كثر الحديث خلال الفترة الماضية عن انهيار سد النهضة، وأضراره الجسيمة على مصر والسودان، ولعل الخلاف بين دولتي المصب وإثيوبيا لم يعد مقتصر على فترات ملء وتشغيل السد، وإنما كيفية الحد من الخطر المتوقع، حال تعرض السد لأي خلل أو حادث انهيار، حيث يعتبر الخبراء، أن سد النهضة وغيره من السدود، خاصة المتواجدة منها على الأنهار الكبيرة، أنها قنابل تهدد الشعوب التي تسكن في مجراها.

السدود قنابل موقوتة

ولعل انهيار السدود الليبية، نتيجة إعصار دانيال، دق ناقوس الخطر، لما قد يحدث للشعب السوداني، حال انهيار سد النهضة، خاصة وأن السد بني قرب أكثر المناطق في أفريقيا نشطة بالزلازل وتتعرض لهزات أرضية متتالية ومتفاوتة الشدة، في ظل غياب الدراسات الكافية، حول المنطقة التي شيدت فيها أديس أبابا، سد النهضة ومدى تحملها جسم السد، وكمية المياه الضخمة المخزنة في بحيرته.

بعد إعصار دانيال.. مخاوف أممية من انهيار سدين في ليبيا على رأسها سد النهضة.. شكري ونظيره الألباني يؤكدان خصوصية العلاقات ويبحثان ملفات مهمة

ما يثير التخوفات حول ما يمكن أن يحدث حال انهيار سد النهضة، هو أن الكوارث الطبيعية، لا يمكن التنبؤ بها في معظم الأحوال، كما أنه لا يمكن السيطرة على مدى شدتها، وما فعله إعصار دانيال في مدينة درنة الليبية من تدمير سدين في المدينة وانهيار ما يقرب من 5 جسور وكباري، واقتلاع أشجار وهدم مبان كثيرة، متسببا في وفاة ما لا يقل عن 5300 شخص، في حين أن البحر لا يزال يلقي بعشرات الجثث.

وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، أن الكارثة تفاقمت بعد انهيار سدود درنة، لتجرف أحياء بأكملها إلى البحر، وسبب الانهيار هو كمية المياه المتراكة والغير المتوقعة التي سقطت على خزات السدود

ولكن في حالة سد النهضة، ينقسم الخطر الخاص به إلى قمسين:

الأول هو تخزين كميات كبيرة من المياه، من حصة مصر والسودان.الثاني هو أن تخزين كميات كبيرة من المياه، يهدد بطوفان على السودان حال تعرض السد لأي كارثة طبيعية.جفاف سد الروصيرص

فيما يتعلق بالخطر الأول، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن فيما يتعلق بالأمن المائي في السودان، ومخزون سد الروصيرص، فقد استغرق الملء الرابع لسد النهضة، معظم موسم الأمطار هذا العام، وانتهى قبل نهاية الموسم الرئيسي بـ 3 أسابيع، وبالتحديد في 9 سبتمبر الجاري، بتخزين 24 مليار متر مكعب أي 50% من الإيراد السنوي للنيل الأزرق، ما يساهم بحوالي 60% من الإيراد الكلي للنيل.

وأضاف شراقي، أن التخزين الرابع، أثر في نقص مخزون سد الروصيرص والذي تبلغ سعته حوالى 7 مليار م3، ويتم حاليا حاليا التخزين من المياه التى تمر على الممر الأوسط بتدفق حوالى 300 مليون م3 يوميا، بعد أن كان يستقبل 600 مليون م3 فى شهر أغسطس، ويتضح في الصورة المرفقة والمقارنة بحالة ملء خزان سد الروصيرص العام الماضى.

