تقارب إيران والسودان.. هل يغير فرص وتحديات الجغرافيا السياسية الإقليمية؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
يعد الشرق الأوسط منطقة استراتيجية تربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتتمتع بموارد طبيعية كبيرة، خاصة النفط والغاز، كما أنها مصدرا للصراعات والأزمات المختلفة التي تشكل تهديدا للسلام الإقليمي والعالمي.
تتناول آشيورايا بروما في مقالها بموقع "مودرن ديبلوماسي"، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، التغيير في سياسات الشرق الأوسط، والذي يمكن أن يشكل التحولات الاجتماعية والسياسية لشعوب ومجتمعات المنطقة، فضلا عن علاقاتهم مع المناطق الأخرى.
وبهذا يكون التقارب بين إيران والسودان وفق المقال، قد جلب ديناميكية جديدة إلى سياسة الشرق الأوسط. فالدولتان كانتا حليفتان منذ انقلاب 1989 الذي أتى بعمر البشير إلى السلطة، لكن علاقاتهما توترت بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية في الخرطوم، والعقوبات الأمريكية على البلدين، والتنافس الإقليمي مع السعودية ومصر.
ولذلك يضيف التقارب بين إيران والسودان في عام 2023 بعدًا جديدًا للجغرافيا السياسية الإقليمية في الشرق الأوسط من حيث تعزيز طهران وجودها في المنطقة، كما تكسب الخرطوم كحليف استراتيجي وبوابة محتملة لأفريقيا.
واندلعت الحرب الأهلية في السودان حاليًا في أبريل/نيسان 2023 بعد محاولة انقلاب فاشلة قام بها فصيل من الجيش ضد الحكومة الانتقالية التي حلت محل البشير في عام 2019، وقد أثر عدم الاستقرار والصراع في كلا البلدين على سياساتهما الداخلية والخارجية.
اقرأ أيضاً
هل تحسم شراكة تركية إيرانية صراع السودان؟
ويشير المقال إلى أن إيران تواجه تحديات داخلية، مثل الاحتجاجات والفساد والتضخم والأزمات البيئية. كما شاركت في صراعات إقليمية، مثل الحرب في اليمن، والحرب الأهلية في سوريا، والتوترات مع إسرائيل، والمواجهة النووية مع الولايات المتحدة.
ووفقا للمقال، يشهد السودان مرحلة انتقالية سياسية منذ الإطاحة بالبشير في عام 2019، لكن العملية تعطلت بسبب انقلاب عسكري في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
ويواجه السودان أيضًا أزمات إنسانية، مثل انعدام الأمن الغذائي والنزوح والعنف في دارفور ومناطق أخرى.
وتعتقد الكاتبة أنه من خلال استعادة العلاقات مع السودان، تستطيع إيران توسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي، فضلاً عن قدرتها على الوصول إلى الموارد الطبيعية والأسواق.
ويمكن للخرطوم أيضًا أن تكون بمثابة ثقل موازن للسعودية ومصر، اللتين كانتا معاديتين لطهران ودعمتا قوى المعارضة في الحرب الأهلية في السودان، وقد شكل هذا تحديًا للتحالف الذي تقوده المملكة في المنطقة، والذي يحاول احتواء إيران وحلفائها.
وقد شكلت السعودية وشركاؤها، مثل الولايات المتحدة والبحرين وإسرائيل، كتلة لمواجهة طموحات إيران الإقليمية وتعزيز مصالحها.
وتنوه الكاتبة إلى أنه من الممكن أن يؤدي التقارب بين إيران والسودان إلى تقويض جهودهما وخلق تهديدات أمنية جديدة لهما. على سبيل المثال، يمكن للخرطوم أن توفر لطهران إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهما أمران حيويان لصادرات النفط السعودية.
الولايات المتحدة
وترى الكاتبة أنه بينما أدى التغير في نظرة الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط إلى تقليص مشاركتها ونفوذها في المنطقة، فقد خلق التغيير في سياسة الولايات المتحدة مساحة أكبر للجهات الفاعلة الإقليمية لتحقيق مصالحها ومبادراتها دون تدخل أو ضغوط خارجية.
