هل تُدفّع موسكو يريفان ثمن تقربها من الغرب؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
أعلنت أذربيجان الثلاثاء أنها أطلقت "عمليات لمكافحة الإرهاب" في منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها، وسمع دوي انفجارات في العاصمة ستيباناكرت، لتبدأ جولة جديدة من المواجهات العسكرية بين الطرفين.
وقالت وزارة الدفاع الأذرية في بيان "بدأت عمليات لمكافحة الإرهاب في المنطقة" مضيفة أنها تستخدم "أسلحة عالية الدقة عند الخطوط الأمامية وفي العمق" في إطار هذه العمليات.
أكّد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الثلاثاء أن أذربيجان شنت عملية برية مسلّحة في منطقة ناغورني قره باغ وأنها تريد "جرّ" أرمينيا إلى المواجهة، لافتًا إلى أن الجيش الأرميني غير مشارك في هذا القتال.
ندد باشينيان في تصريح تلفزيوني بالخطوة الأذرية قائلاً "شنّت أذربيجان عملية برّية تهدف إلى التطهير العرقي لأرمن قره باغ"، مؤكدًا أن الوضع عند الحدود الأذربيجانية الأرمينية "مستقرّ" وأن يريفان "غير مشاركة في أعمال مسلّحة".وفيما تقول أذربيجان إنها استهدفت قوات أرمينية، نفت يريفان الثلاثاء وجود قوات تابعة لها في المنطقة الانفصالية، وقالت وزارة الدفاع في بيان على تلغرام "أعلنت وزارة الدفاع الأرمنية مراراً، وتعلن مجدداً، أن أرمينيا ليس لديها قوات في ناغورني قره باغ".في الإقليم الانفصالي، قالت القوات المسلحة إنها تقاوم الجيش الأذري الذي يحاول التقدّم عميقاً في الجيب. وقال الانفصاليون على منصة إكس، "تحاول القوات الأذربيجانية التقدم عميقاً ... تواصل قوات الدفاع مقاومة الهجوم على خط التماس بأكمله".بماذا تطالب أذربيجان؟اعتبرت أذربيجان الثلاثاء أن السلام ممكن مع أرمينيا في حال انسحاب أرميني "كامل" من منطقة ناغورني قره باغ واشترطت على الانفصاليين إلقاء السلاح للدخول في مفاوضات.
قالت وزارة الخارجية الأذرية في بيان إن "السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة هو الانسحاب الكامل وغير المشروط للقوات المسلحة الأرمينية من منطقة قره باغ الأذرية وحل ما يسمى بالنظام الانفصالي".ما المطلب الأرميني؟طالبت وزارة الخارجية الأرمينية الثلاثاء قوات السلام الروسية المنتشرة في ناغورني قره باغ بالتحرك لـ"وقف العدوان" الأذري. وقالت الوزارة في بيان "يجب على قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في ناغورني قره باغ أن تتخذ إجراءات واضحة لا لبس فيها لوضع حد للعدوان الأذربيجاني".
أمر مهم آخر وهو أن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان طالب روسيا بالتدخل أولاً، ثم الأمم المتحدة. ولكن موسكو تنظر بريبة إلى التقارب الأخير بين الغرب ويريفان، الأمر الذي علق عليه نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري مدفيديف الذي لمّح إلى أن روسيا لن تهب لنجدة أرمينيا.ردود الفعل الدوليةدعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الثلاثاء أذربيجان إلى وقف عمليتها العسكرية في الإقليم. فرنسا نددت بشدة بالعملية العسكرية الأذرية، بينما قالت الخارجية الأمريكية إنها ستتواصل مع الطرفين. في موسكو دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا البلدين إلى "وقف إراقة الدماء" والعودة إلى "التسوية السلمية" في هذا الجيب المتنازع عليه منذ عقود.كيف نفسر الموقف الروسي؟اكتفت موسكو بعد ساعات من إعلان بدء باكو هجومها في الإقليم المتنازع عليه، بمطالبة الطرفين بوقف إراقة الدماء والعودة إلى التسوية السلمية وطاولة المفاوضات. هكذا جاء الموقف الروسي، "بارداً ورسمياً".
