تونس تنفذ حملة أمنية ضد المهاجرين في صفاقس وتنقلهم إلى غابات العامرة وجبنيانة
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
إعداد: أمين زرواطي تابِع إعلان اقرأ المزيد
قامت السلطات التونسية الأحد بإخلاء ساحة عامة وسط مدينة صفاقس شرق البلاد، كان قد اتخذها مئات المهاجرين غير النظاميين مكانا للإقامة، بعد طردهم من منازلهم قبل أكثر من شهرين ردا على مقتل مواطن تونسي بيد مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.
وفي مطلع يوليو/تموز، طُرد مئات المهاجرين من صفاقس بعد اشتباكات مع السكان، ما تسبب في وفاة تونسي.
وعن الحملة الأمنية الأخيرة، قال المتحدث الرسمي باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" رمضان بن عمر لوكالة الأنباء الفرنسية: "أخلت قوات الأمن صباح اليوم (الأحد) ساحة كبيرة كان يتواجد بها نحو 500 مهاجر وسط مدينة صفاقس". مضيفا: "تم دفعهم للتفرق على شكل مجموعات صغيرة تنقلت في اتجاه مناطق ريفية وفي اتجاه مدن أخرى".
وكان المهاجرون وغالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء قد استقروا في ساحة "باب الجبلي" وسط مدينة صفاقس إثر حملة اعتقالات وطرد من قبل قوات الأمن والأهالي.
كما شنّت السلطات الأمنية في محافظة صفاقس حملة واسعة على المهاجرين والمهربين السبت والأحد أسفرت عن "ضبط ما يقارب عن 200 مهاجر من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء يستعدون لتنظيم عملية اجتياز، كما تم حجز 6 قوارب" حسبما قال الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، مؤكدا بأن "الهدف هو ضرب الوسطاء الذين يتاجرون بأرواح الناس".
وتعد صفاقس نقطة الانطلاق الأولى للمهاجرين بشكل عام بمن فيهم التونسيين، في عمليات هجرة غير قانونية نحو سواحل أوروبا.
اقرأ أيضاتونس - ليبيا.. أي استراتيجية لمكافحة الهجرة غير النظامية؟
واللافت، هو أن الحملة الأمنية في تونس قد أعقبت التدفق الهائل لآلاف المهاجرين على جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي قال عمدتها فيليبو مانينو الخميس: "في الساعات الثماني والأربعين الماضية، وصل حوالي سبعة آلاف إلى لامبيدوزا، التي ترحب بهم دائما بأذرع مفتوحة".
أتبع ذلك إصدار الحكومة الإيطالية الإثنين تدابير جديدة للحد من تدفق المهاجرين، عبر إنشاء المزيد من مراكز الاحتجاز وزيادة فترة اعتقال المهاجرين غير النظاميين.
يوضح نور الدين مباركي مراسل فرانس24 في تونس، بأن "حملة أمنية واسعة شاركت فيها مختلف الوحدات استهدفت تواجد المهاجرين غير النظاميين من جنسيات أفريقية وسط مدينة صفاقس من جهة، وأيضا منظمي عمليات الهجرة والوسطاء. تم على إثرها إجلاء المئات من المهاجرين ونقلهم إلى مدن قريبة من صفاقس، وهي العامرة وجبنيانة، إلى جانب توقيف عدد من منظمي عمليات الهجرة".
من صفاقس إلى غابات العامرة وجبنيانةوقال مراسلنا أيضا: "في العامرة، تم وضعهم في غابات الزيتون، ما أثار انتقادات المنظمات الحقوقية التي دانت هذا التعاطي مع المهاجرين، معتبرة بأنه كان من المفروض أن يتم توفير مراكز إيواء تضمن الحد الأدنى من الحقوق. كما شهدت العامرة الأحد حالة احتقان بسبب رفض الأهالي حل أزمة صفاقس على حسابهم. لكن الوضع هادئ حاليا حيث هناك نوع من المفاوضات بين ممثلين من المجتمع المدني والسلطات للتوصل إلى حل ما. يؤكد الأهالي بأن هناك المئات من المهاجرين أصلا ويضاف إليهم المهاجرون الذين نقلوا من صفاقس، ما يهدد الأمن السلمي للمدينة حسب قولهم. وفي جبنيانة الوضع هادئ حيث تم وضع المهاجرين أيضا في الغابات والمناطق الفلاحية".
وتابع مباركي: "تحدثت بعض التقارير الإعلامية المحلية عما سمّته عودة الخطاب العنصري ضد المهاجرين، لكن من خلال تواصلي مع مكونات المجتمع المدني فإن السكان يرون أن الإشكال ليس مع المهاجرين بل مع السلطات. وتعتبر العامرة مهمة للتوجه إلى إيطاليا حيث إنها النقطة الأخيرة في عمليات الهجرة غير النظامية نحو إيطاليا".
