تقييمات إسرائيلية لـممر بايدن.. علامة على التطبيع مع السعودية
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
أثار إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الممر التجاري الجديد الذي ما يمر بالسعودية والأردن، ومن هناك إلى حيفا المحتلة، ومن هناك إلى ميناء بيرايوس اليوناني ردود فعل واسعة داخل الاحتلال خصوصا أنه يمثل ضربة قاتلة للصينيين، وقد يحمل في طياته تفاهمات واسعة حول مكونات التطبيع بين إسرائيل والسعودية.
يدور الحديث تحديدا عن قطار شحن ينطلق من الهند إلى أعماق القارة الأوروبية، على أن يمرّ عبر شبه الجزيرة العربية، ويستمر في الطريق إلى الأردن وإسرائيل، ومن هناك سيتم نقل البضائع إلى أوروبا، وقد جاء إعلان بايدن بحضور رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، مما أثار في إسرائيل عناوين دسمة.
وذكر جاكي خوجي محرر الشئون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي، أن "العناوين الرئيسية في إسرائيل حملت انطباعا عاما مفاده أن مشروع السكك الحديدية العابرة للقارات علامة أخرى على التطبيع المقصود مع السعودية، لأنها موجودة فعلا على خارطة المشروع".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21"، "طالما أن الفكرة مربحة وبسيطة، وتحظى بموافقة الشركاء وحماسهم، فإن ما تحتاجه الآن هو التمويل فقط، لأن من شأن هذا المشروع أن يقطع المسافة إلى النصف عبر قناة النقل البحري المستخدمة حاليا خطوط التجارة من شرق آسيا والخليج العربي إلى الدول الأوروبية، على اعتبار أن النقل بالسكك الحديدية أرخص من النقل البحري".
وأوضح، أن "اختصار أيام الرحلة يقلل التكاليف مرتين أو ثلاث مرات، ويبلغ طول المسار المقترح عشرة آلاف كيلومتر، ويجمع بين وسائل النقل البحرية والبرية".
وأكد أنه "إضافة لجدواه التجارية، فإن الممر الاقتصادي، كما يطلق عليه، أضرّ بمشروع مواز أسسه الصينيون في 2012، مما يعني أننا أمام صراع الأبطال القاريين الدائر حول قضية المرور من شرق آسيا إلى أوروبا".
وينطلق خط السكك الحديدية الصيني من مدينة تشونغتشينغ في جنوب غرب الصين، إلى دويسبورغ في ألمانيا، ويمر مساره الذي يبلغ طوله 11 ألف كيلومتر عبر كازاخستان، ويستمر إلى روسيا وبيلاروسيا وبولندا".
وأوضح أن "الإمارات أدركت منذ وقت أنها قادرة على ربط أراضيها بقطار شحن، لكن السعودية لم تقم بذلك بعد، رغم تخصيص محمد بن سلمان عشرين مليار دولار لمدّ المسارات في أراضي المملكة، وليس من قبيل الصدفة أن مفوض الاتحاد الأوروبي كان متواجدا لحظة الإعلان عن المشروع، وقد استقبل الفكرة بحماس، ليس فقط بسبب التخفيض المتوقع في تكاليف النقل من شرق آسيا إلى أراضيها، لكن أيضاً بسبب إمكانات الاستثمار الأولية".
وبين أنه "منذ استبعاد الصينيين من المشروع، أصبحت الشركات الأوروبية على رأس القائمة لتمديد الخطوط من إسبانيا، لأن لديها بالفعل قدر كبير من الخبرة، فهي شريكة في تشغيل خط سكة حديد الحرمين الذي يربط بين المدينتين المقدستين مكة والمدينة".
وأردف، "في مجال السكك الحديدية، يستطيع الأوروبيون أن يعلموا الأمريكيين العديد من الأشياء، رغم أن السكك الحديدية بالنسبة لهم وسيلة قديمة الطراز نسبياً".