يرى محللون كثر أن التقاعس الروسي عن التدخل والحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين البلدين يعود لتشتت انتباهها وجهودها بسبب غزوها لأوكرانيا. كما يرى البعض بأنه نوع من العقاب المبطن ليريفان بسبب ميلها نحو الغرب مؤخراً بعد فقدانها الأمل من إمكانية مناصرة روسيا لها. فبعد استثمار طويل الأمد يمتد لعقود في علاقتها بروسيا وصلت أرمينيا إلى طريق مسدود ترى فيه أن جهودها هذه، بما فيها وقف جهودها نحو التكامل الأوروبي في عام 2013، لم تثمر. من جهتها، ترى يريفان أن موسكو فشلت بالوفاء بالتزاماتها الأمنية، رغم زعم روسيا أنها تقدمها من خلال منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهو تحالف عسكري يضم دول ما بعد الاتحاد السوفياتي بما في ذلك أرمينيا.الرهان الخاطئ؟يرصد المحللون فشلاً روسياً بالوفاء بوعودها بتأمين ممر لاتشين، وفشلها بتسليم الأسلحة التي اشترتها أرمينيا منها، وفشلها في الحد من سلوك أذربيجان التوسعي والعدواني ضد أرمينيا.
قال باشينيان في حوار مع صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية في وقت سابق إن بلاده بدأت تتذوق "الثمار المُرة" لـ "الخطأ الاستراتيجي" المتمثل في منح روسيا مسؤولية شبه حصرية عن الدفاع عن بلاده.ضمن ما تراه موسكو تحركاً أرمينياً نحو الغرب، قامت يريفان بمناورة تدريبية لقوات حفظ السلام بمشاركة جنود أمريكيين وصلوا البلاد خصيصاً لهذا الغرض، وأثار هذا غضب الحكومة الروسية. وهذه المناورة رغم صغر حجمها، تعد الأحدث في سلسلة مما اعتبرته وزارة الخارجية الروسية "إجراءات غير ودية" اتخذتها حليفتها التقليدية.و استدعت روسيا السفير الأرميني في موسكو الأسبوع الماضي لإجراء محادثات "صعبة" بعد الإعلان عن التدريبات وفق موقع بوليتيكو.
لكن ليس من الواضح بعد ما إذا كانت جهود أرمينيا لإنشاء شراكات دولية جديدة مدفوعة فقط بمحاولاتها لتعزيز أمنها، أو ما إذا كانت هذه المحاولات تبرز سعياً لدى يريفان للانضمام إلى محور غربي أوسع.
كذلك أرسلت أرمينيا مؤخراً مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا للمرة الأولى، ومن المقرر أن يصدق برلمانها على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية - مما يعني أنها ستكون ملزمة باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذا وطأت قدمه البلاد.محللون آخرون ذهبوا إلى تفسير الوضع القائم برغبة روسيا ومحاولتها إبقاء كل من أرمينيا وأذربيجان إلى جانبها في وقت واحد - وهي مهمة أصبحت مستحيلة بسبب تحركات أذربيجان العسكرية المستمرة.ويرى هؤلاء أن تردد روسيا بالاختيار بين أرمينيا وأذربيجان منذ 2020 هو بحد ذاته اختيار لأذربيجان تعززه العلاقات المتنامية بين موسكو وباكو - التي حفزتها العلاقة الشخصية بين بوتين والرئيس الأذري إلهام علييف منذ فترة طويلة - والتي ربما جاءت على حساب يريفان ونظرة بوتين إلى باشينيان وهو زعيم وصل إلى السلطة عن طريق الثورة ويعتمد خطاباً ديمقراطياً إصلاحياً مناهضاً للفساد.
تصاعدت التوترات بين أرمينيا وأذربيجان مطلع تموز/يوليو بعدما أغلقت باكو بذرائع مختلفة ممر لاتشين، ما تسبب في نقص كبير في الامدادات. وأثار ذلك مخاوف من تجدد المعارك بين البلدين خصوصاً في ظل تعزيز أذربيجان انتشارها العسكري عند الحدود.
