يقول القانون الأول للحركة الذي وضعه عالم الفيزياء البريطاني الشهير إسحاق نيوتن، إن "كل جسم يحافظ على وضع السكون أو وضع الحركة بانتظام للأمام ما لم تؤثر فيه قوى خارجية".

ويعتبر هذا القانون، الذي وضعه نيوتن في كتابه "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية" الصادر في طبعته الأولى باللغة اللاتينية عام 1687، أساسا لكثير من قوانين الحركة والميكانيكا وعلوم الفضاء والطيران حتى تاريخنا هذا.

لكن باحثا في مجال الفلسفة والعلوم يرى الآن أن تحريفا طفيفا في الترجمة ربما يكون قد ترتب عليه فهم خاطئ لما قصده نيوتن عندما وضع قانونه الأول للحركة، وأن هذا الخطأ يستدعي إعادة دراسة أو تحليل القانون بشكل أفضل من أجل فهمه على النحو الصحيح.

القانون لا يتحدث عن أجسام خيالية

وفي ورقة بحثية نشرتها الدورية العلمية "فيلوسوفي أوف ساينس" المتخصصة في مجال فلسفة العلوم، يقول دانيال هوك من جامعة فيرجينيا تيك الأميركية إن كثيرا من الفلاسفة والعلماء على مر العصور قاموا بتفسير قانون الحركة الأول على اعتبار أنه يتعلق بالأجسام التي لا تؤثر فيها قوى خارجية، حتى أن العالم براين إيلياس المتخصص في قوانين نيوتن أعاد صياغة قانون الحركة الأول عام 1965، إذ يقول إن "كل جسم لا يتعرض لتأثير قوى خارجية يستمر في وضعية السكون أو الحركة المنتظمة في خط مستقيم".

لكن هذا التفسير ينطوي على بعض الغموض من وجهة نظر هوك، لأنه لا يوجد في الكون أجسام لا تتأثر بقوى خارجية، وبالتالي ما الذي يجعل نيوتن يضع قانونا عن أشياء ليس لها وجود؟

يبدو أن نيوتن لم يكن يقصد الحديث عن أجسام خيالية لا تؤثر عليها قوى خارجية (غيتي)

ويعتقد هوك أن نيوتن في حقيقة الأمر لم يكن يقصد الحديث عن أجسام خيالية لا تؤثر فيها قوى خارجية، وأن ترجمة "ما لم تؤثر فيها قوى خارجية" يقصد بها في الحقيقة أن "وضع السكون أو الحركة للجسم يتغير فقط عندما تؤثر فيه قوى خارجية".

ومن هذا المنطلق، أعاد هوك صياغة قانون الحركة الأول من وجهة نظره بحيث يكون "كل تغيير في وضع الجسم من حيث الحركة أو السكون هو ناتج عن القوى التي تؤثر فيه".

وربما يكون هذا الاختلاف في الترجمة مسألة أكاديمية بحتة، لا سيما أن قانون النسبية الذي وضعه ألبرت أينشتاين تجاوز بالفعل ما وصل إليه اسحاق نيوتن، لكن روبرت دي سال المؤرخ في مجال الفلسفة والعلوم بجامعة ويسترن الكندية يقول إن "أينشتاين وضع نظريته اعتمادا على قوانين نيوتن، بل إن بعض العلماء اعتمدوا على الترجمة الخاطئة للقانون الأول ليدافعوا بأن هناك تناقضات فلسفية أساسية بين نظريات كل من نيوتن وأينشتاين".

وأوضح دي سال في تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني "ساينتفيك أميركان" المتخصص في الأبحاث العلمية، أن بعض الانتقادات -على سبيل المثال- تقول إن قانون الحركة الأول الخاص بنيوتن هو قانون "دائري" في معناه، لأنه يقول إن الأجسام التي لا تؤثر فيها قوى خارجية تتحرك بشكل مستقيم أو تظل ساكنة، لكن السؤال هو "كيف نعرف أن الأجسام لا تؤثر فيها قوى خارجية سواء إذا كانت ساكنة أو تتحرك في خطوط مستقيمة؟".

