لجريدة عمان:
2025-04-16@20:36:13 GMT

ج. م. كوتزي.. «صورة الكاتب في شيخوخته»

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

ج. م. كوتزي.. «صورة الكاتب في شيخوخته»

لا شك أن الفن السردي (وأقصد به هنا القصة والرواية والمسرحية والسينما والدراما التلفزيونية...) نجح في إبداع شخصيات بقيت عالقة في ذاكرة الإنسانية، وسوف تبقى هي وغيرها، ما دامت الكتابة، والفن مستمرين في بناء حياة تسحرنا، ولن أقول حياة موازية؛ لأنها تبدو وقد أصبحت «بمعنى ما» هي الحياة الحقيقية، بينما انسحبت، تلك، الواقعية، إلى المشهد الخلفي.

كيف يمكن أن ننسى مثلا شخصية كمال عبد الجواد (في ثلاثية محفوظ) في مساراتها المتعرجة، وحتى المتناقضة؟ هل يمكن أن تغيب عن بالنا شهرزاد وأقاصيصها التي أفضت إلى استيهامات لا تُحصى عند كلّ الذين قرؤوا «ألف ليلة وليلة»؟ أين نضع «جلجامش» و«أنكيدو» في بحثهما عن عشبة الخلود، وحتى ساقية الحانة «سيدوري»، في الملحمة عينها؟ هل يمكن قراءة فلوبير من دون أن نقارنه بــ«مدام بوفاري»؟ ألم يقل هو نفسه «إن بوفاري هي أنا»؟ عديدة هي الأمثلة عن تلك الشخصيات، منذ الأساطير الإغريقية، وحتى، «تجاوزًا»، الكتب المقدسة، فيما لو انطلقنا حرفيا من الآية الكريمة (في «سورة يوسف»): «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ»...

تطرأ على بالي هذه الفكرة، مع قراءتي ترجمة فرنسية لرواية جون ماكسويل كوتزي (وفي ترجمة أخرى كوتسي وكويتزي، نوبل للآداب 2003) «مسلخ الزجاج» (العنوان الأصلي بالإنجليزية «حكايات أخلاقية» (Moral Tales) والسبب، عودة شخصية «إليزابيث كوستيللو» التي ظهرت في روايتين سابقتين له، الأولى تحمل الاسم عينه «إليزابيث كوستيللو» والثانية «الرجل البطيء» (التي يمكن قراءتها في نشر إلكتروني مجاني على موقع «مؤسسة هنداوي»)، وها هي تعود لتظهر في هذه الرواية الثالثة «مسلخ الزجاج» (منشورات «لوسوي»، باريس).

إليزابيث كوستيللو، كاتبة أسترالية تتقدم في السن، تدين بشهرتها لكتاب نُشر قبل 25 عامًا. وهي اليوم، تسافر حول العالم لإلقاء محاضرات «يأتي الكتاب على شكل 8 محاضرات» على متن سفن سياحية وفي مؤتمرات فاخرة. وبرغم تعبها، عليها أن تقدم «عروضها»: التفكير في معنى حياتها وكتابتها، لتتحول الخطب والحوارات التي تثيرها إلى ذريعة للتعبير عن الآراء والأفكار الفلسفية حول موضوعات متنوعة، من كيف نعامل الحيوانات حيث قتلها جريمة بشعة، إلى مكانة الأدب في أفريقيا أو حتى الدين في المجتمع المعاصر. صورة نابضة بالحياة عن امرأة عجوز مشوشة، يستهلكها الشك والأسئلة حول قوة الأدب في مواجهة العزلة والموت. «إنها، وهي تسمع صوتها، غير متأكدة عمّا إذا كانت لا تزال تؤمن بما تقوله». كتاب أشبه بتأبين نابض بالحياة المليئة بالشكوك، في عالم مليء باليقين والأحكام المسبقة.

