مطالب بتغيير منظومة التعاونيات فى مصر.. خبراء: نموذج اقتصادي مهم لدعم التنمية واستقلالها يضمن تحقيق أهدافها
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
شريف سامي: التحول الاقتصادي والسياسي فى مصر جعل الجمعيات الحكومية تنظيمات حكومية موازية
عبلة عبد اللطيف: تحقق الهدف الحقيقي للتعاونيات كنموذج اقتصادي هام فى دعم التنمية الاستقلالية والرقابة دون تدخل الحكومة فى عملها
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، بالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE، ندوة بعنوان: "تفعيل دور التعاونيات فى مصر: هل تسير الجهود الحالية فى الاتجاه الصحيح؟"، لمناقشة أهمية ودور القطاع التعاوني فى مصر وجهود الحكومة فى تطويره، وتقييم مدى توافقها مع فلسفة التطوير الصحيحة ومناقشة التجربة الهولندية فى التعاونيات للاستفادة منها.
وعرضت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، عرضا للمركز حول منظومة التعاونيات فى مصر، وأكدت أن قطاع التعاونيات رغم أهميته الكبيرة ونجاحه كمنوذج اقتصادي فى العديد من التجارب الدولية، إلا أنه غير فعال بالقدر الكافى فى مصر ويعانى العديد من المشكلات ويحتاج إلى التطوير، خاصة وأن المرحلة الحالية والمستقبلية تتطلب وجود قطاع تعاونى قوى، مشيرة إلى وجود بدايات لجهود واضحة من الدولة لتطوير قطاع التعاونيات، ومن المهم التأكد أنها تسير فى الاتجاه الصحيح، وهو الهدف من هذه الندوة.
صفقة بمليارات الدولارات.. العاصمة الإدارية وش السعد على الاقتصاد المصري «معهد الاقتصاد» ينظم ورشة عمل لمناقشة مشكلات التعاونيات الزراعية
وأشار العرض إلى أن التعاونيات هى جمعيات مستقلة من أشخاص يتحدون طوعا لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة من خلال مشروع مملوك لهم جماعيا ويتم إدارته بطريقة ديمقراطية، وتسهم هذه التعاونيات فى دعم التنمية وخلق فرص العمل، وتعظيم المنافع المشتركة خاصة المرتبطة بصغار المنتجين والمستهلكين، وتسهل ضم القطاع الغير منظم إلى المنظم، كما تساعد على المواجهة الجماعية للأزمات، وتنتشر التعاونيات فى نحو 98 دولة وينتمى لها ما يقرب من 3 مليار عضو أى نصف سكان العالم تقريبا، ويقدر عددها بنحو 3 مليون تعاونية وتحقق إيرادات تقدر بـ3 تريليون دولار، وتولد أو تضمن استمرار نحو 280 مليون وظيفة بما لا يقل عن 10% من إجمالى المشتغلين فى العالم.
وفى مصر يصل عدد الجمعيات التعاونية أكثر من 14 ألف جمعية تضم أكثر من 10 مليون عضو وبمساهمات مالية تفوق 40 مليار جنيه حتى عام 2020، ولكل نوع من التعاونيات القانون المنظم له وجهة تبعية مختلفة، ونصف الجمعيات التعاونية فى مصر هى تعاونيات زراعية، وتوجد النسبة الأكبر منها فى الوجه البحرى لكبر مساحة الأرض الزراعية.
واستعرض المركز الإطار القاوني للتعاونيات فى مصر حيث كان قانون 317 لسنة 1956 آخر القوانين الموحدة للتعاونيات المصرية، ليعقبه فلسفة جديدة فى التشريع تم من خلالها فصل القوانين طبقا لنوع التعاون المستهدف، كما تم استعراض مثال تفصيلي للتعاونيات الزراعية سواء ما يتعلق بالإطار التشريعي الحاكم لها، أو الإطار المؤسسى، ومقارنة المنظومة التعاونية الزراعية المصرية بأفضل الممارسات العالمية من واقع دراسة المركز، والتى أشارت إلى وجود فجوة كبيرة بين النموذج المصري وأفضل الممارسات، حيث تعد التعاونيات الزراعية في مصر كيانات حكومية ذات هيكل تنظيمي معقد يحكمها قانون يخالف المباديء العالمية للتعاونيات مما يجعلها أذرعا تنفيذية للحكومة وهو الأمر الذي يحد من فرص تطويرها ويفقد الأعضاء الشعور بالملكية ويجنبهم المشاركة الحقيقية في الإدارة والتطوير، وبالرغم من انتشارها ومنطقية دوافع إنشائها، إلا أنها لم تعمل في أي وقت بالمفهوم السليم للتعاونيات، فأصبحت كيانات موجودة إلا أنها هامشية في خدمه القطاع الزراعي وتحسين مستوى معيشة المزارعين.
