صحيفة التغيير السودانية:
2024-10-03@06:17:46 GMT

أمريكا والمثقفون وتغيير الأجندات

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

أمريكا والمثقفون وتغيير الأجندات

أمريكا والمثقفون وتغيير الأجندات

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أغلبية عناصر المؤتمر الوطني لا يعترفون بأن ثورة ديسمبر هي ثورة قام بها الشعب السوداني وفقاً لقناعته، أن الإنقاذ قد استنفدت أغراضها ويجب أن يتغير، معنى ذلك أن الوعي السياسي قد اكتمل وسط الجماهير، ويعتقدون أن الثورة مصنوعة من قبل بعض الدول التي لها مصالح في السودان، ولذلك هذه الدول قد استخدمت عدداً من القوى السياسية وبعض العناصر التابعين للنظام السابق.

الهدف من هذا القول هو التشكيك في قدرة الجماهير ووعيها، وأيضاً يريدون القول إن النظام سقط بمؤامرة خارجية تعاونت معهم بعض العناصر الداخلية، هذا القول محاولة لمحو كلمة الضعف وأن النظام قد وصل مرحلة الانهيار، مثل هذا القول يؤكد أن عناصر النظام السابق عاجزون عن نقد تجربتهم، وأن مشروعهم السياسي الاجتماعي قد فشل تماماً، وبالتالي هم في حاجة إلى مراجعة التجربة، وممارسة النقد وليس التبرير، والبحث عن مسببات غير واقعية.

هذا السقوط بالضرورة يتطلب قيادات جديدة ذات رؤى جديدة، إذا كانت بعض عناصر النظام السابق تريد أن تعود للساحة السياسية.

الإدارة الأمريكية والدول الغربية كانت محتفية بالثورة وبسلميتها، وكانوا يعتقدون أن القوى السياسية وخاصةً الجديدة تعلموا من التجارب السابقة وقادرين أن يوصلوا سفينة التغيير إلى الشاطئ بسلام، إذا استطاعت الدول أن تقدم لهم المساعدات المطلوبة.

كانت أول أخطاء الحكومة الأولى أن تقبل دفع تعويضات تقدر بـ350 مليون دولار للإدارة الأمريكية عن التفجيرات التي كانت قد حدثت في عهد الإنقاذ لضحايا التفجيرات في كل من نيروبي ودار السلام، رغم عدم أي إدانة للسودان في هذه القضية، وقد اشترت الحكومة الدولارات من السوق الأسود، والذي تسبب في رفع قيمة الدولار مقابل الجنية أكثر من ثلاثة أضعاف.

القضية الأخرى؛ أن النخب الجديدة نشب بينها صراع وخلافات أدى إلى انسحاب البعض من إدارة الأزمة، ثم دب الخلاف بين المكون العسكري والمدني، وأرادت الولايات المتحدة أن تعالج حالة التصدع ولكنها فشلت، ثم راهنت على البعض، وأيضاً فشلت أن توصل الجميع للنقطة التي تريد، الأمر الذي تسبب في الحرب. كان الاعتقاد أنها بداية تغيير على أسس جديدة، لكن تغيرت المعادلة.

تعلم الولايات المتحدة والدول الغربية والإمارات والسعودية وموسى فكي وابن لباد كيف سارت الأطراف نحو الحرب، وأيضاً يعلمون من الذي بدأ الحرب، وأيضاً كانت الفكرة أن تكون حكومة منفى، ويعترف بها هؤلاء، وأمريكا لم تكن بعيدة عن كل الذي يجري، ولكن انحراف ميليشيا الدعم ودخولها بيوت المواطنين، وممارستها لعمليات النهب والسرقة والاغتصابات قد خلقت واقعاً جديداً، كان يمكن أن يغض الطرف عنه لولا التقرير الصحفي لقناة (CNN) الذي كتبته الصحفية السودانية القديرة نعمة الباقر أحمد عبد الله، وبموجب هذا التقرير أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية إدانة لميليشيا الدعم السريع، ثم تبعتها بقية المنظمات العالمية، كل ذلك أدى لتغيير المعادلة السياسية خاصةً بعد خروج الجماهير تنادي بموقف مؤيد للجيش، هذا التحول كان لابد لأمريكا أن تدرس الحالة السودانية من جديد، ووقع انقلاب النيجر الذي جعل ملف السودان ينقل من وزارة الخارجية إلى الرئاسة الأمريكية، خاصة أن المنطقة الأفريقية بدأ فيها الصراع الاستراتيجي يأخذ عمقاً، والقضية عند الإدارة الأمريكية ترتبط بمصالحها والرهان عليها، والميليشيا موجودة كآلات عسكرية وانتشار لمقاتلين دون هدف سياسي، وبعد ما غابت قيادتهم مركز الرهان. فكان على الولايات المتحدة أن تبحث عن مركز القوة في ملعب التنافس الذي تراهن عليه، ومال جانبها دون أن تفصح عن ذلك، وخرجت بعقوبات على القائد الثاني للميليشيا، الأمر الذي يؤكد أنها قد حسمت موقفها تماماً من الصراع الدائر في السودان، حتى لا تفقد السودان كموقع إستراتيجي هام يربط بين شرق وغرب أفريقيا.

