لا.. للمواطأة مع الجدار الواطي!
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
حمد بن سالم العلوي
ينظر بعض الطارئين على السياسة والجغرافيا، إلى جدران الآخرين العالية، بنظرة يشوبها الحنق والحسد، ويتمنون لو بأيديهم توطئتها لكي تصبح في مستوى جدرانهم، فنحن في عُمان نقول لهم؛ عليكم أن ترفعوا جداركم إلى مستوى جدارها العالي، لا أن تطالبوها بخفضه إلى مستواكم، فمن كان جداره منخفضًا، فيحق له العمل على رفعه وتعليته، لا أن يطلب من الآخرين النزول إلى مستواه المُتدني.
على سبيل المثال، عُمان عندما وجدت قبولًا لدى العالم أجمع، قامت بما يُمليه عليها ضميرها، وذلك في التوفيق بين المتخاصمين، فكان هذا نتاج قاعدة راسخة من العمل الجاد، وحب الخير للجميع، وقوام ذلك تأريخ طويل من الاحترام المتبادل، وبالإتكاء على قاعدة قوية في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
إذن؛ عندما تقوم عُمان بالسعي في الصلح بين الدول، ترتكز في عملها ذلك على ركيزتين، الركيزة الأولى؛ تقوم نتيجة حبها لعمل الخير، والإصلاح بين النَّاس، وأما الركيزة الثانية؛ فتكون بدافع من الإرث التاريخي والحضاري لعُمان، فهي لم تتخلَ يومًا عن موقعها القيادي عبر تاريخها الطويل، وهي تقوم بنفس الدور الذي كانت تقوم به عبر تاريخها البعيد، اعتمادًا على سمعتها الطيبة، وهي سمعة أصبح يعترف بها البعيد قبل القريب، وجهودها مجربة في أعقد القضايا الدولية، وأكثرها تداخلًا وتشابكًا، وهي سياسة فاعلة وراسخة، وناجعة في حل العضلات المستعصية والمعقدة.
وفي ظلمة الأحداث تعكف عُمان على البحث عن الطرق والأساليب التي تبدد تلك الظلمة الحالكة، ولمن يقلل من قيمة الجهود التي تبذلها في حل المشكلة اليمنية، إن هناك فارقًا كبيرًا بيننا كالفارق بين الثرى والثريا، مقارنة بما تقومون أنتم به، والذي تقوم به عُمان، فعُمان تداوي جرحى اليمن عندها وفي الخارج، وذلك دون تمييز بين الجارح والمجروح، والمعتدي والمُعتدى عليه، ويكفي أن يكون هذا الشخص المحتاج للعلاج يحمل الجنسية اليمنية.
وعُمان بأفعالها هذه تترفع عن الشماتة، والسخرية من الآخرين، فلا تُذكِّر أحدًا بمواقفه السابقة، ولا بمواقفه منها، وديدنها أن تفعل الخير وحسب، ولا تهدف من وراء ذلك إلى الدعاية، والفرقعات الإعلامية الجوفاء، ونجاحها لا ترجو من ورائه جزاءً ولا شكورًا، وإنما يُسعدها أن ترى الناس في أمن وأمان، ونعمة واستقرار، وقمة السعادة بالنسبة لها، يوم ترى جوارها يعيشون عيشة طبيعية وكريمة، وأن تترك للشعوب الحرية في اختيار حكامها ونظامها، ولا تؤمن بالوصاية الخارجية على الأمم.
لكن هناك آخرون، يغارون من حرية الكلمة وحرية الموقف، ويغارون من التاريخ المشرق لعُمان، ويستغلون فقر الناس وحاجتهم للمال، لكن كل شيء يمكن شراؤه بالمال، إلا أمور ثلاثة وهي؛ الكرامة والأخلاق والتاريخ، فهذه الأمور لا تشترى، وإلا ستكون واسعة وفضفاضة على المشتري، ولن تناسب حجمه الضئيل.
إنَّ النهج العُماني القائم على الصدق وثبات المبدأ، لم ولن يتغير منذ القِدم وحتى قيام الساعة، ومع بزوغ النهضة العصرية لعُمان مع فجر 23 يوليو عام 1970م، أتت هذه النهضة لتؤكد ما سار عليه الأوائل في قديم الزمان، والذين تابعوا المسيرة العُمانية الماجدة، فإنهم يعلمون يقينًا أن نهج السياسة العُمانية، باقٍ ما بقيت عُمان في التاريخ، وأن التزامها بالثوابت التي سارت عليها، يمثل عقيدة ومبدأ، وهم يجزمون بصدقيتها وحياديتها، ويعلمون أن عُمان ترفض توطئة جدارها، لكي يتناسب مع الجدران الواطية أصلًا، وإذا سافرت الوفود العُمانية بين البلدان، يكون ذلك سعيًا في الصلح بين الناس، لا سعيًا في جلب شهرة فارغة من مضمونها، ولا تحمل إلا فرقعات إعلامية تعمي العيون.. وتصم السمع، كما هو حال الطارئين على الجغرافيا، في توجهاتهم الفجة.
