صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-06@14:00:48 GMT

أمريكا والمثقفون وتغيير الأجندات

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

أمريكا والمثقفون وتغيير الأجندات

أمريكا والمثقفون وتغيير الأجندات

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أغلبية عناصر المؤتمر الوطني لا يعترفون بأن ثورة ديسمبر هي ثورة قام بها الشعب السوداني وفقاً لقناعته، أن الإنقاذ قد استنفدت أغراضها ويجب أن يتغير، معنى ذلك أن الوعي السياسي قد اكتمل وسط الجماهير، ويعتقدون أن الثورة مصنوعة من قبل بعض الدول التي لها مصالح في السودان، ولذلك هذه الدول قد استخدمت عدداً من القوى السياسية وبعض العناصر التابعين للنظام السابق.

الهدف من هذا القول هو التشكيك في قدرة الجماهير ووعيها، وأيضاً يريدون القول إن النظام سقط بمؤامرة خارجية تعاونت معهم بعض العناصر الداخلية، هذا القول محاولة لمحو كلمة الضعف وأن النظام قد وصل مرحلة الانهيار، مثل هذا القول يؤكد أن عناصر النظام السابق عاجزون عن نقد تجربتهم، وأن مشروعهم السياسي الاجتماعي قد فشل تماماً، وبالتالي هم في حاجة إلى مراجعة التجربة، وممارسة النقد وليس التبرير، والبحث عن مسببات غير واقعية.

هذا السقوط بالضرورة يتطلب قيادات جديدة ذات رؤى جديدة، إذا كانت بعض عناصر النظام السابق تريد أن تعود للساحة السياسية.

الإدارة الأمريكية والدول الغربية كانت محتفية بالثورة وبسلميتها، وكانوا يعتقدون أن القوى السياسية وخاصةً الجديدة تعلموا من التجارب السابقة وقادرين أن يوصلوا سفينة التغيير إلى الشاطئ بسلام، إذا استطاعت الدول أن تقدم لهم المساعدات المطلوبة.

كانت أول أخطاء الحكومة الأولى أن تقبل دفع تعويضات تقدر بـ350 مليون دولار للإدارة الأمريكية عن التفجيرات التي كانت قد حدثت في عهد الإنقاذ لضحايا التفجيرات في كل من نيروبي ودار السلام، رغم عدم أي إدانة للسودان في هذه القضية، وقد اشترت الحكومة الدولارات من السوق الأسود، والذي تسبب في رفع قيمة الدولار مقابل الجنية أكثر من ثلاثة أضعاف.

القضية الأخرى؛ أن النخب الجديدة نشب بينها صراع وخلافات أدى إلى انسحاب البعض من إدارة الأزمة، ثم دب الخلاف بين المكون العسكري والمدني، وأرادت الولايات المتحدة أن تعالج حالة التصدع ولكنها فشلت، ثم راهنت على البعض، وأيضاً فشلت أن توصل الجميع للنقطة التي تريد، الأمر الذي تسبب في الحرب. كان الاعتقاد أنها بداية تغيير على أسس جديدة، لكن تغيرت المعادلة.

تعلم الولايات المتحدة والدول الغربية والإمارات والسعودية وموسى فكي وابن لباد كيف سارت الأطراف نحو الحرب، وأيضاً يعلمون من الذي بدأ الحرب، وأيضاً كانت الفكرة أن تكون حكومة منفى، ويعترف بها هؤلاء، وأمريكا لم تكن بعيدة عن كل الذي يجري، ولكن انحراف ميليشيا الدعم ودخولها بيوت المواطنين، وممارستها لعمليات النهب والسرقة والاغتصابات قد خلقت واقعاً جديداً، كان يمكن أن يغض الطرف عنه لولا التقرير الصحفي لقناة (CNN) الذي كتبته الصحفية السودانية القديرة نعمة الباقر أحمد عبد الله، وبموجب هذا التقرير أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية إدانة لميليشيا الدعم السريع، ثم تبعتها بقية المنظمات العالمية، كل ذلك أدى لتغيير المعادلة السياسية خاصةً بعد خروج الجماهير تنادي بموقف مؤيد للجيش، هذا التحول كان لابد لأمريكا أن تدرس الحالة السودانية من جديد، ووقع انقلاب النيجر الذي جعل ملف السودان ينقل من وزارة الخارجية إلى الرئاسة الأمريكية، خاصة أن المنطقة الأفريقية بدأ فيها الصراع الاستراتيجي يأخذ عمقاً، والقضية عند الإدارة الأمريكية ترتبط بمصالحها والرهان عليها، والميليشيا موجودة كآلات عسكرية وانتشار لمقاتلين دون هدف سياسي، وبعد ما غابت قيادتهم مركز الرهان. فكان على الولايات المتحدة أن تبحث عن مركز القوة في ملعب التنافس الذي تراهن عليه، ومال جانبها دون أن تفصح عن ذلك، وخرجت بعقوبات على القائد الثاني للميليشيا، الأمر الذي يؤكد أنها قد حسمت موقفها تماماً من الصراع الدائر في السودان، حتى لا تفقد السودان كموقع إستراتيجي هام يربط بين شرق وغرب أفريقيا.

