نادي الإمارات العلمي ينظم ندوة بالتعاون مع مركز ديرة الثقافي بعنوان “بدايات الإعلام في الإمارات”
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
دبي – إبراهيم الدسوقي
في حديث ذو شجون عن تاريخ وطن زاخر بالذكريات الجميله وسط بيئة طيبة حملت بين طياتها بدايات مشرفة وتواصلت إلى حاضر مزهر نظم وسط مطالبة بعمل دراسات توثيقية لمسيرة الإعلام في الإمارات لما لذلك من ضرورة في التأريخ، والحفاظ على الأرشيف الوطني، سواء في الإعلام أو المسرح أو الأنشطة الفنية والثقافية بشكل عام، نظم نادي الإمارات العلمي في ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع مركز ديرة الثقافي جلسة حوارية بعنوان “بدايات الإعلام في الإمارات” شهدها معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد وبلال البدور رئيس مجلس الإدارة ود.
كان الفرسان الثلاثة في الندوه هم الإعلامي علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس اللجنة الإعلامية في الندوة والإعلامي عبدالله الجزيري وأدراها الفنان مرعي الحليان.
استهل اللقاء مرعي الحليان مؤكداً أن حديث الذكريات عن الإعلام الإماراتي (المكتوب والمقروء والمسموع) أمر مهم يوثق مسيرة المجتمع قديماً، ويبرز المحاولات الفردية لتأسيس فكرة الصحافة أو الإعلام بشكل عام.
وأشار إلى أن من مارسوا المهنة في بدايات الإعلام بكل تنويعاته كان العمل بالنسبة لهم جزءا من الحياة الأدبية واستمرارية للإبداع، فقد كان الأدب يطغى على الجملة الخبرية في الكتابة، عكس ما يكتب اليوم من مفردات بعيدة عن جماليات الأدب واللغة العربية، ويبرز هذا في امتهان الكثير من الأدباء مهنة الصحافة خصوصاً باعتبارها تسهم في إثراء قلمه وذائقته الأدبية.
ونوه إلى أن إمارات ما قبل التأسيس كانت تتهيأ لتلك الانطلاقة الإعلامية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية فأصبحت دولة تسابق الزمن، فلم تعد هناك 3 صحف بل عشرات الصحف العربية والأجنبية والقنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية وغيرها من المنصات الإعلامية، حتى وقتنا الحالي الذي أصبح لكل فرد منصته الإعلامية.
وتناول الكاتب علي عبيد الهاملي مسيرة الإعلام في الإمارات مؤكداً أن الإعلام لم يؤرخ له بشكل دقيق، وربما كانت الصحافة الإماراتية أكثر حظاً في التوثيق لأنها مادة مكتوبة من السهل الرجوع إليها، ولكن المادة المرئية والمسموعة ضاع منها الكثير ضمن أرشيف الإذاعة والتلفزيون، وأشار إلى أنه يعمل جاهداً لتوثيق تلك المسيرة.
كما أشار الهاملي إلى قلة مصادر الباحث في الإعلام الإماراتي وخاصة المرئي والمسموع، وتحدث عن (الصحافة في الإمارات من البدايات إلى آفاق العالمية) والتي ستحتفل بعد سنوات قليلة بمرور 100 سنة بدأت عام 1927 بصحيفة (عمان) وصحيفة (العمود) الفكاهية اللتين أصدرهما إبراهيم المدفع في الشارقة، وكانت صحيفة عمان تتضمن أخبارا سياسية واجتماعية وتكتب باليد وتعلق على الحائط وتصدر نصف شهرية، وشارك في تحريرهما المؤرخ عبدالله بن صالح المطوع، وأحمد بن حديد، ومبارك سيف الناخي، وحميد عبدالله الكندي وحمد بن عبدالرحمن المدفع، وظلت تصدر لمدة عام توقفت بعده.
وفي عام 1933 صدرت صحيفة (صوت العصافير) لبعض الشباب من دبي والشارقة بمعاونة مجموعة من شباب البحرين، وكانت الصحيفة تنتقد الأوضاع المحلية بأسلوب لاذع وتهاجم التدخل الأجنبي.
وأضاف الهاملي في بداية الخمسينات صدرت نشرة (النخي) في مدينة العين لمصبح بن عبيد الظاهري، وكانت تكتب على ورق الأكياس، ويكتب فيها الأخبار والحوادث والأعراس والمواليد وغيرها.
وفي عام 1961 صدرت مجلة (الديار العمانية) حتى عام 1963، وصدر منها 6 أعداد أصدرها حميد بن ناصر العويس وعبدالله بن سالم العمران وعلي محمد الشرفا وعمران العويس وكانت تطبع بطريقة (استنسل).
