جريدة الوطن:
2024-11-24@14:01:03 GMT

مفارقات تاريخية

تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT

مفارقات تاريخية

أن يتمَّ انتخاب «ريشي سوناك» Rishi Sunak الشَّاب الهندوسي، المولود في بريطانيا (1980)، رئيسًا لوزراء بريطانيا عن حزب المحافظين، فإنَّ في ذلك لشجونًا بالنسبة لأبناء شِبْه القارَّة الهنديَّة، تلك الأرض الشَّاسعة التي ضمَّتها بريطانيا الكولونياليَّة جزءًا من «الامبراطوريَّة التي لا تغرب الشمس عَنْها»!
هذه مفارقة تستحقُّ التوقُّف والتأمُّل بأناة، خصوصًا إذا ما حَظِيَ المرء بمعرفة جيِّدة مناسبة بطرائق التاج البريطاني إلى الهنود الذين عدَّهم البريطانيون مع بلادهم «لؤلؤة التاج» Kohinoor، علمًا أنَّ الحكَّام البريطانيِّين عَبْرَ الهند حقبة ذاك قَدْ ساموا سكَّانها الهندوس العذاب الممزوج بالاحتقار؛ نظرًا لأنَّ الصولجان البريطاني قَدْ عدَّ الهندوس (وهم الأغلبيَّة السكَّانيَّة في الهند) وثنيِّين ومشركين، إذ إنَّ الهندوسيَّة ديانة مُتعدِّدة الآلهة، غير آبهين كبريطانيِّين بأبعاد الهندوسيَّة الأعمق الأخرى: باعتبارها ديانة هي أقرب إلى الهندوسيَّة Hinduism أسلوب حياة وفلسفة روحيَّة تقوم على عبادة الــ»براهمن» Brahman، إلهًا رئيسًا، من بَيْنَ عددٍ كبير من الآلهة والآلهات.

والحقُّ، فإنَّ في هذا الأمْرِ شجونًا، فعِنْدما فصل ملك بريطانيا هنري الثامن شَعبه عن الكنيسة الكاثوليكيَّة التي كانت تُمثِّل كينونة مسيحيَّة أوروبيَّة موَحّدة في حقبة سابقة، وذلك إثر قرار بالاقتران بزوجة ثانية، فإنَّه لَمْ يتوانَ عن فصل بلاده وعزْلها عن الكنيسة البابويَّة الموَحّدة في روما، لِيحيلَ بريطانيا إلى كيان مسيحي «انجليكاني» (بروتستانتي) مستقلٍّ عن كنيسة روما الكاثوليكيَّة. لذا، فإنَّ الذاكرة البريطانيَّة تحتفظ بهذا الحادث التاريخي الديني في قعر عقلها الجمعي منذ عصور: ودليل ذلك ما يحدث اليوم في أيرلندا الشماليَّة، حيث تتمرَّد الأغلبيَّة الكاثوليكيَّة على سُلطة بريطانيا البروتستنتيَّة! وهذا يعني أنَّ للحاكم دَوْرًا مُهمًّا للغاية في تقرير شؤون البلاد والعباد بقدر تعلُّق الأمْرِ بالعبادات وبالحياة الروحيَّة. أمَّا أن يرشِّحَ الحزب الجمهوري في الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة شابًّا هندوسيًّا للانتخابات الرئاسيَّة القادمة، فإنَّ في ذلك شجونًا إضافيَّة، خصوصًا بعدما يستذكر المرء اعتراض غالبيَّة الجمهور الأميركي (البروتستنتي) على فوز ”جون كنيدي» Kennedy بالرئاسة في بداية ستينيَّات القرن الماضي؛ بسبب كونه ينحدر من أُسرة كاثوليكيَّة (والكاثوليك هم أقليَّة في أميركا)، فإنَّ في ذلك استذكارًا لجرح عميق في النَّفْس الأميركيَّة: لذا للمرء أن يلاحظَ بأنَّ «راما سوامي» Rama Swami هو اليوم أحد أبرز المرشَّحين السَّاعين للوصول إلى البيت الأبيض: وإذا ما تحقَّق حلم «سوامي» هذا بالرئاسة يكُونُ «النِّصاب» قَدِ اكتمل بقدر تعلُّق الأمْرِ بأهمِّ «دَولتَيْنِ أنجلو سكسونيَتَيْنِ» (بريطانيا والولايات المُتَّحدة) لِيحكمَهما شابَّانِ وثنيَّانِ يؤمنانِ بديانة مُتعدِّدة الآلهة والآلهات.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

غارة إسرائيلية تقتل حلم اللاعبة اللبنانية سيلين حيدر

نواف السالم

تحول حلم سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، في لحظة واحدة، التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها، لترقد على أثرها بدون حراك فى سرير المستشفى.

سيلين لاعبة موهوبة رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لكن شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، عكر صفو ذلك، ليبقى فى الأصداء صوت والدتها، سناء شحرور، يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

لكن الأمل لم يختفى وسط الألم، حيث تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، ومنظمين لحملات لتلك البطلة، التي يترقب الجميع اللحظة التي تستيقظ فيها لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

تسرد والدتها، سناء شحرور ، في ظل ظروفٍ مأساوية، ، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل، رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد، وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

بدأت القصة عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب، وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة، بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك»، دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف، شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى، اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس، المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة، أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

نظم زملاء سيلين حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلي

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

مقالات مشابهة

  • سلاح الجو الأميركي: رصد مسيرات مجهولة فوق 3 قواعد جوية في بريطانيا
  • سلاح الجو الأميركي: مسيرات مجهولة فوق قواعد جوية في بريطانيا
  • هل مشروع القرار البريطاني فيه أي مكاسب استراتيجية لسيادة الدولة؟!
  • مفيدة شيحة لـ مي عز الدين: حاسة بشعورك ومافيش بعد الأم وخليكي قوية
  • أمام والدتها.. تعذيب طفلة بوحشية حتى الموت في بريطانيا
  • في اليوم العالمي للطفل.. 3 فئات من الأطفال كفل لهم القانون معاشًا شهريًا
  • الفنان عبد الرحيم حسن: لا يصح أن يكون هناك أسرار بين الأم وابنتها ويغفل عنها الأب
  • غارة إسرائيلية تقتل حلم اللاعبة اللبنانية سيلين حيدر
  • الفنان عبد الرحيم حسن: العلاقة بين الأب والابن تشبه سياسة «العصا والجزرة»
  • الفنان عبد الرحيم حسن: لابد أن يكون الأب والأم على علم بكل أسرار أبنائهم