت بحياة الآلاف.
وهتف المتظاهرون "عقيلة، اخرج، اخرج"، في إشارة إلى عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، الذي تنصل من المسؤولية عن الكارثة ووصفها بأنها "القدر".
وكانت هتافات المتظاهرين جزءا من دعوات كثيرة متزايدة لمحاسبة القادة في جميع أنحاء ليبيا. وعلى وجه التحديد، يطالبون بإجراء تحقيق دولي في الظروف التي أدت إلى انفجار السدين على أطراف درنة.
يقول العديد من الليبيين إنهم لا يثقون في قدرة سلطات البلاد على تحديد المسؤول. وتنقسم هذه السلطات بين حكومة معترف بها دوليا في الغرب ومقرها العاصمة طرابلس ومنطقة تدار بشكل منفصل في الشرق حيث تقع درنة، والتي يديرها عقيلة صالح والبرلمان.
ولأكثر من عقد من الزمان، تنافست الحكومات المتعاقبة في ليبيا، الدولة الغنية بالنفط، على السلطة على حساب تلبية احتياجات الجمهور، وفقا لمنتقدين داخل ليبيا ومحللين يتابعون البلاد عن كثب. ويشمل ذلك إهمال صيانة البنية التحتية المتداعية مثل السدود القديمة التي انفجرت.
وقالت إلهام سعودي، مديرة منظمة محامون من أجل العدالة في ليبيا: "يجب أن يكون التركيز على ما حدث بالضبط، وبعد ذلك نقرر من يجب أن يتحمل المسؤولية. لكن لا يمكن للسلطات الليبية أن تفعل ذلك لأنها غير راغبة أو غير قادرة على القيام بذلك".
وقالت إن منظمتها تجمع وثائق لتوضيح سبب حاجة ليبيا إلى إجراء تحقيق دولي.
وكانت الاستجابة الرسمية للكارثة فوضوية، وما زال تقدير العدد الإجمالي للقتلى قيد التقييم. وقدرت بعض التقديرات العدد بأكثر من 11000.
وقالت سعودي إن الغضب الناجم عن تلك الوفيات يوحد الليبيين بطرق تذكرنا بثورة الربيع العربي في ليبيا عام 2011، وهي الثورة التي أسقطت في نهاية المطاف دكتاتور البلاد، العقيد معمر القذافي.
وأضافت: "نشعر أن هذه هي لحظة تغيير. نأمل أن يكون هذا هو إرث هذه الكارثة المروعة".
وأشار التقرير إلى أن السدود التي تحمي درنة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، كانت تحتاج إلى صيانة أو أنها غير كافية لمواجهة العواصف التي تضرب البلاد. لكن يبدو أن السلطات الليبية في الشرق والغرب تجاهلت التحذيرات بشأن الخطر.
وفي بحث نشر العام الماضي، حذر عبد الونيس عاشور، المهندس الهيدروليكي بجامعة عمر المختار في ليبيا، من أن درنة "معرضة بشدة لمخاطر الفيضانات"، لأن العواصف التي شهدتها المنطقة في العقود الأخيرة يمكن أن تؤدي إلى انهيار السدود.
وقال عاشور في ورقته البحثية إن السدود استخدمت تصميما غير مناسب وتم بناؤها من قبل مهندسين قللوا من كمية الأمطار المتوقعة.
وأضاف أن المسؤولين الحكوميين كانوا على علم بأن السدود بحاجة إلى إصلاحات، لكنهم تجاهلوا التحذيرات، بما في ذلك التحذيرات التي أطلقها هو.
وفي عام 2010، بدأت شركة تركية أعمال إصلاح السدود. لكن بعد أشهر، عندما بدأت انتفاضة الربيع العربي، توقف العمل، وفقا للنائب العام الليبي صادق السور.
وأظهر تقرير لعام 2021 لمدققي حسابات الدولة الليبية أن أكثر من 2.3 مليون دولار مخصصة لصيانة السدين لم يتم استخدامها مطلقا.
