ضجة كبيرة بعد اعتماد كلمة "ترند" وإضافتها إلى اللغة العربية
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
اعتمد مجمع اللغة العربية بالقاهرة كلمة "ترند" وأدرجها في المعجم العربي، وهو ما أثار ضجة وحالةً من الجدل في أوساط خبراء اللغويات ومجامع عربية أخرى، عن معايير إدخال لفظ أعجمي في اللغة العربية استجابة للتطورات العصرية، وهل ثمة استسهال أو كسل خاصة بعد اعتماد ألفاظ أعجمية مستوردة، أم أن معايير الدلالة والوظيفية تفرض حاجة لغوية إليها.
جدير بالذكر أن هناك ثلاثة أبعاد جوهرية تحكم السياق العام لعملية تلقي أي مستجدات في المعجم العربي: الأول هو البعد النفسي، فنحن أمة مأزومة، نعاني من إحباطات حقيقية ووجودية، بعد أن عشنا لحظة تاريخية ممتدة لنحو 8 قرون كانت فيها الأمة العربية هي منتجة العلوم وإبداع المعرفة، وكانت اللغة العربية تتلقفها لغات الأرض، وكان هناك وجه آخر للعملة الحضارية وهو "التعجيم"، المُقابل للتعريب، فمعاجم العالم مليئة بالكلمات ذات الأصول العربية، وهذا يأخذنا إلى البعد الثاني، وهو البعد الحضاري، فنحن أمة لا تنتج آلة ولا نظرية، وبالتالي غير منتجين للغة، وهذا ما يمكن وصفه بعافية الأمة الحضارية، أما البعد الثالث فهو فوضى الشارع العربي، فلا توجد ضوابط على أي مستوى، على رأسها الضوابط الأخلاقية والمهنية.
مفردة ترند
أوضح الدكتور خالد فهمي، أستاذ اللغويات والخبير بمجمع اللغة العربية أن تلك الأبعاد هي أرضية خصبة لإثارة الأزمات، فطالما ارتبطت عملية التعريب تاريخيا بخطوات إجرائية محددة، بداية من محو أثر الكلمة الأجنبية، ويطرح المتخصصون مفردات خالصة العروبة، كما حدث مع لفظ سيارة، وهناك معيار آخر يتم به الاحتكام لوزن عربي للكلمة الأجنبية مثل وزن مفعال فعالة، كما وضع المُعرب القديم لفظ تلفاز في تعريبه لكلمة تلفزيون، وحافظ على الأصوات المركزية بها، وتحويلها على وزن مفعال فصارت تلفاز.
وبالتالي، ما حدث مع كلمة "ترند" وما يدور من جدل حولها، كان بإمكاننا تفعيل بدائل عربية مثل "الصدارة أو رائج أو الأكثر انتشارا"، لكن المُعرب رأى أن الاحتفاظ بكلمة ترند بأصواتها وهيئتها الأجنبية أكثر دلالة على المعنى الحضاري الذي تُعبر عنه في إطار ثقافة وسائل التواصل والإعلامية، وفق “الشرق الأوسط”.
كانت كتب العلوم لابن سينا وابن رشد، في عصور النهضة الإسلامية، تحتوي على كلمات أعجمية مثل "البويوتيكا" مرادفاً للشعر، والعلوم مثل "الميكانيكا" و"الديناميكا"، ووجدوا أن تلك الكلمات أكثر دلالية، لكن الفرق أن في ذلك الوقت لم تكن هناك أزمة حضارية.
يوجد قانون راسخ في المجمع اللغوي يُعرف باسم قانون "إجراءات التعريب"، والمجمع رأى أن استعمال "ترند" بصورتها اللفظية الأجنبية دالة دلالة علمية كاملة على السياق العلمي والحضاري الذي تُستعمل به وهو سياق التواصل الاجتماعي.
اللغة تموت عند الاقتراب من النحو والجملة، وليس بالاقتراب من حدود المعجم، فجميع معاجم العالم تتسع وتتلاقح مع لغات أخرى، والمعاجم الأجنبية مليئة بالكلمات العربية الأصل.
صخب عارم بعد اعتماد كلمة ترندوتلقى الدكتور عبد الوهاب عبد الحافظ، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، اتصالين هاتفيين من الشيخ سلطان القاسمي، حاكم الشارقة وعضو المجمع وعضو اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، لمناقشته في الصخب العام الذي صاحب إجازة المجمع لبعض الألفاظ الأجنبية والشعوبية.
