لجريدة عمان:
2024-09-19@06:13:22 GMT

أمريكا تخون أطفالها مرة أخرى

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

ظللت أكتب عن الاقتصاد والسياسة لسنوات عديدة. وتعلمت في أثناء ذلك ضبط مشاعري. فالساسة وواضعو السياسات كثيرا ما يتخذون قرارات هي ببساطة قاسية. وأيضا كثيرا ما يتخذون قرارات غبية تضر بالمصلحة الوطنية دون سبب وجيه. وكثيرا جدا ما يتخذون قرارات قاسية وغبية معا. ومن المُنهِك أن تستشيط غضبا في كل مرة يحدث فيها ذلك.

لكن أحدث تقرير إحصائي عن أوضاع الدخل والفقر أثار غضبي. لقد بيَّن أن معدل فقر الأطفال في الولايات المتحدة ارتفع إلى أكثر من الضعف بين 2021 و2022. أي أن 5.1 مليون طفل دُفعوا إلى دائرة الشقاء.

حقا إنه لشقاء أن تكون فقيرا في أمريكا. لكن الشيء المهم، هذا ما كان ينبغي له أن يحدث. فتزايد فقر الأطفال في الولايات المتحدة لم يتسبب فيه التضخم أو أي مشاكل أخرى لها صلة بالاقتصاد الكُلِّي. بل كان خيارا سياسيا.

الحكاية في الحقيقة بسيطة جدا. فالجمهوريون وحفنة من الديمقراطيين المحافظين قطعوا الطريق أمام تمديد سريان البرامج الفيدرالية التي قللت بشدة من فقر الأطفال خلال العامين الماضيين. نتيجة لذلك فُقِدَت كل المكاسب التي سبق أن تحققت.

قسوة هذا الخيار يجب أن تكون واضحة. ربما تعتقد وهذا خطأ أن الأمريكيين الفقراء البالغين مسؤولون عن فقرهم. لكن حتى إذا اعتقدت ذلك لا يمكن تحميل الأطفال مسؤولية فقر ذويهم.

(حسب بعض التعريفات فقر الأطفال يُقصَد به الوضع الذي ينشأ فيه الطفل بدون أو بقدر محدود من الموارد الضرورية التي يحتاجها لبقائه ونموه من طعام وعناية طبية وبيئة صحية وتعليم ومأوى- المترجم)

ربما يساورك القلق من أن مساعدة العائلات المنخفضة الدخل ستُضعف دافعَها إلى العمل وتحسين مستوياتها المعيشية. مثل هذه المخاوف تنطوي على قدر كبير من المبالغة. لكن حتى إذا شعرت بالقلق من تأثير المساعدات (السلبي) على حافز العمل هل هذا التأثير كبير بما يكفي لتبرير الإبقاء على فقر الأطفال؟

لماذا أقول خيار السياسة هذا كان غبيًا وأيضًا قاسيًا؟ أقول ذلك لسببين.

أولا: كان من الممكن أن يكلف تجنب قدر كبير من هذه الكارثة البشرية مبلغا «قليلا» على نحو لافت.

ثانيا: فقر الأطفال في الأجل الطويل باهظ التكلفة للبلد ككل. فالأمريكيون الذين يعيشون في أوضاع الفقر في سن الطفولة يكبرون وهم أضعف صحة وأقل إنتاجا. إلى ذلك حتى بمقاييس السياسة المالية البحتة رفض مساعدة الأطفال الفقراء قد يزيد بمرور الزمن من عجوزات الموازنة.

وماذا بشأن التكاليف التي يمكن أن تترتب عن مساعدة الأمريكيين ذوي الدخول المنخفضة؟ في الواقع نظرًا لتدني دخولهم يمكن لمقادير متواضعة من العون أن تُحدِث فرقا كبيرا في تحسين أوضاعهم المعيشية.

كان من الممكن تلافي أكثر من نصف معدل الارتفاع في فقر الأطفال بتمديد سريان برنامج تعزيز الائتمان (الإعفاء) الضريبي للأطفال لعام 2021. مثل هذا التمديد من المحتمل أن تبلغ تكلفته المباشرة في الموازنة حوالي 105 بلايين دولار في العام.

