مراكش.. انطلاق الدورة الثالثة للقمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
انطلقت اليوم الثلاثاء بمراكش، أشغال الدورة الثالثة للقمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته (World PtX Summit)، بمشاركة وازنة لواضعي السياسات ورواد الصناعة وخبراء الأبحاث والمبتكرين العالميين.
وتكتسي هذه الدورة المنعقدة على مدى يومين، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس بإشراف من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، وتكتل الهيدروجين الأخضر بالمغرب وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، أهمية خاصة، لكونها تنعقد في سياق أزمة طاقية عالمية فاقمتها التوترات الدولية والتحولات السياسية المتسارعة.
وأكد رئيس “Cluster GreenH2“، محمد يحيى زنيبر، خلال الجلسة الافتتاحية، أن الاقتصاد الجديد القائم على الهيدروجين الأخضر يشكل فرصة لمواجهة التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية والهجرة، مشددا على أهمية التكوين من أجل صياغة وتنفيذ الاستراتيجيات الصناعية، والسياسات التي تروم ضمان السيادة التكنولوجية، فضلا عن تقاسم التكنولوجيا والتبادلات من أجل تعزيز التعاون الدولي.
وأشار، في السياق ذاته إلى أنه بفضل الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، ولا سيما الميثانول، أصبح الإنتاج الصناعي للمشتقات الكيميائية الخضراء أمرا حتميا.
من جهته، أبرز المدير العام لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، سمير رشيدي، أن المؤشرات تدل على تحسن نتائج صناعة السيارات والطيران المغربية، مشيرا إلى تطوير مشروع “Green Ammonia Pilot plant ” المخصص للابتكار والهيدروجين الأخضر وتطبيقاته، لتعزيز قدرات المملكة في هذا المجال.
وذكر أن الملك محمد السادس ترأس، نونبر الماضي، اجتماع عمل خصص لتطوير الطاقات المتجددة وبحث آفاق جديدة في هذا المجال، مبرزا أن المملكة، بقيادة جلالته، تتمتع بمقومات تمكنها من تبوأ الصدارة دوليا في مجال تحييد الكربون.
من جانبه، شدد رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، هشام الهبطي، على ضرورة القطيعة مع مصادر الطاقة الأحفورية، والتفاعل الجاد مع التحديات البيئية التي يواجهها العالم، داعيا إلى ضمان حصول كافة الدول على الطاقة وضمان استقرار السوق العالمية.
أما رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، فاعتبر أن إزالة الكربون من الصناعة ضرورة ملحة للتفاعل مع “حالة الطوارئ المناخية”، من خلال استعمال الطاقات المستدامة، لا سيما في قطاع الطاقة الذي ينتج ثلثي انبعاثات الغاز.
وشدد على أن الهيدروجين الأخضر، باعتباره موردا خاليا من الكربون، من شأنه تغطية الكثير من الاحتياجات خلال العقود القادمة، داعيا إلى تقليص فجوة التكلفة بين الهيدروجين والطاقة الأحفورية، وإقامة تعاون دولي مثمر كفيل بتعزيز الاعتماد على الهيدروجين الأخضر.
من جانبها، أكدت رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، مباركة بوعيدة، أن هذا النقاش يكتسي أيضا طابعا ترابيا، إذ تفرض الجهات نفسها كفاعل حقيقي في التحول نحو اقتصاد أخضر ومرن، مشيرة إلى الدور الحاسم لهذه الكيانات الترابية، ليس فقط كفضاء للاستثمار، ولكن كفاعل جوهري في نجاح أي مشروع للتنمية المستدامة.
وأضافت أن الجهات تعتبر القلب النابض للنمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي والابتكار، مؤكدة أنها “أرضيات للاختبار” تتشكل فيها الأفكار والشراكات الجديدة.
يشار إلى أن قمة “World PtX ”، المنظمة بشراكة مع مجلس جهة كلميم واد نون ومجلة صناعة المغرب “Industrie du Maroc”، تعد منصة رائدة لتعزيز حوار إقليمي ودولي حول فرص وتحديات سلسلة القيمة الصناعة واللوجستية والتكنولوجية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته.