وقي ذات السياق أكد إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، "أن هذه القراءة الإسرائيلية للممرّ القارّي الذي سيربطها بالسعودية عبر خط السكة الحديد تعيد للأذهان ما تم طرحه في 2017 من وزير المواصلات آنذاك يسرائيل كاتس من أجل السلام الإقليمي، لربط إسرائيل والأردن والسعودية ودول الخليج، مع العلم أن هذا الممر لم يكن جغرافيا فقط، حيث لا يقتصر على السكك الحديدية، بل ممر الطاقة والاتصالات، رغم أن الأمريكيين أطلقوا عليه اسم (الممر الاقتصادي) لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21"، "قبل نصف عام، كشفت وزيرة النقل ميري ريغيف عن خطة لبناء خط قطار يربط بين الإمارات وإسرائيل، يشمل قطارا فائق السرعة بين بيت شآن وإيلات".
وتابع، "بعد ثلاثة أشهر روجت واشنطن وتل أبيب لخطة سرية لطريق بري بين الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، سيقود من الخليج مباشرة للموانئ البحرية الإسرائيلية، بغرض تصدير البضائع من الشرق لأوروبا عبر إسرائيل، ثم السياحة والربط البري، وسيسمح للشاحنات بنقل البضائع، مع تقليل تكاليف النقل بشكل كبير، وتقصير الوقت الذي يستغرقه لنقل البضائع مقارنة بالوضع الحالي".
ترتبط هذه التطورات بالهدف الحقيقي لهذا الممر الاقتصادي للربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، لفتح حقبة جديدة من الاتصال عبر السكك الحديدية، المرتبطة عبر الموانئ التي تربط أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
وتعتزم الولايات المتحدة وشركاؤها ربط القارتين بأوروبا والشرق الأوسط بالمراكز التجارية، وتسهيل تطوير وتصدير الطاقة النظيفة، ومد الكابلات البحرية، وربط شبكات الطاقة، وخطوط الاتصالات لتوسيع الوصول الموثوق للكهرباء، وتمكين ابتكار تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة، وربط المجتمعات بإنترنت آمن ومستقر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الهند السعودية الاقتصادي اقتصاد السعودية الهند الممر الجديد صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السکک الحدیدیة
إقرأ أيضاً:
لماذا تخلف العراق عن دول المنطقة في التطبيع مع سوريا؟
رغم تسابق العديد من الدول الغربية، وبلدان المنطقة، ولاسيما الجوار السوري، إلى زيارة دمشق وعقد لقاءات مع الإدارة السورية الجديدة بقيادة، أحمد الشرع، إلا أن العراق توقف عند البيانات الحكومية الرسمية، التي اكتفت بالتأكيد على "احترام الإرادة الحرة للسوريين".
ويواجه موقف العراق الحالي انتقادات واسعة من وسائل إعلام محلية، وحتى من العديد من المراقبين السياسيين الذين أكدوا في حديث مع "عربي21" ، أن "التأثير الإيراني" سبب رئيسي في تأخر التطبيع العراقي مع الواقع الجديد في سوريا، وحكومتها الانتقالية.
تأثيرات إيران
وبخصوص أسباب تأخر العراق عن غيره من البلدان في إرسال وفد إلى دمشق، قال المحلل السياسي العراقي رعد هاشم، إن ذلك يعود إلى "كونه خارج منظومة الدول التي ساهمت بالتغيير في سوريا، إضافة إلى جهلة بمدى استقرار الوضع السياسي هناك وكيفية تجانس الفصائل".
وأضاف هاشم لـ"عربي21" أن "الجهات الحاكمة في سوريا اليوم، لا تنتمي إلى بيئة المشهد السياسي التي تحكم في العراق، لذلك تنتاب الأخيرة الريبة مما يحصل في الجانب السوري، وممن يمسك بزمام الأمور هناك".