ويرى دي سال أن الورقة البحثية التي وضعها هوك تجعل من السهل فهم الخطأ في الترجمة الأصلية لقانون نيوتن، لأنها تكشف أن نيوتن لم يقصد أن يجعل قانونه يتعلق بأجسام خيالية ليس لها وجود، بل إن معاصريه من العلماء فهموا القانون بشكله الصحيح، ولم يقوموا بتفسيره على الوجه الخاطئ.

ترجمة الباحث أندرو موتو

ويقول الفيلسوف بجامعة تافتس الأميركية جورج سميث إن "كتابات نيوتن اللاحقة أوضحت أن قانونه الأول كان يشمل جميع الأجسام، وليس فقط الأجسام التي لا تؤثر فيها قوى خارجية". وأضاف سميث المتخصص في كتابات نيوتن "النقطة الأساسية في القانون الأول هي الاستدلال على وجود هذه القوى".

كتابات نيوتن اللاحقة أوضحت أنه كان يقصد جميع الأجسام في قانونه الأول (غيتي)

ويوضح سميث أنه في عصر نيوتن، لم يكن من المسلم به في الأساس أن جميع الأجسام تتطلب وجود قوى مؤثرة من أجل التحرك، وكان هناك كثير من النظريات العلمية القديمة التي تقول إن الأجسام لديها قوى داخلية تدفعها للحركة، فأرسطو على سبيل المثال كان يؤمن بوجود أجرام سماوية مصنوعة من مادة أطلق عليها اسم "إيثر"، وأن هذه الأجسام كانت تتحرك من تلقاء نفسها في دوائر. لكن نيوتن أنكر وجود مثل هذه الأجسام في كتاباته، وأشار إلى أنه لا توجد أجسام متحررة من القوى الخارجية التي تؤثر فيها.

وترجع الورقة البحثية هذا الخطأ في فهم قانون الحركة الأول إلى ترجمة الباحث أندرو موتو لنص القانون من اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1729، الذي تضمن عبارة "ما لم تؤثر فيها قوى خارجية"، وأن هذا الخطأ هو الذي أدى إلى تحريف القانون إذ يبدو أن القانون تناول الأجسام التي لا تؤثر فيها قوى خارجية، في حين أنه في حقيقة الأمر يشرح القانون أن كل الأجسام تتفاعل مع القوى الخارجية، حسب وجهة نظر هوك. واستطرد قائلا "على الأرجح لم يراجع أحد النسخة الأصلية للقانون المكتوبة باللغة اللاتينية".

ونقلت "ساينتفيك أميركان" عن عالم الفيزياء رامون بارثيليمي من جامعة يوتا الأميركية قوله إن "التفسير الجديد لقانون الحركة الأول هو "أكثر اكتمالا"، ويؤكد أن الكلمات التي يستخدمها العلماء في نقل أفكارهم يكون لها تأثير كبير على فهم هذه الأفكار".

ويرى أنه "من الممتع حقا أن يستمر الناس في التباحث بشأن هذه الأشياء"، مضيفا أن هذا الجدل يظهر أنه لا تزال هناك مناقشات، وأن ذلك يفسح المجال أمام طلاب العلم للانخراط في دراسة التفسيرات المختلفة للقوانين العلمية، واعتبر أن ذلك يشكل طريقة مثيرة كي ينغمس الناس في علوم الفيزياء بشكل أكبر.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

النواب يوافق مبدئيا على مشروع قانون الرقم القومي الموحد للعقارات

وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء قاعدة بيانات الرقم القومي الموحد للعقارات.

جاء ذلك خلال الجلسة العامة للمجلس والمنعقدة الآن برئاسة المستشار أحمد سعد وكيل أول المجلس والتي تناقش مشروع القانون.