ويأخذ هذا الحدث بعدا كبيرا بالنظر للزخم الذي يشهده مجال الهيدروجين الأخضر بفضل التعليمات الملكية السامية لتسريع تنزيل “عرض المغرب” في هذا المجال. كما أن هذه المبادرة الطموحة تهدف إلى تكريس المغرب كرائد إقليمي وقطب إفريقي في مجال الهيدروجين، بالاستناد إلى مؤهلاته الطبيعية واستراتيجيته الوطنية وشراكاته الدولية القوية.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: الهیدروجین الأخضر محمد السادس
إقرأ أيضاً:
رسائل السلام والهيدروجين الأخضر
هلال بن عبدالله العبري
تشهد سلطنة عُمان في الآونة الأخيرة نهضة متكاملة الأبعاد، تضعها على مشارف مكانة عالمية متميزة، ليس فقط في مجال الطاقة النظيفة، بل في ميادين السياسة والدبلوماسية أيضًا. فمن جهة، باتت السلطنة قاب قوسين أو أدنى من أن تتصدر قائمة الدول المصدِّرة للهيدروجين الأخضر في الشرق الأوسط، بل وعلى رأس قائمة الدول على مستوى العالم، لما تمتلكه من إمكانيات طبيعية واستراتيجية تؤهلها لأن تكون لاعبًا رئيسيًا في مستقبل الطاقة المستدامة.
الهيدروجين الأخضر، هذا الوقود النظيف الذي يُنتَج عبر استخدام مصادر متجددة للطاقة، يمثل بارقة أمل للعالم في سعيه نحو تقليل الانبعاثات الكربونية ومواجهة التغير المناخي. وقد خطت سلطنة عُمان خطوات واثقة في هذا المجال، عبر مشاريع طموحة تستقطب الاستثمارات الدولية وتؤكد التزامها العميق بقضايا البيئة والتنمية المستدامة.
وفي موازاة هذا التقدم التقني والاقتصادي، تلعب عُمان دورًا لا يقل أهمية في الساحة السياسية الإقليمية والدولية، حيث تُعرف بدبلوماسيتها الهادئة ومبادراتها الفاعلة لنزع فتيل الأزمات. فقد كرّست السلطنة مكانتها كوسيط موثوق يسعى إلى مدّ جسور الحوار بين الفرقاء، ويعمل على تثبيت أسس السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.
إن الجمع بين الريادة في الطاقة النظيفة والنهج الدبلوماسي المتزن، يرسل من عُمان إلى العالم رسائل متعددة: رسائل سلام، ورسائل أمل، ورسائل تؤكد أن التنمية الحقيقية هي التي تجمع بين الحفاظ على البيئة وتحقيق التوازن السياسي. وهكذا، تكتب السلطنة فصولًا جديدة في سجل نهضةٍ متجددة، وهي تمضي بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.
وحين نتأمل في التوجهات الاستراتيجية التي تتبناها سلطنة عُمان، سواء في سعيها نحو تصدير الهيدروجين الأخضر كمصدرٍ نظيف ومستدام للطاقة، أو في جهودها الحثيثة لإرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة، يتجلى أمامنا خيط ناظم يجمع بين هذه المساعي المتنوعة، ألا وهو الإنسان.
فالرؤية العُمانية، بوعيها العميق ومسؤوليتها الأخلاقية، تنطلق من إدراكٍ بأن أمن الإنسان وسلامته، وحقه في العيش في بيئة نقية ومستقبل آمن، هو جوهر كل مشروع تنموي أو تحرك دبلوماسي. وهي بذلك تسعى إلى بناء عالمٍ يتصالح فيه الإنسان مع بيئته، وتزول فيه أسباب الصراع، لتسود روح التعاون والتكامل.
وفي مبادراتها البيئية، تضع السلطنة بصمتها في خريطة الطاقة النظيفة العالمية، لتؤكد أن حماية الكوكب مسؤولية جماعية تتطلب رغبة في التغيير واستشراف المستقبل. وفي مساعيها السياسية، تثبت أن الحوار هو السبيل الأجدر لحل النزاعات، وأن السلام ليس خيارًا هامشيًا، بل ركيزة للتنمية المستدامة.
هكذا تتكامل الأدوار وتتعاضد الجهود، في سبيل إنسانٍ يعيش بكرامة، على أرضٍ تحفظ حق الأجيال القادمة، تحت سماء يسودها السلام.