وتم عرض أهم التوجهات الحكومية الحالية للتعامل مع القطاع، وجهود التطوير المقترحة، وأهم ما تضمنته دراسة مجلس الشيوخ لتطوير التعاونيات والهيكل الإدارى المقترح لها، وأكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف أن فلسفة التطوير الصحيحة للتعاونيات يجب أن ترتكز على الرجوع لأصل مفهوم التعاونيات بغض النظر عن الشكل الموجود حاليا، والاستفادة من تجارب الدول الرائدة فى العمل التعاوني وعلى رأسها تجربة هولندا، وأن يتم هذا قبل وضع أى تصور تطويري للقطاع وقبل تنفيذ أى جزء منه.
وأشارت إلى أن الأصل أن التعاونيات مؤسسات غير حكومية يؤسسها أفراد بإرادتهم لتحقيق أهداف مشتركة، والحكومة منظم وداعم فقط، وتقدم التعاونيات خدمات متنوعة تحدد وفقا للمصلحة المشتركة، ويتم تمويلها من خلال مصادر متعددة منها حصص الأعضاء والاشتراكات ومقابل الخدمات والقروض، وتتم إدارتها من خلال إدارة تشاركية وديموقراطية من أعضاء الجمعية، وهى المبادئ العامة التى يجب أن ترتكز عليها أى جهود للتطوير، ومن جانب الإطار التشريعي فإن وجود تشريع واحد أو تشريعات متعددة يحكمها مبادئ عامة واحدة، ووضوح وشمول اتساق توازن التشريعات تضمن حقوق أعضاء التعاونيات، كما يجب أن يضمن الإطار التشريعي حد أدني من التدخل الحكومي وأقصى درجة من اللامركزية وأقصى درجة من الديموقراطية.
واقترح المركز عددا من المقترحات لتحسين مسار الجهود الحالية وفقا للفلسفة المقترحة، وتتضمن تحديد الفجوة بين التعاونيات في مصر وأفضل الممارسات العالمية في نفس المجال، وتأجيل أي تعديل في الهيكل المؤسسي حتى يكتمل تحديد الفجوة بين مصر والعالم لأن الرؤية الحالية تحاول التحسين من خلال نفس المنظومة ومن نفس الجهات، مع عدم التوسع في أي نشاطات إضافية قبل الوصول إلى الشكل التشريعي والمؤسسي الذي يتوفر فيه المباديء السليمة لنموذج التعاونيات.
وأكد المركز أن تقييم الأداء يجب أن يكون من جهة خارجية تمثل الأعضاء وليس من داخل المنظومة حتي يكون تقييما واقعيا، واقترح عدم ربط الرؤية برؤية 2030 لأنها في إطار التحسين كما أن التعاونيات نموذجا اقتصاديا أي أداة وليست هدفا في حد ذاتها، وأن تحديد احتياجات الجمعيات، المنتجات، كيفية توزيعها وإدارتها مسبقا يتعارض مع أصل العمل التعاوني، مؤكدا أن وضع الهيكل التنظيمي لقطاعات التعاونيات وتحديد الجهات المشرفة والمديرة قبل إعداد التشريع وتحديد شكل العلاقة بين الأطراف وحدودها غير مجدي.
من جانبه عقب يوست جيجر مستشار الشؤون الاقتصادية بسفارة هولندا بالهند عبر زووم والذى عمل فى مصر سابقا، قائلا أن الجمعيات التعاونية جزءا لا يتجزأ من المجتمع الهولندى وانتشر كثيرا فى الستينات وتطور ليصبح شركات متعددة الجنسيات، مؤكدا أنها نظام ديمقراطي يحدد مؤسسوه أهدافه بإرادتهم ويديروه لتحقيق أهدافهم المشتركة، مشيرا إلى أن التعاونيات فى مصر يطبق عليها العديد من القوانين، ولكن فى هولندا فإن الأمر أبسط بكثير فمثلها مثل الشركات الخاصة ولكنها كيان قانوني يتم محاسبته وفق القانون، وهو النظام الأكثر عملية.
وأشار جيجر إلى أن دور الحكومة يجب أن يقتصر فقط على وضع القانون والنظام العام ولا يتدخل فى عمل الجمعيات واتخاذ القرارات الخاصة بها، مشيرا إلى تجربة إنشاء تعاونيات خاصة بالمياه والرى لم يكن لها أى دور فعال أو إيجابي فى توزيع المياه نتيجة للتدخل الحكومى وعدم قدرة الأعضاء على اتخاذ القرار، وهو ما يؤكد ضرورة استقلال الجمعيات التعاونية وأن تكون كيانا قانونيا مستقلا لديهم القوة لتحديد أهدافهم والعمل على تنفيذها دون تدخل حكومى.
من جانبه قال الدكتور شريف سامي رئيس هيئة الرقابة المالية سابقا، أن مصر كانت الأقدم فى المنطقة العربية والأفريقية فى إنشاء النظام التعاوني حيث تأسست أول تعاونية فى مصر عام 1907، وظلت التعاونيات تنمو وتزدهر حتى عام 1952 عندما حدث تحول فى دور الدولة، وتتنوع أنشطة التعاونيات ما بين الزراعية والصيد والإسكان وأخيرا التعليم، وتوسعت فى مصر الجمعيات الزراعية ثم التعاونيات الاستهلاكية التى تحولت إلى شركات قطاع أعمال، لافتا إلى أن التحول الاقتصادي والسياسي فى مصر جعل الجمعيات الحكومية تنظيمات حكومية موازية يستخدم كقنوات توزيع فيما يخص الزراعة والتموين، وأصابه الضمور والاضمحلال.
