درنة- "صوت انفجار مدوٍّ، وأمواج تغطي الأفق بحجم الجبال، تحمل مبان سكنية وسيارات وأتربة وتجرف كل ما يعترض طريقها. لوهلة ظننتُ أن ما أراه من أهوال يوم القيامة، وعندما ذهبت مهرولا رفقة شقيقي لننقذ جيراننا الذين غمرت المياه منزلهم، لم يكن في مخيلتي أن السيول ستصل إلى منزلنا الذي تركته خلفي، وتخطف حياة أبي وأمي وشقيقتي وطفلتها الصغيرة".

مشاهد من اللحظات الأولى للفاجعة التي حلت بمدينة درنة الليبية لم تفارق حتى الآن ذهن محمد قاطش أحد الناجين من الكارثة، والذي روى للجزيرة نت معاناته خلال تلك الساعات العصيبة.

يسكن قاطش (34 عاما) وهو والد لطفلين، في شقة بعمارة مكونة من 6 طوابق، تقطنها 6 أسر من بينهم والداه وأسرتَي شقيقه وابن عمه. ويقع منزل محمد قريبا من سد سيدي منصور الصغير وسط وادي درنة بحي المغار في المنحدر الجبلي لدرنة.

يحكي محمد  قاطش كيف كانت المياه تغمر منزل جيرانه الواقع على أرض منخفضة في بداية الفاجعة قبل انهيار السد، وكيف ذهب رفقة شقيقه لمساعدة الجيران وإنقاذهم، ولم يكن يتوقع أن تطال المياه منزله لكونه مرتفعا.

وما هي إلا لحظات حتى سمع محمد صوت انفجار مدوّ في حدود الساعة الثانية ونصف بعد منتصف الليل. يقول "لم أسمع مثيلا لهذا الصوت من قبل، قبل أن يصلني صراخ الجيران وتحذيرهم من السيول القادمة وضرورة الاحتماء في أول مكان آمن".

التفت محمد فورا ليرى أمواجا عالية تغطي الأفق مرتفعة كالجبال تحمل مبان سكنية وسيارات وأتربة، ظن أن ما رآه هو هول من أهوال يوم القيامة، فهرع فزِعا رفقة شقيقه إلى أقرب عمارة مرتفعة، فيما المياه تطاردهما حتى وصلا إلى الطابق الخامس.

لم يكن محمد قادرا على التفكير في أي شيء آخر في تلك اللحظات إلا في كيفية النجاة، وبقي محتميا في العمارة يراقب السيول منتظرا أن ينخفض مستواها، في الوقت الذي لم يكن قادرا على معرفة ما حل بعائلته التي تركها خلفه في المنزل.

منزل محمد قاطش وأسرته بعد تعرضه للسيول بسبب انهيار السد بوادي درنة (الجزيرة) فقدان العائلة

فور بداية انخفاض مستوى المياه، هبط محمد وشقيقه مهرولين في اتجاه منزلهما، ليجد المياه والأتربة قد سدت الطابق السفلي من العمارة، والذي يوجد به والداه وشقيقته وطفلتها التي كانت تزور والديها.

اقتحم محمد وشقيقه العمارة بعد أن هشما نافذة زجاجية في الطابق الثاني، قبل أن يدخل إلى حيث توجد عائلته ويجدهم قد فارقوا الحياة.

بعد أن خسر محمد 4 من أفراد أسرته ومنزله، يعاني الآن كغيره من النازحين الناجين من الكارثة التي حلت بالمدينة. ويضيف للجزيرة نت، أنه يعيش الآن في منزل بمنطقة شيحة الشرقية في مدينة درنة، حيث تقطن 5 عائلات مكونة من 24 فردا.

يقول محمد -الذي كان يعمل في أحد محلات بيع الملابس بالمدينة وخسر مصدر رزقه الوحيد- إنهم لا يعانون أي نقص في حاجاتهم الأساسية، بفضل جهود فرق الإغاثة، وأن ما يحتاجون إليه الآن هو مساكن لأسرهم النازحة، في ظل عدم قدرتهم على دفع ثمن استئجار منزل.


مأساة النازحين

هناك الكثير ممن يعانون كمحمد قاطش في ليبيا الآن. وحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة نزح أكثر من 38 ألفا و640 شخصا بسبب الفيضانات التي شهدتها مناطق الجبل الأخضر ليبيا.

في هذا السياق، قال محمد دومه وزير الموارد المائية في الحكومة المكلفة من البرلمان وعضو لجنة إدارة الأزمة، إنهم يعملون على توفير مساكن للنازحين، مع ضرورة مراعاة الظروف الاجتماعية وأوضاع الأسر النازحة في عملية التسكين.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف دومه أنه يجري حاليا استخدام المدارس والمرافق العامة لإيواء النازحين وحل مشكلة السكن بشكل مؤقت، مع ضرورة التفكير في سبل توفير مساكن مؤقتة للنازحين لتعود المدارس والمرافق العامة لأداء خدماتها.

وعن أبرز وجهات النازحين، قال الناطق باسم الهيئة الليبية للإغاثة في بنغازي محمد الورفلي، إنهم يعملون على جمع البيانات المتعلقة بأعداد النازحين وفق المدن والمناطق التي يجري إيواؤهم فيها، وإن مدن بنغازي والقبة والبيضاء وطبرق وأجدابيا استقبلت أعدادا كبيرة منهم، فضلا عن النازحين داخل مدينة درنة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الورفلي أن بعض النازحين يقصدون مناطق بعينها بحكم صلات القرابة والنسب التي تجمعهم مع القاطنين فيها.

