الشاعر عبد الكريم معماري: البيئة الريفية البسيطة حاضرة في ديوان (حكي من وادينا)
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
حمص-سانا
استقى الشاعر عبد الكريم معماري كلمات قصائده من بيئته الريفية البسيطة بماضيها وحاضرها وسهراتها برفقة الأهل والأصدقاء، فكان ديوانه الأول (حكي من وادينا) حاضناً لكل تلك التفاصيل الجميلة والمؤثرة.
وعن تجربته الشعرية أوضح معماري في حديث لسانا أنه نشأ في عائلة امتهنت الشعر المحكي، وحققت لنفسها مكانة في الساحة الفنية من خلال الحفلات التي كان يحييها أقرباؤه في ساحات القرية بوادي النضارة بعمر الخامسة عشر ليتأثر فيما بعد بشاعر الوادي عيسى أيوب وشاعر الفصحى نزار قباني محيطا بالشعر من مختلف جوانبه وألوانه.
وأضاف معماري: “الشعر لم يكن لديه لحظة آنية، وإنما جاء بالفطرة المعتقة بحب الوطن والإنسان، وكانت المسرحيات والأمسيات التي شاركت فيها شاهداً على شغفي بهذا النوع من الفن الأدبي من خلال المقطوعات الزجلية التي كان أشارك فيها بموضوعات تاريخية، وغزلية مستقاة من بيئة الوادي التي تحرسها قلعة الحصن العظيمة”.
ورغم ابتعاد عمله عن مجال الأدب، استطاع معماري الذي درس معهد محاسبة أن يحقق طموحه بأن يكون شاعراً ومسرحياً ومؤسساً لفريق كشافة في الحصن ولفريق رياضي، وكل هذه النشاطات ساهمت في إبرازه على المنابر كمقدم وشاعر زجل في كل مناسبة وطنية واجتماعية، وكان لجامعة دمشق أيضاً نصيبها من تجربته، حين قدم عدداً من المسرحيات فيها.
وعن تجربة الشاعر معماري وديوانه الأول الذي وقعه قبل أيام في المركز الثقافي بمرمريتا، بحضور شخصيات أدبية وأكاديمية، أوضح الأستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتور جودت إبراهيم أن معماري بأشعاره وكتابه الجديد قيمة مضافة إلى شعراء وادي النضارة.
وبين معماري أنه يكتب الأدب الشعبي بكل أشكاله من معنى وقصيد وموشح وميجانا وعتابا وشعر محكي، ويلتقط الصورة الشعرية هنا وهناك، ويصوغها شعراً بطريقته وبلغته الجميلة السهلة المعبرة، مستخدماً كلمات محلية قريبة من لغة الناس بطريقة حوارية شعبية، ويختار لنفسه عناوين القصائد من هذه البيئة مثل (كمشة حكي – تحت الشتي – صبحيات)، ولا تمر مناسبة وطنية إلا ولها نصيب من قصائده التي تنوعت في شكلها وبنيتها وموضوعاتها ولغتها وموسيقاها، لتجعل منه شاعراً شعبيا متميزا من شعراء الشعر المحكي.
الجدير بالذكر أن ديوان (حكي من وادينا) صادر عن دار جهات للطباعة والنشر، وهو باكورة أعمال معماري التي تسبق عدة دواوين هي قيد الطباعة.
حنان سويد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
أدباء فقراء (1)
هناك أمثلة عديدة على أدباء وكتاب ومثقفين عاشوا الفقر على أصوله رغم أنهم أنتجوا أفضل الإبداعات الأدبية للبشرية التي أسعدت الناس، لكنهم عاشوا الشقاء الحقيقي عبر بوابة الفقر والحاجة، ولم يلتفت إليهم أحد؛ فبعضهم لم يُطبع نتاجه إلا بعد وفاته، حيث حققت كتبهم حينها أرباحًا كبيرة، وبعضهم طُبعت كتبه، لكنها لم تحقق الربح المأمول إلا بعد وفاته، وآخرون غمطت حقهم دار نشر أكلت القسم الأكبر من الكعكة.
ونظرًا إلى كثرة هذه النماذج، أسماها بعضهم آفة، في حين أطلق البعض على هذا الصنف من الناس، مقولة: (أدركته حِرفة الأدب)؛ بدءًا من الجاحظ، الذي عاش فقيرًا، ينام في محل بيع الكتب حارسًا، أو كان- كما قيل- يستأجره في الليل، حتى يقرأ فيه بعض الكتب إلى الصباح، حتى أصاب عينيه الجحوظ كما قيل؛ إلى أبي حيان التوحيدي، الذي كان لا يأكل سوى أسوأ المأكولات وأرخصها، ويلبس الثياب المرقعة، حتى قال: غدا شبابي هربًا من الفقر، والقبر عندي خير من الفقر؛ إلى الشاعر الكبير أمل دنقل الذي كان لا يجد ما يأكله، وكان يشك أن باستطاعته أن يتزوج من الصحفية عبلة الرويني، التي تعدّ من طبقة اجتماعية أخرى، لكنها أحبته وأصرّت على الزواج به متحملة فقره.
وكان الشاعر المصري المعروف بيرم التونسي، الذي كتب أجمل القصائد، والذي طُرد من مصر، وتشرد في عدد من البلدان، قد عانى الجوع والتشرد قبل أن يصدر عفو عنه ويعود إلى مصر.
حتى الكاتب الشهير عباس محمود العقاد، الذي اكتسب مكانة كبيرة حتى بين أدباء عصره مثل طه حسين والرافعي، عاش ومات فقيرًا.
وهذا ما دفع البعض إلى الوقوع في فخ التعميم بالقول: إن الفقر قدر محتوم على الأدباء، حتى قال الشاعر المصري محمود غنيم لصديقه:
هوّن عليك وجفّف دمعك الغالي *** لا يجمع الله بين الشعر والمال
ولا بد أن نختم هنا بالقول: إن هناك نماذج كثيرة لأدباء حققوا ثروات كبيرة، إمّا من أدبهم، أو من مصادر أخرى، لهم قصة أخرى يجب أن تروى.