إذن، الذي يُقال إنَّ الوفود العُمانية مجرد ناقلة للرسائل، أو مجرد "طارش" كما يحلو للبعض قول ذلك، فهذا غير صحيح، وعُمان لا تقبل أن تمثل دور ساعي البريد، وإذا تعذر عليكم القيام بما تقوم به عُمان، فذلك قدركم وحجمكم، وعُمان أكبر من أن تنزل إلى مستواكم، فتقول لكم من أنتم؟ وكيف كنتم؟!
إن الطارش أو ساعي البريد يكون فردًا واحدًا، أما الوفود العُمانية المفاوضة، تكون من فريق متكامل من المختصين، وذوي مهارات عالية في فن التفاوض، ونقول للآخرين أنكم تحتاجون إلى زمن طويل، حتى تُلِموا بمهارات التفاوض، وتفهموا علمها أولًا، وهو علم وفنٌّ مستقل بذاته، ويحتاج إلى ممارسة وتطبيق عملي، حتى يترسخ في العقول والأذهان، فإذا أمثالكم برع في طنين الذباب عبر الإنترنت، ففن التفاوض يتقنه أصحاب الجدران العالية وحدهم، فكل صاحب مهنة يلزم مهنته التي يتقنها، والله الهادي إلى سواء السبيل.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
شركة 44.01 العُمانية تفوز بجائزة XFACTOR بقيمة مليون دولار لحلولها المبتكرة في مجال إزالة الكربون
أُعلن في نيويورك عن فوز الشركة العُمانية الناشئة 44.01 في فئة "الهواء" ضمن مسابقة XPRIZE العالمية لإزالة الكربون، حيث حصلت على جائزة XFACTOR التي تبلغ قيمتها مليون دولار أمريكي، ويعتمد مشروع 44.01، الذي يُنفذ في الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، على تقنية التقاط الكربون المباشر من الهواء، حيث يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون من الجو وتحويله إلى معدن، مما يضمن عدم عودته إلى الغلاف الجوي مرة أخرى.
وتحدّت مسابقة XPRIZE العالمية، التي امتدت لأربع سنوات، الفرق من مختلف أنحاء العالم لتطوير حلول عالية الجودة وقابلة للتوسع لإزالة ثاني أكسيد الكربون، وقد شارك أكثر من 1300 فريق من قرابة 80 دولة حول العالم، وتم اختيار 20 فريقًا نهائيًا في مايو 2024، وأُعلن عن الفائزين اليوم في نيويورك.
ويُعد مشروع 44.01 من أوائل المشاريع في العالم التي تلتقط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزنه بشكل دائم تحت الأرض، وقد رأت لجنة تحكيم XPRIZE أن المشروع يُمثل نموذجًا واعدًا لحل آمن وعالي الجودة مع قابلية توسعه في مجال إزالة الكربون لإحداث فرق ملموس في مواجهة تغيّر المناخ.
وقال طلال حسن، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة 44.01: إن نجاح مشروع "حَجَر" هو دليل على الدور الريادي الذي يمكن لمنطقتنا أن تؤديه في مجال إزالة الكربون من الغلاف الجوي، وتوفير فرص عمل جديدة خلال مرحلة الانتقال في قطاع الطاقة، ويحتاج مناخنا إلى حلول فعّالة لإزالة الكربون التي يمكن تنفيذها على نطاق واسع، لذلك نحن نعمل بجد لتوسيع نطاق تقنيتنا في الشرق الأوسط وتصديرها إلى العالم.
وقد أثبتت شركة 44.01 فعالية تقنيتها في "التمعدن" في كل من سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتعمل حاليًا على التوسع عالميًا.
الجدير بالذكر أنه يمكن تنفيذ تقنية "التمعدن" في جميع قارات العالم، حيث إنها تؤدي دورًا كبيرًا في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، والإسهام في التخلص من الكربون المنبعث من الصناعات الثقيلة، وكذلك دفع الدول إلى تحقيق أهدافها نحو الحياد الصفري.
وتقوم 44.01 بإزالة ثاني أكسيد الكربون عن طريق تحويله إلى صخر، وتعتمد تقنية الشركة الرائدة على تسريع العملية الطبيعية لتمعدن ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى تخزينه بشكل دائم خلال أقل من 12 شهرًا، وتستقبل الشركة ثاني أكسيد الكربون المُلتقط مباشرة من الهواء أو من العمليات الصناعية الصعبة لإزالة الكربون منها، مما يُسهم في خفض الانبعاثات وإعادة التوازن إلى مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتُعد هذه العملية آمنة، وقابلة للتوسع، ودائمة إلى الأبد.
وتُعد XPRIZE الجهة العالمية الرائدة في تصميم وتنفيذ المسابقات واسعة النطاق لحل أكبر التحديات التي تواجه البشرية، وعلى مدار أكثر من 30 عامًا، أسهم نموذج XPRIZE الفريد في ديمقراطية الابتكار من خلال تحفيز الحلول المبتكرة المستندة إلى العلم والمقدمة من الجمهور، بما يُسرّع الوصول إلى مستقبل أكثر عدالة ووفرة.