و استعرض النائب محمد عطية الفيومي رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب تقرير اللجنة المشتركة من لجنــة الإسكــان والمرافـــق العامــة والتعميــر ومكاتب لجان الإدارة المحلية، والدفاع والأمن القومي،والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخطة والموازنة،والشئون الدستورية والتشريعية، بشأن مشروع قانون مقدم من الحكومة بإنشاء قاعـدة بيانات الرقم القومي الموحد للعقارات.

و قال خلال الجلسة العامة لمجلس النواب: تكمن الفلسفة الرئيسية لمشروع القانون في تحقيق رؤية مصر 2030 والتي تستهدف تحقيق التحول الرقمي وتحسين بيئة الأعمال وتحقيق الحوكمة الشاملة في إطار سيادة القانون عن طريق إنشاء بصمة عقارية تتمثل في رقم قومي موحد للعقارات من خلال قاعدة بيانات قومية موحدة ومركزية لكافة أنواع العقارات، وهو الأمر الذي يحقق العديد من الأهداف، والتي منها ما يلى:
1- قياس حجم الثروة العقارية والتصنيف الدقيق للملكية. 
2- المساهمة في تحديد اشتراطات البناء والترخيص.
3- رصد المخالفات الخاصة بكل عقار، والحد من تلك المخالفات.
4- المساهمة في التحديد الدقيق والعادل للضريبة العقارية وضريبة الثروة العقارية.
5- الوقوف على بيانات الاستهلاك الواقعية للمرافق الأساسية لكل عقار، والوصول إلى القيمة العادلة لفاتورة تلك المرافق حسب طبيعة النشاط والاستخدام.
6- ضبط التقسيم الإداري لكل جهة ولاية.
7- تيسير عملية تسجيل العقارات والمساهمة في حركة تداولها نتيجة الزيادة المتوقعة في أنشطة التمويل العقاري.
8- تحسين البنية التحتية والربط بين العقارات الموجودة بكل منطقة والمباني والمنشآت الخدمية والترفيهية بها.
9- تسهيل استخدام المنصات الإلكترونية للخدمات الحكومية لإنهاء أي متطلبات متعلقة بالعقار دون حاجة للتعامل المباشر مع الجهات المختلفة مقدمة الخدمة.

