روسيا ترث بريغوجين في أفريقيا الوسطى.. وجنود فاغنر بكل مكان
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
منذ أن لقي قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين حتفه بحادث تحطم طائرة في أغسطس الفائت، تعمل السلطات الروسية على تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية.
ويسعى الكرملين "إلى السيطرة بشكل كامل على أذرع فاغنر وشبكتها التجارية في القارة السمراء، ويعمل في الوقت عينه على تعزيز هيمنته (من خلال فاغنر) بدولة مثل أفريقيا الوسطى"، أولى الدول التي امتلكت موسكو نفوذاً كبيراً فيها.
ففي عاصمة أفريقيا الوسطى بانغي، يبدو النفوذ الروسي "في كل مكان" بدءاً من المحلات التي تقدم مشروبات تصنعها شركات تابعة لفاغنر، مروراً بمقاتلات روسية تبرعت بها موسكو للدولة الأفريقية تحلق بشكل متكرر في الأجواء.
"كل شيء سيظل كما كان"وفي السياق، أكد أحد مستشاري الرئاسة في أفريقيا الوسطى، فيديليه غواندجيكا، أن "التمرد الفاشل لفاغنر في روسيا ومقتل قائد المجموعة، لم يتبعه أي تغيير في العلاقة بين بانغي وموسكو"، وفق ما نقلت شبكة "سي أن أن".
أما عن بريغوجين، فقال وهو يرتدي قميصاً أسود كُتب عليه "أنا فاغنر" باللغة الفرنسية: "لقد كان صديقي".
إلى ذلك، أوضح أن بلاده تلقت مؤخراً تأكيدات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "كل شيء سيظل كما كان في السابق. وسيكون الغد وبعد الغد أفضل".
بيع الذهب والماسمن جهتها، كشفت المسؤولة البارزة في منظمة "The Sentry" الأميركية غير الربحية، التي ترصد أنشطة فاغنر، ناتاليا دوخان، أن "(البيت الروسي) في بانغي، هو بمثابة محور جميع أنشطة فاغنر في أفريقيا الوسطى".
وبحسب المنظمة الأميركية، فإن "البيت الروسي يعتبر مركزاً لعمليات مرتبطة بأنشطة فاغنر التجارية، مثل بيع الذهب والماس، وأنشطة ترفيهية للشخصيات المهمة".
يتجولون بالشوارع ملثمينكما ينظم المكان فعاليات، تسعى لنشر الثقافة الروسية، والترويج للتصورات المؤيدة لموسكو فيما يتعلق بالعلاقات الدولية.
أما مقاتلو فاغنر فيمكن رؤيتهم في كل مكان، "يتجولون بشوارع بانغي ويتسوقون من محال البقالة مرتدين أقنعة للوجه، التزاماً بتعليمات المجموعة".
منذ 2018يشار إلى أن فاغنر تعمل في أفريقيا الوسطى منذ عام 2018، لحماية الرئيس وتدريب قوات الجيش، وحصلت بعد ذلك على سلسلة امتيازات مهمة في مجال التعدين، للتنقيب عن الذهب والماس.
وكانت موسكو قد أعلنت نهاية العام الماضي، أن مدير "البيت الروسي" في بانغي، دميتري سيتوي، تعرض لمحاولة اغتيال، وطالبت السلطات بإجراء تحقيق عاجل حول الأمر.
يذكر أن بريغوجين لقي مصرعه بحادث تحطم طائرة شمال موسكو في أغسطس الفائت، فيما يعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية أنه "عملية اغتيال"، وهو أمر نفت موسكو علاقتها به.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News الكرملين فاغنرالمصدر: العربية
كلمات دلالية: الكرملين فاغنر فی أفریقیا الوسطى
إقرأ أيضاً:
ثمن التقارب الأرميني مع واشنطن مقابل التباعد مع موسكو
موسكو- بعد قرون من الارتباط الوثيق والعلاقات التاريخية مع روسيا، بدأت أرمينيا باتخاذ سلسلة خطوات جديدة في التباعد عنها، بموازاة قرارات أكثر جرأة في التقارب مع خصوم موسكو (الولايات المتحدة والغرب عموما).
وتمثلت أحدث الخطوات في توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين أرمينيا والولايات المتحدة منتصف الشهر الحالي في واشنطن. ووقع الاتفاقية وزيرا الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن.
على غرار أوكرانياوتشمل الاتفاقية التعاون الثنائي في المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقوية والعلمية والتعليمية والثقافية والإنسانية، وتتضمن تقديم المساعدة الأميركية لأرمينيا لتنفيذ الإصلاحات العسكرية والاقتصادية، لكنها لا تعني التدخل الأميركي المباشر حالة نشوب صراع محتمل لأرمينيا مع دولة أخرى.
وقبل التوقيع عليها، أوضحت الخارجية الأرمينية أن "مبادئ التعاون في إطار الاتفاقية الجديدة ستستند إلى مثال التفاعل بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وهذا يعني أن يريفان تلتزم بالمبادئ الديمقراطية للولايات المتحدة".
ومنذ عام 2019، دخلت العلاقات بين أرمينيا والولايات المتحدة في مسار مستوى الحوار الإستراتيجي. وأعلن رئيس الوزراء نيكول باشينيان في 4 يوليو/تموز 2024 عن نية يريفان رفعها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية وذلك في رسالة تهنئة للرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن بمناسبة عيد الاستقلال.
