الحرب في أوكرانيا.. أمريكا الرابح الأكبر
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
الثورة نت /عواصم
بات العالم يدرك أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا غير متكافئ ولا متوازن في الحرب الجارية بالرغم من الدعم الغربي الكبير لها بالمعدات والأسلحة المتطورة وأنه يجب إنهاء الصراع هناك لتلافي الدخول في احتمال نشوب حرب نووية.
وتأتي بين الفينة والأخرى تحذيرات من اندلاع حرب نووية أو مخاطر وقوع حادث نووي وذلك مع تهديد أمن روسيا أو أوروبا او أمريكا أو حتى الدول الكبرى الأخرى وهو ما ينذر بكارثة عالمية.
وبالرغم من ذلك، فقد حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، ينس ستولتنبرغ، الأحد، من أن الحرب في أوكرانيا ستستمر لفترة طويلة، فيما أشار إلى أن أوكرانيا ستصبح عضواً في الحلف.
واستبعد ستولتنبرغ في مقابلة له مع مجموعة “فونكه” الإعلامية الألمانية، أن تكون هناك نهاية سريعة للحرب الأوكرانية، في وقت تواصل فيه كييف شن هجومها المضاد ضد روسيا.
وقال: “معظم الحروب تستمر لفترة أطول من المتوقع عندما تبدأ للمرة الأولى”، محذرا “لذلك علينا أن نهيئ أنفسنا لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا”.
وبدأت روسيا عمليتها العسكرية الخاصة في فبراير 2022 فيما عادت الحرب إلى أوروبا للمرة الأولى منذ عقود.
وقد بدأ الهجوم الأوكراني المضاد في الرابع من يونيو الماضي، على عدة محاور جنوبي دونيتسك وزابوروجيه وأرتيوموفسك، حيث كان التركيز الأكبر للهجوم على محور زابوروجيه.
ويؤكد الروس أن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة خلال الهجوم المضاد، ولم تنجح في أي محور.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في وقت سابق أن خسائر القوات الأوكرانية تجاوزت 150 ألف قتيل وجريح منذ فبراير 2022، مع تزايد رفض الكثيرين الالتحاق بالتجنيد ودفع الرشاوى في شعب التجنيد ومحاولة الفرار.
وبما أن وسائل الإعلام الغربية لم تعد تنقل مجريات الحرب في أوكرانيا ولم يعد الحدث الأبرز في تلك الوسائل فهذا يعني أن قوات كييف تخسر الصراع أمام روسيا.
ويرى بعض المراقبين أن حرب أوكرانيا أعادت تأهيل الناتو في أعين الشعوب الأوروبية، وبطريقة كاريكاتورية وهو ذراعها الواقي.
وبحسب المراقبين فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد الأكبر من الصراع بين روسيا وأوكرانيا فهي أبعد ما يكون عن ساحة المعركة وهي تجني مكاسب جيوسياسية واقتصادية وعسكرية وسياسية غير مسبوقة.
ومع ذلك لا تقتنع الولايات المتحدة بالمكاسب الجيوسياسية وحدها، فهي تريد أيضاً مكاسب تجارية وبهذه الطريقة يتسنى لها فعلاً تحقيق التفوق.
وبفضل التوترات الدولية التي أفرزتها الحرب فقد ارتفعت مبيعات السلاح حول العالم من الولايات المتحدة بما قيمته مليارات الدولارات سيتم تزويد زبائن أمريكا الآخرين بكميات وفيرة من السلاح، وها هم المشترون يصطفون في الطابور.
فعلى سبيل المثال، تم الإعلان عن العقود الكبرى مباشرة بعد العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا وكان أحدها مع ألمانيا لتزويدها بخمس وثلاثين طائرة مقاتلة من طراز “إف 35″، بتكلفة تزيد عن ثمانية مليارات دولار.
كما تخطط كندا لشراء 88 طائرة مقاتلة من طراز إف 35 بتكلفة تقترب من 15 مليار دولار، بينما أعلنت فنلندا في العام الماضي عن تقدمها بطلب شراء 64 طائرة بتكلفة تقترب من عشرة مليارات دولار.
كما أعلنت ألمانيا عن إقامة صندوق خاص بقيمة مائة مليار دولار لتحديث جيشها، ولا ريب أن ذلك سيشمل شراء الأسلحة والمعدات، وها هي الشركات الأمريكية الصانعة للسلاح تنتظر توافد الطلبات عليها.