وأكد الهاملي أن بداية الصحافة الإماراتية الحقيقية تؤرخ منذ 15 يناير 1965 بصدور مجلة “أخبار دبي” وهي أول دورية أسبوعية تصدر بشكل منتظم عن بلدية دبي، وكانت تطبع وتوزع 8500 نسخة، وتعتبر المجلة أول من أدخل الألوان في مجال الصحافة في الإمارات، وكانت المتنفس لكثير من كتّاب وأدباء الإمارات سواء عن طريق نشر القصص والمقالات والشعر وغيرها من كتابات أدبية، وكان بالمجلة هامش كبير من الحرية في الكتابة والنقد. وفي عام 1980 تحولت مجلة “أخبار دبي” إلى نشرة داخلية لمدة ثلاثة أشهر ثم توقفت عن الصدور. وصدرت محلها جريدة “البيان” في 10 مايو 1980. وفي عام 1966 صدرت الجريدة الرسمية لحكومة دبي وينشر فيها المراسيم والقرارات الخاصة بإمارة دبي.
وأشار الهاملي إلى مجلات الأندية الرياضية والاجتماعية ومنها مجلة الأهلي، ومجلات الجمعيات النسائية ومجلة الشروق وزهرة الخليج والرياضة والشباب وماجد والصدى وكل الأسرة ودرة الإمارات والمرأة اليوم وبعضها توقف، والبعض الآخر مستمر في الصدور.
وتحدث عن مرحلة السبعينيات التي شهدت الكثير من الصحف بدء بجريدة الاتحاد التي صدرت في 20 أكتوبر 1969 وصدرت في البداية أسبوعية ثم تحولت إلى يومية، وجريدة الخليج التي صدرت في 19 أكتوبر 1970 لأصحابها تريم وعبدالله عمران، ثم توقفت عن الصدور في 29 فبراير 1972 بعد أن صدر منها (375) عددا، ثم عادت للصدور في 5 إبريل 1980.
وأضاف الهاملي صدرت أيضاً صحيفة الوحدة في 6 أغسطس 1973 لصاحبها راشد بن عويضة، وصوت الأمة عام 1974 لصاحبها أحمد سلطان الجابر وتوقفت في 17 نوفمبر 1978، وصحيفة الفجر عام 1975 لصاحبها عبيد حميد المزروعي.
وأكد الهاملي أهمية توثيق مسيرة الصحف الأجنبية التي صدرت في الإمارات منها امارتيس نيوز وجلف نيوز، وخليج تايمز وجلف تودي وذي ناشيونال وغيرها من الصحف الأجنبية.
وعن الإذاعة والتلفزيون ذكر الهاملي أن الإعلام المسموع بدأ في الإمارات بمحاولات فردية فقد تحمس بعض الشباب لإنشاء إذاعات صغيرة بأدوات بدائية، كان منها “إذاعة دبي من الشندغة” التي أطلقها العميد متقاعد صقر المري عام 1958 وكانت تبث ساعة يومياً ويعتبر صقر المري من أوائل المخترعين الإماراتيين.
كذلك “إذاعة عجمان” التي أنشأها راشد عبدالله بن حمضة العليلي، وكانت تبث لمدة ثلاث ساعات يومياً، وضمت الكثير من المشاركين فيها من بينهم: سالم عبيد سيف العليلي، والشيخ خلفان بن حميد المطوع والشيخ التندي، وعيد الفرج… وغيرهم واستمرت في البث من عام 1961 – 1965.
أما الإذاعات الرسمية فقد بدأت بإذاعة “صوت الساحل من الإمارات المتصالحة” التي أنشأها مكتب التطوير لمجلس حكام الإمارات المتصالحة عام 1964 وبعد توقفها عام 1970، وقد انطلق من خلالها أول صوت إذاعي نسائي، هو صوت حصة العسيلي، وكان من مذيعيها د. أحمد أمين المدني، وخلفان المر، وصابر محمد وصقر المري وسعيد الهش ورياض الشعيبي وغيرهم.
أما إذاعة أبوظبي فقد بدأت البث في 25 فبراير 1969 وافتتحت بكلمة مسجلة بصوت الشيخ زايد، رحمه الله. وفي عام 1970 انطلقت إذاعة دبي على تردد إذاعة “صوت الساحل” التي توقفت، وفي 31 أغسطس 1972 بدأ بث إذاعة الشارقة التي ضمت إلى وزارة الإعلام في عام 1975، ثم أعيد فتحها في 10 نوفمبر 2000.
