حمد بن سالم العلوي
ينظر بعض الطارئين على السياسة والجغرافيا، إلى جدران الآخرين العالية، بنظرة يشوبها الحنق والحسد، ويتمنون لو بأيديهم توطئتها لكي تصبح في مستوى جدرانهم، فنحن في عُمان نقول لهم؛ عليكم أن ترفعوا جداركم إلى مستوى جدارها العالي، لا أن تطالبوها بخفضه إلى مستواكم، فمن كان جداره منخفضًا، فيحق له العمل على رفعه وتعليته، لا أن يطلب من الآخرين النزول إلى مستواه المُتدني.
على سبيل المثال، عُمان عندما وجدت قبولًا لدى العالم أجمع، قامت بما يُمليه عليها ضميرها، وذلك في التوفيق بين المتخاصمين، فكان هذا نتاج قاعدة راسخة من العمل الجاد، وحب الخير للجميع، وقوام ذلك تأريخ طويل من الاحترام المتبادل، وبالإتكاء على قاعدة قوية في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
إذن؛ عندما تقوم عُمان بالسعي في الصلح بين الدول، ترتكز في عملها ذلك على ركيزتين، الركيزة الأولى؛ تقوم نتيجة حبها لعمل الخير، والإصلاح بين النَّاس، وأما الركيزة الثانية؛ فتكون بدافع من الإرث التاريخي والحضاري لعُمان، فهي لم تتخلَ يومًا عن موقعها القيادي عبر تاريخها الطويل، وهي تقوم بنفس الدور الذي كانت تقوم به عبر تاريخها البعيد، اعتمادًا على سمعتها الطيبة، وهي سمعة أصبح يعترف بها البعيد قبل القريب، وجهودها مجربة في أعقد القضايا الدولية، وأكثرها تداخلًا وتشابكًا، وهي سياسة فاعلة وراسخة، وناجعة في حل العضلات المستعصية والمعقدة.
وفي ظلمة الأحداث تعكف عُمان على البحث عن الطرق والأساليب التي تبدد تلك الظلمة الحالكة، ولمن يقلل من قيمة الجهود التي تبذلها في حل المشكلة اليمنية، إن هناك فارقًا كبيرًا بيننا كالفارق بين الثرى والثريا، مقارنة بما تقومون أنتم به، والذي تقوم به عُمان، فعُمان تداوي جرحى اليمن عندها وفي الخارج، وذلك دون تمييز بين الجارح والمجروح، والمعتدي والمُعتدى عليه، ويكفي أن يكون هذا الشخص المحتاج للعلاج يحمل الجنسية اليمنية.
وعُمان بأفعالها هذه تترفع عن الشماتة، والسخرية من الآخرين، فلا تُذكِّر أحدًا بمواقفه السابقة، ولا بمواقفه منها، وديدنها أن تفعل الخير وحسب، ولا تهدف من وراء ذلك إلى الدعاية، والفرقعات الإعلامية الجوفاء، ونجاحها لا ترجو من ورائه جزاءً ولا شكورًا، وإنما يُسعدها أن ترى الناس في أمن وأمان، ونعمة واستقرار، وقمة السعادة بالنسبة لها، يوم ترى جوارها يعيشون عيشة طبيعية وكريمة، وأن تترك للشعوب الحرية في اختيار حكامها ونظامها، ولا تؤمن بالوصاية الخارجية على الأمم.
لكن هناك آخرون، يغارون من حرية الكلمة وحرية الموقف، ويغارون من التاريخ المشرق لعُمان، ويستغلون فقر الناس وحاجتهم للمال، لكن كل شيء يمكن شراؤه بالمال، إلا أمور ثلاثة وهي؛ الكرامة والأخلاق والتاريخ، فهذه الأمور لا تشترى، وإلا ستكون واسعة وفضفاضة على المشتري، ولن تناسب حجمه الضئيل.
إنَّ النهج العُماني القائم على الصدق وثبات المبدأ، لم ولن يتغير منذ القِدم وحتى قيام الساعة، ومع بزوغ النهضة العصرية لعُمان مع فجر 23 يوليو عام 1970م، أتت هذه النهضة لتؤكد ما سار عليه الأوائل في قديم الزمان، والذين تابعوا المسيرة العُمانية الماجدة، فإنهم يعلمون يقينًا أن نهج السياسة العُمانية، باقٍ ما بقيت عُمان في التاريخ، وأن التزامها بالثوابت التي سارت عليها، يمثل عقيدة ومبدأ، وهم يجزمون بصدقيتها وحياديتها، ويعلمون أن عُمان ترفض توطئة جدارها، لكي يتناسب مع الجدران الواطية أصلًا، وإذا سافرت الوفود العُمانية بين البلدان، يكون ذلك سعيًا في الصلح بين الناس، لا سعيًا في جلب شهرة فارغة من مضمونها، ولا تحمل إلا فرقعات إعلامية تعمي العيون.. وتصم السمع، كما هو حال الطارئين على الجغرافيا، في توجهاتهم الفجة.