وبفضل الحرب في أوكرانيا، ضاعفت الولايات المتحدة صادرات الغاز الطبيعي المسال الى أوروبا لتعويض الغاز الروسي ذي التكلفة الزهيدة بالغاز الأمريكي ذي التكلفة الباهظة خلال النصف الأول من عام 2022، متجاوزة بذلك كل الصادرات التي سجلت في عام 2021م.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الحرب فی أوکرانیا الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
"فورين بوليسي": اقتصاد الحرب في روسيا "قنبلة موقوتة" تهدد أوروبا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الوضع الحقيقي لاقتصاد الحرب في روسيا أصبح حاليا أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية،وقناعة بعض مستشاريه بأن أوكرانيا يجب أن ترضى بالسلام بأي وسيلة ضرورية "لوقف القتال"؛ انطلاقا من فرضية أن روسيا لديها القدرة على إدامة الحرب لسنوات عديدة قادمة.
ورأت المجلة الأمريكية أن المرونة الواضحة للاقتصاد الروسي حيرت العديد من الاستراتيجيين الذين توقعوا أن تؤدي العقوبات الغربية إلى شل جهود موسكو الحربية ضد أوكرانيا، معتبرة أن الفضل في هذه المرونة يعود إلى استمرار روسيا في تصدير كميات هائلة من النفط والغاز والسلع الأخرى نتيجة للتهرب من العقوبات والثغرات ذات الصلة، إلى جانب الإدارة الذكية للاقتصاد الكلي لاسيما من جانب محافظ البنك المركزي الروسي؛ مما مكن الكرملين من الحفاظ على النظام المالي الروسي في وضع صحي نسبيا.
وللوهلة الأولى، تبدو الأرقام قوية بشكل مدهش. ففي عام 2023، نما الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 3.6% وسط توقعات بأن يرتفع بنسبة 3.9% في عام 2024. وانخفض معدل البطالة من حوالي 4.4% قبل الحرب إلى 2.4% في سبتمبر الماضي.
ووسعت موسكو حجم قواتها المسلحة وإنتاجها الدفاعي، لتضيف أكثر من 500 ألف عامل إلى صناعة الدفاع، وحوالي 180 ألفا إلى القوات المسلحة، وآلاف أخرى إلى المنظمات شبه العسكرية والعسكرية الخاصة. كما ضاعفت روسيا من إنتاجها من قذائف المدفعية إلى 3 ملايين سنويا، مع التوسع في تصنيع الطائرات بدون طيار والقنابل الانزلاقية (هي قنابل يتم إطلاقها إلى الغلاف الجوي العلوي بنفس طريقة إطلاق الصواريخ، لكن بعد ذلك تنفصل عنها مركبة انزلاقية فائقة السرعة تحلق على ارتفاع أقل وبسرعة أكبر باتجاه الهدف؛ مما يجعل من الصعب رصدها. وتستخدم هذه التقنية في الصواريخ فرط الصوتية).
وأشارت المجلة إلى أنه رغم هذه الإنجازات، إلا أن اقتصاد الحرب في روسيا يتجه نحو طريق مسدود، حيث لا يستطيع الكرملين توسيع الإنتاج بسرعة كافية لاستبدال الأسلحة بالمعدل الذي يتم فقدها فيه في ساحة المعركة. وفي مرحلة ما في النصف الثاني من عام 2025، ستواجه روسيا -وفقا للمجلة الأمريكية- نقصا حادا في عدة فئات من الأسلحة.
ودللت "فورين بوليسي" على ما ساقته بالإشارة إلى أن روسيا تستهلك أسلحة بمعدلات أسرع بكثير من قدرتها على إنتاجها، فقد أحصى الباحثون خسارة موسكو ما لا يقل عن 4955 مركبة قتالية للمشاة منذ بداية الحرب، أي بمعدل 155 مركبة شهريا، في حين يمكن لشركات الدفاع الروسية إنتاج ما يقدر بنحو 200 مركبة سنويا، أي حوالي 17 مركبة شهريا فقط. وعلى نحو مماثل، فإن الإنتاج الموسع لروسيا الذي يبلغ ثلاثة ملايين قذيفة مدفعية سنويا يتضاءل مقارنة بالتقديرات المختلفة للاستهلاك الحالي على الجبهة، والذي بلغ 12 مليون طلقة أطلقتها القوات الروسية في عام 2022.
ولفتت المجلة إلى أن موعد وصول روسيا إلى نهاية الطريق بالنسبة لوفرة الأسلحة المطلوبة ليس معروفا، وإن كان الكرملين ليس أمامه الكثير للقيام به لتجنب ذلك اليوم، مؤكدة في الوقت نفسه أنه من عجيب المفارقات أن نفس العوامل التي تجتمع لتقييد قدرة روسيا على شن الحرب هي نفسها التي تؤشر على أنها لا تستطيع أيضا تحقيق السلام بسهولة.
