صفقة تبادل السجناء.. الأميركيون المفرج عنهم يعودون لبلادهم وإيرانيان يصلان طهران
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
عاد الأميركيون الخمسة الذين أفرج عنهم ضمن صفقة تبادل السجناء مع إيران بوساطة قطرية إلى الولايات المتحدة، في حين وصل اثنان من الإيرانيين المفرج عنهم إلى طهران.
وحطت الطائرة التي تقل الأميركيين الخمسة واثنين من أفراد عائلاتهم في قاعدة جوية بفرجينيا في وقت متأخر من مساء أمس بالتوقيت المحلي.
واستقبل الموفد الأميركي الخاص بشؤون الرهائن روجر كارستنز السجناء السابقين وبينهم عماد شرقي ومراد طهباز وسياماك نمازي.
وكان هؤلاء الأميركيون، ومعظمهم من أصل إيراني وأحدهم ظل محتجزا لأكثر من 8 سنوات، قد وصلوا أمس إلى الدوحة على متن طائرة للخطوط القطرية بعدما أفرجت عنهم السلطات الإيرانية بموجب اتفاق تبادل السجناء الذي تم التوصل إليهم بعد مفاوضات استمرت أشهرا.
كما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية بوصول اثنين من السجناء الإيرانيين الخمسة المفرج عنهم إلى طهران قادمَيْن من الدوحة وفقا لاتفاق التبادل الأميركي الإيراني بوساطة قطرية.
وحطت طائرة قطرية في طهران كانت تقل على متنها كلا من مهرداد معين أنصاري ورضا سرهنغ بور اللذين اختارا العودة إلى بلدهما وفق إرادتهما، حسب الخارجية الإيرانية.
أما الإيرانيون الثلاثة الآخرون فاختاروا البقاء في الولايات المتحدة، بحسب ما أوردته وكالة رويترز.
وبدأ تنفيذ تبادل السجناء أمس بتحويل الأموال الإيرانية المفرج عنها من كوريا الجنوبية إلى الحسابات الإيرانية المسجلة في مصرفين قطريين.
وقالت طهران إن الأموال المحولة إلى حسابات إيرانية في قطر سيتم إنفاقها بناء على احتياجات وأولويات إيران.
وفي واشنطن، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس إن لدى بلاده الآليات التي تمكنها من الإشراف على أوجه إنفاق الأموال الإيرانية المفرج عنها بموجب الصفقة.
إشادة بدور قطر
وأشادت واشنطن وطهران بدور قطر في التوصل لاتفاق تبادل السجناء.
وتوجه الرئيس الأميركي جو بايدن بشكر خاص لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وسلطان عُمان هيثم بن طارق على مساعدتهما في تسهيل إبرام الاتفاق.
كما عبّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن تقديره العميق للدور الذي لعبته قطر خلال العامين الماضيين في التوسط في الاتفاق مع طهران، مؤكدا أن مفاوضات صفقة تبادل السجناء مع إيران منفصلة تماما عن علاقات واشنطن مع طهران.
بدورها، ثمنت الخارجية الإيرانية دور دولة قطر المؤثر في عملية انتقال أصول مالية إيرانية وتبادل السجناء مع واشنطن، ووجهت الشكر لسلطنة عمان وسويسرا على جهودهما.
واعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إطلاق سراح الأميركيين الخمسة مزدوجي الجنسية "عملا إنسانيا بحتا"، قد يفتح المجال لإجراءات إنسانية أخرى في المستقبل بين طهران وواشنطن.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي إنه كان من الممكن تنفيذ اتفاق تبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة وتحرير الأموال المجمدة الإيرانية في كوريا الجنوبية قبل عام لو لم ترتكب واشنطن خطأ في حساباتها، وفق تعبيره.
وأضاف جهرمي -في مؤتمر صحفي- أن الأموال الإيرانية في المصارف القطرية باتت تحت تصرف البنك المركزي الإيراني.
مع دخول الاتفاق الأمريكي الإيراني حول تبادل السجناء حيز التنفيذ، نتوجه بالشكر لطرفي الاتفاق، آملين أن يمهد لمزيد من التفاهمات، كما نتوجه بالشكر لشركائنا الذين ساهموا في نجاحه، لاسيما سلطنة عمان الشقيقة، ونؤكد أن قطر مستمرة في المساهمة في كل ما من شأنه تعزيز أمن المنطقة والعالم.
— محمد بن عبدالرحمن (@MBA_AlThani_) September 18, 2023
تفاهمات أخرىفي غضون ذلك، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إنه يأمل أن يمهد الاتفاق الأميركي الإيراني بشأن تبادل السجناء لمزيد من التفاهمات.
