أمريكا والمثقفون وتغيير الأجندات
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
أغلبية عناصر المؤتمر الوطني لا يعترفون بأن ثورة ديسمبر هي ثورة قام بها الشعب السوداني وفقا لقناعته، أن الإنقاذ قد استنفدت أغراضها و يجب أن يتغير، معنى ذلك أن الوعي السياسي قد أكتمل وسط الجماهير، و يعتقدون أن الثورة مصنوعة من قبل بعض الدول التي لها مصالح في السودان، و لذلك هذه الدول قد اسخدمت عدد من القوى السياسية و بعض لعناصر النظام التابعين للنظام السابق.
الإدارة الأمريكية و الدول الغربية كانت محتفية بالثورة و بسلميتها، و كانوا يعتقدون أن القوى السياسية و خاصة الجديدة تعلموا من التجارب السابقة و قادرين أن يوصوا سفينة التغيير إلي الشاطئ بسلام، إذا استطاعت الدول أن تقدم لهم المساعدات المطلوبة. كانت أول أخطاء الحكومة الأولي ان تقبل دفع تعويضات تقدر 350 مليون دولار للإدارة عن التفجيرات التي كانت قد حدثت في عهد الإنقاذ لضحايا التفجيرات في كل من نيروبي و دار السلام، رغم عدم أي إدانة للسودان في هذه القضية، و قد شترت الحكومة الدولارات من السوق الأسود، و الذي تسبب في رفع قيمة الدولار مقابل الجنية أكثر من ثلاثة أضعاف. القضية الأخرى؛ أن النخب الجديد نشب بينها صراع و خلافات أدى إي انسحاب البعض من إدارة الإزمة، ثم دب الخلاف بين المكون العسكري و المدني، و أرادت الولايات المتحدة أن تعالج حالة التصدع و لكنها فشلت، ثم راهنت على البعض، و أيضا فشلت أن توصل الجميع للنقطة التي تريد، الأمر الذي تسبب في الحرب. كان الاعتقاد أنها بداية تغيير على أسس جديدة، لكن تغيرت المعادلة.
تعلم الولايات المتحدة و الدول الغربية و الأمارات و السعودية و موسى فكي و أبن لباد كيف سارت الأطراف نحو الحرب، و أيضا يعلمون من الذي بدأ الحرب، و أيضا كانت الفكرة أن تكون حكومة منفى، و يعترف بها هؤلاء، و أمريكا لم تكن بعيدة عن كل الذي يجري، و لكن إنحرف ميليشيا الدعم و دخولها بيوت المواطنين، و ممارستها لعمليات النهب و السرقة التي و الاغتصابات قد خلقت واقعا جديدا، كان يمكن أن يغض الطرف عنه لولاء التقرير الصحفي لقناة ( CNN) الذي كتبته الصحفية السودانية القديرة نعمة الباقر أحمد عبد الله، و بموجب هذا التقرير أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية إدانة لميليشيا الدعم السريع، ثم تبعتها بقية المنظمات العالمية، كل ذلك أن أدي لتغيير المعادلة السياسية خاصة بعد خروج الجماهير تنادي بموقف مؤيد للجيش، هذا التحول كان لابد لأمريكا أن تدرسة الحالة السودانية من جديد، و وقع انقلاب النيجر ألذي جعل ملف السودان ينقل من وزارة الخارجية إلي الرئاسة الأمريكية، خاصة أن المنطقة الأفريقية بدأ فيها الصراع الإستراتيجي يأخذ عمقا، و القضية عند الإدارة الأمريكية ترتبط بمصالحها و الرهان عليها، و الميليشيا موجودة كألآت عسكرية و انتشار لمقاتلين دون هدف سياسي،و بعد ما غابت قيادتهم مركز الرهان. فكان على الولايات المتحدة أن تبحث عن مركز القوة في ملعب التنافس الذي تراهن عليه، و مال جانبها دون أن تفصح عن ذلك، و خرجت بعقوبات على القائد الثاني للميليشيا، الأمر الذي يؤكد أنها قد حسمت موقفها تماما من الصراع الدائر في السودان، حتى لا تفقد السودان كموقع إستراتيجي هام يربط بين شرق و غرب أفريقيا.
