عربي21:
2025-02-02@09:19:02 GMT

التوانسة يبيعون جلد دب في ألاسكا

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

أعود إلى الكتابة في موضوع مطروق مرتبكا وخجلا من قارئ قد يمر على مقالين متشابهين؛ وقرفا في الآن نفسه من توضيح الواضحات الذي صار من الفاضحات. أكتب في عقدة النخبة التونسية (والتعميم عربيا جائز بقوة) أمام الإسلام السياسي؛ اسميها عقدة ولا أفسرها بغير الكسل الفكري أمام مقترحات مختلفة عن النموذج التحديثي المستزرع في عقول النخبة بفعل مدرسة وضع مناهجها وقادها فرنسيون من وراء البحر رغم حديث الاستقلال والسيادة.



الانقلاب فاشل في تونس وهذا محل إجماع كل الطيف السياسي والفكري وزواله قريب، وهذا أيضا مُجمع عليه لكن من يحل مكانه إذا سقط؟ هنا تتضح العقدة وهنا يكمن الحل، ولكن من يصيد دبا في ألاسكا ليبيع جلده؟ يقول الجميع في مجالسهم هذا الانقلاب فشل وهو بصدد تخريب البلد، لكن إذا سقط الآن فإن القوة الوحيدة التي يمكن أن تأخذ مكانه أو مكانة كبيرة من بعده هي حزب النهضة الإسلامي، ثم تكمل بقية الجمل لعنات (نسمعها ولا نكتبها). نطوف حول جوانب الفكرة لعلها تتضح فتريحنا من ترديدها.

يقول الجميع في مجالسهم هذا الانقلاب فشل وهو بصدد تخريب البلد، لكن إذا سقط الآن فإن القوة الوحيدة التي يمكن أن تأخذ مكانه أو مكانة كبيرة من بعده هي حزب النهضة الإسلامي، ثم تكمل بقية الجمل لعنات (نسمعها ولا نكتبها). نطوف حول جوانب الفكرة لعلها تتضح فتريحنا من ترديدها
نخبة كسولة ومعقدة

المدرسة التونسية البورقيبية بامتياز الممولة فرنسيا منذ الاستقلال بنت في أذهان التونسيين صورة للعالم (والمفهوم للوسيان قولدمان) ليس فيها الدين، بل علمانية يعقوبية طبقا لمبادئ الثورة الفرنسية التي قيل إنها شنقت آخر قسيس بأمعاء آخر إقطاعي أو أمير قروسطي.

زرعت الفكرة في الجيل الأول فنقلها إلى الأجيال عبر الجامعة والإعلام وكل مفاصل التعليم، فلما ظهر الإسلاميون في الصورة أُغلقت دونهم الأبواب وقيل الرجعية العربية والظلامية الدينية، وشُنت الحرب عليهم مند خمسين سنة ولم تضع أوزارها لكنهم ظلوا هنا يقترحون فكرة مختلفة (أكرر التعميم عربيا جائز، ففرنسا ونموذجها مرّا من مصر والشام وشمال أفريقيا وقدما نفس الأفكار والمنهج).

هذا الميراث منع إعادة النظر في مسائل حيوية متعلقة بنموذج التحديث في الوطن العربي (وتونس جزء منه)، لذلك تم إغلاق باب النقاش في علاقة التحديث بالتراث وعلاقة الديمقراطية بالمسألة الدينية، وخُتم على قلوب النخبة التي استمرأت كسلها في مسلّماتها وواصلت نسخ دروس الجامعة الفرنسية لطلبتها، ومن الجامعة إلى الإعلام إلى الإدارة ظل الأمر على ما هو عليه؛ الخطاب الإسلامي ومن يمثله هم ردة وجب تجاوزها.

وقد بُني نظام المنافع والمواقع على هذا الأساس فظهر الإسلاميون وخاصة بعد الثورة كمن يسرق خبزة من يد آكلها (ولا حق له فيها)، فهو تهديد وجب محوه. وكان هذا سببا مباشرا في الوصول إلى الانقلاب وكسر مسار بناء الديمقراطية التي يجد فيها إسلاميون خبزة مع الآخرين؛ تلك الخبزة محرمة على كل إسلامي، والانقلاب في مجملة وفي خطواته هو عملية قطع يد سارق لم يسرق شيئا من أحد، ولكن نخبة كسولة فكريا اتفقت معه حتى اللحظة فهو ضمانة مكاسبها وليتها كانت مكاسب حقيقية.

