روافد الخير
بتوجيهات القيادة الرشيدة تحرص دولة الإمارات على مضاعفة الاستجابة الإنسانية لتأمين احتياجات المنكوبين في كافة المناطق المتضررة حول العالم، وذلك عبر مبادرات قادرة على الحد من التداعيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية من خلال تعزيز الدعم الإغاثي وإيصال المساعدات العاجلة بكل ما تمثله من شريان حياة لصالح المستهدفين، وبناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، بتسيير جسر جوي لنقل المواد الإغاثية العاجلة إلى ليبيا عقب الكارثة الناجمة عن الفيضانات القوية جراء الإعصار، تؤكد الإمارات في مناسبة متجددة قوة مساعي الخير وفاعلية استجابتها الإنسانية بكل ما يمثله ذلك من هوية وثقافة وطنية تتجسد فيها الخصال النبيلة عبر الوقوف مع كافة الدول الشقيقة والصديقة في مختلف الأوقات وخاصة خلال الظروف الصعبة لما يمثله التجاوب السريع من ضرورة قصوى لتحقيق المستهدفات دعماً للمحتاجين.
منذ الساعات الأولى على وقوع كارثة الإعصار دانيال وما نجم عنه في شرق ليبيا كانت الإمارات حاضرة بقوة في ملحمة عطاء جديدة سواء من خلال فرق الإنقاذ والميدانيين للوقوف على حجم الكارثة وتقييم الأضرار ومعرفة حجم الاحتياجات المستعجلة، أو من خلال العمل على إيصال المساعدات العاجلة تعبيراً عن التضامن التام مع الأشقاء وحرصها عليهم في محنتهم وتأكيداً لالتزامها الراسخ النابع من قيمة التضامن الإنساني والأخوي، إذ سيّرت المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي شحنة ثانية إلى مدينة بنغازي الليبية لنقل نحو 100 طنّ من المساعدات بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومواد غذائية ومعدات للاتصال والتكنولوجيا بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، عبر مستودع الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية وفريق الدعم والطوارئ السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك بعد أن سبق وتم إرسال طائرة محمّلة بأكثر من 36 طنّاً المساعدات الإغاثية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية و”اليونيسف” يوم السبت الماضي، وهو يؤكد قوة “فزعة الخير” للأخذ بيد مئات الآلاف من المنكوبين والوقوف معهم، ولتثبت الإمارات دائماً دورها الرئيسي في إنجاح كافة المساعي العالمية الهادفة.
تقدم دولة الإمارات من خلال الدعم الإنساني السخي وبما تنعم به من إمكانات وبنية تحتية نموذجاً مشرفاً وملهماً لما يجب أن يكون عليه التجاوب الدولي لمواجهة الأزمات الكبرى، خاصة أن المساعدات الإنسانية والطبية ومستلزمات الإيواء وسرعة إيصالها يمثل عاملاً حاسماً في عمليات الإغاثة وهو ما تعمل عليه لإنجاح الجهود الأممية وتأكيداً لمكانتها المستحقة في طليعة المانحين الدوليين.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
السودان يقاوم الجوع والاغتصاب والتدمير الممنهج.. مأساة شعب تحاصره المطامع
تزداد الأزمة السودانية الإنسانية تعقيدًا لتصبح الأشدَّ كارثيةً في العصر الحديث، حيث تتداخل حرب أهلية مدمرة مع: انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، تدمير كامل للبُنى التحتية، انتشار الأوبئة القاتلة، إضافةً إلى المجاعة التي تهدد بفناء الملايين من أبناء الشعب السوداني.
ووفقًا لتقارير المنظمات الدولية فإن أكثر من 30 مليون سوداني يصارعون الموت والأمراض والجوع، من بينهم 16 مليون طفل يدفعون ثمنَ تمرد الدعم السريع وتواطؤ دول إقليمية ودولية على قتلهم وتدميرهم.
ومن أشد الصور بشاعةً: الاستهداف الممنهج للقطاع الصحي، حيث تحوِّل الميليشيات المستشفيات إلى ثكنات عسكرية، واستخدام الاغتصابات الجماعية سلاحًا لإذلال الشعب، وإبادة قرى بكاملها تحت سمع العالم وبصره. وكل هذا يُبرز أن الحرب على السودان ليست مجرد تمرد ميليشيا على الدولة، وإنَّما هي تبلور انعكاسًا لمطامع دولية في ثروات السودان، وأحقاد إقليمية على هذا الشعب المتمسك بسيادته ووحدة أراضيه.