عندما تتغير الأحداث والمعادلة السياسية، لابد أن تكون هناك وقفة من أجل المراجعة. وخاصة وسط المثقفين السودانيين، ومراجعة أفكارهم، ليس بهدف رفع راية التسليم، ولكن المعادلة تحتاج لرؤى وأفكار جديدة، مشكلة المثقفين السودانيين أنهم يعتقدون أن قراءتهم لا يصيبها الوهن وتحتاج لمراجعة، وربما تكون محكومة بعوامل الولاءات، وهي ثقافة خلقها الصراع الصفري بين الأيديولوجيات المختلفة. وهي تعتبر المقدسات التي يجب الكل أن يركع لها، لكن الدول ذات الفلسفة البراجماتية تنظر للتغيير من جانب المصالح ليس غير. وتتغير مواقفها وفقا لمصالحها، والسؤال ما هي مصالح القوى المثقفة السودانية وفقاً لكل المتغيرات؟ هي عاجزة عن طرح الأسئلة على نفسها لأنها متأكدة أنها عاجزة على الإجابة. هي تعرف غير تقديس ثقافة بالية تتكئ على مقدسات شعارات قيادات تاريخية أصابها العقم السياسي. هذه الحالة التي لا تتغير مع كل تغيير سياسي يحدث في البلاد. كل مرة يبدأ الرجوع للخلف. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

الوسومأمريكا الجيش الدعم السريع القوى المدنية المثقفون حرب السودان زين العابدين صالح عبد الرحمن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا الجيش الدعم السريع القوى المدنية حرب السودان

إقرأ أيضاً:

مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يعلن وقف أمريكا دعمها الاستخباراتي لأوكرانيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جون راتكليف اليوم الأربعاء وقف الولايات المتحدة للتعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا؛ وسط توترات بين البلدين بعد مشادة بين زعيمي البلدين في البيت الأبيض، وذلك للضغط على حكومتها للتعاون مع خطط إدارة ترامب لإنهاء الحرب في البلاد مع روسيا.

وأشاد راتكليف بتصريح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الثلاثاء الذي "مدح" فيه الرئيس ترامب، وأصر على أنه يدعم السلام مع روسيا، مضيفا أن مشاركة الاستخبارات ستستأنف، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وقال راتكليف: "أصدر الرئيس زيلينسكي بيانا قال فيه: أنا مستعد للسلام وأريد قيادة الرئيس دونالد ترامب لتحقيق هذا السلام؛ لذا أعتقد أنه على الجبهة العسكرية وجبهة الاستخبارات؛ فإن التوقف الذي تسبب في ذلك سيزول، وأعتقد أننا سنعمل جنبا إلى جنب مع أوكرانيا كما فعلنا، لدفع العدوان الذي يحدث هناك".

وبعد أن أمر ترامب بتعليق المساعدات العسكرية أمس، اختلف المسئولون حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تستمر في مشاركة الاستخبارات. وقال أحد المسئولين إن جميع المعلومات الاستخباراتية التي لا تتعلق مباشرة بحماية القوات الأوكرانية قد تم تعليقها. بينما قال مسئول آخر إن هذا الاستثناء يشمل معظم مشاركة الاستخبارات، وأن المعلومات لا تزال تتدفق إلى القوات الأوكرانية.

وقال راتكليف إن ترامب طلب تعليق مشاركة المعلومات الاستخباراتية. وتشير تعليقاته إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية قد أوقفت على الأقل بعض مشاركتها للمعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا لفترة قصيرة.

مقالات مشابهة

  • الوكالة الأمريكية للمساعدات (USAID) والتدريب على الديمقراطية
  • الخارجية الأمريكية: محاولات تشكيل حكومة موازية في السودان لايسهم في تحقيق الاستقرار والأمن بالبلاد
  • مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يعلن وقف أمريكا دعمها الاستخباراتي لأوكرانيا
  • الضرائب الأمريكية تخطط لخفض نصف موظفيها
  • التحالفات السياسية في العراق: هل هي لعبة جس نبض أم تحركات حاسمة؟
  • أمريكا ترفض خطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها قمة القاهرة
  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • شرق النيل كانت بمثابة أرض ميعاد الدعم السريع
  • سياسي إرتيري: اليمن كسر الهيمنة الأمريكية وأثبت قدرة الشعوب على المواجهة
  • لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