هالة السعيد: للدول العربية دور ريادي في قضايا المناخ
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، الدكتورة هالة السعيد، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات، أن المنطقة العربية تضم 14 دولة من بين أكثر 20 دولة تُعاني من الإجهاد المائي في العالم، وأن الموارد المائية الداخلية السنوية للمنطقة تبلغ 6 بالمئة فقط من متوسط هطول الأمطار السنوي، مقابل متوسط عالمي يبلغ 38 بالمئة.
وقالت السعيد، إنه في الوقت الذي أدى الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية في المنطقة إلى تدهور شديد في النظام البيئي، إلى جانب اعتماد سكان الريف بشكل كبير على زراعة الكفاف والرعي التي تتأثر بالمناخ، الأمر الذي يجعل مستوى معيشتهم عرضة لتغيرّات المناخ ونُدرة الموارد المائية.
ولهذا السبب، أكدت الدكتورة هالة، أن استضافة الإمارات لمؤتمر "COP28" تعد مؤشرا على فعّالية وحيوية دور المنطقة العربية في الحوار السياسي للمجتمع الدولي بصفة عامة، وتأكيداً لأهمية المنطقة في توجيه الجهود العالمية لمعالجة القضايا والتحديات التنموية الرئيسية وفي مقدمتها قضية تغيّر المناخ، من خلال استضافة أهم المؤتمرات الدولية في هذا المجال لدورتين متتالين في المنطقة العربية.
وأضافت السعيد، "لا شك في أن دولة الإمارات ستقوم بالبناء على مخرجات مؤتمر COP27 في شرم الشيخ، الذي نجحت مصر من خلاله في إحراز تَقدّم في تفعيل الحوار العالمي حول قضايا المناخ بتجميع 197 دولة حول هذه القضايا إضافة إلى تأكيد جميع التكتلات العالمية على متطلبات العمل المناخي، والنجاح في التوصّل لتوافق عالمي حول إنشاء صندوق للتعويض عن الخسائر والأضرار الناجمة عن تداعيات تغيّر المناخ، حيث أكدت دولة الإمارات في عِدَّة مناسبات عالمية التزامها بالبناء على مُخرجات مؤتمر "COP27"، وتعزيز المكانة الريادية للدول العربية ومستهدفاتها المناخية أمام العالم".
وقالت السعيد، إن المُتتبع للآثار البيئية لظاهرة التغيّر المناخي على مستوى العالم سيلاحظ أن الظواهر المناخية المتطرفة كموجات الحَرّ الشديدة وموجات الجفاف القاسية والممتدة والفيضانات المدمرة وغيرها، لم تعد استثناء ولا تحدث على فترات ممتدة كما كان معهودا في السابق، بل أصبحت تحدث على فترات زمنية قصيرة للغاية وبصورة دورية أسرع، وعلى نحو أكثر تطرفاً وقسوة من ذي قبل وعلى نطاق أكثر اتساعاً يشمل مجموعة من الدول أو إقليما جغرافيا بأكمله.
وشددت على أن تداعيات ظاهرة التغيّر المناخي لم تعد محدودة أو قاصرة على الأثر البيئي المباشر، بل إن تأثيرها يتعدّى ذلك لتترتب عليه تداعيات اقتصادية واجتماعية ملموسة، فضلاً عن تأثيرها على نمط الحياة اليومية لمئات الملايين من البشر حول العالم، ولعلَّ أخرها تسجيل الأرض أعلى مستوى لمتوسط درجة الحرارة العالمية خلال شهر يوليو 2023 وما صاحب ذلك من اندلاع حرائق وموجات جفاف في العديد من المناطق حول العالم، وفرض بالتبعية على العديد من الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء ترشيد استهلاكها من الكهرباء والطاقة نتيجة ارتفاع معدلات الاستهلاك لهما بشكل غير مسبوق، وبما يفوق القدرات الاستيعابية لذلك الحجم من الطلب المفاجئ.
وأشارت إلى أن المنطقة العربية تقع في القلب من التحديات البيئية خصوصًا وأن لديها تاريخ ممتد في التعامل مع المناخ القاسي بما في ذلك انخفاض هطول الأمطار والفيضانات المتكرّرة والجفاف ودرجات الحرارة القصوى، موضحة أن الوضع ازداد صعوبة مع تزامن هذه التحديات مع التطورات المجتمعية الحديثة مثل النمو السكاني والحضري السريع والاضطرابات السياسية، وهي أمور تجعلها من بين أكثر مناطق العالم عُرضة وتأثًرا بتغيّر المناخ.
وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، إن هناك المخاوف العالمية التي برزت في ضوء التحديات المرتبطة بتغيّر المناخ، دفعت المجتمع الدولي في أواخر القرن الماضي إلى الجلوس والتشاور في كيفية مواجهة مخاطر هذا التغيّر لبناء مستقبل أفضل للشعوب والدول، لافتة إلى أن الحوار الدولي في هذا الصدد فعَّال منذ عام 1997 في "اتفاقية كيوتو"، وكذلك من خلال تجديد النقاش حوله في اتفاقية باريس عام 2015.
وأعربت السعيد عن ثقتها التامة بأن الإمارات ستلعب الدور المحوري المطلوب لمواصلة الحوار التشاوري بين أطراف المجتمع الدولي للوصول إلى توصيات تُسهِم في معالجة القضايا البيئية، خصوصاً وأن مؤتمر دبي يكتسب أهمية خاصةً كونه سيشهد أول تقييم للحصيلة العالمية للتقدّم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، ورفع سقف الطموح لتحقيق تقدم فعلي في مختلف المسارات، بما في ذلك دعم الدول الأكثر تعرضاً لتداعيات تغيّر المناخ وتحديد إجراءات التكيّف ومعالجة الخسائر والأضرار.
وأكدت أن الإمارات ستواصل البناء على ما تحقق من تقدّم في قمة المناخ "COP 27" بشرم الشيخ، التي فتحت المجال لإنجاز تاريخي في مساعدة البلدان النامية على التعامل مع الخسائر والأضرار الناجمة عن آثار تغيّر المناخ، موضحة أن هناك العديد من المُخرجات الفعّالة التي أثمرت عنها جهود الإدارة المصرية، ومنها إنشاء صندوق لمساعدة البلدان التي تواجه أضرارًا جسيمة نتيجة تغيّر المناخ، وهو مطلب استمر على مدار ما يَقرُب من ثلاثة عقود ظلَّت خلالها البلدان النامية تطالب بالدعم المالي لمساعدتها على التكيّف مع التأثيرات الأشد خطورة لتغيّر المناخ وهو ما بدأ يتحقق أخيرا بتوصّل البلدان إلى توافق في الآراء بشأن الترتيبات التمويلية، بما في ذلك إنشاء صندوق مُخصّص للخسائر والأضرار.
وقالت إن الرئاسة المصرية لمؤتمر "COP27" ساهمت في تطوير وإطلاق مجموعة من المبادرات الرائدة في مسار العمل المناخي، مثل تحويل النُظُم الغذائية، والمناخ والأمن، والمدن المستدامة، وإن من المتوقع أن يشهد مؤتمر "COP28" متابعة وتقييم ما تم إحرازه من تَقدّم بشأن هذه المبادرات، بالإضافة إلى بناء مزيد من هذه الشراكات والمبادرات.
وتابعت السعيد: "هناك تطلُّع لأن تستكمل القمة التي تستضيفها الإمارات التَقدّم المُحرَز في مجال التكيّف الذي كان أقل بكثير مما هو مطلوب لمعالجة التأثيرات المتسارعة والشديدة؛ إذ لم تحقق البلدان المتقدمة تقدماً كبيراً نحو الوفاء بالالتزام الذي تعهدت به كجزء من ميثاق "غلاسكو" للمناخ لمضاعفة تمويل التكيّف من مستويات عام 2019 بحلول عام 2025. ولم يتم الاتفاق على خارطة طريق لتنفيذ هذا الهدف كما هو مخطط له".
وأضافت: "نتطلع كذلك لأن تستكمل القمة في دبي جهود تحقيق إصلاحات فعّالة في عملية التمويل المناخي، والتي احتلت الصدارة في المفاوضات في آخر دورتين، خصوصاً مع استمرار مخاوف الجدية التي تشعر بها البلدان النامية بشأن عدم وفاء البلدان المتقدمة بالتزاماتها بتوفير 100 مليار دولار سنوياً، حتى مع تزايد وضوح الحاجة إلى التمويل".
