جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-04@11:41:22 GMT

الظواهر وحال المجتمع

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

الظواهر وحال المجتمع

 

د. صالح الفهدي

رغم أن الحديث الذي أدلى به أحد المُرشدين الاجتماعيين المنتسبين لإحدى المدارس الخاصة كان مؤلمًا إلا أنَّني شخصيًا كُنتُ- ومنذ سنواتٍ عديدة- أُنبِّهُ إلى وجود خلل في التربية أكبر من التعليم.

يقول المرشد الاجتماعي أحمد العيسائي: إن طفلًا بين الصف الرابع والسادس- أي أن عمره بين العاشرة والثانية عشرة- قد أُحيل إليهِ لمشاهدته مقاطع خادشة للحياء من جهاز (اللابتوب)، مشاركًا زملاءه!! وحين استدعى أُمَّ الطفلِ دافعت على الفور عن ابنها، بل وأَنها رأت ذلك مستحيلًا، وكأنه من جنسِ الملائكة وليس من جنس البشر الذين تتكوَّن فيهم جرثومة الفساد منذ ولادتهم!!.

تذكرتُ استغاثة مديرة إحدى المدارس وهي تحدِّثني منذ أكثر من عقدٍ من الزمان قائلةً: "أنقذونا قبل أن نغرق" وروت لي قصصًا مؤلمة منها أن طالبة في الصف الخامس بعثت إلى معلِّمها بقصاصة ورق صغيرة تبوح فيها عن غرامها به!!.

تذكرتُ قصصًا كثيرة، لا أودُّ ذكرها هُنا، ولكنها كانت مؤشرات على تغيُّر أخلاقي بسبب الغزو المُفسِد للأخلاقيات، وأعيد التذكير بالدراسة التي أُجرتها وزارة التنمية الاجتماعية بالاشتراك مع جمعية الاجتماعيين العمانية على المرحلة المتوسطة من طلبة المدارس وشملت 2400 طالب وطالبة، وتوصلت إلى أن 99% يملكون هواتف ذكيَّة، وأنَّ 89% من الأطفال يملكون حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أنَّ أكثر من 90% يستخدمونها للترفيه والتسلية!! (وهذا التوجُّه هو مظلة واسعة للمواد الصالحة والطالحة).

هُنا نطرح السؤال: هل نقف مكتوفي الأيدي دون حِراك إزاءَ ما نراهُ من اختراق في أخلاقيات الأجيال الناشئة، أم أن لدينا من الخطط والبرامج المختلفة لمواجهة هذه التيارات اللاأخلاقية التي تتقصَّدُ؟ يقول أحد الأخوة في نقاش بيني وبينه: ما الذي يمكن أن نفعله في وقت أصبح الجميع يملكون هواتف خلوية، ويستطيعون أن يتابعوا ما شاؤوا من صالحٍ وطالح؟ قُلت: أول ما يجب علينا أن نفعله هو تقوية القاعدة القِيَميّة في التربية، فإِنَّ قَوِيَ البناء القيمي في الشخصية الإنسانية عَصَمه من الانحراف والضلال، وذلك يحتاجُ إلى عدة عناصر لا مجال لذكرها هُنا. أما الأمر الآخر، وهو المراقبة فهي مهمة أيضًا؛ لأن الطفل لا يمتلك وعيًا كوعي الإنسان الراشد لهذا قد ينجرف لمثيرات الشهوات، ومحفِّزات الضلالة، وهناك من الوسائل التي يمكن أن تساعد على المراقبة في مرحلةٍ معينة من المراحل العمرية. ثم الأمر الثالث وهو تقنين الاستخدام للهواتف وهذا ما فعلته الصين التي وجدت أن الاستخدام المفرط للهواتف قد نتج عنه أضرار صحية وأخلاقية فقنَّنت ساعات الاستخدام وشرَّعت لذلك القوانين اللازمة.

مجتمعنا يواجهُ تحديَّات لا حصرَ لها على الهُوية والأخلاقيات والترابط الأُسري والاجتماعي، والإشكالية الكبرى أَنه لا توجد مراكز للدراسات تسبرُ أغوار الظواهر الاجتماعية، والحالات المختلفة فيه، وهي مراكز ذات أهمية قصوى لا ترتهنُ إلى الشائعات والتأويلات، وإنما إلى حقائق مستخلصة من دراسات واقعية.

قلتُ سابقًا إننا لا يجب أن ننظر إلى الحالات التي تظهر بأنها حالة فردية لا جذور لها بين وقتٍ وآخر؛ بل علينا أن نرى ما هو الخفي الذي يمكنُ استقصاؤه من خلال مراكز الاستشارات النفسية والاجتماعية، ودار الأحداث، والسجون، والمستشفيات والمراكز الصحية، والمحاكم، فالمخبوءُ يظهر في أبشع صوره، وأقبحِ أشكاله!

لا يجب علينا أن نهوِّن من هذه الحالات لأنها تعكسُ صورًا مَخفيَّة نفضِّل للأَسف عدم الحديثِ عنها وهذه إحدى عاداتنا حتى تبقى الصورة ناصعة البياض هي التي يوسم بها المجتمع.

عادة أشبِّه بما يفعله الكيِّ التقليدي في موضع الإحساس بالألم في الجسد؛ حيث يختفي بالكيِّ الشعور بالألم لكن المرض (قد) ينتشرُ في الجسد، فيحسبُ المريض أن الكيَّ كان علاجًا للمرض وهو في الحقيقة إخفاءً للإحساس بالألم مع بقاء المرض بل وانتشاره في مناطق أُخرى في الجسد!