جاء مشروع القانون في ثلاثة عشر مادة بخلاف مادة النشر، متضمنًا أهم الأحكام الآتية:
المادة (1): تعريف المصطلحات التي اشتمل عليها مشروع القانون.
▪ المادة (2): تضمنت هذه المادة الهدف الأساسي من مشروع القانون وهو إنشاء رقم قومي موحد لكل عقار في الدولة سواء كان مسجلاً أو غير مسجل، وربطه بجميع البيانات القانونية والفنية والإدارية ليصبح هذا الرقم هو المرجعية الوحيدة لتحديد العقار، كما اشتملت هذه المادة على نطاق تطبيق القانون والذي يشمل العقارات بجميع أنواعها سواء كانت (سكنية أو تجارية أو صناعية أو زراعية)، ويلزم جميع الجهات بالتعامل باستخدام الرقم القومي للعقار في أي تعاملات رسمية.
▪ المادة (3): تضمنت أحكام هذه المادة الجهة المختصة(الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بالتنسيق مع الوزارة المختصة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وسائر الوزارات والأجهزة والجهات المعنية) بتحديد مكونات الرقم القومي الموحد، ووسائل التعريف بهوية العقار طبقًا لهذا الرقم، ووسائل وآليات تحديث قاعدة بياناته.
▪ المادة (4): أناطت هذه المادة بلجنة يصدر بتشكيلها ونظام عملها قرار من رئيس مجلس الوزراء دراسة واقتراح آليات ووسائل تحقيق الربط والتكامل فيما بين مكونات الرقم القومي الموحد للعقار والحدود الإدارية والشرطية للمحافظات.
▪ المادة (5): أكدت أحكام هذه المادة أن مجمع الإصدارات المؤمنة والذكية هو الجهة المسئولة عن إصدار بطاقات أو لوحات التعريف بهوية العقار طبقًا لرقمه القومي الموحد.
▪ المادة (6): حددت هذه المادة الجهة المسئولة عن تسليم البطاقات أو وضع اللوحات، كما حظرت إتلافها أو العبث بها، أو التغيير فيها أو في بياناتها من غير الموظف المختص، وشريطة أن يكون ذلك بناء على تصريح صادر من الجهة التابع لها، وأجازت تحصيل مصروفات ونفقات إعادة إصدارها أو إعادتها إلى حالتها الأصلية أو تصحيح بياناتها بطريق الحجز الإداري.
▪ المادة (7): ألزمت هذه المادة سلطات وأجهزة الدولة والأشخاص الاعتبارية والمنشآت التي تقدم خدمات عامة للجمهور أو تدير مرافق عامة بالتعامل على العقار من خلال الرقم القومي الموحد، واعتبرت هذا الرقم من البيانات الرئيسية التي يجب توافرها للقيد في السجل العيني أو الشهر العقاري أو لقبول طلب تقديم خدمات المرافق الأساسية.
▪ المادة (8): ألزمت هذه المادة كافة الجهات العامة والخاصة، وكذا الأشخاص الطبيعيين بإتاحة ما لديها من بيانات أو مستندات تتعلق بإنشاء وتحديث بيانات الرقم القومي الموحد للعقار خلال مدة محددة، وذلك كله دون الإخلال بأحكام القانون رقم 151 لسنة 2020 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية، وبما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن القومي.
▪ المادة (9): فرضت أحكام هذه المادة على صاحب الشأن استخدام الرقم القومي الموحد للعقار في أي تعامل يجري على العقار.
▪ المادة (10): تضمنت هذه المادة عقوبات على كل من قام بإتلاف البطاقات أو لوحات التعريف المتعلقة بالعقار وفقًا لرقمه القومي الموحد أو قام بالعبث بها أو التغيير فيها أو في بياناتها بغير تصريح خاص بذلك، وشددت العقوبة حال ثبوت تعمد إتيان الفعل، كما عاقبت على عدم إتاحة البيانات أو المستندات ذات الصلة بإنشاء قاعدة بيانات الرقم القومي الموحد أو تحديثها، وضاعفت العقوبة في حالة العود.
▪ المادة (11): تضمنت أحكام تلك المادة مهلة لتوفيق أوضاع المخاطبين بأحكام هذا القانون، وكذلك تاريخ بدء سريان تلك المهلة وأجازت مدها بما لا يجاوز أجلاً معينًا.
▪ المادة (12): أناطت تلك المادة برئيس مجلس الوزراء بناء على عرض مشترك من رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزير الدفاع والوزير المختص بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والوزير المختص بالتخطيط والتنمية الاقتصادية، إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.
▪ المادة (13): جاء في هذه المادة ما يفيد إلغاء كل حكم يخالف أحكام هذا القانون.
 

طباعة شارك مجلس النواب الحكومة إنشاء قاعدة بيانات الرقم القومي الموحد للعقارات الجلسة العامة المستشار أحمد سعد

مقالات مشابهة

  • ضعف إقبال وتعليات.. البرلمان يفتح ملف التصالح على مخالفات البناء من جديد
  • تشريعية النواب توافق على تعديل بعض أحكام قانون الموارد المائية والري
  • خبراء قانون: مطالب ترامب تمثل عودة للعقلية الاستعمارية من جديد (خاص)
  • النواب يوافق مبدئيا على مشروع قانون الرقم القومي الموحد للعقارات
  • القائد وفهم سيكلوجيا الجماهير
  • مجلس النواب يناقش مشروع قانون الثروة المعدنية.. غدا
  • المجلس الدستوري السنغالي يرفض تعديل قانون العفو
  • محمد جبران يكشف أمرًا هام عن عدد ساعات العمل في القانون الجديد
  • الانتخابات البلدية في موعدها.. ماذا عن معركة بيروت؟!
  • أقرّوه من دون فهمه.. قانون السرية المصرفيه بات نافذاً والتطبيق شبه مستحيل