الظهور الثاني لكوستيللو في رواية «الرجل البطيء» وهو بول رايمينت، في الستين من العمر؛ رجل وحيد من دون عائلة، يجد نفسه فجأة وقد بترت ساقه بعد تعرضه لحادث وهو على دراجته الهوائية. يرفض بعناد وضع طرف اصطناعي يسمح له بالعودة إلى قدر معين من الاستقلالية، وبالتالي أصبح غير قادر على إعالة نفسه، لذا احتاج إلى الرعاية اليومية التي تقدمها له ممرضة من أصل كرواتي، ماريانا يوكيتش هاجرت مؤخرًا مع عائلتها إلى استراليا، فتقوم بمهمتها على أفضل وجه، ما يجعل قلب بول رايمينت المتألم يحيا من جديد، وما يدفعه إلى حدّ عرض أخذ كل آل يوكيتش تحت جناح رعايته. فبدلا من الطرف الصناعي، يجد بول في أعضاء العائلة متكأً لعالمه المنكمش. في تلك اللحظة تطرق إليزابيث كوستيللو باب منزله، لتدعوه إلى إعادة النظام سريعا في حياته. هذا القرين الأنثوي الثرثار وغير المناسب والمهيمن على كل شيء، كان يحاول كتابة قصة عن هذا الرجل الذي بدأ بالضمور والذي يقترب من الشيخوخة بفتنة غير مفهومة، مرة أخرى نجد الثيمة عينها «قوة الأدب في مواجهة العزلة والموت». هنا تبدأ رواية أخرى، إذا جاز القول، قصة حياة رايمينت الماضية حين كان صبيا صغيرا انتقل من أوروبا إلى أستراليا، كما تقدمه الصعب نحو الرجولة، بين لغتين وثقافتين. لكن في النهاية سيدرك هذا الستيني، الذي تقبل الحادث تمامًا مثلما تقبل عزلته، أن الطرف الاصطناعي العاطفي، والأسرة، حتى لو تم تبنيها، لا تزال أفضل حماية ضد آلام الشيخوخة والإعاقة الجسدية.

في «مسلخ الزجاج»، تعود هذه المرأة / الكاتبة لتحضر مجددا. لقد بدأت تواجه هجمة «الشيخوخة العنيفة». كل يوم يمرّ يجعلها أقرب إلى الظل. لقد بدأت تلاحظ بهدوء ووضوح تدهور قدراتها العقلية. بدأ أولادها يشعرون بالقلق عليها، لذا لم يتوقفوا عن نصحها بمغادرة أستراليا للانضمام إليهم. ومع ذلك، ترفض وتفضل مواجهة ما لا مفر منه في حرية واستقلالية العزلة، وتتساءل حتى النهاية، بلا هوادة، عن معنى وجودها والطبيعة العميقة لإنسانيتنا.

يستمر كوتزي في تسليط الضوء على حقيقة الشيخوخة، ومن خلال كوستيللو يعود إلى موضوع عزيز عليه، ألا وهو مناهضة التمييز بين الأنواع، مع نداء حيوي لصالح إعادة تعريف علاقتنا بعالم الحيوان. «المسلخ الزجاجي» الذي يعطي عنوان الترجمة الفرنسية هو الأكثر إثارة للدهشة، مع انتقاد لاذع لتفكير هايدجر حول الحيوانات والحشرات. ووفقا له، فإن فهمها للعالم محدود أو منزوع. «إن حواس العث متنبهة، ولكن فقط لمحفزات معينة، على سبيل المثال رائحة الهواء أو الاهتزاز في الأرض الذي يدل على اقتراب كائن ذي دم دافئ». تعيد كوستيللو الحجة مرة أخرى إلى الفيلسوف، مشيرًا إلى أن ما كان يبحث عنه هايدجر من خلال عشيقاته مطابق لنبضات العث، «تلك اللحظة التي يتركز فيها الوعي في خفقان، بقوة لا لبس فيها قبل أن ينطفئ؟».

في سبع لوحات رومانسية، يقدم لنا كوتزي صورة مدهشة عن المرأة ودرسًا في الأدب؛ درسًا مكثفًا بقدر ما هو مختصر، بلغة نقية مثيرة للإعجاب، يمس قلب أسئلتنا الأكثر تعقيدًا وعالمية (ماذا سيبقى منا عندما نرحل؟ ماذا ننقل إلى أولئك الذين يبقون؟) ويواجهها من دون أن يتخلى أبدًا عن أناقته وكرامته وروحه المتواضعة.

