مصطفى الطرابلسي.. شاعر تنبأ بمصير درنة قبل 17 عاما وقضى في مأساتها
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
رثى مدينته درنة الليبية في قصيدة قبل نحو 17 عاما، وتنبأ بما ستؤول إليه حالها جراء إهمالها، مدينته التي ما انفك عن ذكرها في قصائده متغزلا فيها ومعبرا عن حبه اللامتناهي لها، وسط قلق مستمر على ما يخبئه القدر لها.
لم تكن نبوءته من وحي خياله، وإنما لما لامسه من واقع المدينة المترهل والإهمال الذي تعانيه طيلة عقود من الزمن، فضلا عن مآسيها المستمرة التي عاشتها من قمع بعض أبنائها إبان حقبة العقيد الراحل معمر القذافي، وصولا إلى ما شهدته في ظل سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليها والحروب التي عانت ويلاتها لسنوات بعد ثورة فبراير/شباط 2011.
مصطفى الطرابلسي شاعر وأستاذ في اللغة العربية ولد في سبعينيات القرن الماضي، وهو سليل عائلة الطرابلسي إحدى العائلات المعروفة بمدينة درنة، التي أنجبت رواد مسرح وفنانين ومشايخ وأدباء ومثقفين، فوالده هو المستشار القانوني الراحل عبدالعزيز الطرابلسي، وجده أحد أعلام المدينة العلامة الشيخ مصطفى الطرابلسي صاحب كتاب "درنة الزاهرة" الذي يروي قصة تأسيس المدينة.
الشاعر المتيم بمدينته والمهووس بحبها وعشقها هو أحد مؤسسي جمعية "بيت درنة الثقافي" المعروفة بالمدينة، ومن المشاركين في كل أنشطتها، ويعد علما من أعلام المدينة لدى شبابها.
إلى جانب حبه للثقافة والأدب والشعر، كان الطرابلسي محبا للرياضة وكرة القدم تحديدا، فهو أحد أعضاء النادي الأفريقي بالمدينة.
القصيدة التي تنبأت بالفاجعةذاع صيت مصطفى الطرابلسي في عموم ليبيا عقب وفاته، وغزت قصيدته ومنشوراته التي كان يدونها في حسابه بفيسبوك كل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الليبية، والتي كان يتحدث فيها وكأنه يكتبها اليوم.
في منشوراته الأخيرة، عبّر الطرابلسي باستمرار عن استيائه ووجعه للحال التي وصلت إليها درنة، وحذر مرارا من انزلاق المدينة إلى مصير أسوأ من وضعها الحالي، كما تغزل كعادته بدرنة وحبه لها واصفا جمالها وروعتها.
تعود قصة نبوءة الطرابلسي بمصير المدينة الكارثي إلى عام 2006، في قصيدة تنبأ فيها بنهاية المدينة جراء معاناتها المستمرة، واصفا فيها معاناة المدينة:
"عظم الله يا خوي أجرك فيها.. درنة انتهت وتريد من يرثيها
درنة كانت.. طفلة جميلة بالدلال ازدانت
من ظلم ياما ومن مصايب عانت.. التاريخ يفخر وين ما يطريها"
كان سكان درنة يرددون مطلع قصيدته في حياتهم اليومية، وكانت لا تفارق ألسنتهم عند وقوع أي حدث سيئ في المدينة، مستائين من وضعها ومتهكمين على مسؤوليها قائلين: "عظم الله أجرك فيها، درنة انتهت وتريد من يرثيها"، حسب أصدقائه.
صراخ الطرابلسي ومناشداته وخوفه على المدينة ومخاطر إهمالها كان حاضرا في كلمته التي ألقاها في الندوة التي عقدت ببيت درنة الثقافي قبيل الفاجعة، ويستذكر عبد الحميد بطاو (صديق الطرابلسي وأحد كبار شعراء درنة) جزءا من تلك الكلمة، التي قال فيها الطرابلسي "من أناشد، ولمن نصرخ بالكارثة التي يجزم بها المهندسون وذوو الاختصاص بالمدينة بما سيحل بالوادي وينهي كل شيء".
ويقول بطاو -في معرض حديثه للجزيرة نت- إن الطرابلسي عشق درنه بكل غيرة ولهفة، وكان قلقلا بشأن المدينة على الدوام ويشعر باستمرار بخيبة أمل تجاه المسؤولين عليها، مستشهدا بمنشور للطرابلسي عبر حسابه على فيسبوك كتب فيه "كلما أشعلت المدينة أملا ينسيها الوجع كان بالمقابل ألف ريح تترصد الأنوار".
ولم يتوقف الطرابلسي أبدا عن انتقاد المجلس البلدي بالمدينة، وطالب باستمرار بمسؤولين يمثلون المدينة وسكانها ولا يمثلون بها، يضيف بطاو.