وأشار إلى تعدد القوانين المنظمة للتعاونيات والتى يوجد بها العديد من المواد المكررة، ولفت إلى أن وجود اتحاد مركزى عام لا يملك ولكن يتحكم فى الجمعيات النوعية ويحصل على جزء من الفوائض المالية لهذه الجمعيات يزيد من تسرب الأموال إلى جهات لا تضيف للمنظومة، وهو ما يتطلب إعادة النظر والتفكير فى أن يحل محلها كيان استشاري لا يحصل على أموال من الجمعيات، مطالبا بوضع قواعد مبسطة للتعاونيات صغيرة الحجم وتزيد مع زيادة حجم الأموال والأعمال لتحقيق الجانب الرقابي. وأكد أن التعاونيات من الأنشطة الغائبة تماما والتى تحتاج لتوعية كبيرة بها وبأهميتها.
وعلق النائب أكمل نجاتي عضو مجلس الشيوخ أمين سر لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، والذى تقدم بدراسة إلى مجلس الشيوخ لتفعيل دور التعاونيات فى مصر، أن أهم ما فى الدراسة هو الفلسفة والرؤية، فالتعاونيات فى مصر تقتصر على 6 أنواع ليس منها التعاونيات المتنوعة والتى يمكنها المساهمة فى تعظيم دور سلاسل الإنتاج وهو أحد أهم الأنواع الموجودة فى عدد من الدول، مؤكدا على ضرورة أن تتمتع التعاونيات بديمقراطية الإنشاء وضمان عدم التدخل الحكومى إلا فى حالة الدعم سواء المالي أو منح حوافز ضريبية، وأن تخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات فى السنة التى تتلقى فيها دعم حكومى.
وأكد نجاتي أن التشريع الموحد الذى يسعى الاتحاد التعاوني لتمريره من خلال الحوار الوطني قانون قديم تم إعداده منذ عام 2012 وهو يحتاج إلى مراجعة، لافتا إلى أنه ليس لدينا قاعدة معلومات متكاملة للتعاونيات، وهى أمور يجب أن تتم داعيا لضرورة قياس الأثر المجتمعي للتعاونيات.
واقترح نجاتى إنشاء وحدة تضع القواعد العامة لمراجعة الحسابات كما يتم مع الشركات، وهذا ليس تدخلا فى حرية التعاونيات ولكن لضمان التنظيم والرقابة، لافتا إلى وجود جدل كبير حول قواعد الترشح فى التعاونيات خاصة ما يتعلق بالمدد المفتوحة وهى غير منطقية وأدت إلى تقادم المنظومة ومقاومة الجمعيات للتغيير حيث أن هناك جمعيات يرأسها نفس الأشخاص منذ نحو 40 عاما.
وأكد نجاتى أن عمل نماذج جديدة للتعاونيات فى مصر ستحقق فكرة الإزاحة وهى من خلال إضافة أنشطة جديدة ومتنوعة بمنظومة جديدة وهو ما سيزيح القائم وسيغير المنظومة.
وشددت الدكتورة عبلة عبد اللطيف على الحاجة إلى نموذج جديد ومنظومة جديدة للتعاونيات فى مصر، لافتة إلى وجود بادرة أمل لإصلاح المنظومة وهو ما يجب أن يتم وفق فلسفة ورؤية تحقق الهدف الحقيقي للتعاونيات كنموذج اقتصادي هام فى دعم التنمية وتحقيق الاستقلالية والرقابة دون تدخل الحكومة فى عملها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مال واعمال اخبار مصر القطاع التعاوني الجمعیات التعاونیة دعم التنمیة عبد اللطیف العدید من إلى وجود من خلال یجب أن إلى أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
«البيئة» تستعرض أهداف تحقيق التنمية المستدامة.. أحد محاور COP29
التنمية المستدامة، محور من القضايا الرئيسية المقرر مناقشتها خلال جلسات مؤتمر المناخ COP29، الذي انطلق أمس في مدينة باكو، عاصمة أذربيجان، وهى الدولة المستضيفة لهذه النسخة من المؤتمر، ويستمر حتى 22 نوفمبر الجاري، بمشاركة واسعة من الدول.
ووفقا لتقرير رسمي لوزارة البيئة، تستهدف التنمية المستدامة تحقيق عدد من المحاور الهامة، والتى جاءت كالتالي:
أهداف تحقيق التنمية المستدامة- تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات.
- ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة.
- ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة.
- تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع.
- ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة.
- اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغيّر المناخ وآثاره.
- حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة.
- حماية النظم الإيكولوجية البرّية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
- إقامة بُنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع المستدام الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار.
- الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينه.
- جعْل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة.
- التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمّش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات.
- تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
- القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان.
- القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة.
- ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار.
- ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع.