التقنية الرقمية تخدم التراث الثقافي غير المادي
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
مسقط- الرؤية
تعد المنطقة العربية مهدا للعديد من الحضارات العريقة التي وجدت على كوكب الأرض منذ فجر التاريخ، وهذا مكنها من أن تخطو مؤخرا خطوات هائلة وتبذل جهودا جبارة للحفاظ على مآثر وشواهد تلك الحضارات وصيانتها من عوادي الزمن.
ومن تلك الجهود المبذولة إنشاء منصة رقمية جديدة برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وبتمويل سخي مقدم من المملكة العربية السعودية.
مع التطور المتسارع في عالم الذكاء الإصطناعي وغيره من التقنيات ذات الصلة، بات بإمكان خبراء الهندسة الرقمية تطوير أساليب جديدة لحماية التاريخ والتراث، منها ما يجري الآن من تصميم مخطط متكامل لتصنيف الحضارات القديمة؛ بما في ذلك المواقع التراثية والحفاظ عليها ذخرا للأجيال القادمة.
تمت دعوة الحضور والمشاركين إلى العرض الأول من مرحلة التطوير هذه، والتي كرست لتدوين التراث منذ بدء المشروع الرائد العام الماضي، وخلال الدورة الـ45 الموسعة للجنة التراث العالمي التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض. والسؤالان المطروحان الآن: لم كل هذه الأهمية؟ ولماذا يجب عليها أن نهتم؟
ثقافة حية وتراث بشكل عصري
ساد زمن عد فيه الإنتقال إلى وجهات بعيدة من العالم للتعرف على ثقافات وحضارات مختلفة حلما بعيد المنال بالنسبة للكثير من الناس، ولكن لم يعد الأمر كذلك الآن بفضل تمكن ثلثي سكان العالم من الوصول إلى شبكة الإنترنت والإطلاع على تلك الثقافات والحضارات بكل سهولة ويسر.
مع مبادرة اليونسكو الجديدة "الغوص في التراث"، باتت الفرص أكبر أمام الجميع للتعرف على المواقع التراثية العالمية المدرجة على قائمة التراث العالمي، وبصورة تفاعلية وباستعمال تقنيات الواقع الافتراضي والمضخم.
بفضل توفر البيانات وتمكن أي شخص أو شركة في العالم من الإطلاع عليها، فقد سهل هذا الأمر نمو ما يسمى بـ"السياحة الرقمية"، والتي يقصد بها استضافة الأدوات والأنظمة التي يمكن استعمالها لحجز الرحلات الكترونيا. وفي المستقبل، يمكن أن يعني هذا المصطلح الكثير. تخيل نفسك قادرًا على سماع الأصوات ورؤية المناظر؛ بل الاقتراب من المواقع الأثرية واشتمام عبق التاريخ الكامن خلفها وأنت على بعد آلاف الأميال منها، ودون أن تغادر منزلك! هذا الأمر، وإن حدث فسيفتح المزيد من الآفاق، ويسهم في "دمقرطة" الثقافة والتاريخ، وجعلهما في متناول بلايين البشر القاطنين على سطح الكوكب لتزداد بذلك معارفهم، وتغنى حياتهم، ويرتبطون ببعضهم أكثر وأكثر.
اكتشف التراث العالمي بالرسوم الثلاثية
تقوم مبادرة "الغوص في التراث" على الاستفادة من البيانات الرقمية التي جمعت سابقا ونشرت عبر المنصة الإلكترونية للمبادرة، والتي سوف تمكن زوارها من الإطلاع على التراث العالمي بسهولة. الرجاء الضغط على "شغل" لإظهار النماذج الثلاثية الأبعاد لموقع "الهجر" التاريخي.
إن أكبر كم من المعلومات التاريخية التي نملكها حول الحضارات البشرية يوجد إما بصورة غير موحدة أو منقحة، وفي العديد من الحالات، غير مصاغة بشكل جيد، أو عبارة عن شذرات وأشتات متناثرة عبر الشبكة العنكبوتية. ولكن الآن، وباستعمال التكنولوجيا، أمكن ترتيب تلك المعلومات وإرجاعها إلى جهة مركزية وإخضاعها للإشراف الأكاديمي والعلمي والبحثي الدقيق بغية تنقيتها للخروج في النهاية بقصة حقيقية ودقيقة حول الحضارة البشرية.
