مبان بأكملها بسكانها أصبحت تحت البحر بعد الإعصار في درنة.. ما الحقيقة؟
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
تصارع فرق الإنقاذ في ليبيا من أجل استعادة الجثث التي جرفتها السيول إلى البحر، بعد الفيضانات العاتية التي ضربت الساحل الشمالي، إذ لقى 11300 على الأقل مصرعهم، وفقا لتقرير للأمم المتحدة، رغم توقع استمرار جهود البحث للعثور على المزيد من الضحايا، في حين أن لا يزال ما لا يقل عن 10100 شخص في عداد المفقودين، حسب سلطات الإسعاف في مدينة درنة، أكثر المدن تأثرا بالكارثة، وانهار سدان و4 جسور في درنة، ما أدى لغرق جزء كبير من المدينة، بعدما ضربتها العاصفة دانيال.
وتغيرت ملامح مدينة درنة، إذ محيت معظم الأحياء في المدينة، وتحولت شوارع وحارات برمتها لبحيرات من الطين، بالإضافة لتواجد الكثير من الجثث فيها، التي لم يتم استخراجها بعد.
من جهتها أعلنت متحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن السلطات الليبية رفضت دخول فريق تابع للمنظمة الدولية كان من المقرر أن يتوجه إلى مدينة درنة الليبية اليوم الثلاثاء للمساعدة في مواجهة آثار أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق في البلاد، بحسب حديثها لوكالة «رويترز» للأنباء.
وأعلنت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب في وقت سابق أن درنة «مدينة منكوبة» جراء السيول التي اجتاحتها بسبب العاصفة دانيا، وضربت المنطقة الشرقية في ليبيا.
من جهته ذكر وزير الطيران المدني، في الحكومة الليبية المعينة من قبل البرلمان وعضو لجنة الطوارئ، هشام شكيوات، إن 25 % من مدينة درنة قد اختفى، بعد العاصفة دانيال، والعديد من المباني انهارت.
وقال رئيس هيئة السلامة الوطنية في مدينة درنة الليبية، فتحي الكريمي، إن جميع جسور المدينة انهارت بسبب العاصفة دانيال وأصبحت كل مداخلها مغلقة.
ومحيت مبان ومنازل وبنية تحتية عندما ضربت موجة ارتفاعها 7 أمتار مدينة درنة الليبية عقب انهيار سديها والفيضانات التي تلت ذلك، وفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، التي قالت بوقت سابق إن جثث الموتى تنجرف على الشاطئ، بحسب شبكة «سي ان ان» الأمريكية.
والسدان اللذان انفجرا الأسبوع الماضي تم بناؤهما قبل حوالي نصف قرن، بين عامي 1973 و1977، من قبل شركة إنشاءات يوغوسلافية، ويبلغ ارتفاع سد درنة 75 مترا وسعة تخزينية تبلغ 18 مليون متر مكعب، أما سد المنصور الثاني فيبلغ ارتفاعه 45 مترا وسعة 1.5 مليون متر مكعب.
ورصدت في عام 1998 أولى التشققات في السدين اللذين انهارا في درنة وتسببا بفيضانات قاتلة في شرق ليبيا، ولم يتم إصلاحها، وفقا لتقارير ودراسات عديدة، وتحت ضغط الأمطار الغزيرة، قلصا فرص تبعثر المياه قبل وصولها إليها، فاجتاحت السيول العنيفة الجارفة درنة.
فيما قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إلى زوال أحياء بأكملها في درنة حيث جرفت المياه سكانها بعد انهيار سدين قديمين، ما جعل الوضع كارثيا وخارجا عن السيطرة.
فايننشال تايمز: التغيرات المناخية وراء وقوع الكارثة في درنةوبحثت صحيفة «فايننشال تايمز» في أسباب كارثة فيضانات ليبيا وهبوب العاصفة دانيال بهذه القوة، وقالت إن التغيرات المناخية وارتفاع حرارة المحيطات وراء وقوع الكارثة.
ونقل التقرير، عن علماء في المناخ قولهم إن الفيضانات الكارثية في ليبيا بسبب العاصفة دانيال نتجت عن إعصار «ميديكين»، وهو شبه إعصار متوسطي.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها قبل وبعد السيول والفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة الواقعة شرق ليبيا، حجم الدمار الذي لحق بالمدينة، والذي أدى إلى محو ربعها على الأقل.
ونشرت شركة «Planet Labs» الأمريكية، صورا من الفضاء قبل وبعد العاصفة، يظهر فيها اختفاء المعالم والطرقات والمنازل.
مياه الفيضانات تحاصر مدينة درنةبدوره، قال وزير الموارد المائية الليبي، محمد دومة، إن مدينة درنة حوصرت بين ارتفاع أمواج البحر وفيضان السدود، مشيرا إلى أن الطبيعة الجغرافية للمدينة ساهمت في تفاقم الأضرار.
وقبل بناء السدين، شهدت درنة فيضانات كبرى عدة ناجمة عن فيضان الوادي، ولا سيما في أعوام 1941 و1959 و1968.
وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، لحظات رعب عاشها مواطنون ليبيون بعدما علقوا في عمارة خلال اجتياح الفيضانات مدينة درنة المنكوبة، إذ احتجز السكان في الطابق السابع من عمارة برج الشاطئ في مدينة درنة، بعدما ارتفع منسوب المياه ووصل إلى الدور الثالث منها.
