تحركات حوثية لاستكمال السيطرة على الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
كشفت مصادر محلية في صنعاء عن تحركات لميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، من أجل بسط سيطرتها بشكل كامل على الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، في إطار مساعيها لحوثنة مختلف القطاعات الحكومية قبل الوصول إلى تسوية سياسية تنهي الحرب في اليمن.
وتداول ناشطون، على مواقع التواصل الاجتماعي، إقدام الميليشيات الحوثية على فصل 29 موظفاً في الجهاز بزعم تغيبهم عن العمل، فيما الحقيقة هي مخاوفهم من إفشاء تقارير فساد القيادات الموالية لها في المؤسسات الحكومية.
وتشير المصادر إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الميليشيات بفصل موظفين بالجهاز وإحلال عناصر تابعة لها بدلاً عنهم.
وفي منتصف العام الماضي أقدمت الميليشيات على تسريح أكثر من 300 من موظفي الجهاز دون أي مسوغ قانوني، كما سبق لعناصر يتبعون ما يعرف بجهاز الأمن الوقائي الحوثي اختطاف 5 من موظفي الجهاز الرقابي في صنعاء، بعد تلفيق تهم كيدية لهم، أبرزها تسريب وثائق فساد مارسته قيادات حوثية في عدد من المؤسسات الإيرادية.
وذكرت المصادر أن الميليشيات سطت أواخر العام الماضي على أراضي الجمعية السكنية التابعة للموظفين في مدينة الحديدة، غربي البلاد، عبر أحكام قضائية غير قانونية، على الرغم من امتلاك الموظفين عقوداً رسمية صادرة وموثقة في الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة.
ومهمة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، بحسب القانون، هي مراجعة التقارير والمعاملات المالية للمؤسسات الحكومية وتحديد مكامن الفساد ومطالبة الهيئات برسائل رسمية توضيح هذه النقاط.
وكان نشطاء محليون تداولوا في أوقات سابقة سلسلة تقارير ووثائق رسمية مسربة صادرة عن الجهاز الرقابي الخاضع للميليشيات كشفت عن حجم العبث الحوثي المهول الذي طال جميع مؤسسات وقطاعات الدولة اليمنية المغتصبة، ومنها وثيقة تكشف عن قضية فساد تتمثّل في استيلاء مسؤولين وقادة في الجماعة على أصول الشركات النفطية الأجنبية المسترجعة خلال الفترة بين 2015 و2020، وغيرها.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
“خطورة الميليشيات الإسلامية المسلحة: بين إرث الماضي وتحديات المستقبل”
كل ما يجري في السودان اليوم هو نتيجة مباشرة لصنيع قادة الحركة الإسلامية الذين يتحملون مسؤولية كبرى عن الانتهاكات المرتكبة من قبل طرفي القتال. هذه الأزمة التي تفاقمت منذ عام 1989، تعتبر تجسيدًا لعقود من البراغماتية السياسية للإسلاميين، حيث قادت مغامراتهم للاستيلاء على السلطة البلاد إلى شفا الانهيار.
لقد بدأت ملامح عدم التعافي السياسي مع حادثة معهد المعلمين في الستينيات، والتي رسّخت وجود الإسلاميين في المشهد السياسي بدعم من قوى حزبية مدنية تعرضت للمزايدة والإرهاب. وكان تبني الدستور الإسلامي بمثابة الشرارة الأولى التي عمّقت الصراع مع الجنوب، وزادت من تعقيد العلاقات بين التيارات السياسية المختلفة.
الإسلام السياسي وجذور الأزمة
منذ استقلال السودان، هيمنت قضايا الإسلام السياسي على المشهد، مما استنزف طاقة النخبة السياسية وأدخل المجتمع في دوامة من التشظي والانقسام. أما ظهور الحركة الإسلامية في السلطة عبر انقلاب 1989، فقد عمّق الصراعات السياسية والاجتماعية وأوصلها إلى مستوى غير مسبوق من التعقيد.
وبرغم سقوط نظام الإنقاذ، فإن الإسلاميين استمروا في التحكم بمفاصل الدولة من خلال اختراق القوات النظامية، وتحويل الخدمة المدنية إلى أدوات لخدمة أجندتهم. تساهلت حكومة الفترة الانتقالية في معالجة إرث المشروع الحضاري، مما سمح للإسلاميين بإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط لاستعادة السلطة.
الميليشيات الإسلامية في المشهد الحالي
في ظل الحرب الحالية، تسعى الميليشيات الإسلامية المسلحة لإعادة تموضعها في المشهد السياسي. تنظيمات مثل "البراء بن مالك" تُذكرنا بسنوات ازدهار داعش في الشرق الأوسط، حيث تمارس الأساليب ذاتها من الترهيب والقتل والتطرف الدموي.
ما يثير القلق هو أن هذه الميليشيات تُسهم في استدامة الحرب بممارسات تعيدنا إلى زمن استبداد الإسلاميين في عهد المؤتمر الوطني. تلك الحقبة شهدت تعذيب المعارضين، واغتصاب النساء، وقمع الحريات، وهي ذات السياسات التي تسعى هذه الجماعات لتكرارها تحت مسميات جديدة.
التحدي الديمقراطي
النخبة السودانية المستنيرة تواجه اليوم تحديًا وجوديًا: إما بناء سودان موحد وديمقراطي، أو الخضوع لهيمنة الإسلاميين ومتطرفيهم. إن بروز تيارات داعشية جديدة داخل الحرب يعكس خطرًا كبيرًا يتمثل في تحول السودان إلى بؤرة للإرهاب والتطرف.
ولذلك، فإن تشكيل رأي عام مدني وديمقراطي قوي، يعارض استمرار الحرب ويدعم السلام الشامل، يمثل السبيل الوحيد لمنع السودان من الوقوع في قبضة التطرف مرة أخرى.
الحرب الحالية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل الصراع الذي قادته الحركة الإسلامية منذ عقود. إذا لم تُتخذ خطوات حاسمة لإنهاء الحرب، وتفكيك البنية الفكرية والتنظيمية للإسلام السياسي، فإن مستقبل السودان سيظل رهينة لمشاريع متطرفة تهدد وجوده كدولة حرة ومستقلة.
زهير عثمان
zuhair.osman@aol.com