وقالت الوزيرة المصرية: "سيواصل مؤتمر "COP 28" البناء على ما تَحَقق، مع وضع آليات تنفيذية بآجال زمنية مُحدَّدة ومُلزِمَة للعديد من الموضوعات التي تم التوافق بشأنها، ومنها صندوق الخسائر والمخاطر، وإطلاق خطة عالمية لإنشاء نظام للإنذار المُبكِّر وما تتطلبه من تمويلات، تبلغ نحو 3.1 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المُقبلة، لضمان التنفيذ الفعّال، وتغطية كل شخص على وجه الأرض بأنظمة إنذار مُبكِّر فعَّالة متعدِّدة المخاطر خلال الفترة المحدَّدة، كما يُنتظر الوصول إلى نتائج مَلموسة بشأن تفعيل برنامج عمل للتكيّف مع التغيّر المناخي، ووضع حدود مُلزمة قانوناً لانبعاثات الاحتباس الحراري".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات النظام البيئي الإمارات البيئية التغي ر المناخي المنطقة العربية المناخ والأمن التمويل المناخي هالة السعيد قضايا المناخ مؤتمر COP27 مؤتمر الأطراف COP28 النظام البيئي الإمارات البيئية التغي ر المناخي المنطقة العربية المناخ والأمن التمويل المناخي أخبار مصر المنطقة العربیة تغی ر المناخ ر المناخی التغی ر التکی ف من الم
إقرأ أيضاً:
دراسة حديثة: حرائق الغابات تزداد بفعل التغير المناخي
دينا محمود (لندن)
أخبار ذات صلة خالد بن محمد بن زايد يرحِّب بقادة عالميين لقطاعات الطاقة والذكاء الاصطناعي والمناخ والاستثمار في مجلس ENACT في أبوظبي باكستان.. فرض إجراءات إغلاق تتعلق بالمناخ في لاهورحذرت دراسة علمية حديثة، من أن تسارع وتيرة ظاهرة تغير المناخ على النحو الذي يشهده كوكب الأرض حالياً، يفاقم من شدة وخطورة حرائق الغابات، التي تجتاح مناطق مختلفة من العالم ويزيد عددها، بما يؤدي بالتبعية إلى تزايد حجم الخسائر الناجمة عنها.
وبحسب الدراسة، التي أُجريت على منطقة «بانتانال» الواقعة بين البرازيل وبوليفيا وباراجواي، قاد التغير المناخي وتبعاته، إلى أن يشهد هذا الجزء من قارة أميركا الجنوبية، الذي يُعرف بأنه من بين أكبر مناطق البرك والمستنقعات على وجه البسيطة، حرائق غابات غير مسبوقة في يونيو الماضي.
وربط معدو الدراسة، بين هذه الحرائق وما اجتاح المنطقة في الشهر نفسه، من ظروف مناخية قاسية، تزامن فيها ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي مع هبوب الرياح وجفاف الطقس، ما زاد - وفقاً للباحثين - فرص اندلاع ألسنة النيران، بواقع أربع أو خمس مرات، عما كان سيحدث في ظروف لا تتأثر بتبعات التغير المناخي.
وكشف الباحثون، عن أن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري لأسباب ذات صلة بالأنشطة البشرية، أدى إلى زيادة حرارة الجو في منطقة «بانتانال» بنسبة تقارب 40%، وذلك في إطار نمط يجري رصده منذ 45 عاماً، يتزايد فيه متوسط درجات الحرارة وتتراجع كمية الأمطار التي تهطل على هذه المنطقة.
وقادت هذه العوامل، إلى أن تصبح «بانتانال»، وهي إحدى أكثر مناطق العالم من حيث التنوع البيولوجي على ضوء أنها تشكل موطناً لما يزيد على 4700 نوع من الحيوانات والنباتات، فريسة في الوقت الحاضر، لموجة جفاف هي الأسوأ منذ 70 عاماً.
وسبق أن أكدت السلطات البرازيلية، أن هذه الموجة تتفاقم بسبب التغير المناخي، وظاهرة «التذبذب الجنوبي» المناخية، المعروفة باسم «النينيو».