إذن، الذي يُقال إنَّ الوفود العُمانية مجرد ناقلة للرسائل، أو مجرد "طارش" كما يحلو للبعض قول ذلك، فهذا غير صحيح، وعُمان لا تقبل أن تمثل دور ساعي البريد، وإذا تعذر عليكم القيام بما تقوم به عُمان، فذلك قدركم وحجمكم، وعُمان أكبر من أن تنزل إلى مستواكم، فتقول لكم من أنتم؟ وكيف كنتم؟!
إن الطارش أو ساعي البريد يكون فردًا واحدًا، أما الوفود العُمانية المفاوضة، تكون من فريق متكامل من المختصين، وذوي مهارات عالية في فن التفاوض، ونقول للآخرين أنكم تحتاجون إلى زمن طويل، حتى تُلِموا بمهارات التفاوض، وتفهموا علمها أولًا، وهو علم وفنٌّ مستقل بذاته، ويحتاج إلى ممارسة وتطبيق عملي، حتى يترسخ في العقول والأذهان، فإذا أمثالكم برع في طنين الذباب عبر الإنترنت، ففن التفاوض يتقنه أصحاب الجدران العالية وحدهم، فكل صاحب مهنة يلزم مهنته التي يتقنها، والله الهادي إلى سواء السبيل.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الع مانیة
إقرأ أيضاً:
عمومية الأهلي للخدمات الرياضية تقرر زيادة رأس المال
عقدت اليوم شركة الأهلي للخدمات الرياضية، برئاسة الوزير محمد منار عنبة وزير الطيران المدني السابق، الجمعية العمومية العادية وغير العادية للشركة، وذلك في حضور محمود الخطيب رئيس النادي، والمهندس خالد مرتجي أمين صندوق النادي، والقائم بأعمال نائب الرئيس، والدكتور سعد شلبي المدير التنفيذي للنادي، وأعضاء مجلس إدارة الشركة محمد الدمرداش وخالد شاكر ولمياء مختار وهاني حسام الدين المدير التنفيذي.
وخلال الجلسة اعتمدت الجمعية العمومية الميزانية والحساب الختامي حتى 31-12-2024، فيما اعتمدت الجمعية العمومية غير العادية زيادة رأس المال بنسبة 150%، وذلك في ظل النجاحات التي حققتها الشركة وارتفاع أرباحها في فترة قصيرة، فضلًا عن تنوع الخدمات التي تقدمها سواء لفرق النادي أو لأعضاء وجماهير الأهلي.
وحرص محمود الخطيب خلال الجلسة على توجيه الشكر لشركة الأهلي للخدمات الرياضية على الجهود المبذولة خلال الفترة الماضية، وتنفيذ تطلعات ورؤية مجلس إدارة النادي، بعدما أصبحت الشركة أحد الأذرع الاستثمارية التي تحقق عوائد مالية جنبًا إلى جنب مع شركة الأهلي لكرة القدم وشركة الأهلى للإنتاج الإعلامي وشركة الأهلي للمنشآت الرياضية.
ووجه محمود الخطيب بضرورة بذل المزيد من الجهد في الفترة القادمة برؤية استثمارية وخدمية تواكب التطورات الهائلة في مختلف القطاعات، مع العمل على إعلاء قيمة الأهلي ومواجهة تحديات المرحلة الحالية وتلبية طموحات أعضاء وجماهير الأهلي.
ومن جانبه وجه الوزير محمد منار عنبة الشكر لمحمود الخطيب ولأعضاء مجلس إدارة النادي، مؤكدًا على أن شركة الأهلي للخدمات الرياضية ما زالت تستهدف المزيد من النجاحات في المرحلة القادمة، وأن الأرباح التي حققتها الشركة في الفترة الوجيزة الماضية جاءت بدعم ومساندة مجلس إدارة الأهلي، وفي نفس الوقت تعكس المجهودات الكبيرة المبذولة من كافة العاملين في الشركة.
أضاف أن الشركة تقوم بتوفير كافة وسائل النقل للفريق الأول لكرة القدم في مبارياته الإفريقية، وكذلك لجميع فرق النشاط الرياضي ولجماهير الأهلي في المباريات التي تقام خارج القاهرة، كما تقوم بتنفيذ رحلات العمرة للأعضاء، وهذا العام سوف تقوم بتنفيذ العديد من رحلات الحج، كما تسعى إلى إبرام شراكة مع أحد الكيانات في مجال السياحة والطيران بما يليق باسم ومكانة الأهلي.