وأضاف، في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أنه يتوجه بالشكر لطرفي الاتفاق ولشركاء قطر الذين أسهموا في إنجاحه، لا سيما سلطنة عمان.
وأكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري أن قطر مستمرة في المساهمة في كل ما من شأنه تعزيز أمن المنطقة والعالم.
وكان وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي قد قال إن تنفيذ الاتفاق هو دلالة على مكانة دولة قطر كشريك دولي موثوق به في مجال الوساطة، وثقة الأطراف كافة في نزاهتها وحيادها.
وأعرب الخليفي عن أمل دولة قطر في أن يفضي التنفيذ الكامل للاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، إلى تفاهمات أكبر تشمل العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
بدورها، أكدت الخارجية الكورية الجنوبية تحويل الأموال الإيرانية المجمدة لديها بنجاح إلى دولة ثالثة فور مغادرة الطائرة -التي تقل 5 أميركيين أفرجت عنهم إيران ضمن صفقة التبادل- مطار الدوحة.
وأضافت الخارجية الكورية الجنوبية أن الأموال الموجودة في قطر ستنفق على الغذاء والدواء ومواد إنسانية أخرى كما كان الحال عندما كانت في كوريا الجنوبية، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز .
كما أعربت الخارجية الكورية الجنوبية عن شكرها وتقديرها لقطر وسويسرا على دورهما البنّاء في حل القضية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأموال الإیرانیة تبادل السجناء وزیر الخارجیة
إقرأ أيضاً:
الرئيس الأمريكي الجديد وإيران وأوروبا.. معضلة طهران الدبلوماسية.. وهل يمكن أن يؤدي الاتفاق مع ترامب إلى التغيير؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تقف إيران عند مفترق طرق فى سياستها الخارجية، مع اكتساب المناقشات زخمًا بين بعض المسئولين فى طهران حول إمكانية التعامل مع دونالد ترامب بعد إعادة انتخابه. وعلى الرغم من العلاقة المتوترة تاريخيًا، بما فى ذلك انسحاب ترامب من الاتفاق النووى لعام ٢٠١٥، والعقوبات، وحتى اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثورى الإيراني.
يرى الكثيرون فى إيران أن إعادة انتخاب ترامب فرصة محتملة للتغيير الدائم فى العلاقة المتوترة بين إيران والولايات المتحدة. يتعمق هذا التقرير فى الآراء المنقسمة داخل القيادة الإيرانية والدوائر الخبيرة حول ما إذا كان التفاوض مع ترامب يمكن أن يؤدى إلى اتفاق عملى ودائم يخدم مصالح إيران.
تحويل التركيزفى الأسبوع الذى أعقب فوز ترامب، بدأت الأصوات المؤثرة فى إيران تدعو إلى التجاوب. ونشرت صحيفة "الشرق" الإصلاحية افتتاحية حثت فيها الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان على تبنى "سياسة عملية ومتعددة الأبعاد" فى التعامل مع الولايات المتحدة. ويعتقد المسئولون الحكوميون المقربون من بزشكيان، أن استعداد ترامب للتوسط فى الصفقات قد يمنح إيران فرصة فريدة لتأمين اتفاقيات دائمة، وخاصة بسبب نفوذه الكبير على الحزب الجمهوري.
حث حميد أبو طالبي، المستشار السياسى السابق للحكومة الإيرانية، بزشكيان على تهنئة ترامب وتحديد نبرة جديدة للدبلوماسية العملية، واصفًا إياها بـ"الفرصة التاريخية" لإعادة تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. ويزعم هؤلاء المؤيدون للمشاركة أن تركيز ترامب على عقد الصفقات قد يتماشى مع مصالح إيران، خاصة فى ضوء التحديات الاقتصادية المتزايدة التى تواجهها إيران فى ظل العقوبات.
ومع ذلك، لا تزال القرارات الحاسمة فى إيران خاضعة لسلطة المرشد الأعلى آية الله على خامنئي، الذى حظر المفاوضات مع ترامب خلال ولايته الأولى. ويعارض العديد من المحافظين، بما فى ذلك المتشددون داخل فيلق الحرس الثوري، بشدة أى حوار مع الولايات المتحدة. ولا تزال هذه الفصائل تعانى من حملة "الضغوط القصوى" التى شنها ترامب واغتيال الجنرال قاسم سليماني، الشخصية الرئيسية فى استراتيجية إيران الإقليمية. ولا تزال الخطابات فى وسائل الإعلام المحافظة، مثل صحيفة "همشهري"، تصور ترامب بشكل سلبي، حتى أنها تشير إليه باعتباره "قاتلًا".