"المهاجرون خارج باب الجبلي لا زالوا في مساكنهم"من جانبه، يرى فتحي بوجناح مراسل إذاعة "موزاييك" في صفاقس، بأن "الحملة الأمنية الأخيرة استهدفت إخلاء فضاء رباط المدينة وفضاء الأم والطفل بمنطقة باب الجبلي التي تعد القلب النابض لصفاقس من الوجود المكثف للمهاجرين من دول جنوب الصحراء الذين اتخذوا من الفضاءين المذكورين مقرا للإقامة، تبعا لذلك تم إخراج هؤلاء من المنطقة. وبالنسبة للسودانيين الذين تنطبق عليهم حالة اللجوء فقد تم نقل بعضهم بحافلات إلى خارج ولاية صفاقس ونقل البعض الآخر منهم إلى معتمدية العامرة، علما بأن السودانيين هم الذين كانوا يتواجدون بفضاء الأم والطفل بباب الجبلي ويشغلونه إلى حين اتخاذ قرار الإخلاء منها".
أضاف مراسل "موزاييك": "احتج عدد من أهالي معتمدية العامرة على وصول هؤلاء المهاجرين بحافلات إلى منطقتهم واعترضوا سبيلها رافضين استقبالهم. تدخلت السلطات المحلية والجهوية لإقناعهم بإعادة فتح الطريق. لم نتبلغ بخصوص حدوث اعتداءات طالت هؤلاء المهاجرين والقرار كان فقط إخلاء منطقة باب الجبلي بصفاقس، علما بأن المهاجرين غير النظاميين الذين يوجدون خارج باب الجبلي لم يتم استهدافهم بالترحيل وهم موجودون حاليا بالأحياء والمساكن التي يقطنون بها".
"ضغط دولي في سياق أحداث لامبيدوزا الإيطالية"في سياق متصل، أوضحت زهور الحبيب صحافية بالإذاعة الجهوية في صفاقس: "لا زلنا لا نعرف مصير المهاجرين الذين تم نقلهم من صفاقس إلى منطقة العامرة التي تبعد عنها حوالي 30 كلم ولا وجهتهم المقبلة. اليوم، وفي ظل غياب المنظمات الدولية لا توجد إعانات عدا ما يقدمه المواطنون بصفة فردية والهلال الأحمر. وضعية الأفارقة من دول جنوب الصحراء سيئة أيضا لانعدام مساعدات الدولة. بالنسبة للحملات الأمنية المكثفة في جهة صفاقس وآخرها كانت قبل يومين، فهي تمت تحت قيادة المدير العام للأمن الوطني وآمر الحرس الوطني اللذين كانا موجودين. ينوي أغلبية الأفارقة حسب تصريحاتهم الهجرة إلى إيطاليا ودول أوروبا. وقد تم وضعهم في العامرة رغم رفض أغلبية السكان لوجودهم. يتساءل الأهالي لماذا لم يتم إنشاء مخيم أو فضاء يراعي الظروف الاجتماعية وحقوق الإنسان ويتوفر على المرافق الأساسية التي تلبي حاجياتهم".
كما قالت زهور الحبيب إن "هناك اتفاقية تمنع ترحيل هؤلاء المهاجرين إلا من طالبوا بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. لكن اليوم تم إخراجهم من منازلهم رغم أن لديهم مدة من الزمن على تواجدهم فيها خصوصا بأحياء مثل ساحة باب الجبلي، وساحة رباط المدينة بصفاقس. نشير إلى أن الحملة الأمنية الأخيرة جاءت استجابة لمطالب سكان المدينة وبدعوة من بعض نواب الشعب لإبعاد الأفارقة من مركز مدينة صفاقس إلى جهة أخرى".
اقرأ أيضاالأمين العام للأمم المتحدة يندد بـ"طرد" مهاجرين أفارقة من تونس إلى ليبيا
وعن السياق الدولي للحملة الأمنية التونسية ضد المهاجرين غير النظاميين، قالت الصحافية بالإذاعة الجهوية في صفاقس: "يبدو أن الضغط الدولي وأحداث لامبيدوزا وارتفاع نسبة تدفق المهاجرين غير النظاميين على إيطاليا، قد يكون كل ذلك أثّر بشكل أو بآخر على قرار إطلاق الحملة الأمنية في تونس لحل أزمة الهجرة ولو ظاهريا فقط. لكن ينبغي التنويه إلى أن مشكلة الهجرة يجب حلها ووقف هذا التدفق البشري الهائل خصوصا مع ما نراه من نقل هؤلاء الأشخاص بحرا على متن قوارب غير آمنة مثل التي يتم صنعها بالحديد دون مراعاة المواصفات حيث تغرق فورا في حال توقف المحرك. أعتقد أن الحل الأمني حاليا هو ضروري لكن الإشكال هو كيفية منع دخولهم إلى الأراضي التونسية بالأساس".