إنهاء الانقلاب محال دون الإسلاميين

حقيقة يقف عليها كل الطيف التونسي السياسي والفكري بعد سنتين ونيف من الانقلاب، وعلى عتبة انتخابات مضروبة ينظمها المنقلب ليحكم على هواه. لكن هذا الطيف يرتد إلى إسناد الانقلاب لما يراه في وضوحه، وفي أفضل الأحوال ينزوي ويقول الانقلاب أقل سوءا من "الخوانجية"؛ لأن فكرة التعايش مع الإسلاميين تزعج كسله الفكري
هذه حقيقة يقف عليها كل الطيف التونسي السياسي والفكري بعد سنتين ونيف من الانقلاب، وعلى عتبة انتخابات مضروبة ينظمها المنقلب ليحكم على هواه. لكن هذا الطيف يرتد إلى إسناد الانقلاب لما يراه في وضوحه، وفي أفضل الأحوال ينزوي ويقول الانقلاب أقل سوءا من "الخوانجية"؛ لأن فكرة التعايش مع الإسلاميين تزعج كسله الفكري ويشعر بأنه مضطر إلى إعادة قراءة التاريخ الذي تعايش فيه ضمن نموذج حكَم وضعي المتدين والعلماني وبنوا تجارب ديمقراطية. هذا جهد مضنٍ؛ أسهل منه تحمّل فقدان الحرية والعيش تحت حكم الغباء المطلق.

فئة أخرى تسند الانقلاب بغير سند فكري وإنما بناء على نظام المصالح، فقدوم الإسلاميين إلى مواقع القرار والمشاركة يعني تقاسم منافع الحكم التي احتكرها هذا الطيف منذ الاستقلال. والإسلاميون يمثلون في العمق موجة شعبية محرومة تبحث عن حصتها من غنيمة الحكم؛ فهم منافس وجب قطع يدهم قبل أن تمتد إلى المائدة العامرة، وهم من الكثرة بحيث لا يمكن رشوتهم بالقليل كما تم إخضاع اليسار بالرشوة.

إذا كانت النخبة المثقفة والأكاديمية لا تفضل الحرية على المراجعات الفكرية المضنية (التي ينفذ منها إسلاميون)، وإذا كانت نخبة المنافع/ المواقع/ الامتيازات تفضل الاستحواذ على القسمة مع إسلاميين فقراء (متسلقين)، فمن سينهي الانقلاب؟ العقدة تتضح.. كم ثمن جلد دب في ألاسكا؟

نسمعهم ولا نصدقهم
الانقلاب ماض في طريقه وأبعد من الانقلاب تتأجل الديمقراطية ولو تدخل ملك الموت في إنهاء الانقلاب؛ لأن معركة أخرى واجبة هي مراجعة مسلّمات النخبة التي صنعت بهوى فرنسي، وقبول الإسلاميين في عملية ديمقراطية طويلة النفس تدرب الجميع على التعايش وتخضعهم لأحكام الصندوق الانتخابي
لا نصدق من نسمع هذه الأيام، خاصة إذا بالغ في لعن الانقلاب وسمى المنقلب بالاسم. نعرفهم أفرادا واتجاهات وحديثهم لا يمر من "زُورنا"، لقد اعتقل المنقلب أعداءه الفعّالين، ولكنه سمح للمزيفين بالمطالبة بتحريك الجيش ضده وفي التلفزيون المفتوح. لعبة مكشوفة لكنها لا تخفي حقيقة جليّة: الشارع لن يتحرك ضد الانقلاب لأن من يحركه مسجون والبقية مزايدون، والقلة القليلة التي وعت المشهد لم تؤلف بعد قوة في الشارع وقد لا تفعل.

لا نبيع جلد دب حي.. الانقلاب ماض في طريقه وأبعد من الانقلاب تتأجل الديمقراطية ولو تدخل ملك الموت في إنهاء الانقلاب؛ لأن معركة أخرى واجبة هي مراجعة مسلّمات النخبة التي صنعت بهوى فرنسي، وقبول الإسلاميين في عملية ديمقراطية طويلة النفس تدرب الجميع على التعايش وتخضعهم لأحكام الصندوق الانتخابي (لقد هربوا من الصندوق نصف قرن لكن الصندوق ما زال فاغرا ينادي الديمقراطيين).