عندما تتغير الأحداث والمعادلة السياسية، لابد أن تكون هناك وقفة من أجل المراجعة. وخاصة وسط المثقفين السودانيين، ومراجعة أفكارهم، ليس بهدف رفع راية التسليم، ولكن المعادلة تحتاج لرؤى وأفكار جديدة، مشكلة المثقفين السودانيين أنهم يعتقدون أن قراءتهم لا يصيبها الوهن وتحتاج لمراجعة، وربما تكون محكومة بعوامل الولاءات، وهي ثقافة خلقها الصراع الصفري بين الأيديولوجيات المختلفة. وهي تعتبر المقدسات التي يجب الكل أن يركع لها، لكن الدول ذات الفلسفة البراجماتية تنظر للتغيير من جانب المصالح ليس غير. وتتغير مواقفها وفقا لمصالحها، والسؤال ما هي مصالح القوى المثقفة السودانية وفقاً لكل المتغيرات؟ هي عاجزة عن طرح الأسئلة على نفسها لأنها متأكدة أنها عاجزة على الإجابة. هي تعرف غير تقديس ثقافة بالية تتكئ على مقدسات شعارات قيادات تاريخية أصابها العقم السياسي. هذه الحالة التي لا تتغير مع كل تغيير سياسي يحدث في البلاد. كل مرة يبدأ الرجوع للخلف. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

الوسومأمريكا الجيش الدعم السريع القوى المدنية المثقفون حرب السودان زين العابدين صالح عبد الرحمن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا الجيش الدعم السريع القوى المدنية حرب السودان

إقرأ أيضاً:

وزير الإعلام : تصريحات المدعو نصر الله حول مأرب كشفت عن حجم المؤامرة التي كانت تستهدف هذه المحافظة البطلة

قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني "أن قلعة الصمود والتحدي وحصن اليمن الحصين محافظة مأرب بقيادة سيادة اللواء البطل سلطان العرادة عضو مجلس القيادة الرئاسي، واصطفاف قبائلها، ومشائخها، ونخبها، ومثقفيها، وسياسييها، واعلامييها، وكل رجالها الاوفياء، كانت ولازالت وستظل عصية على مليشيا الحوثي الإرهابية، ومنطلق لتطهير كل التراب اليمني من رجس الشرذمة الدموية".

واضاف معمر الارياني في تصريح صحفي "ان تصريحات المدعو حسن نصر الله زعيم مليشيا حزب الله اللبناني حول ‎مأرب تكشف عن الحقد الدفين وحجم المؤامرة التي كانت تستهدف هذه المحافظة البطلة، وكيف حيكت الكثير من المؤامرات والدسائس ضد هذه المحافظة الباسلة، بهدف كسر صمودها وتشويه صورة الجيش الوطني الباسل، إلا أن جميع تلك المخططات باءت بالفشل بفضل بطولات رجال الجيش الوطني والمقاومة، الذين اجترحوا ملاحم النصر بكل شرف وإباء.

وأشار الارياني الى ان محور الشر الإيراني ومعه مليشياته الإرهابية ممثلة بحزب الله اللبناني ومليشيا الحوثي الارهابية، بذلوا كل الجهود الخبيثة وسخروا كل الإمكانيات من خبراء وأسلحة متطورة وأدوات الفوضى والخراب في محاولاتهم اليائسة لاختراق وإسقاط محافظة مأرب، وكانوا يعتقدون أن هذه المدينة الشامخة ستكون فريسة سهلة، ولكنهم اصطدموا بجدار منيع من البطولة والإصرار، رسمه الأبطال المخلصون من أبناء الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل، وفشلت كل محاولاتهم الخبيثة أمام صلابة الموقف الوطني وشجاعة الرجال الذين حوّلوا مأرب إلى حصن لا يُقهر.

وترحم الارياني على أرواح الشهداء الأبطال الذين بذلوا أرواحهم فداء للوطن، وقدموا أنفسهم في أبهى صور التضحية والفداء، وكانوا ولا يزالون رمزا للصمود والعزة.

واضاف: "نستذكرهم اليوم وكل يوم، ونتعهد بأن دماءهم الزكية لن تذهب هدرا، فهي التي أرست أسس النصر وحررت الأرض من براثن مليشيا الغدر والخيانة، هؤلاء الشهداء سيظلون في ذاكرة الوطن أبد الدهر، وسيبقى الوطن مديناً لهم بالحرية والكرامة التي تم تحقيقها بفضل تضحياتهم".

وثمن الارياني تثمينا عالياً الموقف الاخوي الصادق من التحالف العربي بقيادة الأشقاء في المملكة العربية السعودية، الذين ساندوا اليمن في أصعب اللحظات، وقدموا الدعم المتواصل واللامحدود للحكومة والشعب اليمني في مختلف المجالات، وامتزجت دمائهم الزكية مع إخوانهم في الجيش الوطني والمقاومة، تجسيداً للعلاقات الاستثنائية ووحدة المصير والروابط الأخوية الراسخة بين البلدين والشعبين الجارين والشقيقين وما يجمعهم من اواصر الجوار والتاريخ والقربى والنسب.

 

مقالات مشابهة

  • طارق العوضي: لقاء رئيس الوزراء مع القوى السياسية خطوة تاريخية نحو التعاون والشراكة الوطنية
  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها
  • نبارك الرد الإيراني الذي طال بضربة قاصِمة على رؤوس الاحتلال المُجرم
  • الإرث الاستعماري للدولة السودانية وطبيعة تكوين النخب السياسية: دراسة تاريخية تحليلية
  • الشاعر المفكر الذي غادرعلى أجنحة الهوية
  • وزير الإعلام : تصريحات المدعو نصر الله حول مأرب كشفت عن حجم المؤامرة التي كانت تستهدف هذه المحافظة البطلة
  • ليست ”أمريكا وبريطانيا وإيران”.. محلل سياسي: هذا الذي يمنع تحرير صنعاء!
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان
  • نائب حسن نصر الله يكشف أسماء القيادات التي كانت مع الأخير ولقيت مصرعها بعملية الاغتيال بضاحية بيروت الجنوبية