وإذا كان هناك فريق لـ"التدخل السريع" لحل إشكاليات في جوانب استثمارية فإِنَّ الظواهر الأخلاقية، والاجتماعية تحتاج أيضًا إلى "التدخل السريع"؛ لأنها إنْ تُركت دون علاج استفحل ضررها، وتفشَّى مرضها، وحينها ستكون التكلفة العلاجية باهظة الثمن على المجتمعات. يقول د. هاني جرجس في مقالة له بعنوان "الظواهر والمشكلات الاجتماعية" إن "الظواهر الاجتماعية السلبية هي أخطر أعداء المجتمع ومظهر من مظاهر تدميره الذاتي لنفسه دون وعي أو إدراك". ومن هنا، يتطلَّب الأمر المعالجة الفورية لهذه الظواهر كي لا تصل إلى مرحلة "التدمير الذاتي" للمجتمع؛ بل أن تكون دائمًا في موضع "تحت السيطرة" ليسهل تتبع أسبابها، وعلاجها.

هذه دعوة إلى المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والخاصة إلى المبادرة السريعة نحو هذه الظواهر المخيفة التي لا تشكِّل إلا نسبة قليلة مما هو غير ظاهر في جسد المجتمع، مستذكرين هُنا تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم حال المؤمنين بحال الجسد " مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى" وهذا هو حال المجتمع الذي يتفاعل مع كل ظاهرةٍ من الظواهر.

 

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ظاهرة فلكية نادرة.. ما موعد وتفاصيل الخسوف الكلي في رمضان؟

يشهد العالم في عام 2025 حدثاً فلكياً بارزاً، وهو الخسوف الكلي للقمر الذي يتزامن مع منتصف شهر رمضان المبارك. 

ومع اقتراب موعد الخسوف الكلي، يستعد عشاق الفلك لرصد هذه الظاهرة الفريدة والاستمتاع بسحر السماء خلال ليالي رمضان المباركة.. فما تفاصيل هذه الظاهرة؟

تفاصيل الخسوف الكلي 2025

من المنتظر أن يكون الخسوف الكلي للقمر في رمضان 2025 أول خسوف كامل للقمر خلال العام وسيكون مرئيًا بوضوح في معظم أنحاء نصف الكرة الغربي، لكن بعض الدول، مثل المملكة العربية السعودية، لن تتمكن من رؤية المشهد بالكامل. 

أما في دول المغرب العربي، فسيحظى السكان بفرصة رؤية الخسوف بشكل جزئي، مما يجعل هذا الحدث فرصة رائعة للتفاعل مع الظواهر الفلكية.

موعد الخسوف الكلي 2025

سيحدث هذا الخسوف في ليلة 13-14 مارس، ليعبر القمر بالكامل في ظل الأرض وينطفئ تمامًا في سماء بعض المناطق، حيث يعتبر هذا الحدث مناسبة مميزة لمراقبي الفلك وعشاق السماء.

ظواهر فلكية أخرى في رمضان 2025

بالإضافة إلى الخسوف الكلي، يشهد شهر مارس مجموعة من الظواهر الفلكية المثيرة التي تزين السماء، ومنها:

اقتران هلال رمضان مع كوكب الزهرة: يظهر الهلال الجديد في 1 مارس بالقرب من كوكب الزهرة، حيث يمكن لمشاهدتهما معًا أن يوفر مشهدًا رائعًا في الأفق الغربي بعد غروب الشمس.

رصد كوكبي المريخ والمشتري: سيكون من الممكن رؤية كوكب المشتري بوضوح في كوكبة التوأمين، بينما يظهر المريخ أعلى يسار الجوزاء. هذا يجعل منهما هدفين مثاليين للرصد باستخدام التلسكوبات الصغيرة.

بقاء كوكبات الشتاء مرئية: يعد شهر مارس الفرصة الأخيرة للاستمتاع بمشاهدة كوكبات الشتاء المميزة مثل الجوزاء والثور قبل أن تبدأ في الاختفاء من السماء الليلية.

أفضل الأماكن لرصد الخسوف الكلي

للمهتمين بمشاهدة الخسوف الكلي للقمر في رمضان 2025، يُنصح بالذهاب إلى مناطق بعيدة عن التلوث الضوئي. خاصة في دول المغرب العربي، حيث يمكن رؤية الخسوف بشكل جزئي، وفيما يلي بعض النصائح:

استخدام تلسكوب صغير أو منظار: لرؤية تفاصيل القمر والكواكب بشكل أوضح.

البحث عن أماكن مظلمة: بعيدًا عن إضاءة المدن للحصول على رؤية أفضل.

متابعة توقيت الظواهر الفلكية: لضمان عدم تفويت هذه المشاهد النادرة.

مقالات مشابهة

  • عالم فيزياء يقدم أدلة تشير إلى عالم آخر بانتظارنا بعد الموت
  • راشد بن حميد: المجالس نموذج للممارسات الاجتماعية الإيجابية
  • ظاهرة فلكية نادرة.. ما موعد وتفاصيل الخسوف الكلي في رمضان؟
  • شرطة الشارقة تطلق حملة «التسول جريمة والعطاء مسؤولية»
  • في طرابلس.. سلسلة اشكالات وحال من الذعر يسيطر على المدينة
  • عندما يُختزلُ المعتقلُ في جسده!
  • ماذا يقول خبراء لغة الجسد بعد لقاء ترامب وزيلينسكي غير المسبوق؟
  • واشنطن بوست: لغة الجسد تفضح ما حدث في لقاء ترامب وزيلينسكي
  • طبيب: شرب الماء بكميات كبيرة خلال السحور لا يزيد نسبة بقائه بالجسد ..فيديو
  • الصوم مروض الجسد والروح