غرامة الامتناع عن التصويت!
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
فى جلسة مباشرة الحقوق السياسية بالحوار الوطنى، اقترح الدكتور ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطنى، أن تكون أيام الانتخابات العامة إجازة رسمية، مقابل التطبيق الحاسم لغرامة عدم المشاركة فى العملية الانتخابية، والمقررة فى القانون بـ500 جنيه، لدعم المشاركة من الجميع فى الانتخابات، وما من شك فإن الإحجام عن المشاركة فى الانتخابات وعملية التصويت يعتبر جنحة فى القانون، جاز فيها تطبيق الغرامة المالية التى تقررت فى المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، وتنص على أن يعاقب بغرامة لا تتجاوز 500 جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته فى الانتخابات.
فى الواقع أن عقوبة التخلف عن الإدلاء بالصوت الانتخابى مقررة فى القانون منذ فترة الخمسينات، بدأت بمئة جنيه، ثم زيدت إلى مئتين، وأصبحت فى القانون الحالى خمسمئة جنيه، ولكنها لم تطبق منذ إقرارها، المرة الوحيدة التى حاولت الهيئة الوطنية للانتخابات تطبيق الغرامة على الناخبين المتقاعسين من الإدلاء بأصواتهم، كانت بعد انتخابات المرحلة الأولى لمجلس الشيوخ الحالى، بعد أن لاحظت عزوفا كبيرا من الناخبين عن أداء الواجب الانتخابى، واتخذت الهيئة برئاسة المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات فى ذلك الوقت قراراً ولأول مرة بإحالة جميع المواطنين الذين لم يدلوا بأصواتهم إلى النيابة العامة، ولكن لم تطبق الغرامة بسبب صعوبة تنفيذها على حوالى 55 مليون مواطن، وكانت هناك اقتراحات بفرض الغرامة على الموظفين من خلال استقطاعها من مرتباتهم، وهم العاملون بالقطاع العام والقطاع الخاص، أو فرضها على المستندات الرسمية مثل البطاقات ورخص المرور وفواتير الكهرباء، ولا تنفذ الغرامة إلا من خلال حكم قضائى أو من خلال أمر جنائى من النيابة العامة.
يقودنا ذلك إلى القول بأن التخلف عن مباشرة حق التصويت فى الانتخابات العامة ليس أمراً اختيارياً متروكاً لصاحبه، بل هو واجب عليه فى الوقت ذاته، لأن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، كنص المادة 87 من الدستور، بل إن التصويت والانتخاب هو أهم صور المشاركة التى نظمها القانون، ويعفى الناخب من أداء الواجب فى أحوال معينة، ويحرم منه مؤقتاً كجزاء فى أحوال أخرى، وهى حالات حددها القانون حصرياً.
ولأن حق الانتخاب والتصويت التزام وواجب قانونى، كان طبيعياً أن يقرر القانون عقوبة على من يتخلف عن أداء هذا الواجب بغير عذر، وقد حدد القانون الغرامة التى لا تتجاوز خمسمئة جنيه بالمادة «57»، وأن الدعوى المدنية والجنائية لا تنقضى ولا تسقط العقوبة بالتقادم كنص المادة «72».
المؤكد أن توقيع غرامة مالية على المتقاعسين عن التصويت فى الانتخابات ليس كافياً فى حد ذاته لحث المواطنين وتشجيعهم على أداء هذا الحق، أو دفعهم إلى ممارسة حقهم خوفاً من الغرامة، لأن مقصود ذلك فى النهاية هو إيقاظ حق الانتخاب والتصويت وحسن الاختيار، وأن يكون ذلك عن اقتناع وقناعة، إذ قد يضطر المواطن إلى أداء واجب التصويت خوفاً من الغرامة وإبطال صوته، وليس ذلك مقصوداً لذاته، لأن الأهم من الغرامة، إقناع الناخبين بأهمية الصوت الانتخابى، وهو مسئولية الهيئة الوطنية للانتخابات بالتعاون مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات ووسائل الإعلام، وغيرها، بتوعية وتثقيف الناخبين بأهمية المشاركة وبحقوق وواجبات الناخب.
المشاركة فى الانتخابات ضرورة قومية، لأنها تعنى أهمية شعور المواطن بمدى تأثير صوته الانتخابى فى العملية الانتخابية، وكلما كان لصوت الناخب تأثير قوى أكد هذا التأثير أن المسيرة الديمقراطية تسير على نهج سليم، لكن المشاركة فى الانتخابات معرّضة للزيادة والنقصان لأسباب كثيرة، فالمشاركة قد تكون نتيجة مواقف سياسية محددة فى حالات الاستقطاب أو تكون انتخابات مصيرية، فيكون هناك حرص على ممارسة الانتخابات.