ومن خلال تقارير أممية دامغة، وشهادات ميدانية صادمة، يُكشف النقاب عن أدوار خفية لدولٍ تتبارى في استغلال المأساة السودانية لنهب ثروات هذا الشعب والسيطرة على مقدراته.
تورط خارجيتشهد الأزمةُ في السودان تدخلاتٍ خارجيةً مثيرةً للجدل، تُفاقِم من حِدة العنف وتعقِّد جهودَ إحلال السلام، و يحوِّل الصراع إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات الچيوسياسية، ويعمِّق معاناة المدنيين وسط تصاعدٍ مريعٍ في أعداد الضحايا وتدمير البُنى التحتية.
العنف الجنسي كسلاح حربتحوَّل العنف الجنسي في السودان إلى أداة وحشية لإخضاع المجتمع وتفكيك نسيجه الاجتماعي، حيث وثَّقت تقارير الأمم المتحدة 1، 138 حالةَ اغتصاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، تشمل 36 حالة من الاسترقاق الجنسي والاحتجاز القسري، بين ضحاياها أطفال دون الخامسة.
ولا يقتصر هذا العنف على كونه انتهاكًا جسديًّا، بل يُستخدم سياسيًّا لإجبار الأسر على النزوح القسري أو تسليم أبنائها للتجنيد في صفوف الميليشيات، كما كان في ولاية الجزيرة، حيث أُجبرت عائلات على تزويج بناتها قسرًا تحت تهديد السلاح.
وفي جلسة مجلس الأمن، الخميس الماضي، أدانت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا هذه الممارسات، وطالبت بمحاسبة الجناة عبر آليات دولية، ودعم الناجيات عبر توفير خدمات الرعاية النفسية والملاجئ المؤقتة. إلا أن استمرار الميليشيا دون عقاب، وتراجع التمويل الدولي لبرامج الحماية، ينذران بتفاقم المعاناة في ظل صمت دولي يغذي ثقافة العنف ويعمِّق جراح الضحايا.
تدمير المنظومة الصحية وانتشار الأوبئة
أصبحتِ المنظومة الصحية في السودان شاهدًا على دمار ممنهج تخلِّفه الصراعات المسلحة، حيث حوَّلت قوات الدعم السريع مرافق طبية حيوية إلى ثكنات عسكرية، كـمستشفى شرق النيل ومركز قطر لغسيل الكلى، ما أدى إلى تدمير 20 ماكينة متخصصة في غسيل الكلى، وحرمان آلاف المرضى من خدمات كانت تنقذ حياتهم. ولم يقتصرِ الأمر على السلب والنهب، بل شمل تحطيم البُنى التحتية للمستشفيات، وتحويل أقسام الطوارئ إلى مقرات لوجستية، مما أفقد البلادَ قدرةً حيويةً على مواجهة الكوارث الإنسانية.
وفي ظل انهيار أنظمة الصرف الصحي وتلوث مصادر المياه، تفاقمتِالأزمات الصحية لتنشأ بؤر لانتشار أوبئة كـالكوليرا والملاريا وحمى الضنك، خاصة في مناطق مثل شرق النيل، حيث تعاني السلطات من صعوبات بالغةفي جمع الجثث المتحللة من بين أنقاض المعارك، مما يهدد بتفشي الأوبئة. وتشير تقارير محلية إلى أن تراكم النفايات الطبية والمخلفات البشرية حوَّل أحياء كاملة إلى أماكن غير صالحة للعيش، مع ارتفاع حاد في معدلات الوفيات بين الأطفال وكبار السن.
أمام هذا الوضع الكارثي، أطلق مسؤولون سودانيون نداءات عاجلة لإعادة تأهيل المرافق الصحية المدمَّرة، إلا أنهم يواجهون عقبات جسيمة تتمثل في:شُحِّ الموارد المالية، نقص الدعم الدولي، فضلًا عن استمرار الأعمال العدائية التي تعوق جهود الإصلاح.
ورغم المحاولات الأولية لاستعادة بعض المستشفيات، مثل بدء حملات تعقيم في شرق النيل، تظل الحاجة ملحةً إلى تقديم مساعدات دولية عاجلة لإنقاذ القطاع الصحي من الانهيار التام، وحماية المدنيين من تداعياتٍ أصبحت تهدد وجودَهم ذاته.