ويتصف التراث بأنه عنصر معنوي قابل للتطور المستمر، ولهذا السبب، كثير من عناصر ذلك التراث يمكن أن تفقد أو يساء تقويمها مع مرور الوقت. تخيل إن كان للجميع القدرة على الاستماع للغات القديمة بعد أن تبعث من جديد، أو لديهم القدرة على تفسير الرسومات المنقوشة على صخور يعود تاريخها لآلاف السنين بدقة بالغة، أو تخيل أنه بعد مرور 1000 عام من الآن، كيف يمكن للمعرفة والمهارة التي نمتلكها الآن أن تكون مصدرا للمعرفة أو الإلهام للأجيال التي سوف تأتي بعدنا؟
دعم التنمية المستدامة
إن استعمال التقنيات الرقمية في المجالات المتصلة بالتراث والثقافة سوف يسهم في زيادة القدرة على حمايتهما. وقد تبدى هذا من خلال عمليات التصنيفات الرقمية التي تقوم بها منظمة اليونيسكو اليوم لمواقع التراث العالمي بصورة أكثر فعالية ودقة. وهذا بلا شك يمكنه ليس فقط تعزيز قدرة اليونيسكو على التصرف بسرعة للحفاظ على النواحي التراثية الفريدة والقيمة؛ بل أن تكون المنظمة الدولية أكثر تحديدا فيما يتعلق بخياراتها في هذا الصدد.
في هذا العام وحده، قامت اليونسكو بدراسة 50 موقعًا تراثيًا جديدًا تمهيدًا لإدراجها على قائمة التراث العالمي، والتي تضم 1157 موقعًا من المواقع التراثية العالمية، كلها تمثل كنزًا ثمينًا بالنسبة للعالم. هذا عدا عن 56 موقعًا مدرجًا على قائمة المواقع التراثية المعرضة للخطر.
بديهي أن حماية التراث يعد محورًا مهمًا من محاور التنمية المستدامة الناجحة، وأن البيانات المتصلة بذلك التراث من شأنها أن تسهم في جعل الجهود المنصبة على حماية التراث أكثر تكاملا مع أهداف التنمية المستدامة لكل دولة من دول العالم.
بعد سنوات من الآن، سوف تكون النواحي الفريدة من تراثنا وثقافتنا هي ما تكلمنا حوله وناقشناه اليوم، ولهذا، من المهم أن يلعب كل منا دوره في الحفاظ على التراث وحمايته بأي طريقة يستطيعها، بما في ذلك التقنيات الرقمية، والتي تنطوي على إمكانات هائلة ومدهشة، لكي نحفظ للبشرية ذاكرتها من النسيان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: التراث العالمی
إقرأ أيضاً:
"الوفد" تفتح ملف معاناة أولياء الأمور مع التقييمات المدرسية والعبء المادي بسبب الورق
يعيش أولياء أمور مدارس محافظة الإسكندرية حالة من الاستياء والضغوط النفسية والمادية بسبب قرارات وزارة التربية والتعليم بشأن نظام الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية التي فرضتها المدارس على الطلاب، خاصة التقييمات التي أصبحت إلزامي على أولياء الأمور والطلاب طباعتها كل يوم مما تسبب فى عبئ جديد على ولى الامر ولم تراعى وزارة التربية والتعليم اننا الأهالي يعانون من الارتفاع المستمر لاسعار الاكل والشراب والمستلزمات اليومية.
أكد أولياء الأمور اننا مع وزير التربية والتعليم في الارتقاء بمستوى التعليم لأبنائهم ولكن للاسف الارتقاء بالتعليم لم يكن بطباعة أوراق كل يوم، ومدرسين ترسل تقييمات منتصف الليل للطلاب، ومطالبة ولى الأمر بأنه يقوم بطباعتها فورا لكى لا يقوم المدرسين بمعاقبة الطلاب، وللأسف تحولت العملية التعليمية لدى المدرسين هو انشغالهم فقط بطباعة التقييمات وحلها مع الطلاب وكتابة البورد فقط، وطلب الوسائل التعليمية والاهتمام بالكراسات ليحظى المدرس على رضاء الموجهين ، ولكن للاسف سقطت العملية التعلمية والطلاب اصبحوا لم يستفيدوا بكل هذا، لان للاسف اصبح لم يوجد وقت للمدرسين لشرح الدروس للطلاب، وبهذا تصبح سقطت خطة الوزير فى الارتقاء بالعملية التعليمية.
وكان النائب الدكتور ايمن محسب عضو مجلس النواب قد تقدم بطلب احاطة لوزير التربية والتعليم إن وزارة التعليم تبذل جهودا جادة من أجل إحداث طفرة حقيقية تعيد المدارس بكافة مراحلها إلى أداء دورها الحقيقي، وكان من بين القرارات الوزارية الجديدة تحديد واجبات منزلية موحدة على مستوى الجمهورية يلتزم الطلاب بأدائها يوميا، في مقابل حصولهم على درجات تضاف إلى المجموع النهائي، وهي خطوة رغم أنها تبدو إيجابية، إلا أن التجربة العملية أظهرت أن المعلمين والطلاب ينغمسون فى كتابة الأسئلة ونقلها إلى كراسة الواجب أثناء الحصة، الأمر الذي يؤثر علي عملية التعلم التي يجب أن يكون لها الأولوية أثناء الحصة.