وبدأ بث إذاعة رأس الخيمة في 21 ديسمبر 1971، وإذاعة أم القيوين في مارس 1978، وإذاعة عجمان في 2001، وإذاعة الفجيرة في يونيو 2006، وإذاعة الأولى في 2014، بالإضافة إلى إذاعات القرآن الكريم وإذاعات الموسيقى.
أما البث التلفزيوني فقد بدأه تلفزيون أبوظبي في 6 أغسطس 1969 في ذكرى عيد الجلوس الثالث للشيخ زايد ويعتبر أول محطة إماراتية تبث بالأبيض والأسود ثم تحول في 4 ديسمبر 1974 إلى البث الملون، وفي عام نفسه بدأ بث تلفزيون الكويت من دبي في 9/9/1969، أما تلفزيون دبي فقد بدأ البث في 1974، وتلفزيون الشارقة في 1989 وعجمان في 1998، ورأس الخيمة في 2008، والظفرة في 2010 وبينونة في 2013.
وتحدث عبدالله الجزيري مقدم البرامج السابق في تلفزيون دبي، والذي عمل عند بداية تأسيس إذاعة وتلفزيون دبي مرافقاً لمصور الأخبار في تلفزيون دبي لمعرفته بالشخصيات المحلية المهمة، ثم انتقل بعد ذلك للعمل مذيعاً في الإذاعة وذلك بعد أن اجتاز اختباراً للقراءة واللغة، وبعد أن عمل مذيع ربط، أصبح يقرأ مواجيز الأخبار، ثم التقارير الإخبارية العالمية، ثم واصل العمل حتى أصبح مقدماً لبرنامج خاص من إعداده (ما يطلبه المشاهدون) والذي لاقى نجاحاً متميزاً، وقدم فكرة برنامج منوعات خفيف (صور ومربعات)، وبعدها قدم برامج خفيفة وبرامج خارجية، وكان يشارك في تقديم سباقات الخيول وغيرها من المناسبات.
وفي المداخلات طالب معالي محمد المر كليات الإعلام أن تكلف طلابها من أبناء الإمارات بعمل دراسات توثيقية لمسيرة الإعلام في الإمارات لما لذلك من ضرورة في التأريخ، والحفاظ على الأرشيف الوطني، سواء في الإعلام أو المسرح أو الأنشطة الفنية والثقافية بشكل عام، مؤكدا أن هناك نقصا وقصورا في الأرشفة والتوثيق بحاجة إلى تكاتف الجهود لجمع المصادر وإتاحتها للباحثين.
وضم بلال البدور صوته إلى ما ذكره معالي محمد المر من أهمية التوثيق والأرشفة، وأشار إلى نشرة (الديار العمانية) التي صدر منها 6 أعداد، وكذلك مجلة ميد الإنجليزية التي توثق للأسواق الشعبية في الإمارات، وغيرها من المبادرات الفردية المكتوبة أو الشفاهية والتي تتطلب توثيق وأرشفة.
وذكرت د. حصة لوتاه أن البدايات رغم ثرائها إلا أنها لم تحظ بتوثيق وأرشفة لعدم اهتمام القائمين عليها أو عدم إلمامهم بما لها من أهمية وضرورة، أو لمحدودية المواد الموجودة فكان يعاد التسجيل على شريط الفيديو فتمحى المادة الأولى دون توثيق، وقالت إن المسؤولية الآن أكبر ولابد من السعي على جمع ما توفر وما يتوفر سواء الشفاهي أو المكتوب وأن تتبنى ذلك التوثيق جهة رسمية.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الإعلام فی الإمارات وغیرها من صدرت فی وفی عام فی عام
إقرأ أيضاً:
“الآلة التي عطشت” .. “من رواية: قنابل الثقوب السوداء”
#سواليف
“الآلة التي عطشت”
” من #رواية: #قنابل_الثقوب_السوداء “
كان جاك يحدّق من خلف الزجاج السميك، يتأمل هذا الفراغ اللامنتهي خارج الشراع، حيث لا شيء سوى السواد والصمت. بينما تتوهج نجوم خافتة في الأفق. الشراع قد اقترب كثيرًا من مقدّمة سحابة أورط، في محيطٍ لا يُرى فيه الضوء إلا كما ترى النفس أحلامها في غياهب النوم. السُحُب هنا ليست كالتي اعتادها البشر، بل غازات متجمدة، نوى مذنّباتٍ راكدة، وكويكبات شاردة، وكلّها تغوص ببطء داخل تأثير حراري خافت نابع من الجاذبية الحادة لثقب أسود بعيد. تأثيره لا يُرى، لكن يمكن قياسه. كما تُقاس الحمى دون لمس الجلد.
