الحِزبية .. او .. ( اللاحِزبية )
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
صراحة نيوز- عوض ضيف الله الملاحمه
بداية من الضروري ان نعرف ما هو تعريف الحزب السياسي ؟ وما الفائدة من تأسيس الأحزاب السياسية ؟ وما دورها المجتمعي الوطني المُرتجى ؟
تعريف الحزب السياسي :— في الواقع هناك تعريفات عديدة للأحزاب السياسية . لكنني إنتقيت ثلاثة منها لأنني لم أرَ ان تعريفاً واحداً سيكون شمولياً ، بينما وجدت ان الثلاثة التي إنتقيتها يمكن إعتبارها شمولية وتُكمِّل بعضها ، وهي :— ١ )) هو تَجَمُّع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار ، ويجتمعون لغرض وضع مشروع سياسي مشترك قابل للتنفيذ للوصول بوسائل ديموقراطية وسلمية الى ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة الشؤون العمومية .
٢ )) هو تنظيم قانوني يسعى للوصول الى رأس السلطة الحاكمة في الأنظمة الديمقراطية وممارسة الحكم وفق البرنامج الحزبي السياسي والإجتماعي والإقتصادي .
٣)) هو تنظيم ديمقراطي يمارس العملية الديموقراطية داخل الحزب بإنتخاب أعضائه لتولي المناصب القيادية في الحزب ، ووضع الرؤى والأهداف الإستراتيجية . وخارج الحزب يقوم بالمشاركة في الإنتخابات بمستوياتها المختلفة ، سواء المحلية او البرلمانية . ويربط الحزب السياسي بصفة عامة بين مجموعة من المواطنين الذين يتبنون رؤية سياسية واحدة هي رؤية الحزب وبين نظام الحكم وأدوات الدولة المختلفة .
وهنا ننتقل الى توضيح دور الأحزاب السياسية :— بما ان الحزب السياسي يعمل في الأساس كوسيط بين أفراد الشعب ونظام الحكم في الأنظمة الديمقراطية بأنواعها ، فإن الأحزاب المختلفة يكون لها أدوار رئيسية ومهمة في ذلك الشكل من أشكال الحكم ، أهمها : صياغة إحتياجات ومشاكل المواطنين وطرح مقترحات لحلها وتقديمها الى الجهات الحكومية المختلفة بصورة قانونية ، وتنظيم نشاطات توعية وتثقيف للناخبين حول النظام السياسي والإنتخابات والدعاية لرؤية الحزب لِتَقَدُّم الدولة ، وكذلك تعمل الأحزاب على نشر الدعاية بين المواطنين لأفكارها وترشيح ممثليها في الإنتخابات .
أما عن شروط نشأة وعمل الأحزاب السياسية :— لا تكفل جميع الدول إنشاء أحزاب سياسية وفق أنظمة الحكم والدساتير المتبعة بها . بينما تكفل بعض الدول حرية إقامة الأحزاب مع عدم توفير المناخ المناسب للعمل الحزبي . وتحتاج الأحزاب السياسية للعمل على أرض الواقع وتحقيق الشكل الديمقراطي التمثيلي على عدة عوامل ، من أهمها توفير حرية التنظيم والتجمع وإبداء الرأي بالأشكال السلمية المختلفة وعبر الوسائط القانونية ، وضمان مبدأ التعددية الحزبية الذي يعني إمكانية إقامة أكثر من حزب بتوجهات فكرية مختلفة ، مع غياب تمييز الدولة وعدم تدخلها لصالح أحد الأحزاب دون الآخر .
تُعتبر الأحزاب أحد الظواهر البارزة في الحياة السياسية . ولا سيما في الأنظمة الديمقراطية . وذلك لما تقوم به من تنافس على السلطة تجسيداً لمبدأ المشاركة السياسية ، إضافة الى التعبير عن إرادة المجتمع بكافة أطيافه ومصالحه . الحزب السياسي شكل من أشكال التعبير عن تيار فكري ، يتخذ طابعاً تنظيمياً للقوى الإجتماعية المعبرة عنه ، التي تمتلك مواقف ورؤية سياسية موحدة ، وتستهدف ممارسة السلطة ، وفق برامج مُعلنة ، تنطوي على معالجة المسائل السياسية والاقتصادية والإجتماعية للشعب والدولة . وبهذا الوصف يكون الحزب وعاءً تنظيمياً للفعاليات الإجتماعية التي يمثلها . وعليه تَصِحُ مقولة ان الحزب السياسي يرتكز على توافر ثلاثة أبعاد هي : (( النظرية ، والتنظيم ، والممارسة )) .