وفي حين أصدرت هيئة الأرصاد الجوية الليبية تحذيرات مبكرة بشأن الأمطار الغزيرة والفيضانات، إلا أنها لم تعالج المخاطر التي تشكلها "السدود القديمة"، حسبما قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.
وقالت الوكالة إن قدرات خدمة الأرصاد الجوية الليبية كانت محدودة بسبب "ثغرات كبيرة في أنظمة الرصد لديها" وكذلك تكنولوجيا المعلومات لديها.
وقال بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، للصحفيين في جنيف: "كان بإمكاننا تجنب معظم الخسائر البشرية".
وقارن طارق المجريسي، الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، رد فعل الليبيين على الفيضانات بردة فعل شعب لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020، والذي أثار الغضب ضد القوى السياسية هناك.
وأضاف أنه بالنسبة للعديد من الليبيين، فإنه "تم التعبير عن غضبهم عبّر في البداية في عبارة 'يجب على الجميع الاستقالة'، لأن هذه جريمة مروعة ضدهم".
وقد بدأ السور، النائب العام، تحقيقا، لكن الجمهور متشكك بشدة نظرا لتاريخ البلاد الطويل من الفساد والإفلات من العقاب. ويعتبر النائب العام أحد المناصب الحكومية القليلة التي اتفقت عليها الحكومتان، وهو يعمل مع الجانبين.
وعينت السلطات فريقا من المدعين الليبيين من مختلف أنحاء البلاد للتحقيق في أسباب انهيار السدين وتحديد ما إذا كانت إجراءات الصيانة، التي كانت مطلوبة لسنوات، كان من الممكن أن تمنع انهيار السدين.
وتعهد السور في مؤتمر صحفي متلفز مساء الجمعة، بأن "كل من أخطأ أو أهمل أو قصر وتسبب في هذه الكارثة، ستتخذ بحقه إجراءات صارمة".
وقال الحصادي، خبير الأرصاد الجوية، إن النائب العام أجرى العديد من التحقيقات من قبل ولكن لم يؤدي أي منها إلى العدالة.
وقال ماثيو بروباشر، المستشار الاقتصادي السابق لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: "إحدى مشاكل محاسبة الأشخاص هي أن هذه المشكلة تعود إلى زمن بعيد جدا".
وتساءل: "أي من الحكومات المتعاقبة التي وصلت إلى السلطة ستحاسبها على ذلك، خاصة عندما تكون لديك حكومات مجزأة؟"
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة درنة عقيلة صالح ليبيا ليبيا درنة عقيلة صالح اعصار دانيال صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
التأسيس لقانون الغاب على أنقاض القانون الدولي
آخر الأخبار تعزز ما لم نتوقعه من انقسام العالم ونحن في سنة 2025 إلى فسطاطين: فسطاط القانون الدولي بوصاياه العشر السخية المعروفة وفسطاط القانون الأمريكي ـ الإسرائيلي المفروض والمرفوض إنسانيا بسبب وحشيته وضربه بالأخلاق عرض الحائط! ومن آخر مؤشراته ما وقع خلال الأسبوع الماضي من قصف إسرائيلي موسع لقطاع غزة خلف أكثر من 400 ضحية مدنية بريئة جلهم من الأطفال، وهو ما فاجأ العالم بعد اعتقاد حماس أن هدنة عقدت بين الطرفين..
والغريب أكثر من جنون (ناتنياهو) هو ما صرح به الناطق باسم ترامب من أن تلك الضربات جاءت بالتشاور بين الحليفين الإسرائيلي والأمريكي وأن ترامب تحمس لها وشجع عليها! وكذلك المكالمة الهاتفية المطولة بين ترامب و بوتين يوم الأربعاء لتقرير مصير أوكرانيا بدون زيلنسكي وبدون أوروبا!
وحول هذه الانقلابات "الترامبية" السريعة حذر الكاتب الأمريكي البارز توماس فريدمان في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز من أن ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية لن تحقق شعاراته التي لوح بها أثناء حملته الانتخابية..