كوتزي المولود في جنوب إفريقيا والذي هاجر إلى أستراليا وحاز جنسيتها عام 2006، ينجح في رسم شخصية لا بدّ أنها ستبقى حاضرة في الأدب الغربي، لتتحول إلى واحدة من تلك المراجع. في الواقع لا يكتب كوتزي سوى نفسه، عبر هذا القرين النسائي. إنها صورة الكاتب في شيخوخته، فيما لو حورنا عنوان رواية جيمس جويس «صورة الفنان في شبابه».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس يوسا

توفي أمس الأحد الكاتب الإسباني-البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب عن 89 عاما في العاصمة البيروفية ليما حيث كان يعيش منذ أشهر قليلة بعيدا عن الحياة العامة، على ما ذكرت عائلته في رسالة عبر منصة اكس.

ولد ماريو فارغاس يوسا في بيرو عام 1936 وأقام في بوليفيا وليما قبل أن ينتقل إلى إسبانيا لدراسة الآداب. كما عاش فترة معينة في باريس، وعدّ مدريد بلده، لكنه احتفظ بجنسيته ونفوذه في بيرو حيث كتب لصحف بيروفية عن الأحداث الراهنة وترجمت أعماله إلى أكثر من 20 لغة.

وجاء في رسالة كتبها نجله البكر ألفارو ووقعها شقيقه غونزالو وشقيقته مورغانا "بحزن عميق نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا في ليما بهدوء محاطا بعائلته".

وسرت في الأشهر الأخيرة شائعات كثيرة حول تدهور وضع الكاتب الصحي.

وقال نجله ألفارو في تشرين الأول/اكتوبر الماضي "شارف على التسعين وهو عمر ينبغي فيه التحفيف من نشاطاته" من دون أن يوضح وضع والده الصحي.

كان يوسا واحدا من بين 4 كتاب، وصفوا في القارة اللاتينية بأنهم الكبار، من بينهم الأرجنتيني خوليو كورتاثار، والمكسيكي كارلوس فوينتس، والكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، وأخيرا البيروفي ماريو فارغاس يوسا. وقد جاء صعودهم في تلك القارة، والانطلاق منها إلى بقية بلدان العالم، اعتبارا من بدايات الستينيات، بالتزامن مع ما بات يُعرف بطفرة الرواية التي شهدتها أميركا اللاتينية، وكان هؤلاء الأربعة، من بين أبرز ممثليها. في حين كان مجرد ذكر أسمائهم، يستدعي اسم خورخي لويس بورخيس، الكاتب الأرجنتيني الذي كان له الفضل، في تشكيل خريطة الأدب اللاتيني خلال القرن الـ20.

إعلان

كانت رواية "حرب نهاية العالم" هي التي فتحت الطريق أمام فارغاس يوسا، الأمر الذي كان له أثر واضح في وصول جائزة نوبل إليه في عام 2010، تلك الرواية التي يزيد عدد صفحاتها المترجمة إلى العربية عن 700، يتناول فيها الكاتب أحداث الحرب الأهليّة، التي اندلعت في شمال البرازيل، أواخر القرن الـ19، ويروي فيها قصة حرب "كانودوس"، وكأنه يرسم لوحة جدارية مدهشة، ويستعرض فيها تطلعات الإنسان، في عالم لم تغادره تلك المفاهيم التي تتعلق بالمدينة الفاضلة.

رواية "حرب نهاية العالم" لماريو فارغاس يوسا (الجزيرة)

كان يوسا قد بدأ حياته مثل عديد من مثقفي أميركا اللاتينية، متعاطفا مع أهداف اليسار، لكنه مع حلول الثمانينيات، أصبح يدعو بحماس لقيم التجارة الحرة والليبرالية السياسية. ولم يكتف بذلك، بل انتقل إلى مرحلة أخرى عندما شارك كمرشح رئاسي عن تيار يمين الوسط، في الانتخابات الرئاسية البيروفية التي جرت عام 1990، لكنه لم ينجح في حصد النجاح.

وفي أعقاب ذلك، واصل يوسا إبداء حماسه الشديد، وميله الواضح نحو اليمين، وعندها أعلن انضمامه في عام 2014، إلى جمعية مونت بيليرين، المعروفة باحتضانها لليبرالية الجديدة.

لم يكن يوسا كما بات معروفا عنه، يتردد في التصرف، إذا ما رأى أن الأمر يستوجب ذلك، وفي هذا الإطار يمكن تفسير تقدمه لترشح إلى منصب رئاسة بلاده. بعد أن بات مؤمنا أن من واجبه الأخلاقي أن يكون ناشطا فعّالا في الحياة العامة، واتخاذ موقف لشجب ما يصدر عن الحكومات الشمولية أينما وجدت.