للعلم فإن أكسير حياة الأحزاب السياسية هي الديمقراطية ، ليس الديمقراطية الشكلية ، بل الحقيقية . فبدون توافر بيئة ديموقراطية مُشجعة على الإنطلاق والتفاعل الحقيقي ، وبدون ضمانٍ لحرية الرأي والتعبير ، وحرية النشاط والحركة ، والتفاعل المجتمعي بدون قيود وضوابط ، وضمان نزاهة مطلقة للإنتخابات ، فان الأحزاب تكون شكلية ومُفرغة من غايات تشكيلها ، وتكون حالة ( اللاحزبية ) — رغم السوء والخلل الكبير الذي يكتنفها — أفضل من وجود أحزاب مشوهة ، ومخنوقة ، ومكبلة .
أما قيادة الحزب السياسي ، ففيها تكمن كل عناصر القوة للحزب . بداية حتى ينجح الحزب ، يجب — نعم يجب — ان لا تنحصر كل عناصر قوة الحزب في شخص واحد . بل يجب ان يكون هناك قيادة من مجموعة من الشخصيات التي تتوافر فيها كل عناصر القيادة ، ومواصفات القائد الفذ . حيث من الضروري ان تتكون القيادة من عدد من شخصيات الحزب التي تمتلك مواصفات خاصة ومتميزة مثل : الشخصية الكاريزمية ، المؤثرة ، الفاعلة ، المثقفة ثقافة عالية جداً . كما يجب ان تتصف شخصيات القيادة بالثبات على المباديء ، والجرأة ، والإقدام ، والبعد عن الأنانية ، والإنفعالية ، والمصلحية . كما يفترض ان يتم إنتخاب القيادة بإنتخابات حرة ، ديمقراطية ، سرّية ، وان يتضمن النظام الداخلي للحزب بأن تكون مدة الدورة الواحدة ( ٤– ٥ ) سنوات ، ولا يسمح للرئيس بأكثر من دورتين ، بعدها لا يسمح له بالترشح بتاتاً .
كتبت مقالات عديدة عن الأحزاب مُستنداً الى تجربتي الحزبية الشخصية . حيث أفتخر انني كنت حزبياً قبل عقود طويلة — لكنني لن أكون مُجدداً — ودفعت أثماناً باهظة قَلبت حياتي رأساً على عقب عدة مرات وليس مرة واحدة ، لكنني لم أُهادن ، ولم أتقلب ، وثَبَتُ على قناعاتي . وأفتخر انني قومي — وسأبقى ما حييت — وأعتبر قناعتي هذه هي أكسير حياتي . والخزي لكل مُرتجفٍ ، مُتخلفٍ ، رعديد ، جبان ، مُتكسبٍ من تلوّنه . لأنه وضيع ، وأقرب للأنذال من مواصفات الرجال . لا بل أرى ان من تأكل بثدييها أشرف وأطهر رغم قُبح فِعلتها .
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة الأحزاب السیاسیة الحزب السیاسی
إقرأ أيضاً:
سفير تونس بالقاهرة: العلاقات السياسية مع مصر في أبهى صورها
قال سفير تونس بالقاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية محمد بن يوسف، إن التاريخ حافل بالعلاقات المتميزة بين تونس ومصر، وحتى في بعض الفترات التي شهدت حدوث بعض الاختلافات في التوجهات السياسية لم تنقطع العلاقات أبدًا.
وأضاف السفير خلال استضافته في حوار مفتوح للجنة العلاقات الخارجية برئاسة حسين الزناتي بعنوان "مصر وتونس.. تحديات وطموحات مشتركة" ان العلاقات الحالية بين البلدين في أبهى صورها، والتي تجلت في زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد لمصر في أبريل ٢٠٢١ التي كانت زيارة تاريخية في فترة ما لم تكن العلاقات في المستوى الذي تشهده اليوم، وحدثت نقلة نوعية على مستوى العلاقات ونشأت كيمياء كبيرة بين القيادتين في البلدين، وكان انعكاسها إيجابيا على العلاقات الثقافية والفنية، وتلاها في 2022 عقد اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين في تونس.