قد يبدو هذا المبلغ كبيرًا للناس الذين لا يعرفون حجم اقتصاد الولايات المتحدة ومخصصات البرامج الاجتماعية الكبرى الأخرى. لكنه في الواقع متواضع. فهو أقل من نصف في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. إنه جزء ضئيل مما ننفقه على الضمان الاجتماعي (1.3 تريليون دولار) وبرنامج الرعاية الصحية (800 بليون دولار). وهو أكثر قليلا من نصف فاقد الإيرادات السنوية من الخفض الضريبي للرئيس دونالد ترامب في عام 2017.

إلى ذلك كان يمكننا الحيلولة بقدر مهم من ازدياد فقر الأطفال بالإبقاء على جزء واحد فقط من برنامج تعزيز الائتمان الضريبي للأطفال. وهو ذلك الجزء الذي جعل مدفوعات الائتمان الضريبي قابلة للاسترداد بالكامل. بمعنى السماح للعائلات الأقل دخلا بالحصول على كامل مدفوعات الائتمان البالغة 2000 دولار.

التكلفة المقدرة لذلك ستكون حوالي 12 بليون دولار فقط في العام. وهذا المبلغ عبارة عن مصاريف جيب (مبلغ ضئيل جدا) بالنسبة للموازنة الفيدرالية. لكننا لانفعل أيّا من هذه الأشياء بسبب معارضة المحافظين. وستدفع الولايات المتحدة بأكملها ثمنا باهظا لذلك.

الفكرة القائلة إن مساعدة الأطفال الفقراء تجعلهم أفضل صحة وأكثر إنتاجا عندما يكبرون ليست افتراضية. بل بالعكس تدعمها أدلة متينة وأفضل من تلك التي تشير إلى أن الإنفاق على البنية التحتية المادية جيد للاقتصاد (رغم اعتقادي بأن ذلك صحيح). كما أنها أفضل بما لا يقاس من الأدلة الوهمية بأن خفض الضرائب يعزز النمو.

كيف ذلك؟ تاريخيا لم يكن تطبيق برامج محاربة الفقر مثل برامج القسائم الغذائية (المساعدات الغذائية التكميلية) والرعاية الصحية شاملًا لكل أجزاء أمريكا. بل تم تطبيقها بالتدريج عبر المناطق المختلفة. لذلك يمكن مقارنة مسارات الحياة الشخصية للأمريكيين الذين أمكنهم الاستفادة من هذه البرامج عندما كانوا أطفالا مع الأمريكيين الذين لم يستفيدوا منها. ونتائج هذه المقارنة واضحة.

لقد كانت المساعدات المقدمة لأطفال العائلات المتدنية الدخل «استثمارا فعالا جدا». فأولئك الذين حصلوا على مثل هذا العون كانوا أفضل صحة وتعليمًا واكتفاء ذاتيًا في معيشتهم من أولئك الذين لم يحصلوا عليه.

وبما أن الأفراد البالغين غير المنتجين أو غير الأصحاء يشكلون ضمن أشياء أخرى عبئا ماليا على الخزينة العامة قد يعني هذا تماما، حتى من ناحية مالية بحتة، أن قطع المساعدات المخصصة للأطفال الفقراء ضررٌ نلحقه بأنفسنا. وهذا هو حالنا الآن.

لسوء الحظ، الأطفال لا يمكنهم التصويت والفقراء ممن بلغوا سن الرشد لا يميلون إلى التصويت أيضا. لذلك يمكن للساسة النجاة بأنفسهم من المحاسبة على سياساتهم التي تؤذي الأطفال الفقراء.

لكن ليس كل الساسة سيئين تماما. بعضهم يهتم حتى بالأمريكيين الذين لا يصوتون أو يرسلون لهم أموالا. كما لا يسعى كل الناخبين فقط وراء مصالحهم الذاتية.

على كل حال، لقد حققنا تقدما كبيرا ضد فقر الأطفال ولو أن ذلك لم يستمر طويلا. والآن نحن نعلم على الأقل أن محاربة فقر الأطفال ممكنة.

في الواقع، الإرادة السياسية لإصلاح خطأنا الفادح مفقودة الآن. لكن الأمل دائما موجود بأننا في النهاية سنفعل ما هو صحيح.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فقر الأطفال

إقرأ أيضاً:

آخرها تفجيرات البيجر.. من أبرز قيادات حزب الله وحماس الذين تعرضوا للاغتيال؟

اتهمت جماعة حزب الله اللبنانية الموالية لإيران، إسرائيل بالوقوف وراء تفجير أجهزة اتصال لاسلكية "بيجر" في أنحاء لبنان، الثلاثاء، وهي عملية معقدة أعقبت استهداف وقتل "أعداء لإسرائيل" منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

وفيما يلي قائمة ببعض عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات في جماعة حزب الله (المصنفة إرهابية) وحركة حماس (المصنفة إرهابية أيضا)، وأشارت أصابع الاتهام فيها إلى إسرائيل.