كما يمكن في هذا الإطار، تفسير صعوده إلى خشبة المسرح، لأداء أحد الأدوار التمثيلية، بدافع ميله الشديد للتمثيل المسرحي.

منعطف فكري

كانت أفكار يوسا قد تغيرت في أعقاب القراءات التي انشغل بها، والتي كانت لمفكرين كبار، من أمثال آدم سميث، وكارل بوبير، وأورتيغا إي غاسيت. وفي كتابه الذي أصدره تحت عنوان "نداء القبيلة"، أكد على ذلك، كما أنه كان قد عاش في فرنسا لمدة 7 سنوات، وتأثر خلالها بأفكار ألبير كامو، وفي عدة حوارات تناولت تلك الفترة، أكد يوسا أن إقامته في فرنسا، شكلت منعطفا جوهريا في حياته. كما أن انتقاله من الماركسية إلى الليبرالية، كان وراء تلك القطيعة التي حدثت في علاقته مع خوليو كورتاثار، وكارلوس فوينتس، وغابرييل غارثيا ماركيز.

من بعد هذا تحول الذي كانت لافتا في مسار فارغاس يوسا، راح يصف الزعيم الكوبي فيديل كاسترو بأنه دكتاتور، ويعتبر نظامه من أبشع الديكتاتوريات في أميركا اللّاتينيّة، في حين أن ماركيز وفوينتس وكورتاثار كانوا يعبرون في كل وقت، عن دعمهم التام لكاسترو ونظامه.

إعلان

خلال ذلك، انتهت العلاقة الوثيقة بين يوسا وماركيز، بسبب ذلك الخلاف الشخصي الذي راح يتطور، إلى أن بلغ الحد الذي اندفع فيه الكاتب البيروفي إلى توجيه لكمة إلى وجه غارسيا ماركيز، وهو ما تسببت له بكدمة دكناء تحت العين اليسرى.

وقبل حدوث ذلك بوقت، كان فارغاس يوسا، قد تحدث في العاصمة الإسبانية مدريد، عن طبيعة العلاقة الشخصية والمهنية التي كانت تربطه بغارسيّا ماركيز، والتي بدأت بالتدهور بسبب اختلاف في المواقف السياسية التي تبناها كل منهما تجاه الثورة الكوبية، وانتهت تماما، إثر مواجهة حامية. وقعت في بهو قصر الفنون الجميلة في مدينة مكسيكو سيتي، عندما اقترب غارسيا ماركيز للترحيب بيوسا فاتحا له ساعديه، لكن فارغاس يوسا ومن دون أن ينبس بكلمة، سارع إلى توجيه لكمة قوية لوجه الكاتب الكولومبي.

قوة الأدب

ظل يوسا في كتاباته يواصل الاهتمام بإسقاط الماضي على الحاضر، فطبيعة الإنسان ثابتة دائما مهما بدت البيئة متحولة. وبجرد بسيط للشخصيات يمكن توضيح لعبة يوسا السياسية لإيصال رسائل معينة ضمن إطار أدبي، فهو يتحكم في الشخصيات، فيجعل منها فاعلا مؤثرا في الأحداث وناتجا عنها في الوقت ذاته.

وعندما تلقى سؤالا أثناء مقابلة أُجريت معه في عام 1990 عن الأسباب التي تدعوه للكتابة، سارع يوسا للقول "أكتب لأني غير سعيد. ولأن الكتابة طريقة لمحاربة التعاسة، كما أن قوة الأدب تكمن في أنه يسمح لنا بأن نحيا حيوات عديدة، وهذه واحدة من أعظم ميزاته.. إذ ينتشلنا من واقعنا ويجعلنا ندخل إلى عوالم رائعة، نعيش حيوات غنية بكل ما هو مثير، ونغوص مغامرات في عوالم غير عالمنا، ونحن نتقمص شخصيات كثيرة، نختبر نفسيات مختلفة وعقليات متباينة. إنه إغناء مذهل للحياة. لكن الأدب في الوقت ذاته ليس شيك ضمان على السعادة، بل العكس ما يحدث أحيانا، بطريقة ما، فهو يحولك إلى شخص حزين لأن من خلاله تفهم أن هناك حيوات أغنى من حياتك. فأنت تصبح واعيا بحقيقة أنك قليل الأهمية".