وعندما يشعر المواطن بنزاهة الانتخابات وبقيمة صوته، سوف يبادر بأداء الواجب، وأعتقد أن جمهور الناخبين ألقوا وراء ظهورهم الأساليب السلبية القديمة التى كانت تتبع فى الانتخابات والتى كانت تدفعهم إلى العزوف عن المشاركة، واطمأن الناخبون منذ ثورة 30 يونيو إلى أن أصواتهم لها احترامها، وأنهم يقدمون رسالة إلى العالم بأنهم يشاركون فى العملية الديمقراطية التى يتمتع بها الجميع فى حرية تامة دون تجاوزات فى ظل قضاء عادل يشرف على العملية الانتخابية، وبالتالى لا تحتاج إلى تطبيق الغرامة التى هى ليست هدفاً فى حد ذاتها، ولكنها إحدى وسائل تشجيع المواطن على المشاركة السياسية.
محمود غلاب
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مباشرة الحقوق السياسية الحوار الوطني الدكتور ضياء رشوان الانتخابات العملية الانتخابية التصويت فى الانتخابات المشارکة فى فى القانون
إقرأ أيضاً:
إنخفاض أعداد الشركات المصرية المشاركة فى "هايم تكستايل فرانكفورت " إلى النصف
تعد المعارض العالمية الضخمه فرصة كبيره للشركات المصرية لعرض منتجاتها للمنافسه والحصول على حصه سوقية من السوق العالمى الذى لا يرحم سواء من حيث المنافسه الشرسه، أو المنتجات فائقة الجوده ، والسعر التنافسى المناسب . والمعارض العالمية فى اى مكان بالعالم تعد بمثابة ملتقى لعمالقة الصناعه والتصدير ولا مجال هناك للفوضى والفهلوه أو الصدفه ، فكل شىء دقيق ومرتب ومعروف وقد رأيت ذلك بعينى خلال عشرات المعارض العالمية التى زرتها على مدار اكثر من 24 عاما بداية من فودكس طوكيو مرورا بفانسى فوود نيويورك ، وهايم تكستايل فرانكفورت ، و فيرونا الإيطالي وإنتهاء بجلفوود دبى . كانت عشرات الشركات المصرية تشارك فى هذه المعارض وتحقق مكاسب من هذه المشاركات على كافة المستويات سواء من عقد الصفقات ، أو الإلتقاء مع كبار منافسيهم ، أو الوقوف على أحدث ما توصلت إليه الصناعه عند منافسيهم ، أو معرفة إتجاهات الأسواق.
**
تراجع أعداد الشركات ..هايم تكستايل نموذجا
يعد معرض هايم تكستايل للمفروشات والذى يقام بمدينة فرانكفورت الألمانية أهم وأضخم معرض للمفروشات والوبريات على الإطلاق حيث يشارك فيه أكثر من 3500 شركه من كبريات الشركات المنتجه للمفروشات ،والوبريات ولضخامة معرض هايم تكستايل وأهميته قررت بعض شركات السجاد التى كانت تشارك فى معرض دومتيكس الذى يقام بمدينة هانوفر الألمانية خلال شهر يناير أيضا نقل مشاركتها إلى هايم تكستايل بمدينة فرانكفورت بعد الإتفاق مع أرض معارض mess frankfurt ..