سد الروصيرصماذا لو انهار سد النهضة؟

وفيما يتعلق، بالخطر الثاني الذي قد يتسبب فيه سد النهضة، قال الدكتور عباس شراقي، إن سد النهضة ممتلئ بحوالي، 41 مليار متر مكعب، وهذه الكمية ضخمة جدا جدا، وحال حدوث أي تشقق أو انهيار للسد بسبب الهزات الأرضية والزلازل، فهذا يعني كارثة كبيرة جدا على السودان تصل إلى حد الطوفان، مشيرا إلى أن ما حدث في ليبيا من كارثة بسبب السدود التي انهارت بسبب إعصار دانيال، كانت سدود صغيرة ممتلئة بملايين المترات المكعبة من المياه، وبالتالي فإن سد النهضة الممتلئ بـ 41 مليار متر مكعب سيكون آثاره مدمرة إلى حد كبير ويهدد بأضعاف الكارثة الليبية.

وأضاف شراقي، لـ"صدى البلد"، أنه في حال حدوث انهيار سد النهضة، ستكون الكارثة طبقا للأرقام 10 آلاف ضعف ما حدث بسبب السدود الليبية، مهددا 20 مليون سوداني يعيشون على النيل الأزرق، هذا بجانب انهيار المنشآت السودانية، والسدود الخاصة بها على النيل، يعني أن كميات مياة إضافية ستضاف إلى الكارثة، وبالتالي تشكل كارثة إنسانية أكبر بكثير، حال حدث انهيار لسد النهضة في الوضع الحالي، متسائلا: "كيف سيكون الوضع حال وصول السد إلى السعة المستهدفة وهي 74 مليار متر مكعب؟".

عباس شراقي يقدم قراءة في موقف إثيوبيا من مفاوضات سد النهضة سد النهضة.. خبير يكشف التأثير الكارثي لـ التخزين الرابع على السودان

وأوضح استاذ الجيولوجيا والموارد المائية، أن ما حدث في ليبيا هو كارثة طبيعية غير معتادة، وهي معتادة في مناطق مثل السواحل الأمريكية على المحيط الأطلنطي، والسواحل الهندية، لذلك هو أمر غير معتاد على البحر المتوسط، لافتا: هذا يعني أن الكوارث الطبيعية قد تحدث في أماكن غير المعتاد، وبالتالي فإن حدوث زلازل أو أعاصير بالقرب من سد النهضة هو أمر وارد، ويهدد بكارثة كبيرة للغاية، خاصة وأن هضبة الحبشة هي منطقة نشطة بالزلازل والهزات الأرضية.

انهيار سدود إثيوبيا

وأكد شراقي، أن الصخور المبني عليها سد النهضة هي صخور نارية ومتحولة وشديدة التشقق والتحلل، بجانب المبالغة الشديدة في زيادة سعة خزان سد النهضة من 11.1 مليار متر مكعب كما جاء في الدراسات الأمريكية إلى 74 مليار متر مكعب بدون دراسات هندية دقيقة، كما ويبعد سد النهضة بحوالي 500 كم متر فقط عن أكبر فالق على سطح الأرض، وهو الأخدود الأفريقي العظيم والذي يقسم إثيوبيا إلى نصفين.

وشدد شراقي، على أن إثيوبيا هي الأولى عالميا في شدة انجراف التربة والأطماء، وتسقط المياه عليها بغزارة في يوليو وأغسطس وسبتمبر، ويصل متوسط التصرف اليومى إلى أكثر من 600 مليون متر مكعب مما يشكل فيضانات شديدة، وتنتشر بإثيوبيا بالكامل ظاهرة الانزلاقات الأرضية وتساقط الصخور بفعل التشققات والأمطار الغزيرة وقوة اندفاع المياه والفيضانات الطميية.