هذه هي شروط إنهاء الانقلاب وشروط بناء ديمقراطية من بعده، ففي النهاية الانقلاب مرحلة ضمن سياق غير ديمقراطي ولا يرتبط بشخص المنقلب فما هو إلا واجهة، وإذا توفرت شروط الديمقراطية فلن يكون هناك انقلاب ثان، وحتى ذلك الحين نتابع ساخرين (الحقيقة نخفي الإحباط في ضحكات بائسة) نخبا تونسية تروج لبيع جلد دب في ألاسكا وتوهم الشعب بغنيمة الانقلاب. ما ذنب الدب في ألاسكا؟ لا ذنب له سوى أنه بعيد جدا عن تونس ويمكن الإيهام بصيده، وكلما بعُد في الجغرافيا بعُد في التاريخ، ثم توزيع حقن الصبر على الانقلاب على الشعب الذي عبر البحر إلى غير رجعة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسية الديمقراطية الإسلاميين الإنقلاب تونس الديمقراطية الإسلاميين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إنهاء الانقلاب من الانقلاب

إقرأ أيضاً:

يديعوت: هذه هي الملفات التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب

من المتوقع أن يغادر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد المقبل في زيارة سياسية إلى الولايات المتحدة، حيث ستكون النقطة الأهم فيها هي لقاء شخصي مع الرئيس دونالد ترامب.

وجاء في تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أعده مراسلها السيسي إيتمار آيخنر، أنه وفي هذا اللقاء المرتقب "سيحاول الزعيمان وضع سياسة مشتركة بشأن العديد من المواضيع، بما في ذلك إيران ومستقبل قطاع غزة".

وذكر التقرير أنه "في إسرائيل يُعطى هذا الاجتماع أهمية كبيرة ويُنظر إليه كفرصة لصياغة سياسة تجاه المنطقة، حيث أن ترامب على الرغم من أن له غريزته الخاصة ويتحدث عن الشرق الأوسط قبل توليه المنصب وبعده، إلا أن العديد من القرارات لم تُتخذ بعد في إدارته، لذلك، يأمل نتنياهو أن يتمكن من التأثير على صياغة سياسة ترامب خلال الاجتماع".

وأوضح أن "الموضوع الأول من حيث الأهمية بالنسبة لإسرائيل هو التهديد الوجودي من إيران، بينما بالنسبة لترامب، فإن القضية الإيرانية تُدرج ضمن الهيكلية الإقليمية، وفي الوقت نفسه، تعتبر وضعية طهران وأوضاعها مهمة أيضًا بالنسبة لدول أخرى في الشرق الأوسط، مثل السعودية والإمارات والبحرين، ولدى الولايات المتحدة التزامات بشأن هذه القضية لا تتعلق فقط بإسرائيل".


ويذكر أن "إسرائيل" ترغب في رؤية عقوبات أمريكية قاسية ضد إيران، مع وجود خيار عسكري موثوق.
خلال ولايته السابقة، فرض ترامب عقوبات صارمة على إيران، ولكن لم يُقِم تهديدا عسكريا موازيا، في الوقت نفسه، الرسالة التي أرسلها ترامب هي أن طهران لن تحصل على قنبلة نووية، والنقاش يدور حول كيفية ضمان تحقيق هذا الهدف. 

وأكد التقرير إنه "من غير المتوقع أن يبدأ ترامب في القيام بعمل عسكري ضد إيران، لأنه في رؤيته لا يريد فتح حروب وإيران ليست حربه، لكنه بالتأكيد يمكنه مساعدتهم في حروب الآخرين، وبذلك يحرر ترامب نفسه من التناقض بين الرغبة في أن يكون صانع سلام وقدرته على مساعدة إسرائيل في الفوز في حروبها".

وأضاف أنه "في إسرائيل، يتوقعون سماع خطط ترامب بشأن القضية الإيرانية، وهل ينوي الدخول في حوار دبلوماسي معهم في محاولة للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، والقضية الإيرانية مرتبطة أيضًا بخطط ترامب بشأن السعودية، وفقًا لرغبة الأمريكيين في توسيع اتفاقات أبراهام، ومندوب ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، زار السعودية هذا الأسبوع، بعد أسبوع من تنصيبه".