ناقش حاكم الشارقة مع رئيس مجمع اللغة العربية ما أثير في منصات التواصل الاجتماعي حول إجازة مجمع اللغة العربية بالقاهرة بعض الألفاظ الأجنبية، ومنها لفظة ترِند، وأوضح رئيس المجمع له أنهم بصدد مناقشة الموضوع في جلسته الأولى في الثاني من أكتوبر 2023 بمستهل الدورة المجمعية 90 .
وأوضح عبد الحافظ أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة يرحب بأي مقترح لإعلاء شأن اللغة العربية، والإسهام في إثرائها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترند اللغة العربية الجدل
إقرأ أيضاً:
ندوة تناقش «هجرة اللغات.. قراءة في نموذج العربية والإسبانية»
الشارقة (الاتحاد)
نظمت هيئة الشارقة للكتاب، ضمن فعاليات الدورة الـ 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب الندوة الدولية الثالثة تحت عنوان «هجرة اللغات.. قراءة في نموذج العربية والإسبانية»، استضافت خلالها نخبة من الباحثين والمختصين في اللغة والتاريخ، لاستكشاف ظاهرة التفاعل اللغوي وتبادل المفردات والصيغ بين الثقافات، ودراسة العلاقة العميقة بين اللغتين العربية والإسبانية.
شارك في الندوة، التي أدارها الشاعر علي العامري، مدير تحرير مجلة الناشر الأسبوعي، كل من الدكتور إغناثيو غوتيريث دي تيران، أستاذ اللغة العربية بجامعة "أوتونوما" في مدريد، الذي تناول تجربة الأدباء العرب في المهجر الأميركي، والدكتور صلاح بوسريف من المغرب، الذي قدّم رؤية حول اللغة العربية وأهمية الاقتراض من اللغات الأخرى، والدكتور إغناثيو فيراندو، أستاذ الأدب العربي بجامعة قادس، الذي ركّز على المفردات ذات الأصول العربية في الإسبانية، والباحثة التونسية هدى الهرمي التي ناقشت التمثلات الحضارية للغة العربية وأثرها في بناء جسور ثقافية بين الشعوب.
الأدب العربي في المهجر الأميركي
قدم الدكتور إغناثيو غوتيريث دي تيران ورقة بحثية عن تجربة شاعرين عربيين في المهجر بأميركا الجنوبية: إلياس فرحات الذي عاش في البرازيل، وظل متمسكاً بلغته الأم، والشاعر الفلسطيني محفوظ مصيص الذي عاش في تشيلي وكتب بالإسبانية.
تناول دي تيران تأثير الهجرة على كل منهما، متسائلاً عن أسباب اختيار بعض المهاجرين التمسك بلغتهم الأم، بينما يميل آخرون إلى استخدام لغة محلية.
من جهته، أوضح الدكتور صلاح بوسريف من المغرب أن اللغة ليست مجرد أداة، بل هي كيان وجودي، رافضاً وصف اللغة العربية بأنها «ميتة» أو ضعيفة بسبب اقتراضها من لغات أخرى. وأكد بوسريف أن الاقتراض من اللغات يعكس انفتاح اللغة وإبداعها، معتبراً أن التأثر بلغات أخرى يثري اللغة ولا ينقص منها، بل يعزز انتشارها وتأثيرها.
في مداخلته، قدم الدكتور إغناثيو فيراندو، دراسة عن تأثير اللغة العربية على الإسبانية، مسلطاً الضوء على عدد من المفردات الإسبانية ذات الأصل العربي. وناقش التحولات الصوتية والدلالية التي طرأت على هذه الكلمات، خلال الفترة الأندلسية، موضحاً كيف أثّرت لهجة العرب في الأندلس على تطور اللغة الإسبانية، وقسّم الكلمات ذات الأصل العربي إلى أسماء وصفات وأدوات لغوية.
واختتمت الباحثة التونسية هدى الهرمي الندوة بورقة بحثية تناولت مفهوم «هجرة اللغة» كمرآة للتطور الحضاري للأمم، مشيرة إلى دور اللغة العربية في التأثير على لغات عدة، خاصة الإسبانية، التي تأثرت بعمق بالمفردات العربية. وأكدت الهرمي أهمية الدراسات اللغوية والترجمة في توثيق الروابط الثقافية بين اللغتين، وتعزيز الحوار بين الحضارات.