ولفت إلى أن إثيوبيا من أكثر الدول الأفريقية نشاطا للزلازل، حيث شهدت 8 زلازل في الخمس سنوات الأخير تراوحت شدتها من 4 إلى 5.2 درجة على مقياس ريختر، مشيرا إلى أن إحدى الدراسات الإثيوبية أكدت أن هناك العشرات من المشروعات والسدود التي انهارت، وهي سدود صغيرة في إثيوبيا وبلغت نسبة فشل هذه السدود حوالي 70% من إجمالي السدود الإثيوبية موزعة كالتالي:

25% من السدود الإثيوبية انهارت لأسباب فنية وجيولوجية.25% اختفت منها المياه ما يعني وجود تشققات أدت لتسرب المياه.30 من السدود ملئت بالطمي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سد النهضة انهيار سد النهضة سد الروصيرص السودان انهیار سد النهضة ملیار متر مکعب إعصار دانیال من المیاه

إقرأ أيضاً:

رسالة من العاهل المغربي حول "أضاحي العيد"

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أمس الأربعاء، مواطنيه إلى التخلّي عن إقامة شعيرة أضحية العيد هذا العام، بسبب التراجع الكبير في أعداد المواشي، جراء جفاف حادّ تشهده المملكة للعام السابع توالياً.

وقال الملك في رسالة تلاها وزير الشؤون الدينية أحمد التوفيق، عبر التلفزيون العمومي: "نهيب بشعبنا العزيز عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة، المرتقب في مطلع يونيو (حزيران) المقبل".
وأوضح أنّ "السبب وراء هذا الطلب هو ما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية".

أمير المؤمنين يهيب بالمغاربة عدم إقامة شعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة نظرا للتحديات القائمة.#المغرب #الملك_محمد_السادس #عيد_الأضحى #viral #IA pic.twitter.com/5PctjlMQzn

— Hespress هسبريس (@hespress) February 26, 2025

وتسبّبت موجة جفاف تضرب المغرب للعام السابع على التوالي، في تراجع أعداد المواشي بنسبة 38%، مع تسجيل عجز في الأمطار بـ53% مقارنة مع متوسط الـ 30 عاماً الأخيرة، وفق ما أفاد وزير الزراعة أحمد البواري منتصف فبراير (شباط) الجاري.

وأوضح الملك، في الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء المغربية، أنّه "أخذاً بعين الاعتبار أنّ عيد الأضحى هو سُنّة مؤكدة مع الاستطاعة، فإنّ القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيُلحق ضرراً محقّقاً بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لا سيّما ذوي الدخل المحدود".

ويحظى الاحتفال بعيد الأضحى من خلال ذبح الأضاحي، بإقبال كبير في المغرب، خصوصاً لدى الأوساط الشعبية.

وتسبّب تراجع أعداد المواشي في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء منذ عام، وقد أقرّت الحكومة دعماً مالياً لمستورديها لكن من دون أن تتراجع الأسعار، الأمر الذي أثار انتقادات. وسبق للملك الراحل الحسن الثاني، والد الملك محمد السادس، أن اتّخذ قراراً مماثلاً لنفس الأسباب في العام 1996.

وتعد هذه أسوأ دورة جفاف تعيشها المملكة منذ مطلع الثمانينيات.

مقالات مشابهة

  • بعيدا عن جفاف الشتاء.. 3 أسباب مهمة لظهور قشرة الرأس
  • مؤرخ إثيوبي يؤكد على الدعم الإماراتي لبلاده في سد النهضة
  • تونس.. مساعٍ لتطهير المؤسسات من «النهضة» الإخوانية
  • الأمم المتحدة: الكوليرا قتلت ما لا يقل عن 65 شخصا بولاية النيل الأبيض في السودان
  • الكشف عن مشروع لمحاولة استرداد 3 ملايين متر مكعب مياه مفقودة يوميا
  • شركة سرت تنجح في نقل الغاز من حقل اللهيب بنحو 40 مليون قدم مكعب يومياً
  • نحو 40 مليون قدم مكعب يومياً.. شركة «سرت» تحقق نجاحاً في «نقل الغاز»
  • 2,8 مليون متر مكعب.. إزالة رواسب سد وادي جازان لتعزيز كفاءته
  • رسالة من العاهل المغربي حول "أضاحي العيد"
  • أحمد موسى: وزير الري يؤكد للجانب الإثيوبي مخالفة سد النهضة للاتفاقيات الدولية