كما أشار إلى أنه عقدت في سبتمبر الماضي لجنة تشاور سياسي، وأنه يجري الإعداد حاليا لزيارة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى تونس.
وذكر أن هناك تشابهًت كبيرًا بين مصر وتونس على مستوى الثقافة والانفتاح والاهتمام بالتعليم، وعشق الفن والتراث؛ فكانت ولاية المهدية التونسية مهدًا لأول دولة شيعية في تاريخ الإسلام، وهي مسقط رأس المعز لدين الله الفاطمي اول الخلفاء الفاطميين في مصر، وانشئ جامع الزيتونة على غرار الجامع الأزهر العريق وشارع الحبيب بورقيبة هو المعادل لميدان التحرير.
وأضاف: "كنا اول دولة اندلعت منها شرارة الربيع العربي ورحل الرئيس بن علي عن تونس
يوم 14 يناير 2011، ويوم 15 كان لدينا رئيس مؤقت استنادا إلى الدستور. وبفضل وعي ونضج الشعب التونسي وارتفاع نسبة التعليم لم تحدث لدينا خسائر كبيرة أو أعمال عنف وتوترات".
وتابع/ "لا يمر شهر أو شهرين إلا ويشهد علاقات على مستوى القمة أو اتصالات هاتفية، وخلال اللقاءات على المستوى العربي والدولي وتحدث دائما لقاءات بين رئيسي البلدين، وفي السادس من أكتوبر شهدنا انتخابات رئاسية في تونس وتلقينا التهاني وكانت تهنئة مصر خاصة ولم تكن مجرد رسالة تهنئة لكن اتصال من الرئيس السيسي بالرئيس قيس سعيد".
وعن مسيرة تونس الديمقراطية بعد عام 2011؛
قال "عشنا أوضاعا متشابهة مع ما مرت به مصر بعد 2011، فقد كانت هناك محاولة لأخذ البلدين نحو اوضاع لا يعرفها النسيج الاجتماعي فيهما في مجتمعين منفتحين وغير منغلقين ويؤمنان بالدولة وعشنا عشر سنوات اضطرابات عديدة بسبب طبقة سياسية لم تنجح في أخذ البلاد نحو التقدم وتجسيد طموحات المجتمع الذي قام بثورة وينتظر ان تتغير الأمور.
وتابع “ما حدث ان الأوضاع ساءت ونشأ حنين لما قبل عام 2010 والتي ثار عليها الناس، فالرئيس قيس سعيد انتخب عام 2019، لكن بعد الرئيس بن علي كنا قد انتقلنا من نظام رئاسي طبق منذ عام 59 إلى نظام برلماني مختلط ويقترب اكثر من الديمقراطية، لكنه لم يكن هينا مع التعود من قبل على النظام الرئاسي والذي كنا نعيشه في 2010، وأصبحنا وفقًا للدستور الجديد ننقسم بين ثلاث سلطات مجلس نواب يشكل الحكومة ورئيس جمهورية لديه بعض الصلاحيات، ورئيس للحكومة يعينه رئيس الجمهورية ولديه كل السلطة التنفيذية وتقسمت السلطة لوضع غريب وكانت هناك اصوات عديدة بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر”.
واستطرد بقوله “في 25 يوليو 2021 جمد الرئيس قيس سعيد مجلس النواب، حيث كانت هناك أوضاعًا مزرية وصلت للعراك ولم تكن مقبولة للمجتمع التونسي وسار في مسار ديمقراطية تونسية تكرس الحقوق والحريات للجميع وتستجيب لطموحات الشعب التونسي، وتقوم مسيرة الإصلاح هذه على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، فكانت العشرية التي مضت تشهد عدم تطبيق القانون على الجميع سواسية، وتعزز المسار الإصلاحي بتنظيم انتخابات تشريعية أسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد وانتخابات للمجالس المحلية وتنفيذ المجلس الوطني للجهات والأقاليم، والذين ناقشا الميزانية."
وأسفرت الانتخابات في اكتوبر الماضي عن انتخاب الرئيس قيس سعيد لفترة جديدة مدتها خمس سنوات باغلبية 69% بمشاركة 2.8 مليون تونسي، والشعار الذي رفعه الرئيس لفترته الجديدة محاربة الفساد.