ويتناول مقال الرأي المعنون "انهيارٌ كبيرللولايات المتحدة دولتنا العظمى يجري على قدم وساق"، يتناول بشكل نقدي عهدة ترامب الثانية مشددًا على طبيعتها الفوضوية وما يميزها من أنانية.. ويؤكد فريدمان بأن سياسات ترامب تفتقر إلى التماسك، بل إنها مدفوعة بسعي شخصي للانتقام من "مظالم مزعومة تعرض لها هو شخصيا".. واختيار فريقه الحكومي ومستشاريه حسب معيار الولاء له شخصيا وليس الكفاءة أو المقدرة على تسيير دواليب الدولة.
وفي المقال الحافل بالانتقادات اللاذعة لترامب يقول فريدمان: إن ترامب هو وحده دون أي شخص آخر من يتحمل الأخطاء التي ترتكبها إدارته في شتى القضايا من التعامل مع أوكرانيا وأزمة الشرق الأوسط وفرض الرسوم الجمركية والرقائق الإلكترونية ومجالات أخرى فشلت تماما.. ومرد كل تلك الإخفاقات وفقا لفريدمان هو أن ترامب لم تكن لديه رؤية متماسكة لمجريات الأمور في عالم اليوم وكيفية توافق أمريكا معها على أفضل وجه حتى يتحقق الازدهار المنشود في القرن الحالي.
إن ترامب هو وحده دون أي شخص آخر من يتحمل الأخطاء التي ترتكبها إدارته في شتى القضايا من التعامل مع أوكرانيا وأزمة الشرق الأوسط وفرض الرسوم الجمركية والرقائق الإلكترونية ومجالات أخرى فشلت تماما..ويضيف الكاتب: إن ترامب عاد مرة أخرى إلى البيت الأبيض حاملا في جعبته هواجسه وحقده القديم نفسيهما إزاء تلك القضايا وعزز إدارته بعدد غير عادي من الأيديولوجيين الهامشيين الذين استوفوا معيارا أساسيا واحدا وهو الولاء الدائم له ولأهوائه قبل الدستور والقيم التقليدية للسياسة الخارجية الأمريكية أو القوانين الأساسية للاقتصاد.. والنتيجة ـ وفق المقال ـ هي ما يشهده العالم اليوم من مزيج غريب من رسوم جمركية تُفرض ثم تنقض لتفرض مرة أخرى، ومساعدات تُقدم لأوكرانيا ثم توقف وتستأنف من جديد، وإدارات حكومية وبرامج داخلية وخارجية تتقلص ثم يعاد بها العمل ثم تتقلص من جديد عبر مراسيم متضاربة ينفذها جميعا وزراء وموظفون في الحكومة يجمعهم الخوف من تغريدة هنا وهناك ينشرها حليفه الملياردير (إيلون ماسك) أو الرئيس نفسه عنهم على وسائل التواصل الاجتماعي إذا ما حادوا عن أي خط سياسي يرسمه لهم!
ومضى فريدمان إلى القول: إنه ما من أحد في العالم يمكنه أن يكون حليفا لأمريكا أو أن يكون شريكا تجاريا لها على المدى الطويل إذا كان الرئيس الأمريكي يهدد أوكرانيا مثلا ويتوعد روسيا ثم يسحب وعيده ويلوّح بفرض رسوم جمركية ضخمة على المكسيك وكندا ثم يؤجل سريانها ويضاعف الرسوم الجمركية على الصين وينذر أوروبا وكندا بفرض المزيد منها ثم التهديد بضم كندا وغرين لاند الى ممتلكات الولايات المتحدة!! والإعلان عن تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا!
