رغبة إيرانية في التصعيد.. ما السيناريو الأكثر ترجيحا لنزاع أرمينيا وأذربيجان في قره باغ؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
استبعد ضيفا حلقة برنامج "ما وراء الخبر" التوصل لأي تسوية أو تفاهم للنزاع المسلح الذي اندلع -اليوم الثلاثاء- مجددا بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورني قره باغ، بعدما أعلنت باكو بدء عملية عسكرية لـ"مكافحة الإرهاب، وإزالة البنية العسكرية والسياسية الأرمينية في الإقليم".
إذ يرى علي باكير -أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون في جامعة قطر- أن النزاع لن يحل ما لم تعترف أرمينيا بسيادة أراضي أذربيجان ووحدة أراضيها، وسحب مليشياتها الانفصالية من الإقليم المعترف به دوليا، وأشار إلى أن هناك مساحة أذرية للتحرك ما لم يتم الضغط عليها من موسكو وواشنطن.
ويعتقد أن توسع العملية الأذرية مرتبط بالقوى الإقليمية والدولية، خاصة الجانب الأرميني الذي قد تحرضه إيران على التصعيد، إضافة إلى وجود قواعد عسكرية روسية في أرمينيا، هذا إلى جانب دعم تركيا الصريح لأذربيجان، في وقت تحاول فيه أوروبا أن تكون متوازنة، ولكنها لا تضغط على يريفان للتوصل إلى حل كامل.
ومن جهته، أيّد لورانس برويرز -الباحث في برنامج روسيا وأوراسيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس"- ما ذهب إليه باكير، واستبعد التوصل لأي تسوية أو تفاهم، لكنه أشار إلى أن الأمور تبدو صعبة على الحدود وفي الجانب الإنساني رغم أن الضربات الأذرية استهدفت نقاطا عسكرية في الإقليم.
ولم يكتفِ برويرز بهذا القدر، بل حذر من اندلاع فوضى في أرمينيا مع احتمال تدخل مليشيات روسية في الوضع الأرميني، ولفت إلى أن المقاربة الروسية تعتمد على تأجيل الحديث عن أمن قره باغ، إذ تكمن قدرة موسكو في الضغط على البلدين من خلال استمرار النزاع.
سياقات دوليةوهذا النزاع الأذري الأرميني ليس محصورا بين الدولتين فحسب، بل تتدخل فيه قوى إقليمية ودولية، فروسيا -حسب برويرز- لاعب فاعل وتحاول تقديم نفسها على أنها ضامنة لاتفاق إطلاق النار عام 2020، كما أن لديها مصالح من خلال رغبتها في العودة إلى المعبر عبر أرمينيا، الذي جرى الحديث عنه في المادة التاسعة من اتفاق عام 2020.
وكذلك تشهد التحركات الدولية تنافسا في الوساطة خلال السنتين الأخيرتين -وفق الباحث- فهناك مسار روسي للمفاوضات بين باكو ويريفان، بينما يقود المجلس الأوروبي مسارا آخر بالتعاون مع واشنطن، في وقت تدعم فيه تركيا أذربيجان بقوة.
ووسط هذا المشهد، تبدو إيران الأكثر تضررا من مآلات حرب قره باغ عام 2020، إذ أفضت إلى صعود أذربيجان إقليميا، لذلك حاولت طهران -حسب باكير- "رفع وتيرة التوتر مع باكو عن طريق مناورات عسكرية أو بروباغندا إعلامية، إضافة لتحريض أرمينيا على عدم التوجه إلى مصالحة شاملة".
ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون في جامعة قطر أن أوروبا تحتاج إلى الغاز الأذري في ظل ما أفرزته الحرب الروسية الأوكرانية من تداعيات على صعيد أسواق الطاقة وتخليها عن الغاز الروسي.
وفي ما يتعلق بروسيا، فقد حاولت الاستفادة من أذربيجان وأرمينيا، كما أن باكو ذهبت باتجاه تخفيف ثقل العلاقة بين موسكو ويريفان عن طريق زيادة التبادل التجاري وشراء الأسلحة الروسية.
ما أسباب الذي حدث؟وبالعودة إلى أسباب تجدد الصراع المسلح، يوضح باكير أن التوتر لم يختف، بل كان يتصاعد منذ حرب تحرير أذربيجان للإقليم، كاشفا عن وجود أسباب مباشرة لما حدث تتمثل في مقتل عدد من المواطنين الأذريين بألغام أرضية، ثم مقتل أفراد من وزارة الدفاع الأذرية بلغم أيضا.
أما السبب غير المباشر -برأي أستاذ العلاقات الدولية- فيكمن في استمرار أرمينيا في خرق الاتفاق الثلاثي الذي وضع حدا للحرب عام 2020 برعاية روسية، إذ لم تلتزم يريفان بتعهداتها من خلال تحريض الحركات الانفصالية على الاستقلال عبر الانتخابات التي جرت، فضلا عن سحب قواتها من الإقليم وفتح ممرات بينه وبين أذربيجان.