توجه أرمينيا للغرب سيدفعها لمزيد من الصراعات العسكرية مع جيرانها كما يرى محللون (رويترز) إشكالاتيشير المحلل السياسي الأرميني أرمين بايلان، إلى أن الوثيقة الخاصة بالشراكة الإستراتيجية بين البلدين لا تعني تقديم ضمانات أمنية لأرمينيا على نفس المستوى مثل تلك الموجودة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أو بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.
إعلانوفي حديث للجزيرة نت يدلل بايلان على ذلك بأن الاتفاق لا يشمل تقديم مساعدات عسكرية في شكل إمدادات الأسلحة أو نشر قواعد عسكرية أميركية على أراضي أرمينيا.
مع ذلك يرى المحلل السياسي أن الاتفاقية ستؤثر بطريقة أو بأخرى على التعاون مع موسكو، على أقل تقدير عند الأخذ في الاعتبار أن حاميتين للقاعدة العسكرية الروسية تتمركزان في غيومري ويريفان منذ عام 1995.
ويوضح في هذا السياق بأنه وبموجب اتفاقيات عام 2010، فإن هذه الحاميات ستبقى في أرمينيا حتى عام 2044، فضلا عن أنه إذا بردت علاقات يريفان مع موسكو، فإن اتصالاتها مع باكو قد تصبح أكثر تعقيدا.
رد فعل موسكووتسارعت وتيرة تقارب أرمينيا مع الدول الغربية في عام 2023 بعد أن اتهم باشينيان روسيا ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي "بالتقاعس أثناء الصراع في ناغورني قره باغ ". وفي فبراير/شباط 2024 أعلن تجميد مشاركة بلاده في المنظمة، وفي ديسمبر/كانون الأول من نفس العام قال إن العلاقات مع هذه المنظمة وصلت إلى "نقطة اللاعودة".
علاوة على ذلك، أيدت الحكومة الأرمينية في 9 يناير/كانون الثاني مشروع قانون لبدء عملية انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، ورد الكرملين محذرا من استحالة عضوية يريفان في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي في نفس الوقت.
ويأتي التقارب بين أرمينيا والولايات المتحدة على خلفية برود غير مسبوق في العلاقات بين يريفان وموسكو، والتي كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعترف بأنها "ليست سهلة".
أما المتحدث الصحفي للكرملين ديمتري بيسكوف فوصف الاتفاق بين الولايات المتحدة وأرمينيا بأنه "حق سيادي لأصدقائنا الأرمن"، لكنه نوه في الوقت نفسه بأن "واشنطن لم تلعب أبدا دورا مستقرا في جنوب القوقاز، بل على العكس من ذلك".
ثمن التباعديقول المحلل السياسي المختص في شؤون جنوب القوقاز ألكسي نوموف، إن السلطات الأرمينية الحالية تحاول -على ما يبدو- تغيير "التوجه الإستراتيجي" للبلاد متجاهلة التكاليف والمخاطر المترتبة على ذلك والتي قد تدفع التوترات في العلاقات الأرمينية الروسية إلى حد المواجهة المفتوحة.
إعلانويتابع في حديث للجزيرة نت أن واشنطن تستغل هذا التوجه لإثارة المشاكل وتحقيق مصالحها الخاصة المتمثلة في التغلغل بمنطقة جنوب القوقاز التي كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفياتي.
ووفقا له، فقد أظهرت روسيا استعدادها ليس فقط لاستخدام القوة لمنع مثل هذه المحاولات، بل وللمخاطرة بالتصعيد النووي لمنع مثل هذه المحاولات.
وحسب اعتقاده فإن سياسة التقارب التدريجي التي تنتهجها أرمينيا مع الغرب مقابل تقليص العلاقات مع روسيا ستؤدي لفقدانها التفضيلات والفرص الاقتصادية التي نشأت في إطار علاقاتها مع موسكو.
ومن وجهة نظره، فإن القيادة السياسية الأرمينية تعتقد أن روسيا تحتاج لأرمينيا أكثر من حاجتها هي لموسكو، ولهذا السبب تراهن على الغرب في التعاون العسكري والسياسي، لكنها تتناسى أن ما يصل إلى 70% من السلع الاستهلاكية في أرمينيا تأتي من روسيا.
بموازاة ذلك، يستبعد المتحدث بأن تحذو الولايات المتحدة حذو فرنسا في تقديم الدعم العسكري لأرمينيا حتى لا تفسد علاقاتها مع تركيا، وأن الشراكة الأرمينية الأميركية ستقتصر على التدريبات العسكرية المشتركة، كما يحدث في جورجيا المجاورة، والتي هي ذات طابع استعراضي صرف، حسب وصفه.
اتفاقيات مماثلةتجدر الإشارة إلى إن أوكرانيا لديها اتفاقية مماثلة مع الولايات المتحدة. وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت الحكومة المولدوفية أيضا مناقشات بشأن إبرام شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة.
وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، علقت واشنطن مثل هذه الاتفاقية مع جورجيا بسبب ما وصفتها بـ"الإجراءات المناهضة للديمقراطية" التي اتخذها حزب "الحلم الجورجي" الحاكم في البلاد بعد اعتماد قانون المنظمات غير الحكومية الأجنبية حول "شفافية النفوذ الأجنبي" بمجلس الشيوخ الجورجي.