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية مكونة من أطراف عديدة في الإطار التنسيقي (الشيعي)، ومن ضمنها فصائل وجهات متطرفة في مواقفها ورأيها، وهي توالي إيران بالكامل وترفض التجانس مع الواقع في سوريا".
وبحسب هاشم، فإن "مليشيا النجباء الموالية لإيران تخطط للتدخل في سوريا والاشتباك مع الفصائل هناك، وذلك لاستباق أي ضربة تستهدفها في العراق، وهذا ربما بدفع إيران".
وأوضح الخبير العراقي بأن "هدف النجباء من تحركهم للتدخل عسكريا في الشأن السوري هو الضغط على الأمريكيين لإيقاف أي استهداف قد يطالهم من مقابل عدم التدخل في الشأن السوري. لكن هناك إرادة دولية لتثبيت النظام الجديد في سوريا".
ولفت هاشم إلى أن "قوى الإطار منقسمة إلى معسكرين، الأول يسعى إلى مواكبة الدول التي تسعى إلى تفاوض مع سوريا، والثاني معسكر متشدد ويتمثل في مليشيا النجباء، وفصائل أخرى معها".
وأشار إلى أن "نظام الحكم في العراق كان من أشد الداعمين لبشار الأسد، لذلك عندما تعود علاقة بغداد مع دمشق، فإنها ستكون لأغراض مصلحية صرفة من أجل تمشية أمور عالقة بين البلدين".
وأكد هاشم أن "أوراق التهديد لدى الغرب موجودة ولاسيما التقسيم في العراق، في حال أي إعاقة من الأخير للانتقال السلمي في سوريا، لذلك الحكومة العراقية وربما رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شخصيا، يقيس الأمور بوتيرة حساسة".
وفي السياق ذاته، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي لـ"عربي21"، أنه "رغم كل الأذى الذي تعرض له العراق من نظام بشار الأسد، عبر التفجيرات التي نفذها جهاز مخابراته في بغداد، لكن معظم الحكومات العراقية كانت داعمة له".
وأوضح الفيلي أن "طبيعة التغيير الحالي الذي شهدته سوريا، ربما ولدت مخاوفا من الذهاب باتجاه دعم النظام الجديد في دمشق، رغم أن الحكومة العراقية أعلنت أنها تحترم خيار الشعب السوري، لكنها لم تكن أسوة بالدول الأخرى التي ذهبت إلى دعم الحكومة الانتقالية السورية".
وأردف: "الحكومة العراقية لا تزال في موقف المترقب المنتظر، وهذا إما يكون محاولة لإرضاء بعض الأطراف الداخلية التي تحاول أن تشيطن النظام السياسي الجديد في سوريا، أو أن إيران إذا ذهبت لافتتاح سفارتها في دمشق، فإن الحكومة بغداد ستمضي وراءها".
وأرى الفيلي أهمية أن "يتعامل العراق مع النظام السياسي في سوريا كمتغير بات واقع حال، وأن يقدم المصلحة الوطنية العراقية، لأن أي مؤشر للابتعاد عن حكومة دمشق حاليا- المدعومة إقليميا وغربيا- سيعطي انطباعا بأن العراق مازال أقرب إلى المحور الإيراني من المحيط العربي".
ولفت إلى أن "الحكومة العراقية الآن حذرة وقلقلة، فهي تراعي وضعها الداخلي وتراعي التأثيرات الإيرانية في هذا الصدد، لذلك فإن كل الفصائل بالعراق وحتى بعد سقوط الأسد، تعتقد أن النظام الجديد في سوريا لا يمثل شكلا من أشكال المقاربات معه".
"ارتباك عراقي"
وشدد أستاذ العلوم السياسية على ضرورة أن "توازن الحكومة العراقية بين الوضع الحالي الداخلي مع علاقاتها الخارجية، فهي أعلنت عن فتح السفارة في دمشق، لكن بقي إرسال وفدا دبلوماسيا، إضافة إلى مبادرة حسن نية في موضوع تصدير النفط".