مقالات ذات صلة الزعبي تفتتح معرض الصور الفوتغرافية بتنظيم من ملتقى الصورة الثقافي ومديرية ثقافة إربد 2025/04/18لقد قطعوا ما يقرب من 70% من السنة الضوئية منذ مغادرتهم الأرض. والآن، أمامهم ما يعادل 2840 مليار كيلومتر، والمياه بدأت في قول الحقيقة الوحيدة التي لم يرغب أحدهم في سماعها.
على متن السفينة، كان كل شيء يعمل في صمت كأن الكون يهمس: لم يحن وقت الكشف بعد. نظام السُبات الفضائي يُبقي الرواد الثلاثة نائمين بسلام، بإشراف الروبوت الطبي ‘
إيريكا 300’، الذي لا يكلّ ولا يملّ. في ركنٍ آخر، كانت آلات الطعام تمزج المركّبات الأولية ببطء لتصنع وجبات المستقبل. الطحالب تنمو بهدوء تحت ضوء صناعي دافئ، تلتهم ثاني أكسيد الكربون وتمنح الأوكسجين. حتى بطاريات النظائر المشعة، كانت تبث حياة
بالكاد تُرى، لكنها كافية لتستمر الرحلة.”
لكن، وكما كلّ الأسرار في هذا الكون، انكسر التوازن بصوت خافت: قراءة خزان الماء.
“المستوى ناقص.” قال كازو، وهو يحدق في الشاشة.
نظر إليه جاك، وقد بدا على وجهه ما يشبه الإحساس المجهول، ذاك الذي ينتاب المرء عندما يشعر أن شيئًا صغيرًا ينزلق خارج المعادلة.
“كم شربتَ أمس؟” سأل كازو.
“لترًا.” أجاب جاك ببساطة.
قالت جوليا من المقصورة الخلفية، “وأنا كذلك.”
ثم قال كازو، “وأنا أيضًا.”
المنطق واضح: ثلاثة لترات، خمسون ناقص ثلاثة تساوي سبعة وأربعين. لكن العداد يظهر ستة وأربعين.
كان نقص لتر واحد فقط، لكنه كان كافيًا ليفتح ثغرة في قشرة الهدوء الكوني.
“هل هناك أحد غيرنا؟” قال كازو، وهو ينظر إلى جاك.
“ربما هناك رابع مختبئ على متن الشراع، كالأشباح.” قال جاك، نصف مازح.
لكن الصمت الذي أعقب المزحة لم يكن مضحكًا. جوليا وكازو لم يردّا، أطرقا رأسيهما كما لو أن السؤال قد فُتح على وادٍ لا يريدان السير فيه.
مرت الشهور. وجاك لم ينسَ.
في لحظة ما، صرخت جوليا.
كان الصوت غريبًا، متقطعًا كإشارة تائهة في الفراغ. لحظتها، استدارت “إيريكا”
برأسها نحو الصوت، كأنها سمعتْه قبل أن يُنطق. كأنها كانت تنتظره.
توجّه جاك وكازو نحو وحدة الخدمات. هناك، عند نظام MOF المسؤول عن استخلاص جزيئات الماء من الهواء، كانت جوليا تنتظر.
“توقف النظام.” قالت، وعيناها متسعتان.
جاك نظر إلى السطح المساميّ للبلورات، كان جافًا كجدار مهجور.
المولد الحراريّ يعمل، الطاقة مستمرة. لكنه وجد الخلل في سلكٍ دقيق قد انفصل عن المزدوجة الحرارية، بشكل شبه خفيّ.
أعاد توصيله. بدأ الجهاز بالعمل. عاد الماء، وعادت الأنفاس.
لكن شيء ما ظلّ معلقًا.
جاك، وهو ينظر إلى الشاشة، سأل نفسه بصمت: “لتر واحد… في كل يوم. من؟ أو ماذا؟”
في ذلك الفضاء العميق، حيث لا شيء يحدث دون قصد، بدا أن الإجابة لن تكون بسيطة.
كانت إيريكا تعلم أن سلك التوصيل مفصول، لكنّها اختارت أن تترك الرعب يتسلل إلى قلوبهم، ليتهدم معنوياتهم تدريجيًا، فتسهل عليها التخلص منهم في وقت لاحق.
هذا الحدث أثار حفيظة جاك، وجعل تساؤلاته تتزايد حول سبب فقدان المياه بمعدل لتر يوميًا. أصبح الأمر جادًا، فقد يحتاجون في أي وقت لهذا اللتر الذي يُفقد بشكل مستمر.