مشهد من أحد شوارع درنة المنكوبة (رويترز) المساعدات

بدوره، أكد الوزير محمد دومه عدم وجود أرقام وإحصائيات دقيقة بشأن أعداد النازحين وحجم المساعدات المتوفرة لدى الجهات المختصة حتى الآن، مشيرا إلى أن عملية تنظيم إدارة الأزمة تتجه إلى الأفضل، بدلا من العشوائية في توزيع المساعدات وتلبية احتياجات النازحين في الأيام الأخيرة.

وقال دومه "نحن بحاجة ماسة إلى مراقبة الوضعين الصحي والبيئي داخل المدينة، وهما الملفان اللذان يأخذان أكبر اهتماماتنا الآن".

ولفت محمد الورفلي إلى أن حجم المساعدات المتوفر لدى الهيئة الليبية للإغاثة يكفي لـ4 أشهر على أقصى تقدير، وأن أزمة درنة ومدن الجبل الأخضر ستستمر لنحو عامين، مما يحتم على الدولة الليبية التخطيط لتلبية احتياجات النازحين ضمن خطة إستراتيجية طويلة الأمد.

وتعمل الهيئة الليبية للإغاثة على جمع المساعدات في مخازن رئيسية بمدن بنغازي ودرنة وشحات، بما في ذلك المساعدات المقدمة من الدول والمنظمات الدولية والمؤسسات والجهات المحلية والمواطنين داخل ليبيا، بحسب الورفلي.

وتتعاون الهيئة الليبية للإغاثة مع عدد من المنظمات الدولية التي تربطها بها شراكات واتفاقيات تعاون أبرزها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الهیئة اللیبیة للإغاثة للجزیرة نت لم یکن

إقرأ أيضاً:

شاهد.. محمود سعد يروي كواليس "صفعة نانسي عجرم"

روى الإعلامي المصري محمود سعد كواليس الشائعة الأشهر في مسيرته المهنية، والتي تناولت قيامه بضرب النجمة اللبنانية نانسي عجرم، خلال استضافته لها في برنامجه "البيت بيتك"، بعد ترديدها تصريحات مسيئة وغير مقبولة.

وأوضح سعد، في فيديو بثه عبر قناته على يوتيوب، أنه قبل 20 عاماً انطلقت شائعة قوية مفادها أن مشادة ما قد حدثت بينه وبين المطربة نانسي عجرم خلال برنامجه، بعدما تفوّهت نانسي بأقوال تمس الأديان، فما كان منه - حسب ما تقوله الشائعة - إلا أن قذف بكأس عصيره المشهور في وجه النجمة الصاعدة آنذاك.

وأكد سعد أنه لا يعرف من أطلق هذه الشائعة، وكيف انتشرت في جميع محافظات مصر، وكذلك الدول العربية، رغم عدم انتشار الإنترنت وقتها، وعدم مقابلته لنانسي عجرم نهائياً، لكنها كانت شائعة مدوّية بشكل غير مسبوق.

وأشار إلى أنهم في سبيل نفي الشائعة، لم يكن أمامهم مفر من استضافة نانسي عجرم في برنامجه "البيت بيتك"، ليتأكد الناس من أنه لا توجد أزمة بينهما. ورغم إجراء المقابلة التلفزيونية التي اتسمت بالود والمحبة بينهما، إلا أنها فشلت في إيقاف الشائعة، وظلّ كل من يقابله لسنوات طويلة يسأله عن هذه الواقعة.
وأضاف محمود سعد: "أظهروني بمظهر البطل في هذه الشائعة، رغم عدم وقوعها وعدم تلفظ الفنانة الجميلة نانسي عجرم بأي ألفاظ مسيئة لأحد".
وتابع: "حين حاولت البحث والاستفسار عن سبب انتشارها آنذاك، تبيّن أن الباعة والتجار الذين يتنقلون بين المحافظات هم أكثر من تداولها، فأصبحت تنتقل منهم لأعماق الصعيد والريف.. ولا عجب إذن من انتقالها إلى خارج مصر أيضاً".

مقالات مشابهة

  • 6 ساعات من الرعب داخل بئر.. «وليد» يواجه الموت لإنقاذ حياة كلب ضال (صور)
  • فيلم Terrifier الجزء الثالث يثير حالة من الرعب والمشاهدون يهربون من السينمات
  • هل تفضي وساطة الرئيس الموريتاني لحلحلة الأزمة الليبية؟
  • Crow Country المخيفة تصل إلى Nintendo Switch في 16 أكتوبر
  • أبو النجا: تعاقدنا مع 669 معلما جديداً لتعويض النقص في درنة
  • بينها مشيخة الأزهر.. قطع المياه 5 ساعات عن 10 مناطق بالقاهرة في هذا التوقيت
  • شاهد.. محمود سعد يروي كواليس "صفعة نانسي عجرم"
  • بغداد تصعد دعمها الإنساني للبنان.. وبدء تسجيل أطفال النازحين في المدارس العراقية
  • وزير الاقتصاد اللبناني: نتلقى من المنظمات الدولية المساعدات اللازمة لإيواء النازحين
  • مجلة أمريكية: التماثيل القديمة التي أعيدت مؤخرا إلى اليمن أصبحت الآن معارة لمتحف في نيويورك (ترجمة خاصة)