تراجع التمويل
شكَّل قرار إلإدارة الأمريكية بإلغاء المساعدات الخارجية ضربةً قاصمةً لأبناء السودان الذين يعانون من ويلات الحرب، وهم في أمسِّ الحاجة لتلك المساعدات، إذ خفَّضت 83% من برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي كانت بمثابة شريان حياة لملايين السودانيين، ويثير هذا القرار مخاوفَ من تعطيل برامج حيوية تعالج سوء التغذية وتوفر الرعاية الطبية الطارئة، في وقت يحتاج فيه أكثر من 30 مليون سوداني -نصفهم أطفال- إلى مساعدات عاجلة.
من جهتها، حذرت منظمة اليونيسف من أن تقليص التمويل سيعطل إيصال المساعدات إلى 16 مليون طفل، بينهم 1.3 مليون يعيشون في مناطق مجاعة، و3 ملايين معرَّضون لأمراض قاتلة مثل الكوليرا والملاريا. وأكدت أن استمرار تقليص المساعدات يفاقم من «دوامة المعاناة» التي تهدد بضياع جيل كامل بسبب الجوع والعنف وانعدام الرعاية الصحية.
واقترح الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود اعتماد «ميثاق إنساني» مدعوم بآليات مساءلة مستقلة، لمراقبة التزام الأطراف بتسهيل وصول المساعدات، ومعاقبة مَن يعرقلها.
ويركز المقترح على إنشاء نظام دولي لرصد الانتهاكات، بدلًا من التصريحات الفضفاضة التي تفتقر إلى آلية تنفيذ، مما يعيد الأمل في إنقاذ حياة الملايين عبر ضمان تدفق المساعدات دون عوائق سياسية أو عسكرية.
المجاعة.. السيناريو الأسوأحذرتِ المنظمات الدولية من وقوع مجاعة في خمس مناطق بشمال دارفور وجنوب كردفان، فيما ترشح 17 منطقة أخرى لدخول مأساة المجاعة. حيث تكشف بيانات هذه المنظمات الدولية عن انهيارٍ شبه كامل للنظام الغذائي في تلك المناطق، وسط تقاعس دولي عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، الذين يعتمدون بشكل كلي على المساعدات في بقائهم على قيد الحياة.
وتُظهر الأرقام الصادمة حجمَ المأساة: فـ1.3 مليون طفل دون الخامسة يعيشون حاليًّا في بؤر المجاعة المعلنة، بينما يعاني 3 ملايين طفل من سوء التغذية الحاد، الذي يهدد حياتَهم بالإعاقات الدائمة أو الموت البطيء بسبب نقص المناعة وانتشار الأوبئة.
ولا تقتصر الكارثة على النقص الغذائي، بل تمتد لتفكيك البُنى الاجتماعية، حيث تجبر قوات التمرد الأسرَ على بيع ممتلكاتهم وتزويج بناتهم القاصرات لأفراد الميليشيا مقابل الطعام، أو إجبارهم على تجنيد أحد أفراد الأسرة مقابل بقاء البقية على قيد الحياة.
وهذا الوضع، الذي تصنِّفه الأمم المتحدة كواحد من أسوأ أزمات الجوع منذ عقود، يتطلب، أولًا: وقف التدخل الدولي في الأزمة السودانية، ثانيًا: تقديم المساعدات الإنسانية بشكل عاجل دون ربطها بتحقيق مصالح سياسية للداعمين، وثالثًا: التجريم الصريح لأفعال الميليشيا ومحاسبتها دوليًّا وجنائيًّا على تلك الأفعال.
مشاهد من المأساةنقلت وبشكل منتظم، وسائلُ الإعلام المختلفة تلك المشاهد المأساوية التي يظهر فيها الآلاف من أبناء الشعب السوداني -خاصة النساء والأطفال- وهم يهرولون من قراهم على الحدود مع تشاد تحت زخات البنادق والمدافع التي تُطلقها ميليشيا الدعم. وما بين أملٍ في النجاة وتوسُّل لأفراد الميليشيا، استقبلت رمال الحدود السودانية أنهارًا من الدموع والدماء، لتعكس هذا المشهد الجنوني من رغبة جزء من أبناء الوطن في القتل والذبح والإفناء بلا رحمة، خاصة في مواجهة المدنيين العزل.