المرهف الشجاع، هكذا يصفه صديقه ورفيق دربه الإعلامي حمدي بن زابيه، مشيرا إلى أن الطرابلسي كان يتأثر عندما يجد قطة ميتة مرمية في أحد شوارع المدينة، إلا أنه كان شجاعا يرفض الظلم والإرهاب وكل ما ينغص عيش المدينة وسكانها، وقد أسره تنظيم الدولة إبان سيطرتهم على المدينة السنوات الماضية، بسبب كتاباته المستمرة الرافضة للتنظيم ومطالباته المستمرة بالانتفاضة ضدهم.
ويروي بن زابيه في حديثه للجزيرة نت أن عناصر التنظيم أسروا الطرابلسي وحفروا له قبرا ووضعوه فيه، وطلبوا منه أن يردد الشهادة قبل أن يقتلوه، غير أنهم أطلقوا سراحه بعد لحظات وطلبوا منه العودة إلى منزله بعد أن جردوه من ثيابه.
ابن درنةوعن سماته الشخصية، يقول بن زابيه إن الشاعر مصطفى الطرابلسي رغم أنه لم يرزق بذرية فإنه كان عطوفا ودودا محبا للخير، ساعيا على الدوام للصلح بين المتخاصمين من أصدقائه والمقربين منه.
ويضيف بن زابيه أن الطرابلسي كان صاحب نكتة ومرح وشخصية، وأنه كان يتمنى أن يشرب من مياه بحر مدينته درنة من شدة تعلقه بها، ولم يكن يعلم أن سيفارق الحياة في هذا البحر بعد أن تجرفه السيول.
ولطالما سيطر حب مدينة درنة على قصائد الطرابلسي، الذي ترعرع في أزقتها وضفاف واديها، معتبرا إياها سبب أوجاعه وطبيبها ودواءها في الوقت ذاته.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيف تنبأ مسلسل «عائلة سيمبسون» بانتخابات أمريكا؟.. سر حلقة عام 2000 وملابس هاريس
لا صوت يعلو الآن فوق صوت ماراثون الانتخابات الأمريكية، التي حسمت بفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية على حساب منافسته الديموقراطية كامالا هاريس، ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية، ما أعاد إلى الأذهان حلقة من المسلسل الكرتوني الأمريكي الشهير «عائلة سيمبسون»، الذي تنبأ بعدد من الأحداث التي وقعت حول العالم، من بينها ما يعتقد أنه ترشح كامالا هاريس للانتخابات الأمريكية.
هل تنبأ مسلسل «سيمبسون» بفوز ترامب؟أحداث حلقة «Bart to the Future» من المسلسل الأمريكي الشهير «عائلة سيمبسون» التي يعود تاريخ بثها إلى عام 2000، عادت إلى الساحة من جديد، عندما تضمنت أحداث الحلقة ظهور شخصية «ليزا» كأول رئيسة للولايات المتحدة، تتحدث أثناء جلوسها على المكتب البيضاوي قائلة: «كما تعلمون، لقد ورثنا أزمة كبيرة في الميزانية من الرئيس ترامب»، إذ كانت «ليزا» ترتدي بدلة أرجوانية وعقد به لآلئ تتطابق بشكل غريب مع الزي الذي ارتدته «هاريس» عند تنصيبها كنائبة للرئيس الأمريكي، يوم تنصيب بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية في 20 يناير 2021.
The Simpsons are scary sometimes. pic.twitter.com/XIp7FrNXeO
— Wall Street Silver (@WallStreetSilv) July 22, 2024 تطابق شخصية «ليزا» مع كامالا هاريسخلال أحداث هذه الحلقة، التي عرضت قبل 24 عامًا، كانت «ليزا» خليفة الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي كانت قد تنبّأت الحلقة أيضًا برئاسته لأمريكا، وعند تداول صور ومقاطع فيديو من هذه الحلقة، شارك مؤلف وكاتب أحداث المسلسل آل جان، في حسابه على منصة «X»، التشابه المتطابق بين شخصية «ليزا» وكامالا هاريس، بعد وقت قصير من إعلان بايدن انسحابه من السباق الرئاسي لعام 2024، وعلق عليها، قائلًا: «تنبؤات عائلة سيمبسون، أنا فخور بأن أكون جزءًا منها».
وعندما عادت الحلقة من جديد، اكتسبت التكهنات التي أشارت عليها الأحداث بالفعل مزيدًا من الصحة، عندما أعلن ترامب ترشحه للرئاسة في عام 2024، وهو نفس العام الذي توقعه «عائلة سيمبسون» في الأصل، إلا أنّه أخفق في توقعاته بشأن فوز المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، بعد إعلان فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024.