من جانبه، يرى نور الدين مباركي بأن "تونس من خلال الخطاب الرسمي أي خطاب الرئيس والحكومة ووزارة الداخلية، لا يمكن لها أن تكون بلدا لتوطين المهاجرين، وهي ترفض أن تتحول إلى حرس حدود للبلدان الأوروبية. ومن ثمة فإن الحملة تأتي في هذا السياق وهي تتزامن مع رفض تونس دخول الوفد البرلماني الأوروبي وأيضا الحراك الموجود في لامبيدوزا الإيطالية. إذا فهناك قلق كبير في تونس من تدفقات كبرى للمهاجرين وهو ما ترجم في شكل حراك وحملة لإبعادهم. رسالة تونس اليوم هي أنها تقاوم الهجرة غير النظامية".
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: زلزال المغرب فيضانات ليبيا وفاة مهسا أميني ريبورتاج تونس الهجرة غير الشرعية الاتحاد الأوروبي الشرطة حقوق الإنسان لاجئون المهاجرین غیر النظامیین الحملة الأمنیة جنوب الصحراء من صفاقس فی صفاقس فی تونس
إقرأ أيضاً:
هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم السبت، عن عدد أسرى الاحتلال الإسرائيلي الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2023.
وذكرت الصحيفة أن "41 أسيرا إسرائيليا من بين 251 أسرتهم حماس في غزة، قُتلوا في الأسر، بعضهم قُتل بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية التي شنتها على غزة".
وأضافت أن "الخرائط العسكرية تؤكد أن موقع مقتل 6 من الأسرى على يد الجيش الإسرائيلي في أغسطس/ آب الماضي، كان ضمن مناطق العمليات المحدودة".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الجيش الإسرائيلي عندما نشر تحقيقه حول مقتل الأسرى الستة، قال إنه لم يكن يعلم بوجودهم في المنطقة"، مؤكدة في الوقت ذاته أن الجيش "كان على علم بالخطر الذي يحدق بالأسرى عندما عمل في المنطقة التي قُتل فيها الرهائن الستة".
يشار إلى أن الأسرى الإسرائيليين الستة الذين تم قتلهم هم: هيرش جولدبرج بولين، أوري دانينو، إيدن يروشالمي، أليكس لوبانوف، كارميل جات، وألموج ساروسي.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه "رغم قرار وقف نشاط الجيش الإسرائيلي في مدينة خانيونس (جنوب) بقطاع غزة، بسبب المخاوف على حياة الأسرى، إلا أنه بعد توقف ليوم واحد فقط، قرر الجيش مواصلة عملياته هناك بهدف تحديد مكان زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار".
وأشارت إلى أنه "بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، تقرر أن العثور على السنوار كان أكثر أهمية من إنقاذ أرواح الأسرى الإسرائيليين (لم يتم تحديد مكانه في حينه)".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2024 أي بعد نحو عام على بدء عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من حرب إسرائيلية مدمرة ضد قطاع غزة، اغتيل السنوار بمدينة رفح جنوب القطاع برصاص الجيش الإسرائيلي وهو يقاتل.
ورغم تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة من المسؤولية عن مقتل أسرى إسرائيليين في قطاع غزة وتحميل حركة حماس مسؤولية ذلك، إلا أن المعارضة الإسرائيلية تحمله مسؤولية مقتل عدد كبير من الأسرى جراء عرقلته لأشهر طويلة التوصل إلى صفقة لإعادتهم خوفا من انهيار ائتلافه الحكومي، الذي كان وزراء من اليمين المتطرف به يضغطون لمواصلة حرب الإبادة على غزة.
ومطلع آذار/ مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية التي تشمل إنهاء الحرب.
ويريد نتنياهو، مدعوما بضوء أخضر أمريكي، تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين دون تقديم مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.
مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، أغلق الاحتلال الإسرائيلي مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع كأداة ضغط على حماس لإجبارها على القبول بإملاءاتها، كما تهدد إسرائيل بإجراءات تصعيدية أخرى وصولا إلى استئناف حرب الإبادة الجماعية.
وبدعم أمريكي ارتكب الاحتلال بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.