كان صوت النساء النائحات على أزواجهن الذين ذُبحوا أمامهن، أو الثكالى على أطفالهن الذين نُحروا على يد الميليشيا، أو حتى هذا المتاع القليل الذي نهبته أفراد الميليشيا، وغيرها من الصور التي تكررت في مئات القرى، ومع عشرات الآلاف من أبناء دارفور.. نقول: كان كل هذا وغيره يعكس وحشيةَ هذه الحرب، وصدمةَ وذهولَ المراقبين الذين لم يتوقعوا يومًا أن جزءًا كان ينتمي للجيش السوداني ويقوم بحماية حدوده ينقلب حاله اليوم فيرتكب كل تلك الجرائم ضد الإنسانية، والمخالفة لكل القوانين الدولية، ليس لأن المدنيين شاركوا في قتالهم، ولكن لأن المدنيين فقط ينتمون إلى عِرقيات أخرى!! إنها مأساة العنصرية والجهل والقتل بالعمالة التي اصطبغت بلونها جرائمُ الحرب الدائرة في السودان الآن.
ومن دارفور إلى الخرطوم، وفيما يشبه أفلام الخيال، اختطفتِ الميليشيا الفتيات بعد ذبح أسرهن، ليتم اغتصابهن ثم بيعهن في أسواق (الجلابة) باعتبارهن عبيدًا وسبايا حروب!! إنها قمة المأساة الإنسانية التي تعيد أفعالَالبشر إلى المستوى الوحشي ما قبل الحضارة.
وفي كردفان دخلتِ الميليشيا البيوتَ للقبض على الأطفال وتجنيدهم قسرًا، وبدلًا من الذهاب إلى المدارس وممارسة الطفولة لعبًا وتعلُّمًا، تم اختطافُالأطفال للقتال، وقتل المئات من الأسر التي ترفض تسليم أطفالها للقتال مع قوات التمرد، ويتم تقييد هؤلاء الأطفال بسلاسل داخل العربات المسلحة حتى لا يهربوا من الميدان.
وكل هذه المشاهد لم توقظ ضميرَ العالم كي يفيق من سُباته ويهبَّ لينقذ الشعبَ السوداني ويقف ضد هذه الجرائم العلنية، التي نقلتها في معظم الأحيان هواتفُ أفراد الميليشيا أنفسِهم ولم تأتِ من الطرف الآخر في الجيش السوداني.
الحل سهل ميسور لو خلصتِ النياتويبقى أن قرار إنهاء الأزمة في السودان هو الأسهل في الصراعات الإقليمية، لأن الضغط على الأطراف الداعمة ومنع تقديم الأسلحة للميليشيا يسهم بشكل فوري في إيقاف هذه المأساة الإنسانية. ويُجمع المراقبون على أن إنهاء الأزمة يتمثل في:
1. فرض عقوبات دولية صارمة على الدول والجهات الداعمة لـقوات الدعم السريع، عبر: حظر توريد الأسلحة، تجميد أصول القادة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، وجوب تفعيل آليات أممية لمحاسبة الجهات الخارجية التي تخالف اتفاقيات حظر نقل الأسلحة إلى مناطق النزاع.
2. حتمية توجيه تمويل دولي مستدام لبرامج الرعاية الطبية والنفسية للفارين من ويلات الحرب خاصة النساء والأطفال، وضرورة دعم منظمات المجتمع المدني التي توثِّق هذه الانتهاكات لملاحقة المجرمين أمام المحاكم الدولية.
3. إعادة إعمار السودان بعد تدمير مدنه الرئيسية بشكل شبه كامل، مع استعجال إعادة بناء وتأهيل المنشآت الطبية والخدمية باعتبارها المقومات الأساسية لبقاء الناس على قيد الحياة، عبر تعزيز التعاون بين الحكومة السودانية والمانحين الدوليين لتمويل مشاريع إعادة الإعمار، ويشمل ذلك:إصلاح شبكات المياه الملوثة، إعادة تأسيس المستشفيات، وتوفير معدات طبية حديثة لمواجهة الأوبئة.
4. وجوب ضغط المجتمع الدولي على قوات الدعم السريع لفتح ممرات آمنة لمواد الإغاثة، مما يسمح بتدفق المساعدات، ووصولها إلى الجائعين والمحتاجين، وخاصة النازحين في مخيمات اللجوء.
اقرأ أيضاًوزير خارجية السودان: القوى المدنية مسؤولة عن الحرب.. ومصر المستهدف الرئيس مما يجري حاليًا
الجيش السوداني: سيطرنا على موقف شروني المؤدي للقصر الجمهوري وسط الخرطوم