وأوضح الفيلي أن "على الحكومة ألا تقطع النفط الذي تقدمه إلى سوريا والبالغ نحو 12 ألف برميل كانت تزود به دمشق سابقا. بالتالي حتى تعطي رسالة إلى المجتمع الخارجي على أن العراق قادر على صياغة علاقاته الخارجية بتحرر من الضغوط الإيرانية".
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي، أثير الشرع، أن "الحاكم الجديد في سوريا كانت لديه نشاطات مسلحة على الأراضي العراقية عام 2006، وفي مرحلة نشاط تنظيم الدولة، لذلك عندما تسلم الإدارة في البلاد بات العراق لديه موقف منه".
ونفى الشرع، خلال مقابلة سابقة مع قناة "بي بي سي" بأن يكون قد شارك في القتال الطائفي أو قتل العراقيين سابقا، وأن وجوده في العراق كان لقتال القوات الأمريكية.
وأضاف المحل السياسي أثير الشرع لـ"عربي21" أن "العراق لا يمكن أن يعترف بسهولة في التحول الذي جرى بسوريا، لكن ضغوطات الولايات المتحدة الأميركية على بغداد دفعتها إلى الاعتراف والترحيب بما حصل هناك، إضافة إلى احترام إرادة الشعب السوري".
وأشار إلى أن "هناك بعثة دبلوماسية سورية في العراق وجرى رفع علم سوريا الجديد على مبنى سفارة دمشق، لكن بغداد تأخرت في إرسال بعثتها الدبلوماسية تعبيرا عن عدم قبول ما حصل من تغيير نتيجة للمواقف السابقة للشرع، وأن العراق يتأنى حاليا في إرسال مبعوث دبلوماسي إلى سوريا".
وأكد الباحث العراقي أن "العراق قريب جدا من الإدارة الإيرانية وهو جزء من محور يربطها معها، لذلك فإن إيران لديها نفوذ كبير في البلد، ولا يمكن أن نقول إن الأخير يحاول عدم الاستسلام لضغوطات طهران".
ومن جهة أخرى، يؤكد الخبير العراقي، أن "الحكومة العراقية منشغلة حاليا في الظرف الداخلي وتنتظر من بعض القوى السياسية تنفيذ الشروط الأمريكية، وتحديدا ما يتعلق بحل الحشد الشعبي والفصائل المسلحة".
وتابع: "لذلك هناك ارتباك داخلي عراقي، قد يكون هو السبب الرئيس وراء عدم إرسال الحكومة العراقية أي مبعوث إلى سوريا للاعتراف بالحكومة الانتقالية، أسوة بما تفعله الدول العربية في المنطقة".
وبخصوص ما تسرب عن زيارة السياسي السني، خميس الخنجر ولقائه مع الشرع في دمشق، قال الفيلي إن "الخنجر في حسابات السياسة هو الأقرب إلى رئيس الوزراء العراقي، وقد يكون يحمل رسالة حكومية في هذا الصدد، وبالتالي لا تريد الحكومة إحراج نفسها بمثل في هذا الموضوع".
ولفت إلى أن "الخنجر ذهب بوساطة تركية، وأن كل الفصائل السورية هي قريبة من تركيا أيضا، ولكن أن المتغير الذي حصل في سوريا هو يحظى باحترام الحكومة العراقية وبدعم كل قوى الاعتدال الشيعي".
وأكد الفيلي أن "هناك جهات عراقية تنتظر الفرصة للتربص بالنظام السياسي السوري الجديد، لكن الحكومة ليست من ضمنها".
وخلال مقابلة سابقة مع قناة العراقية الرسمية، أكد السوداني أن بلده بالتأكيد ليس ضد التواصل مع الإدارة في سوريا طالما هناك مصلحة لاستقرار سوريا والمنطقة، مؤكدا عدم حصول أي اتصال بينه وبين الشرع حتى الآن.