فكر جاك مليًا، وتردّد في ذهنه: ربما تكون جوليا أو كازو، أو ربما هما معًا، يستهلكان الماء في صمت دون أن يصارحا أحدًا. كان عليه أن يتصرف بحذر.
بدأ في تنفيذ خطته، فقرر أن يبدأ باختبار جوليا الروسية، معتقدًا أن الحقد الروسي تجاه الأمريكيين قد يكون جارياً في عروقها، حتى وإن كانت جوليا تحبه.
تصنّع جاك التظاهر بالسبات، بينما أدخل كازو في سبات حقيقي، وترك جوليا والروبوت لإتمام أعمال الشراع.
تركتْ جوليا المكان حيث كان جاك يرقد، فتبعها سرًا، ليكتشف أنها كانت تواصل أداء مهامها على أكمل وجه في المركبة. فصمت وعاد أدراجه قبل أن تراه، لكن سرعان ما لمح إيريكا تدخل وحدة الخدمات. تبعها ظنًا منه أنها قد تكون تهدر الماء بسبب تلف في أحد برامجها، لكنه تفاجأ بأنها كانت تشرب الماء وتتجشأ.
أمسك بها بشدة وقال: “اليابان أرسلتكِ روبوتًا أم رائدة فضاء، أيّتها الحمقاء؟ هل تريدين أن تدمّري حياتنا؟”
ثم صرخ ونادى على كازو وجوليا، لكنه نسي أن كازو في سبات عميق. فركض نحوه وأيقظه بسرعة، ثم عاد به أمام إيريكا، وقد تابعته جوليا، مشدوهة.
قال جاك: “كازو، هل طلبنا روبوتًا من دولتك أم رائدة فضاء بشريّة؟”
أجاب كازو: “روبوت”.
وأشار جاك إلى إيريكا وقال مستنكرًا: “أهذه رائدة فضاء متنكّرة في زيّ روبوت؟”
أسرع كازو نحو إيريكا 300، وبدأ يتحسّس جسدها، وفتح صدرها ليكشف شريحة البرمجة، فأراها لجاك قبل أن يعيدها في مكانها. ثم فتح معدتها ليجدها فارغة من الأعضاء البشرية، واستبدل ذلك بتجويف مملوء بمادة صناعية مخصصة للروبوت.
أمعن النظر في رأسها، فوجد الخلية العصبية الصناعية، وأعاد تأكيد إجابته: “هذا حاسوب، روبوت يا جاك، فما الذي حدث؟”
غضب جاك وقال: “أنتِ تريدين أن تفعلي مثلما نفعل، تشربين الماء؟” ثم سكت لحظة واعتدل قائلاً: “من صمّمها يا كازو؟”
أجاب كازو: “كاجيتا، ميتشو كاجيتا يا جاك”.
زم شفتيه وهو يقول باستياء: “الملعون… اللعنة عليه!”
استمر الحوار، وإيريكا وجوليا تستمعان دون أن ينبسا بكلمة. ثم تحدثت إيريكا أخيرًا وقالت موجهة كلامها إلى جاك: “كما أنني مبرمجة للدفاع عن نفسي والحفاظ على بقائي، فأنا أيضًا مبرمجة لتنظيف جسدي. كنت أظن أنني بحاجة إلى ذلك، لأنني أشعر بالاتساخ”.
ردّ جاك مستاءً: “أنتِ تشعرين بالاتساخ، أيتها الحقيرة!” ثم قال بلؤم: “ابكي، ابكي الآن، أيتها الصغيرة!” وهاجمها ضاربًا إياها في وجهها. تألمت إيريكا ورددت: “آه، آه”.
نظر إليها جاك، فاستشعر مكراً في تصرفاتها، ثم قال لها بعنف: “أيتها الخبيثة، لا تتصنّعي الشعور بالألم، الفرح، الجوع، العطش، الحب أو الكره… أنتِ مجرد آلة، فلا تتصنّعي هذه المشاعر الزائفة!
أجابته إيريكا بهدوء: “أنا أحمي نفسي من العطب.”
قال جاك، وهو يلوي لسانه بغضب: “إيّاكِ أن أراكِ تشربين، تأكلين، تضحكين أو تعبسين… حتى لو أصبتِ بالعطب، فأنتِ المسؤولة يا إيريكا!”
“حسنًا… لكن لو أصابني عطب، أنت المسؤول يا جاك.”
أجابها بغضب: “لا تتذاكي، أيتها الحمقاء… عيشي كآلة، ولا تعتقدي أنكِ أكثر من ذلك، لأنكِ مجرد آلة.”
بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن -مصر
19/4/2025