خاض البلدان حربين للسيطرة على ناغورني قره باغ، آخرهما في عام 2020 ونتجت عنها هزيمة أرمينية وتحقيق أذربيجان مكاسب ميدانية، وانتهت بوقف هش لإطلاق النار.دارت الحرب الأولى حول مصير الإقليم عند انهيار الاتحاد السوفياتي في التسعينيات، وقد أودت بحياة 30 ألف شخص، فيما خلفت الحرب الأخيرة في عام 2020 نحو 6500 قتيل من الجانبين.شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية لقاء خاص مع علييف وباشينيان.. وحديث عن السلام وكيفية تحقيقه في ناغورني قره باغ باشينيان يتهم أذربيجان بارتكاب "إبادة" في ناغورني قره باغ ولا يستبعد اندلاع حرب جديدة معها أذربيجان تتهم روسيا بعدم احترام التزاماتها في اتفاق وقف إطلاق النار في ناغورني قره باغ فلاديمير بوتين روسيا ناغورني قره باغ علييف أذربيجانالمصدر: euronews
كلمات دلالية: فلاديمير بوتين روسيا ناغورني قره باغ علييف أذربيجان تغير المناخ الصين فرنسا الشرق الأوسط ضحايا ليبيا إيران فولوديمير زيلينسكي جمهورية السودان فلاديمير بوتين عاصفة تغير المناخ الصين فرنسا الشرق الأوسط ضحايا ليبيا فی ناغورنی قره باغ وزارة الخارجیة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
كوريا الشمالية: الانتصار في كورسك أفشل مغامرات الغرب العسكرية والسياسية
كوريا ش – أعلنت كوريا الشمالية أن زعيمها كيم جونغ أون قرر إرسال قوات كورية شمالية إلى روسيا وفقا للمعاهدة الموقعة بين موسكو وبيونغ يانغ، وأن الانتصار في كورسك “أفشل مغامرات الغرب”.
وجاء في بيان رسمي، نشرته وسائل إعلام كوريا الشمالية، فجر الاثنين، أن كيم جونغ أون “استنتج بأن الوضع مشمول بالمادة 4 من معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة” بين روسيا وكوريا الشمالية، وبناء على ذلك “اتخذ قرارا بإرسال قواتنا المسلحة للمشاركة في العمليات القتالية” في مقاطعة كورسك الروسية التي تعرضت لهجوم من قبل القوات الأوكرانية منذ أغسطس 2024.
وقالت اللجنة العسكرية المركزية الكورية الشمالية في بيانها إنه “بفضل هذا الانتصار الذي لا يقدر بثمن… تم إنهاء احتلال مقاطعة كورسك من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، والذي استمر نحو 9 أشهر، وتم كذلك إفشال المغامرات السياسية والعسكرية لدول الغرب وسلطات كييف”.
وشددت اللجنة على أن أنشطة القوات المسلحة الكورية الشمالية على الأراضي الروسية “تتجاوب كليا مع بنود وروح ميثاق الأمم المتحدة وغيرها من الوثائق القانونية الدولية”.
وأشارت إلى أن “الإتمام الناجح لعملية تحرير مقاطعة كورسك لم يصبح انتصارا للعدالة على الظلم فحسب، بل ومرحلة تاريخية جديدة أظهرت تحالفا قتاليا لا يقهر وأعلى مستوى لعلاقات التحالف والأخوة بين شعبي جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وروسيا”.
وأشاد حزب العمال الكوري الشمالي بأداء وحدات القوات الكورية الشمالية في مقاطعة كورسك، مشيرا إلى أنها “ساهمت بقسط مهم في تحرير الأراضي الروسية”.
وأكد أن كوريا الشمالية “ستواصل دائما وبشكل كامل دعم قضية جيش وشعب روسيا المقدسة، وستبقى متمسكة بأي أعمال مبنية على روح المعاهدة بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وروسيا.
وحسب البيان، وجه كيم جونغ أون “تحية حارة” لجيش وشعب روسيا “اللذين حققا انتصارا عظيما”.
يذكر أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين يوم 26 أبريل بإتمام تحرير مقاطعة كورسك من القوات الأوكرانية وأشاد بدور قوات كوريا الشمالية التي شاركت في العملية.
وأكدت الخارجية الروسية أن العسكريين الكوريين الشماليين شاركوا في العملية بناء على معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم توقيعها بين موسكو وبيونغ يانغ أثناء زيارة الرئيس بوتين لكوريا الشمالية في 19 يونيو عام 2024.
المصدر: نوفوستي