وأضاف عضو مجلس النواب، أن المبالغة في ضغط الطالب في نقل السبورة أمر في غاية الخطورة خاصة في الأعمار الصغيرة التي تحتاج إلى الشرح والفهم بقدر أكبر، مما يجعلهم غير قادرين على استيعاب ما ينقلونه
رصدت "الوفد" هموم أولياء الأمور ومعاناتهم مع طباعة التقييمات والأداء الصفى"الفصول الدراسية تفتقر الشرح"
قالت ابتسام محمد ولية امر أن هذه السياسات تحولت إلى أدوات ضغط على الطلاب وعائلاتهم بدلاً من كونها وسائل تعليمية فعّالة يعول عليها في تحسين مستوى التعليم في البلاد ، اننا نشعر بخيبة أمل كبيرة من الوعود التي أطلقتها وزارة التعليم بتحسين جودة التعليم ،إذ أكدوا أن الفصول الدراسية تفتقر إلى الشرح الكافي ما أدى إلى تدهور مستوى الفهم لدى الطلاب ،كشفت ان النظام الحالي بأنه تحول إلى سلاح يستخدمه المدرسون لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الطلاب
" ضغط على الطالب واولياء الامور "
وأضاف اسامة السيد مهندس إلى أن التجربة أثبتت أن التقييم الأسبوعي يُشكل ضغط كبير علي الطالب، الذي بات مطالب يوميا بأداء الواجبات المنزلية، بالإضافة إلى الاستعداد للتقييم اليومي، الذي يُجري إلى جانب التقييم الشهري، حيث تضمنت قرارات الوزارة تخصيص 5 درجات لكراسة الواجبات المنزلية، و 5 درجات على النشاط، و5 درجات للتقييمات الأسبوعية، و 10 درجات للتقييم الشهري، إضافة إلى 5 درجات للمواظبة والسلوك و10 درجات للمهام الأدائية، من أعمال السنة لطلاب المرحلة الابتدائية، الأمر الذي بات مصدر ضغط غير عادي علي الطلاب وأولياء الأمور.
وأكد إن الطالب المصري لم يُعد لديه أي وقت لممارسة الأنشطة سواء الرياضية أو الفنية وتحول يومه إلي محاولات لإنجاز المهام المدرسية، فضلا عن المعلمين الذين أصبحوا غير قادرين علي إجراء مراجعات للطلاب أو إظهار مهاراتهم الخاصة في توصيل المعلومة وتثبيتها في عقول الطلاب خاصة في المراحل التعليمية الأولى
"عبئ مادى وتلاعب وفساد"
وقالت ميرفت السيد مدرسة أن نظام التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية يحمل مزايا وعيوب إذ يضمن وجود التزام من الطلاب ويشجعهم على الحضور اليومي للمدرسة، ولكنه يضيف عبئاً مادياً على الأسر ويؤدي إلى تجاوزات من بعض أولياء الأمور في حل الواجبات لأبنائهم، كما اننا نفاجأ بالمدرسين ترسل لنا التقييمات اوقات متاخرة ومطالب مننا ان نظل طوال الليل نبحث فى الشوارع لطباعة التقييمات، وللاسف التصوير والطباعة والانشطة المطلوبة اصبحت مصروف وتحتاج الى دخل اخر لان كل رب اسرة لم يعد دخله يتحمل كل هذه المصاريف .
وأضافت أن بعض المدرسين يستغلون نظام التقييمات لفرض الدروس الخصوصية على الطلاب ما يجعل العملية التعليمية عرضة للتلاعب والفساد إذ يجب على الوزارة مراقبة هذا الوضع بصرامة من أجل حماية حقوق الطلاب وأسرهم
"تقضية واجب"
وتسألت ايناس حلمى ربة منزل "ليه المدرسة بتتعامل علي التقييمات الاسبوعية انها مجرد تقضية واجب، مهام مطلوبة من المدرس انه يكتب علي السبورة والطلاب ينقلوا والمدرس يصحح كشكول التقييمات علشان يقولوا بنفذ تعليمات الادارة، للاسف نجلى ينقل من علي السبورة وهو مش فاهم هيعمل ايه وبعدها المدرس يصحح الاسئلة اللي ابني كاتبها ويأخذ 2 من 5 وعلامات استفهام في الكشكول، طيب حضرتك فهمته يعمل ايه، دربته علي الاسئلة علشان يعرف يجاوب، أتمني من حضراتكم علموا ولادنا وبلاش الروتين".
واضافت "ان التقييمات جميلة بس المشكلة فى المدرس مش عاوز يفهم وبيتعامل مجرد تقضية واجب، مع انه لو فهم الطالب المدرس هيستريح وكمان والى الامر هيعرف مستوى طفلة، للاسف فى نظام بينزل جيد واحنا اللى بنخليه نظام فاشل بسبب مدرس مريح دماغه وفرحان انه كدا بقى ماسك زلة على الطالب، ونرجع نقول النظام فاشل".