عندما تتغير الأحداث و المعادلة السياسية، لابد أن تكون هناك وقفة من أجل المراجعة. و خاصة وسط المثقفين السودانيين، و مراجعة أفكارهم، ليس بهدف رفع راية التسليم، و لكن المعادلة تحتاج لرؤى و أفكار جديدة، مشكلة المثقفين السودانيين أنهم يعتقدون أن قرأتهم لا يصيبها الوهن و تحتاج لمراجعة، و ربما تكون محكومة بعوامل الولاءات، و هي ثقافة خلقها الصراع الصفري بين الأيديولوجيات المختلفة. و هي تعتبر المقدسات التي يجب الكل أن يركع لها، لكن الدول ذات الفلسفة البراجماتية تنظر للتغيير من جانب المصالح ليس غير. و تتغير مواقفها وفقا لمصالحها، و السؤال ما هي مصالح القوى المثقفة السودانية وفقا لكل المتغيرات؟ هي عاجزة على طرح الأسئلة على نفسها لأنها متأكدة أنها عاجزة على الإجابة. هي تعرف غير تقديس ثقافة بالية تتكيء على مقدسات شعارات قيادات تاريخية أصابها العقم السياسي. هذه الحالة التي لا تتغر مع كل تغيير سياسي يحدث في البلاد. كل مرة يبدأ الرجوع للخلف. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
«البرهان»: علاقات السودان الخارجية ستُبنى على مواقف الدول من الحرب
أكد «البرهان» إن الحرب لن تتوقف إلا بخروج هذه قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومساكن المواطنين، وايقاف الدعم من الدول التي تدعم الدعم السريع سياسياً وعسكريا، دون تحديد دولة بعينها..
التغيير: الخرطوم
قال رئيس مجلس السيادة بالسودان عبد الفتاح البرهان، الاثنين، إن علاقات الخرطوم مع الخارج ستبني على “مواقف الدول من الحرب” الدائرة حاليا ضد قوات الدعم السريع.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده البرهان مع رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو امبالو، بالعاصمة بيساو، في ختام زيارته للبلاد استمرت يومين، بحسب بيان للمجلس السوداني.
وفي المؤتمر الصحفي، قال البرهان إن “الحرب لن تتوقف إلا بخروج هذه قوات الدعم السريع من الأعيان المدنية ومساكن المواطنين، وايقاف الدعم من الدول التي تدعم قوات الدعم السريع سياسياً وعسكريا، دون تحديد دولة بعينها.
وأكد البرهان أن “علاقات السودان ستبنى على مواقف الدول من هذه الحرب”.
وذكر البرهان أن “السودان يواجه حربا تعددت أطرافها، وتم غزوه بواسطة ما أسماه مرتزقة الدعم السريع التي دمرت البنية التحتية للدولة، وارتكبت جرائم ممهنجة ضد الشعب.
وأضاف: “العالم يعلم جيدا أن هذه قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم حرب وإبادة جماعية في حق المواطنين”.
وبحسب البيان، جدد “البرهان “موقف الشعب السوداني الرافض للتفاوض والجلوس مع الدعم السريع ووجودها في المستقبل”.
وشدد رئيس مجلس السيادة على “أهمية حل المشاكل الداخلية لدول القارة داخل البيت الإفريقي، والنأي عن الحلول الخارجية”، داعيا إلى “الاستفادة من الموارد التي تذخر بها إفريقيا ورفض الوصايا من الخارج”.
بدوره، أكد رئيس غينيا بيساو على “استعداد بلاده لدعم جهود وقف الحرب في السودان”، بحسب المصدر ذاته. وأعرب عن أمله بأن يشهد السودان “المزيد من الأمن والاستقرار”.
والأحد، وصل البرهان إلى غينيا بيساو، في ثاني محطة ضمن جولة إفريقية بدأها في مالي السبت، وتشمل أيضا سيراليون والسنغال.
ويشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 حربًا بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلفت دمارًا واسعًا، وأثرت على البنية التحتية والخدمات الأساسية في البلاد.
وعلى الصعيد الإنساني، تسببت الحرب في أزمة إنسانية حادة، حيث يعاني ملايين السودانيين من نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية، مع تصاعد الحاجة إلى مساعدات إغاثية عاجلة في ظل استمرار القتال.
الوسومالبرهان السودان حرب الجيش والدعم السريع غينيا