حزب الله:

فؤاد شكر

أسفرت ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 يوليو، عن مقتل القائد العسكري الكبير بالجماعة فؤاد شُكر، الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه "اليد اليمنى" للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.

وكان شكر أحد الشخصيات العسكرية البارزة في حزب الله منذ أكثر من 4 عقود. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه عام 2015، واتهمته بلعب دور مركزي في تفجير ثكنة مشاة البحرية الأميركية في بيروت عام 1983، الذي أسفر عن مقتل 241 جنديا أميركيا.

محمد ناصر

لاقى محمد ناصر حتفه في غارة جوية إسرائيلية في الثالث من يوليو. وأعلنت إسرائيل مسؤوليتها، قائلة إنه كان "يقود وحدة مسؤولة عن إطلاق النار عليها من جنوب غربي لبنان".

وحسب مصادر أمنية كبيرة في لبنان، فقد كان ناصر، القائد الكبير في حزب الله المدعوم من إيران، مسؤولا عن قسم من عمليات الجماعة على الحدود.

طالب عبد الله

قُتل القائد الميداني الكبير في حزب الله، في 12 يونيو، في غارة أعلنت إسرائيل المسؤولية عنها، قائلة إنها قصفت "مركزا للقيادة والتحكم" بجنوب لبنان.

وقالت مصادر أمنية في لبنان، إنه كان "قائد حزب الله في المنطقة الوسطى من الشريط الحدودي الجنوبي، وكان من نفس رُتبة ناصر"، وفق وكالة رويترز.

ودفع اغتياله جماعة حزب الله إلى إطلاق وابل هائل من الصواريخ عبر الحدود على إسرائيل.

حماس:

محمد الضيف

قال الجيش الإسرائيلي إن محمد الضيف قُتل بعد أن شنت طائرات مقاتلة غارة جوية على منطقة خان يونس في 13 يوليو، وذلك بعد "تقييم استخباراتي". 
وكان الضيف قد نجا من 7 محاولات اغتيال إسرائيلية، حسب الوكالة.

ويُعتقد أن الضيف كان أحد العقول المدبرة للهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، على جنوبي إسرائيل. ولم تؤكد حماس مقتله.

إسماعيل هنية

أعلنت حماس عن اغتيال إسماعيل هنية في ساعة مبكرة من فجر يوم 31 يوليو، خلال تواجده في إيران.
وقُتل هنية بصاروخ أصابه بصورة مباشرة في مقر ضيافة رسمي في طهران حيث كان يقيم. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن مقتله.

صالح العاروري

قُتل العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، في هجوم بطائرة مسيرة استهدف مكتب الحركة في الضاحية الجنوبية لبيروت، في الثاني من يناير 2024.

وكان العاروري أيضا "مؤسس كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس.

مقالات مشابهة

  • من الأشخاص والجهات الذين ما زالوا يستخدمون أجهزة البيجر؟
  • بعد حادثة لبنان.. من الذين ما زالوا يستخدمون أجهزة البيجر؟
  • من هم أبرز قيادات حزب الله وحماس الذين تعرضوا للاغتيال؟
  • آخرها تفجيرات البيجر.. من أبرز قيادات حزب الله وحماس الذين تعرضوا للاغتيال؟
  • من هم المزورون الذين يتم الإعلان عن اعتقالهم بشكل شبه يومي في العراق؟
  • أم تفقد حياتها أمام أطفالها الثلاثة.. الشر يكتب كلمة النهاية
  • السياحة: العثور على الغواصين الذين جرفهم التيار بمرسى علم
  • قصة أرملة تقيم دعوى نفقة ضد والد زوجها وتتهمه بالاستيلاء على ثروة أطفالها
  • روسيا تدرس حظر تبني أطفالها من مواطني دول تسمح بتغيير الجنس
  • الحرب التجارية تعود بين أمريكا والصين.. كيف ستتأثر السيارات الكهربائية؟