وأوضحت "فورين بوليسي" أن الأداء الاقتصادي لروسيا الذي يتميز بانخفاض معدلات البطالة (نتيجة التشغيل والانتاج الهائل في القطاعات العسكرية) وارتفاع الأجور (لجذب العمال للعمل في هذه القطاعات) هو نتاج للمذهب الكينزي (نظرية تقوم على أهمية الاقتصاد المختلط)، بمعنى أن الإنفاق العسكري الهائل، الذي لا يمكن تحمله في الأمد البعيد، يعزز بشكل مصطنع فرص العمل والنمو.
ومع قفزة الإنفاق الدفاعي الروسي رسميا إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وسط توقعات بأن يستهلك أكثر من 41% من ميزانية الدولة في العام المقبل، فإن محاولة تقليص هذه النفقات الدفاعية الضخمة من شأنه أن يؤدي حتما إلى تباطؤ اقتصادي. كما أنه إذا خفض الكرملين أعداد القوات المسلحة، فسوف يجد عددا كبيرا من المحاربين القدامى المصابين بصدمات نفسية، والعاملين في مجال الدفاع ممن يتقاضون أجورا مرتفعة، زائدين عن الحاجة، ما يهدد بحالة من عدم الاستقرار السياسي.
ونبهت المجلة في هذا الصدد إلى أن حجم الركود الروسي بعد الحرب سيكون أسوأ كثيرا لأن الاقتصاد المدني في روسيا، وخاصة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، انكمش حاليا بالفعل بسبب الحرب.
لذا، يواجه قادة روسيا مجموعة غير مرغوبة من المعضلات، من بينها: أن روسيا لا تستطيع الاستمرار في خوض الحرب الحالية بعد أواخر عام 2025، عندما تبدأ في نفاد أنظمة الأسلحة الرئيسية. وفي نفس الوقت، فإن إبرام اتفاق سلام من شأنه أيضا إثارة مجموعة مختلفة من المشاكل.
وبينت المجلة أن الكرملين سيكون عليه الاختيار بين ثلاثة خيارات غير مستساغة. يتمثل الأول في أنه إذا قلصت روسيا حجم القوات المسلحة والصناعات الدفاعية، فسوف يؤدي ذلك إلى إشعال شرارة الركود الذي قد يهدد النظام نفسه. بينما يتمثل الثاني في أنه، إذا حافظ صناع السياسات الروس على مستويات عالية من الإنفاق الدفاعي والجيش المتضخم في زمن السلم، فسوف يخنق ذلك الاقتصاد الروسي، ويزاحم الصناعة المدنية، ويخنق بالتالي النمو، وهو الخيار الذي سيتجنبه القادة الروس، الذين شهدوا بأنفسهم انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوطه لأسباب اقتصادية مماثلة.
أما الاختيار الثالث المتاح والأكثر إغراء على الأرجح، فيتمثل في استخدام موسكو القوات العسكرية الضخمة والتلويح بالغزو (لدول مجاورة) والتهديد به؛ للحصول على الموارد الاقتصادية اللازمة لدعم هذه القوات، ودفع تكاليف الجيش. وهناك العديد من السوابق والأمثلة التاريخية، ومنها: الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت في عام 1803، حينما أنهى 14 شهرا من السلام في أوروبا لأنه لم يكن بوسعه أن يتحمل تكاليف تمويل جيشه، ولم يقبل في الوقت نفسه بفكرة تسريح هذا الجيش.
وشددت "فورين بوليسي" على أن هناك بعض الدروس المهمة التي يمكن استخلاصها من وضع اقتصاد الحرب الروسي حاليا، وهي: أن الاقتصاد الروسي لا يستطيع أن يستمر إلى ما لا نهاية في حربه ضد أوكرانيا، وسوف تحكم الاختناقات العمالية والإنتاجية على روسيا بالهزيمة طالما استمر حلفاء أوكرانيا في دعم كييف بعد النصف الثاني من عام 2025.
كما أن وقف القتال على نطاق واسع في أوكرانيا لن يؤدي إلى إنهاء مشاكل الغرب مع روسيا، خاصة وأن القطاع العسكري الضخم في روسيا يحفز الكرملين على استخدام الجيش للحصول على أموال وامتيازات من الدول المجاورة، وإلا فإن البدائل (تسريح القوات، وإحداث ركود اقتصادي، أو تمويل صناعة عسكرية ودفاعية متخمة إلى أجل غير مسمى) تشكل تهديدات وجودية لنظام الرئيس فلاديمير بوتين نفسه.
وأخيرا، وبغض النظر عن الطريقة التي ستنهي بها روسيا حربها الحالية، فإن الحقائق الاقتصادية وحدها كفيلة بخلق أنماط جديدة من انعدام الأمن بالنسبة لأوروبا؛ مما يتطلب من صناع السياسات بعيدي النظر أن يركزوا على الحلول والبدائل للتخفيف من حدة هذه التهديدات المستقبلية.