وتشير إلى أن اهتمام إيران بساحل السودان على البحر الأحمر مدفوع بشكل أساسي بأهدافها الاستراتيجية والاقتصادية، حيث تريد تعزيز نفوذها في المنطقة، وقررت إرسال دعم عسكري للجيش السوداني في عام 2023، عقب محادثات بين وزيري خارجية البلدين في يوليو/تموز الماضي.
وترغب إيران بتأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهما أمران حيويان لصادراتها النفطية وتجارتها البحرية.
اقرأ أيضاً
مع السعودية ومصر والسودان.. الدبلوماسية الإيرانية تحقق اختراقات هامة (إطار)
وتوجد أساطيل إيران البحرية في بورتسودان منذ عقود؛ مما أثار استياء السعودية، التي تقع مقابل المدينة على الجانب الآخر من الممر المائي.
كما تريد إيران توسيع علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الدول الأفريقية الأخرى، خاصة مع مشاركة الصين كوسيط، ومن الممكن أن يساعد بذلك الدور الذي تلعبه بكين في الحد من التوترات والعنف في المنطقة، فضلا عن تعزيز قدر أكبر من التكامل والتعاون.
وفيما تدعم الولايات المتحدة التحول الديمقراطي في السودان، وقد رفعت بعض العقوبات التي فرضت على البلاد بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان ودعمها للإرهاب، كانت واشنطن تأمل في استخدام نفوذها في الخرطوم لتعزيز مصالحها وقيمها في المنطقة، مثل تعزيز السلام والاستقرار، ومكافحة التطرف، وحل الصراعات في جنوب السودان ودارفور وإثيوبيا.
لكن، برأي الكاتبة، يمكن للتقارب بين إيران والسودان أن يقوض هذه الجهود ويضعف الموقف الأمريكي.
وقد أدى ذلك إلى زيادة التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في المنطقة، حيث تواجه إيران وحلفاؤها الأكثر حزماً ومرونة، وتخضع طهران والخرطوم لعقوبات أمريكية بسبب دعمهما المزعوم للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان والأنشطة النووية.
وأعاقت العقوبات الفرص التجارية والاستثمارية، فضلاً عن قدرة إيران على استيراد السلع والخدمات الأساسية. وكانت الولايات المتحدة تنتهج سياسة ذات مسار مزدوج تقوم على الضغط والدبلوماسية مع طهران بشأن برنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية.
اقرأ أيضاً
بعد قطيعة دبلوماسية امتدت لـ7 سنوات.. لقاء بين وزيري خارجية إيران والسودان
فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على إيران ووكلائها، مثل حزب الله وحماس والحوثيين، ودعمت حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الإيرانية، وسعت إلى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية والحد من نفوذها في المنطقة.
ومع ذلك، فإن التقارب بين إيران والسودان يمكن أن يعقد هذه الأهداف ويزيد من مخاطر المواجهة.
ومن منظور إقليمي، شكلت السعودية وآخرون، مثل الإمارات والبحرين وإسرائيل، تحالفًا لمواجهة طموحات إيران الإقليمية وتعزيز مصالحها، وقد عرضت المملكة مساعدات اقتصادية وعسكرية للسودان ودول أفريقية أخرى، مثل جيبوتي والصومال، مقابل قطع العلاقات مع طهران.
وفي السابق، كان السودان مساهمًا رئيسيًا في التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن منذ عام 2015، لكن مشاركته كانت مثيرة للجدل ومكلفة للشعب السوداني.
ومكّن تخفيف التوترات بين الرياض وطهران، الأخيرة من استعادة العلاقات مع بعض الدول العربية ذات القيادة السنية، والتي كانت في السابق متحالفة مع السعودية ضد إيران، مثل السودان وعمان والعراق وقطر.