وأشار التقرير إلى أن "الموضوع المركزي الآخر الذي سيُطرح هو الأسرى ومستقبل قطاع غزة، إذ يُعتبرون قضية ملحة، مقارنة برؤية عامة حول غزة، لأنه من الواضح للجميع أن قضية القطاع لن تُحل في غضون 19 يومًا، وهي الفترة المخصصة للمفاوضات حول المرحلة الثانية من صفقة الأسرى، من اليوم الـ16 حتى اليوم الـ35 من قرار وقف إطلاق النار، وحتى ويتكوف لم يحدد موقفه بعد بشأن الموضوع، ويكرر الأمريكيون موقفهم بأنه يجب التأكد من أن غزة لن تكون ملاذًا آمنًا للإرهابيين، في ظل الحاجة الملحة لإنقاذ جميع الأسرى".

 من المتوقع أن يحاول ترامب ونتنياهو التوصل إلى تفاهم حول التوتر بين الموضوعين خلال اجتماعهما.

ويذكر أن الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، والرئيس الجديد ترامب تعهدا أمام نتنياهو (شفهيًا وكتابيًا) أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن استمرار صفقة الأسرى، فلن تُعتبر العودة إلى القتال انتهاكًا للاتفاق. 

ومع ذلك، من الواضح لجميع الأطراف أن الموضوع أكثر تعقيدًا: الأمريكيون منشغلون ببناء أعمدة السياسة الاستراتيجية، حيث أن كل قضية تتداخل مع الأخرى، ويريد ترامب التحدث مع نتنياهو بشأن الأمور لتشكيل السياسة العامة، ومن المحتمل جدا أن يطلب منه عدم العودة إلى القتال، على الأقل لفترة زمنية معينة.


وأكد التقرير "في إسرائيل تفاجأوا جدًا من تصريحات ترامب حول إمكانية نقل نصف سكان غزة إلى الأردن أو مصر لإعادة إعمار القطاع، ولم تتم مناقشة هذا السيناريو بجدية في إسرائيل، وليس من الواضح مدى إيمان ترامب بأن هذه الخيار واقعي، وربما هو يطلق بالون اختبار ليرى ردود الفعل على الفكرة، والتي قوبلت في العالم العربي والإسلامي ببرود شديد حتى الآن، بينما يعتزم ترامب مناقشة موضوع ما بعد القتال مع نتنياهو، ومن المتوقع أن يسأله بشكل صريح: "ما هي خططك؟".

وأضاف التقرير "أوضح السعوديون لإسرائيل أنهم لن يتمكنوا من المضي قدمًا في التطبيع دون وقف إطلاق النار، والآن بعد أن تم التوصل إلى وقف إطلاق نار هش، سيكون السعوديون في موقف صعب إذا عادت إسرائيل إلى القتال، وسط توقعات إسرائيلية من ترامب تحرك وفريقه حول وضع الموضوع السعودي بالتحديد، بينما يعتقد كبار المسؤولين في إسرائيل أنه قد يكون من الصعب إغلاق التطبيع قبل إتمام المرحلة الأولى من الصفقة".

ومن المتوقع أن يناقش ترامب ونتنياهو أيضًا أوامر الاعتقال الصادرة ضده وضد وزير الحرب السابق، يوآف غالانت، من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وكذلك فرض العقوبات على المدعي العام، كريم خان، وأعضاء فريقه. 

وسيناقش الطرفان أيضا استمرار نقل الأسلحة من الولايات المتحدة إلى "إسرائيل"، ووقف إطلاق النار في لبنان، وكذلك الحكومة الجديدة في سوريا.

مقالات مشابهة

  • 7 فرق تتنافس على 3 بطاقات مؤهلة لدور الـ16 من "النخبة"
  • مفوضية الانتخابات:الأحزاب التي لها فصائل جهادية لها الحق المشاركة في الانتخابات
  • الصين والمكسيك وكندا تندد بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب
  • العين يستعد للقاء الحاسم أمام الريان في «النخبة الآسيوية»
  • تعرف على حجم المساعدات التي وصلت لغزة بعد وقف إطلاق النار
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها الاحتلال في غزة
  • أبطال آسيا النخبة.. الشرطة العراقي إلى إيران لملاقاة استقلال طهران
  • يديعوت: هذه هي الملفات التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب
  • اليابان تدرس بناء خط أنابيب للغاز في ألاسكا لكسب رضا ترامب
  • الكرخ ينفرد بالصدارة.. 3 انتصارات في دوري النخبة لكرة اليد