التصنيف "الترامبي" للأعداء غيّر قائمة أسمائهم ولم تعد روسيا هي العدو القديم المعروف بل أصبح بوتين حليفا وتحول حلف الناتو إلى خانة الأعداء المحتملين مع الاتحاد الأوروبي وطبعا الصين المنافس الأول لواشنطن!!ووفقا للمقال فإن أكذوبة ترامب الكبرى ادعاؤه بأنه ورث اقتصادا خرِبا عمن سبقوه في رئاسة الولايات المتحدة مدعيا أن "الرب" أرسله لإصلاح تلك الأوضاع، وهذا طبعا محض هراء برأي الكاتب. ومع أن فريدمان يرى أن ترامب كان محقا في اعتقاده بأن هناك حاجة لمعالجة الخلل التجاري مع الصين إلا أنه يرى أنه كان بإمكان الرئيس الأمريكي أن يقوم بذلك من خلال زيادة الرسوم الجمركية على بكين بالتنسيق مع حلفائنا خاصة الإتحاد الأوروبي واليابان.
وخلص الكاتب إلى القول: "إذا كان ترامب يريد أن يحدث تحولا جوهريا في الاتجاه المعاكس فهو مدين للبلاد بأن تكون لديه خطة متماسكة تستند إلى اقتصاد سليم وفريق يمثل الأفضل والأكثر ذكاءً وليس الأكثر تملقا من اليمينيين المتطرفين.
في نفس السياق ولو نثير أزمة البحر الأحمر ودخول الجيش الأمريكي عبر حاملة الطائرات (يو أس أس هاري ترومان) لقصف المدنيين اليمنيين بدعوى الرد "المشروع" على الحوثيين أنصار الله الذين لم يترددوا منذ حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعب غزة في مساندة أشقائهم الفلسطينيين وقيامهم بواجب الاعتراض على مرور بواخر إسرائيلية وأمريكية وبريطانية قادمة من أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية يعتبرها الحوثيون عدوة ومساهمة في قتل الأبرياء.. وحتى هذه الأيام الأخيرة تتواصل حرب البحر الأحمر وهو ما يؤكد قيام ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض بتغيير العقيدة العسكرية الأمريكية التقليدية وتهديد العالم باستعمال القوة النووية الأمريكية ضد كل من يهدد الأمن الأمريكي مهما كان حسب تصريحات ترامب ووزيره الجديد للدفاع (بيت هيغسيت) الذي صرح يوم الأربعاء الماضي لقناة فوكس نيوز" بأن بلاده مستعدة لخوض أي حرب ضد الصين وذلك ردا على بيان سفارة الصين في واشنطن الذي جاء فيه "إن بكين مستعدة لأي نوع من الحرب ضد الولايات المتحدة الأمريكية بسبب ممارسات إدارة واشنطن بفرض الرسوم الجمركية الجائرة على صادراتها.
وأكد (هيغسيث) أن الولايات المتحدة "لا تريد الحرب" لكنها "مستعدة" لأي حرب محتملة مع الصين. وأضاف: بأن من يريد السلام يجب أن يكون مستعدا للحرب وأن واشنطن يجب أن تكون قوية كي تكون رادعة ضد الصين أو أي دولة أخرى.
والغريب في هذا المجال أن التصنيف "الترامبي" للأعداء غيّر قائمة أسمائهم ولم تعد روسيا هي العدو القديم المعروف بل أصبح بوتين حليفا وتحول حلف الناتو إلى خانة الأعداء المحتملين مع الاتحاد الأوروبي وطبعا الصين المنافس الأول لواشنطن!! مع الملاحظة أن جرائم إبادة الأبرياء الغزاويين عادت أعنف من ذي قبل وأن ناتنياهو يلعب بأرواح الفلسطينيين كورقة للبقاء في الحكم لا غير بينما مظاهرات إسرائيلية ضخمة تطالب بمفاوضات تعيد الرهائن لعائلاتهم! وأن اجتماعا لوزراء الدفاع الأوروبي انعقد مؤخرا ببروكسل وقرر الترفيع في ميزانيات الدفاع وتعزيز القوة النووية ب700 مليار يورو إضافية لمواجهة الأخطار الروسية و الأمريكية المتحالفة!!!