لجريدة عمان:
2025-04-07@06:37:03 GMT

من سيعيش؟ ومن سيموت في الجائحة القادمة؟

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

مثلت جائحة كوفيد غموضا فيما يتعلق بالوحدة العالمية، إذا اقتبسنا بتصرف كلام حارس القصر في مسرحية (ماكبث) لشكسبير، فنحن كنا معا في إصابتنا بالوباء، لكن آثاره والاستجابات له كانت غير متكافئة إلى حد كبير، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى تفاقم الأوبئة الحالية مثل الإيدز وكوفيد، وكذلك الأوبئة التي ستأتي بعد.

تتطلع الحكومات إلى معالجة جانب واحد فقط من هذا الغموض من خلال مفاوضاتها بشأن اتفاق بشأن الوباء، والذي سيناقش خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر، وهذه خطوة مرحب بها بل ومطلوبة بإلحاح.

أما الجانب الآخر، وهو انعدام العدالة، فهو مفقود في مسودة معاهدة الجائحة وفي خطط الاستعداد الحكومية لمواجهة الأوبئة. وإذا أردنا أن نتعلم من دروس الماضي، فبإمكاننا أن نجعل الوباء القادم أقل مأساوية في آثاره.

ومن أجل الاستفادة من تجربة الاستجابة لوباء الإيدز والأوبئة الأخرى، بادر برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز إلى عقد مجلس عالمي لمناقشة قضايا تتعلق بانعدام العدالة والإيدز والأوبئة، الذي اشترك في رئاسته مع (مونيكا جينجوس)، السيدة الأولى لجمهورية ناميبيا، و(جوزيف ستيجليتز)، الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة كولومبيا في نيويورك، مع مجموعة متنوعة من الناشطين من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والحكومات والمنظمات الدولية، لمراجعة الأدلة واقتراح إجراءات جديدة.

وسيسعى المجلس العالمي إلى التأثير على جهود التأهب لمواجهة الأوبئة من خلال إظهار أدلة لثلاث طرق يمكن من خلالها النظر في انعدام العدالة وهي: كيف يؤدي انعدام العدالة إلى انتشار الأوبئة؛ وفي الحصول على وسائل التشخيص واللقاحات والعلاجات؛ واستبعاد المجتمعات المهمشة من المشاركة في وضع خطط لمصالحها الخاصة. يجب إيجاد حلول لجميع هذه المشاكل الثلاثة.

تتمثل الإستراتيجية الرئيسية الثانية لمعالجة انعدام العدالة بين البلدان في تقديم تعهدات بالعمل على المساواة في توفير العلاجات واللقاحات المتاحة على مستوى العالم. ومن بين أهم هذه التعهدات أن تقوم حكومات الدول القوية بربط تمويل البحث والتطوير الذي تقدمه لشركات الأدوية بمشاركة التكنولوجيا التي تحصل عليها مع جميع دول العالم. بدون هذه الشروط، من المرجح أن يعيد التاريخ نفسه، ويستمر الوضع كما هو، حيث تستثمر الحكومة أكثر من 10 مليارات دولار في أبحاث لقاح كوفيد، مما يؤدي إلى تطوير لقاحات تحتكرها شركات الأدوية، التي لا تشارك بقية دول العالم في تكنولوجية إنتاجها، ولا حتى تبيعها بأسعار مقبولة لأولئك الذين دفعوا أموالا لتطوير تلك اللقاحات. لقد أدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومات للحد من احتكار الأدوية إلى إنقاذ حياة الملايين من البشر في ظل جائحة الإيدز من خلال المطالبة بمشاركة التكنولوجيا والأدوية المكافئة مع جميع العالم. إن اتباع هذا النموذج قد يضمن أن الموقع الجغرافي أو القدرة المالية للدولة ليست هي من يحدد من يعيش ومن يموت في ظل الجائحة.