وفي سياق ذي صلة، لم يتفاجأ برويرز من التطورات الميدانية، وقال إن حرب 2020 انتهت بنصر أذري، ولكنه كان غير مكتمل، معتقدا أن عملياتها العسكرية الجديدة تستهدف إعطاء أرمينيا مهلة نهائية لإنهاء سيطرة المليشيات المحلية وتسليم سلاحها وعدم وجود حاجة لقوات السلام الروسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قره باغ عام 2020
إقرأ أيضاً:
مفاجأة بعد 5 سنوات.. هذه الدول لم تعلن الحظر خلال كورونا وحققت تجارب ناجحة
بعد مرور خمس سنوات على فيروس كورونا، اتضح أن هناك دول لم تفرض الحظر أبداً طيلة فترة الوباء ومنذ اكتشافه فى في مارس 2020، حيث كان مليارات البشر يرقبون من وراء النوافذ ما يحدث فى الخارج.
كانت الاغلاقات والحظر بمثابة آخر الدواء في محاولة التصدي لتفشي الفيروس المرعب الذي قتل بالفعل الآلاف من البشر حول العالم، حيث ظهرت أوامر الحجر الصحي بعد إعلان منظمة الصحة العالمية كوفيد-19 وباءً عالمياً في 11 مارس 2020.
دولا لم تقرر الحظر فى كورونالكن هناك دولاً معدودة واجهت الأمر على نحو مختلف، ومنها السويد، وتايوان، والأوروغواي، وأيسلندا ودول أخرى قليلة.
حيث أن هذه الدول لم تفرض إغلاقات ولا قيوداً على حركة شعوبها، فلم تقرّر بقاء قطاعات كبيرة من الناس في البيوت، وإنما لجأت حكومات هذه الدول إلى تدابير أخرى، فاكتفت مثلاً بمنْع التجمعات الكبيرة، أو بعمل فحوص مكثفة أو بتطبيق الحجر الصحي على حالات الإصابة أو بفرض قيود على السفر.
استراتيجية السويد فى كوروناكانت دول العالم، بما في ذلك الدول المجاورة للسويد، كالنرويج وفنلندا والدنمارك قد شرعت في فرْض إغلاقات في مارس 2020، بينما تجنبت السلطات السويدية فرض إغلاقات، معتمدة بدلا من ذلك على تغيّرات سلوكية طوعية من قِبل المواطنين، قامت الدول الثلاث الأخرى (النرويج، والدنمارك وفنلندا) بفرض إغلاقات حازمة منذ المراحل المبكرة من الوباء.
وقد أغلقت النرويج، وفنلندا والدنمارك المدارس ومعظم صُور الحياة العامة الأخرى، كما طالبت حكومات هذه الدول مواطنيها بأن يعملوا من المنازل، على أن هذه الدول لم تصل إلى الحدّ الذي وصلت إليه حكومة مثل المملكة المتحدة على صعيد إلزام الناس بمنازلهم.
وبالمقارنة بين السويد من ناحية وهذه الدول الثلاث من ناحية أخرى، وجد الباحثون أن أعداد الوفيات وإنْ كانت قد سجّلت ارتفاعا في السويد إبان الموجات الأولى من الوباء في فصلَي الربيع والشتاء من عام 2020، إلا أن هذه الأعداد بدأت تنخفض في السويد مقارنة بالدول الثلاث الأخرى في العامين التاليين: 2021 و2022.
وقام باحثون اقتصاديون بعقد مقارنة بين الدول الأربع ذاتها على صعيد مؤشرات الأداء الاقتصادي، فوجدوا أن استراتيجية السويد كانت مبررة في ضوء التكلفة الاقتصادية المنخفضة نسبيا.
تنزانيا رفضت الإغلاقاتأما تنزانيا، لم تفرض يوماً إغلاقات بسبب كوفيد-19، الرئيس التنزاني السابق جون ماغوفولي، رفض الإغلاقات أو غيرها من التدخلات الحكومية، وقد مات في 2021.
أما أيسلندا ونيوزيلندا؛ فكل من الدولتين جزيرة وغنية وذات تعداد سكانيّ صغير. في حين طبّقت نيوزيلندا إغلاقات صارمة في 25 مارس2020، لم تُقْدم أيسلندا على مثل هذا القرار مطلقا.
وقدمت أيسلندا برنامجا للكشف عن الفيروس وتعقبه، يمكن السلطات من مراقبة العدوى والاتصالات بين الناس، ومن ثم يمكن مطالبة الأشخاص بالخضوع لحجر صحي.
مثل هذا التدبير كان معمولا به أيضا في عدد من الدول التي طبّقت مع ذلك إغلاقات.
نيوزيلندا، في المقابل “سجّلت واحدا من أقل معدلات الوفيات جراء الإصابة بكوفيد حول العالم”.