فى الدورات السابقه لمعرض هايم تكستايل فرانكفورت كان عدد الشركات المصرية التى تشارك فى المعرض يصل لأكثر من 48 شركه حيث كانت تشارك شركات من قطاع الأعمال العام مثل العامرية ، والمحله ، وشركات من القطاع الخاص من عدة محافظات مختلفه ، وكان الشكل ألعام للشركات المصريه مثيرا للفخر والعزه بأن هذه الشركات مصرية 100% وكان السفير المصرى بألمانيا يحرص على زيارة الشركات المصرية وإجراء حوار مفتوح مع أصحاب وممثلى الشركات المشاركه فى إطار الإهتمام الحكومى ، وما يثير أعجابك بشركات وطنك أنه لاتوجد دوله عربية واحده فى هذا المعرض الضخم يمثلها هذا العدد من الشركات ، أو تنتج وتصدر مثل هذه المنتجات فائقة الجوده .. وإذا كان ما سبق يدعو للفخر والإعجاب ، فإن ما أذكره فى السطور التالية يدعو للحسره والإستياء وألخصه فى عدة نقاط وهى :
اولاً :
تراجع عدد الشركات المصرية التى ستشارك هذا العام فى هايم تكستايل فرانكفورت إلى 18 شركه وهو رقم هزيل لا يتناسب ومكانة مصر فى صناعة النسيج والغزل والمفروشات
ثانياً :
كل الشركات المشاركه تتحمل كل تكاليف المشاركه تقريبا بعد أن قررت الحكومه تخفيض الدعم الموجه للمعارض الخارجية
ثالثا:
قرار تخفيض الدعم لصناعة النسيج وبعض الصناعات الأخرى المصدره يعد قرارا خاطئاً بكل المقاييس لأن هذه الصناعات هى بمثابة العمود الفقري للاقتصاد المصرى الذى يعانى من أزمات طاحنة بسبب عوامل جيوسياسية متغيره ومتقلبه وسريعة التصاعد فى أحداثها.
رابعا :
من غير المعقول أن يكون لدينا وعلى أرضنا مصانع تعد من عمالقه الصناعه فى العالم ولا نستمع لاصواتهم ومطالبهم..من كان يصدق أنه سيأتي على مصر اليوم الذى ستصبح فيه أكبر منتج ومصدر للسجاد المياكنيكى فى العالم بفضل مجموعة النساجون الشرقيون العملاقه فخر الصناعه الوطنيه ! ، ومن كان يصدق أنه سيصبح لدينا واحدا من أهم عمالقة صناعة المفروشات المنزلية والسياحية فى العالم وهى مجموعة نايل لينن جروب بالمنطقة الحره بالعامرية بالأسكندرية، ومن كان يصدق أن مهندس مصرى شاب من مدينة المحله يدعى وليد الكفراوى سيصبح من أهم موردى الوبريات " الفوط والبشاكير " إلى أكبر أندية العالم مثل برشلونه وريال مدريد ...ألا تستحق كل هذه النماذج الوطنية الدعم والمسانده بدلا من تضييق الخناق عليهم ، وليس ذنب هؤلاء وغيرهم أن هناك مسئولون لا يعلمون ، وقد لايفهمون ولا يدركون كيف يتحمل هؤلاء أعباء وتكاليف وضغوطات وصعوبات رهيبه حتى يستطيعون الإنتاج والتصدير والتواجد للمنافسه فى هذه المعارض العالمية الضخمه !
خامسا:
لا يعقل أن تتفوق علينا دول شرق آسيا والتى عرفت صناعة النسيج بعدنا بعشرات السنوات ، وتكاد تكون صادرات دوله مثل اندونيسيا فى قطاع النسيج والملابس الجاهزه وحده أعلى من قيمة صادرات مصر الإجمالية ، والمدهش أن اندونيسيا والهند يعتمدان بشكل كبير فى إنتاجهم على القطن المصرى الذى يشترونه بأسعار رخيصه من السماسرة، وجزء كبير من منتجاتهم التى يتم تصديرها مصنوعه من قطن مصرى ، وتستطيعون التأكد من ذلك من كبار الصناع الذين يعملون فى هذه الصناعه العتيقه .
سادساً:
نكرر ونشدد حبا لوطننا وصناعة وصناع وطننا ونقول ، أن الإقتصاد الوطنى لن تقوم له قائمه الإ إذا منحنا الصناعه كل الإهتمام والدعم والمسانده ، فأوروبا عادت قوية مرة أخرى بعد الحروب التى انهكتها فى القرون السابقه من خلال الصناعه ، والنهضة الإقتصادية الكبيره التى حدثت فى دول مثل الصين واليابان و سنغافوره وفيتنام وماليزيا واندونيسيا كانت بفضل الصناعه ..ولهذا كله نقول أيضا أن القرارات العنترية غير المدروسه ليست فى صالح الصناعه والاقتصاد..وعلى الحكومه ومتخذوا القرار أن يستمعوا لأصحاب الشأن من الصناع لأنهم شركاء أساسيون فى التنمية ، ولا نمو ولا زيادة فى الناتج المحلى الإجمالى إلا بصناعة وصناع مصر ..إن قرار تخفيض الدعم للشركات المصدره ، وكذلك تخفيض دعم المعارض ليس فى صالح الصناعه والإنتاج والتصدير ، وعلى الحكومه أن تراجعه وتصوبه إن كانت تريد للاقتصاد الخروج من نفقه المظلم !