إن تمويل وسائل التأهب للاستجابة للأوبئة يشكل عاملاً رئيسيا في عالم تتمتع بلدان العالم فيه بموارد غير متكافئة إلى حد كبير، سواء لشراء الفحوصات واللقاحات أو لتحسين البنية الأساسية الصحية. نحن في عالم قد تكون فيه الدول ذات الدخل المنخفض، التي تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية عميقة بسبب الوباء، أقل استعدادًا للأوبئة القادمة، مع عدم وجود خطة لخفض مستويات ديونها، فضلا عن الحصول على المزيد من الأموال لتعزيز أنظمتها الصحية ومعالجة مرض الإيدز والسل. وهذا الأمر يتطلب بذل جهدين جديين: الالتزام الواضح بالإسهام في صندوق الاستجابة للأوبئة والذي سيفعل عندما يتم الإعلان عن الوباء؛ وبذل جهد كبير لمعالجة عدم التكافؤ في الحصول على التمويل بطريقتين: الأولى على المدى القصير، وذلك بإزالة عبء الديون الهائلة الذي يعيق قدرة العديد من البلدان على الاستثمار في الاستعداد للاستجابة، والثانية على المدى الطويل حتى تتمكن البلدان ذات الدخل المنخفض من الوصول على قدم المساواة إلى اللقاحات بأسعار معقولة في أوقات الأزمات.

ويتمثل الجزء الثالث من استراتيجية التعامل مع أوجه انعدام العدالة التي تعلمناها من جائحة الإيدز في أهمية إشراك المجتمعات المهمشة في طرق الاستجابة للأزمات؛ وإشراك الجميع في اتخاذ القرار، ولذلك فإنه من المهم تمويل الخدمات التي تقدمها منظمات المجتمع المحلي للوصول إلى السكان الذين لا تستطيع الدولة الوصول إليهم، كما يجب أن تشمل التعهدات الرئيسية إنهاء القوانين العقابية بما في ذلك تجريم الفئات المهمشة ووضع استراتيجيات لتحقيق قدر أكبر من عدم التفرقة بين الناس بسبب الإعاقة والجنس والعرق.

إننا نواجه تحديا حقيقيا فيما يتعلق بالتضامن العالمي، لأن البلدان ذات الدخل المرتفع مترددة في توفير الضمانات المالية اللازمة، كما أن الصناعات الدوائية في هذه البلدان مترددة في القيام بما هو مطلوب. وفي غياب مثل هذه الضمانات، قد تصبح البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل مترددة أيضا في التعاون في توفير البيانات والمعلومات الضرورية لإدارة الوباء العالمي. إن معالجة انعدام العدالة هي فرصة لإحراز تقدم حقيقي، ومن هنا فإن هذه المعاهدة الخاصة بالوباء تمثل فرصة لاتخاذ خطوات ملموسة نحو عالم أكثر عدالة، وفوائد محتملة لصحة الناس في كل مكان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

ونيس: التداعيات خطيرة لاستثناء ليبيا من قائمة البلدان الآمنة في إيطاليا

علق عضو مجلس الدولة الاستشاري سعيد ونيس على تداعيات استثناء ليبيا من قائمة البلدان الآمنة في إيطاليا.

وقال ونيس في تصريح صحفي إن هذا القرار ليس مجرد تصنيف إداري، بل قضية تمس الأمن القومي الليبي وتتطلب تحركا سريعًا لحماية مصالح الدولة.

وأضاف أن عدم إدراج ليبيا ضمن هذه القائمة يعني ضمنيًا أنها لا تُعتبر دولة آمنة، وهو ما يحمل تداعيات خطيرة على الأمن القومي الليبي.

ورجح أن يترتب على ذلك آثار خطيرة منها زيادة تدفقات الهجرة غير الشرعية وإنعاش تجارة التهريب، والتأثير على جهود ليبيا للخروج من الفصل السابع واستعادة الشرعية الوطنية الكاملة.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • تحذيرات أممية من انعدام الأمن الغذائي في سوريا
  • "الأونكتاد": استخدام التعريفات الجمركية كأداة للضغط السياسي ستكون له عواقب وخيمة
  • "التعريفات الجمركية".. سقوط العولمة أم تدشين نظام عالمي جديد بمعطيات مختلفة
  • أسعار الذهب في البلدان العربية
  • ونيّس: استثناء ليبيا من قائمة “البلدان الآمنة” خطر على الأمن القومي
  • ونيس: التداعيات خطيرة لاستثناء ليبيا من قائمة البلدان الآمنة في إيطاليا
  • النفط يهوي لمستويات غير مسبوقة.. ويتجه لأدنى مستوى منذ الجائحة
  • الإيدز العدو الخفي.. مركز حقوقي يدعو لخارطة طريق صحية وإجراءات إلزامية
  • الإيدز العدو الخفي.. مركز حقوقي يدعو لخارطة طريق صحية وإجراءات إلزامية - عاجل
  • 28 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بسبب النزاع المسلح في شرق الكونغو الديمقراطية