إعلان

وفي حواره مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية، قال يوسا "نحن نؤلف روايات ليس فقط لنحكي واقعا موجودا بل لنغيره مضيفين له شيئا ما"، وتابع قائلا إن "الأدب هو يوتوبيا الواقع" فهو لا يحكي لنا واقعا متوارثا محققا، ودرسا تاريخيا أكاديميا، بل يفتش بدقة حاويا محترفا، على إسقاطات تجمع الماضي بالحاضر، في توليفة سردية، غالبا ما تخرج بنتائج تنعكس على المستقبل. مؤكدا أن "الأزمنة تمر على المواقف السياسية البليدة، لكن الرواية العظيمة تبقى مؤثرة وخالدة على مرّ الزمن”. مشددا على ضرورة أن على المرء أن يتقبل الحرية بوصفها عنصرا أساسيا للتمتع بثقافة غنية وإبداعية. ولا يمكن أن تُحبَس الثقافة، في سجن أخلاقي أو ديني أو لائق سياسي، إذ يجب أن ندافع عن الحرية. لأن الأعمال الأدبية العظيمة لم تكن أبدا لائقة من الناحية السياسية، وفي كثير من الحالات، كان الأدب يأتي في صدارة العديد من الأشياء التي بدت رهيبة في بادئ الأمر، ثم صارت مقبولة على اعتبار أنها تمثل طفرات وتقدما اجتماعيا وثقافيا.

وفي هذه المقابلة لخص يوسا مفهومه لعملية الكتابة، قائلا "أعتقد أن ما أحبه ليس الكتابة نفسها، بل إعادة الكتابة، الحذف والتصحيح.. وأعتقد أن ذلك، هو أكثر أجزاء العمل، إبداعية".

وانتُخِب الكاتب البيروفي الإسباني في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عضوًا في الأكاديمية الفرنسية وهي هيئة حكومية تأسست عام 1634 لتطوير وتقعيد اللغة الفرنسية.

وليس فارغاس يوسا أول أجنبي يحصل على عضوية الأكاديمية الفرنسية، إذ سبقه إليها الأميركي جوليان غرين عام 1971، والكندي من أصل هاييتي داني لافريير عام 2013.

الخبرة والحكاية

وتستند أعمال فارغاس يوسا إلى خبرته في الحياة في بيرو منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي والتي توجت بخوضه لانتخابات الرئاسة عام 1990، لكنه خسر لصالح ألبرتو فوجيموري الذي اضطر في نهاية المطاف للفرار من البلاد وأدين بعد ذلك بعدة جرائم وكتب عن ذلك في مذكراته الصادرة عام 1993 بعنوان "السمكة في الماء"، وفي روايته "زمن البطل" استعرض فترة مراهقته في أكاديمية عسكرية في ليما.

إعلان

ومن خلال أكثر من 30 رواية ومسرحية ومقالا صحفيا، طوّر فارغاس يوسا أسلوب سرد الحكاية الواحدة من عدة أوجه يفصلها أحيانا المكان أو الزمان.

وتجاوزت أعماله الأشكال الأدبية المعروفة ووضعته في مكانة رفيعة بين أبناء جيله الذي قاد بعث الآداب في أميركا اللاتينية في الستينيات من القرن الماضي.

وباختلاف خبراته تنوعت كتاباته، فنوّع كثيرا في الأشكال والرؤى والموضوعات، وكانت روايته "شيطنة الطفلة المشاغبة" أولى محاولاته لكتابة قصة حب وأشيد بها باعتبارها من أفضل ما كتب في هذا النوع.

مقالات مشابهة

  • عن الأمالي.. قراءة في المسار والخط!
  • برغسون والفلسفة
  • وفاة الكاتب ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب
  • الموت يُغيب الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا
  • «ينافس إش إش».. الكاتب محمد صلاح عزب يسخر من إطلالة محمد رمضان
  • كوردستان.. ملتقى أدبي يستعرض الكوارث التاريخية عبر الأدب (صور وفيديوهات)
  • خارج الأدب | علي جمعة يوجّه تنبيها مهمًا لهؤلاء الطلاب
  • وفاة الكاتب البيروفي ماريو فارغاس.. صاحب نوبل للآداب
  • وفاة الكاتب البيروفي ماريو فارغاس.. صحاب نوبل للآداب
  • أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس يوسا