كما وثق الفيديو أصوات أشخاص عالقين وخائفين، يصرخون مستغيثين، وفي الوقت الذي أضاء فيه رعد خارج العمارة، أثناء بدء العاصفة دانيال، تنطلق أصوات تنادي «يا لطيف يا لطيف».
عمال الإنقاذ: هناك مخاوف على الناجين في المدينة الليبيةفيما قال عمال الإنقاذ في مدينة درنة الليبية إن الجثث لا تزال تطفو في البحر، بعد أسبوع من الفيضانات المدمرة التي اجتاحت المدينة الشرقية، وهناك مخاوف على الناجين في المدينة، حيث لا يوجد ما يكفي من الأدوية والمياه النظيفة لأولئك الذين أصبحوا بلا مأوى، بحسب حديثهم لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وقال متحدث باسم إحدى منظمات الإغاثة إن محاولة تنسيق العمليات هناك كانت بمثابة «كابوس»، مع صعوبة إيصال فرق الإغاثة والإنقاذ إلى المنطقة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فيضانات ليبيا مدينة درنة درنة غرق درنة ليبيا العاصفة دانيال إعصار دانيال البحر المتوسط مدینة درنة اللیبیة العاصفة دانیال فی مدینة درنة فی درنة
إقرأ أيضاً:
الفيدرالية في ظل الأزمة الليبية
واقع الأزمة الليبية
لأكثر من 14 عامًا، تعاني ليبيا من انقسام سياسي، وضعف المؤسسات، وانتشار الفوضى، مما أدى إلى جمود المشهد السياسي واستمرار الصراعات على السلطة والمصالح الضيقة.
رغم أن انتخابات 2012 كانت فرصة لترسيخ الديمقراطية، إلا أنها كشفت عن انقسامات عميقة أعاقت بناء الدولة وتحقيق التنمية، وتؤكد عن نوايا أطراف لاتملك حضواء أو قبول لدي الليبيين ، بأنهم لا يستطيعون الا استخدام العيب، من أجل سيطرتهم على المشهد السياسي لمصالحهم.
أسباب استمرار الأزمة
بدلًا من التركيز على إنهاء الانقسام، تتصدر المشهد أفكار نظرية غير واقعية، بينما تبقى القضايا الأساسية بلا حلول، مثل:
استمرار النزاع بين الأطراف السياسية. انتشار السلاح في يد التشكيلات المسلحة. تفشي الفساد وتفاقم الأزمة الاقتصادية. غياب الاستقرار الأمني رغم جهود الجيش الليبي في حماية الحدود والسعي لتوحيد المؤسسة العسكرية.النظام الفيدرالي حل أم تعميق للأزمة؟
في ظل هذه الظروف، يظهر طرح النظام الفيدرالي كأحد الحلول، مستندًا إلى تجارب دول مستقرة ومتقدمة، لكن ليبيا، التي ألغت نظام الأقاليم عام 1963 رغم ظروفها الأفضل آنذاك، كما أن وجود النفط في أماكن دون غيرها، كان أحد أهم أسباب توحيد البلاد من خلال دور أمريكا وبريطانيا، وتواجه تحديات تجعل نجاح الفيدرالية مشكوكًا فيه.
متطلبات نجاح النظام الفيدرالي
لضمان نجاح الفيدرالية، تحتاج ليبيا إلى:
نظام اجتماعي وهوية وطنية مشتركة، واحترام التنوع والثقافات التي تعطي تمازح، مما يزيد من الوعي بأهمية المحافظة على الوطن وتوافق الجميع على ذلك، وتمنع النزعات القبلية والمناطقية. وجود دستور توافقي ينظم العلاقة بين الأقاليم والسلطة المركزية، فالدستور حبيس الإدراج منذ عام 2017. . وجود اقتصاد قوي مستقر ومتنوع، لا يعتمد على مصدر واحد، وتوزيع عادل للثروات خاصة النفط، وليبيا تملك بدائل اقتصادية بدل الاعتماد على النفط. ضرورة وجود مؤسسة عسكرية وأمنية واحدة، كالقيادة العامة للجيش الليبي، التي تسيطر على ثلثي مساحة البلاد بما فيها ثروات البلاد النفطية والزراعية والتجارية والسياسية، وتبقي التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية العائق دون استقرار الدولة، جيش وأمن موحدين للحد من سطوة الميليشيات والفوضى. مسألة التدخلات الخارجية التي قد تستغل الفيدرالية لتعزيز نفوذها، وقد لاحظنا اجتماعات بين عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني، وتناولهم للنظام الفيدرالية.ما الأولويات الحقيقية
قبل التفكير في تغيير النظام السياسي، الأولوية يجب أن تكون:
إنهاء الانقسام السياسي. تحقيق المصالحة الوطنية. بناء مؤسسات قوية وموحدة. القضاء على الفساد وتحقيق الاستقرار الأمني.الخلاصة:
الفيدرالية قد تكون حلًا في ظروف معينة، لكنها في واقع ليبيا اليوم قد تؤدي إلى مزيد من التفكك بدلًا من الاستقرار، ما لم تُحل المشكلات الأساسية أولًا.
ونعتقد بأن البلاد بحاجة إلى إعادة تنظيم من خلال وجود سلطة واحدة ، تعمل على إقرار القانون وإعادة هيبة الدولة، إطلاق عملية التنمية وارساء الأمن والاستقرار، وقد فشلت الانتخابات بسبب غياب الوعى المجتمعي، وعزوف الشارع عن الانتخابات، والمطالبات بوجود سلطة واحدة، تستمر المحاولات لتحقيق الديمقراطية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.