وأكد الباحثون أن هذه الظروف، التي تتضافر فيها الحرارة المرتفعة مع شدة الرياح وتراجع معدلات الرطوبة وهطول الأمطار، تمثل بيئة خصبة لانتشار حرائق الغابات واتساع رقعتها، فضلاً عن زيادة التعقيدات التي تكتنف إمكانية السيطرة عليها، بمجرد اندلاعها.
وأشار الباحثون في هذا الشأن، إلى ما كشف عنه خبراء دوليون في الأرصاد الجوية، من أن يونيو 2024، كان الشهر الأكثر حرارة وجفافاً والأشد كذلك من حيث قوة الرياح والعواصف، في منطقة «بانتانال» منذ نصف قرن تقريباً، ما أفضى إلى أن تصبح حرائق الغابات، التي ترافقت مع ذلك أشد وطأة.
وخَلُصَ الباحثون إلى أن ما حدث في ذلك الشهر، يُنذر بأن نشوب حرائق على هذه الشاكلة، أصبح محتملاً بمعدل مرة واحدة كل 35 عاماً في ظل مناخ عالمنا اليوم، الذي ارتفعت فيه متوسطات الحرارة، بواقع 1.2 درجة على الأقل، عن مستوى ما قبل حقبة الثورة الصناعية، بسبب الاحتباس الحراري.
ومن شأن وصول مستوى الاحترار، إلى عتبة درجتيْن مئويتيْن فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة، تضاعف احتمالات حدوث مثل هذه الحرائق، لتستعر بمعدل مرة كل 18 عاماً.
أما عودة مناخ الأرض إلى طبيعته، بعيداً عن التأثيرات الناجمة عن ظاهرة «التغير المناخي»، فسيقود إلى أن تصبح حرائق غابات من نوعية تلك التي شبت في منطقة «بانتانال» قبل بضعة أشهر، حدثاً نادراً لا يقع سوى مرة كل 161 عاماً.
وأفادت بيانات برازيلية، بأن عدد الحرائق التي اندلعت في تلك المنطقة شاسعة المساحة، زاد خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 1500%، مقارنة بما شهدته الفترة نفسها من 2023.
وأشارت البيانات ذاتها، إلى أن إجمالي مساحة الأراضي التي التهمتها النيران منذ مطلع 2024 وحتى الآن في المنطقة، يفوق 1.3 مليون هكتار، وهو ما يزيد على ثمانية أضعاف مساحة عاصمة غربية كبيرة مثل لندن.
ورغم أن حرارة الجو وجفافه، عادة ما يجعلان منطقة «بانتانال» عُرْضة لحرائق الغابات في الفترة ما بين شهريْ يوليو وسبتمبر من كل عام، فإن يونيو الماضي شهد وحده تسجيل عدد هائل من هذه الحرائق، بلغ 2500 حريق تقريباً، وفقاً لتقرير نشرته منصة «كَربون بريف» الإلكترونية المعنية بعلوم المناخ وسياساته وسياسات الطاقة كذلك.
ويزيد هذا العدد، وهو الأكبر منذ عام 1998، بواقع 6 أضعاف، عما سُجِلَ خلال عام 2000، الذي يُوصف على نطاق واسع، بـ «عام ألسنة اللهب»، إذ دمرت فيه حرائق الغابات تلك المنطقة بشكل كبير، ما أثار وقتذاك غضباً واسع النطاق.
ورغم أن هذه الحرائق، تشكل منذ عقود جزءاً طبيعياً من النظام البيئي لـ «بانتانال»، فإن حدوثها بتلك الأعداد الكبيرة التي شبت خلال يونيو 2024، يهدد بأن تصبح هذه المنطقة، ساحة لنمط جديد من أنماط حرائق الغابات، يتسم بالشدة والتكرار.
كما أن تلك الحرائق، التي يلعب «التغير المناخي» دوراً كبيراً في زيادة وطأتها، تقود بدورها لانبعاث كميات أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما يفضي بالتبعية إلى تسريع وتيرة تغير المناخ نفسه، وكذلك تعريض الحياة البرية للخطر، وفقدان الكثير من الأنواع النباتية والحيوانية موائلها الطبيعية، وتهديد السلامة البيئية لمنطقة «بانتانال»، والمناطق المماثلة لها في شتى أنحاء العالم.