اعترف رضا صالحي، المحلل المحافظ، بالصعوبة السياسية المتمثلة فى التعامل مع ترامب، لكنه ألمح إلى وجهة النظر البراجماتية القائلة بأن مثل هذه المفاوضات قد تخدم مصالح إيران. وزعم أن تركيز ترامب على عقد الصفقات قد يكون أقل ضررًا لإيران مقارنة بالموقف العدوانى الذى تبناه أسلافه. بالنسبة لصالحي، فإن إنهاء الحروب وتجنب الصراعات الجديدة يمكن أن يُنظر إليه على أنه مفيد لكلا الجانبين، وخاصة فى منطقة متقلبة.
فى حين قد تميل حكومة الرئيس بزشكيان نحو الدبلوماسية، فإن موافقة آية الله خامنئى فى نهاية المطاف أمر بالغ الأهمية. إن دعم خامنئى الطويل الأمد لدور إيران فى الصراعات الإقليمية بالوكالة، وخاصة مع الجماعات المسلحة فى غزة ولبنان، يشكل عقبة كبيرة أمام أى ذوبان دبلوماسي. فى الوقت نفسه، فإن الضغوط الاقتصادية على إيران، والتى تفاقمت بسبب ارتفاع التضخم والسخط الواسع النطاق، قد تدفع حتى الفصائل المحافظة إلى إعادة النظر فى موقفها.
وفقًا للمحللين فى طهران، تواجه إيران معضلة: الاستمرار فى تحدى الضغوط الأمريكية من خلال تعزيز ميليشياتها بالوكالة أو التعامل مع ترامب للسعى إلى مستقبل اقتصادى أكثر استقرارًا. سلط محمد على أبطحي، نائب الرئيس السابق، الضوء على النقاش الداخلى المتزايد فى إيران، حيث يرى البعض أن إعادة انتخاب ترامب فرصة لمواصلة الدبلوماسية النشطة. ولكن آخرين، مثل رحمن قهرمانبور، يحذرون من أن الاتفاق الشامل يتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة الدبلوماسية للحفاظ على الدعم المحلى فى حين يتم التفاوض مع قوة معادية تاريخيًا.
على الرغم من الأعمال العدائية السابقة، فإن نهج ترامب فى السياسة الخارجية يظل نقطة محتملة للتفاوض. إن رغبته المعلنة فى إنهاء الصراعات، مثل تلك التى فى غزة ولبنان وأوكرانيا، تتوافق مع بعض مصالح إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف ترامب "أمريكا أولًا" قد يقلل من اهتمامه بإشراك الولايات المتحدة بشكل أكبر فى شئون الشرق الأوسط، مما يوفر فرصة للمنفعة المتبادلة.
ومع ذلك، يلاحظ المحللون أن أى اتفاق من المرجح أن يتوقف على استعداد إيران للحد من دعمها للجماعات التى تعمل ضد إسرائيل حليفة الولايات المتحدة المدللة. وبالنسبة لإيران، يمثل هذا المنهج موازنة دقيقة للغاية، ذلك أن أى تنازل من هذا القبيل من شأنه أن يخاطر بتنفير الفصائل الرئيسية فى الداخل فى حين تسعى طهران إلى الإغاثة الاقتصادية والاعتراف الدولى الذى قد يجلبه مثل هذا الاتفاق.
بالنسبة لإيران، يظل الطريق إلى الأمام محفوفًا بعدم اليقين. وفى حين أن احتمال التوصل إلى اتفاق مع ترامب يقدم بعض الأمل فى تخفيف نظام العقوبات القاسية، فإنه يفرض أيضًا مخاطر كبيرة على الصعيدين المحلى والجيوسياسي. ومن المرجح أن تحدد القرارات المقبلة، وخاصة فيما يتصل بتورط إيران فى الصراعات الإقليمية وموقفها من التطوير النووي، ما إذا كانت هذه المرحلة الجديدة فى العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران قادرة حقًا على تحقيق سلام دائم أم مجرد تحول سياسى مؤقت.
وتشير أصوات الخبراء فى إيران إلى انقسام فى الاستراتيجية: أحدهم يدعو إلى التحدى والقوة العسكرية، والآخر يدفع نحو الدبلوماسية لضمان مستقبل أكثر استقرارا. وبينما تكافح إيران مع تحدياتها الداخلية وضغوطها الخارجية، فإن الوقت وحده هو الذى سيخبرنا ما إذا كانت إعادة انتخاب ترامب تقدم حقا فرصة للتغيير أم أنها ستؤدى فقط إلى تعميق الجمود القائم.