اقرأ أيضاً
إيران تشكر السعودية على جهودها في إجلاء رعاياها من السودان
الإمارات ومصر
تعتقد الكاتبة أن وجود إيران يتحدى نفوذ الإمارات ومصر في السودان، اللتين تدعمان الحكومة الانتقالية التي يقودها الجيش منذ الإطاحة بالبشير في عام 2019.
وتشعر الإمارات ومصر بالقلق من وجود إيران في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وسعتا إلى الحد من وصولها إلى الموانئ وطرق التجارة في المنطقة، وتعتقد الكاتبة أيضا أن التقارب بين الخرطوم وطهران من الممكن أن يؤدي إلى تقويض جهودهما وخلق المزيد من المنافسة على الموارد والنفوذ في السودان.
ويختتم المقال باعتبار التقارب بين السودان وإيران قد يحدث تغييراً في سياسات الشرق الأوسط يمكن أن يغير ميزان القوى والمصالح بين هذه الجهات الفاعلة، ويخلق فرصاً أو تحديات جديدة للحوار والشراكة.
المصدر | آشيورايا بروما / مودرن ديبلوماسي – ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران السعودية مصر الولايات المتحدة السودان الولایات المتحدة الشرق الأوسط البحر الأحمر فی المنطقة فی السودان اقرأ أیضا نفوذها فی فی عام
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يلتقي بمُديري مكاتب الأمم المتحدة الإقليمية في القاهرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقد د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة اليوم الثلاثاء لقاءً مع مديري مكاتب الأمم المتحدة الإقليمية في القاهرة، أعرب خلاله على حرص مصر، كإحدي الدول المؤسسة للأمم المتحدة، على التمسك بمبادئ ميثاق المنظمة، وهي المبادئ التي ارتكزت عليها السياسة الخارجية المصرية، مؤكداً على الدور الذي ينبغى على الأمم المتحدة ان تلعبه في حفظ السلم والأمن الدوليين ودعم التنمية المستدامة، منوهاً الي الدور المصرى الريادي الذي لعبته تحت مظلة الأمم المتحدة وضمن أجهزتها الرئيسية علي مدار العقود الماضية.
واستعرض الوزير عبد العاطي الأزمات والصراعات الخطيرة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها غزة والسودان وليبيا ولبنان، فضلاً عن التحديات الاقتصادية والبيئية والغذائية والصحية المتعددة. وأشار الى أن تلك التحديات جعلت المنطقة من أكثر المناطق احتياجاً للدعم الإنساني والإنمائي والإقتصادي، وهو الأمر الذي تزداد معه أهمية دور المكاتب الإقليمية في توجيه المساعدات الإنسانية وتكثيف البرامج الإنمائية، ويحتم تضافر الجهود لمساعدة دول المنطقة وشعوبها على مواجهة تلك الأزمات، والدفع بأولوياتها الوطنية وفقاً لاحتياجاتها، أخذاً في الاعتبار التباين في مستويات التنمية الاقتصادية بين دول المنطقة.
في سياق متصل، أكد الوزير عبد العاطي على الدور المحوري الذي تضطلع به مصر في محيطها الإقليمي، مشيراً إلى ان شراكة مصر طويلة الأمد مع المنظمة الأممية، واستضافتها لمقار المنظمات الإقليمية يبرهن على دورها الإقليمي الفاعل، مؤكداً حرص الحكومة المصرية على توفير كافة سبل الدعم للمكاتب الأممية بالقاهرة والبرامج والأنشطة التي تقوم بتنفيذها. ودار حوار تفاعلي بين السيد وزير الخارجية ورؤساء المكاتب الأممية استمع فيه إلي رؤية رؤساء المكاتب لآفاق التعاون المستقبلي بين مصر والمنظمة الأممية ووكالاتها المتخصصة.
شارك في اللقاء المهندس خالد عباس رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، حيث استعرض المزايا والإمكانات التي تتمتع بها العاصمة الإدارية، والاستعداد لتقديم التسهيلات اللازمة لمساعدة المنظمات الأممية في عملية الانتقال إلي المقر الموحد الذي خصصته الشركة لكافة المنظمات والوكالات الأممية العاملة في مصر.