موج كالجبال.. محمد قاطش يروي للجزيرة نت لحظات الرعب في درنة
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
درنة- "صوت انفجار مدوٍّ، وأمواج تغطي الأفق بحجم الجبال، تحمل مبان سكنية وسيارات وأتربة وتجرف كل ما يعترض طريقها. لوهلة ظننتُ أن ما أراه من أهوال يوم القيامة، وعندما ذهبت مهرولا رفقة شقيقي لننقذ جيراننا الذين غمرت المياه منزلهم، لم يكن في مخيلتي أن السيول ستصل إلى منزلنا الذي تركته خلفي، وتخطف حياة أبي وأمي وشقيقتي وطفلتها الصغيرة".
مشاهد من اللحظات الأولى للفاجعة التي حلت بمدينة درنة الليبية لم تفارق حتى الآن ذهن محمد قاطش أحد الناجين من الكارثة، والذي روى للجزيرة نت معاناته خلال تلك الساعات العصيبة.
يسكن قاطش (34 عاما) وهو والد لطفلين، في شقة بعمارة مكونة من 6 طوابق، تقطنها 6 أسر من بينهم والداه وأسرتَي شقيقه وابن عمه. ويقع منزل محمد قريبا من سد سيدي منصور الصغير وسط وادي درنة بحي المغار في المنحدر الجبلي لدرنة.
يحكي محمد قاطش كيف كانت المياه تغمر منزل جيرانه الواقع على أرض منخفضة في بداية الفاجعة قبل انهيار السد، وكيف ذهب رفقة شقيقه لمساعدة الجيران وإنقاذهم، ولم يكن يتوقع أن تطال المياه منزله لكونه مرتفعا.
وما هي إلا لحظات حتى سمع محمد صوت انفجار مدوّ في حدود الساعة الثانية ونصف بعد منتصف الليل. يقول "لم أسمع مثيلا لهذا الصوت من قبل، قبل أن يصلني صراخ الجيران وتحذيرهم من السيول القادمة وضرورة الاحتماء في أول مكان آمن".
التفت محمد فورا ليرى أمواجا عالية تغطي الأفق مرتفعة كالجبال تحمل مبان سكنية وسيارات وأتربة، ظن أن ما رآه هو هول من أهوال يوم القيامة، فهرع فزِعا رفقة شقيقه إلى أقرب عمارة مرتفعة، فيما المياه تطاردهما حتى وصلا إلى الطابق الخامس.
لم يكن محمد قادرا على التفكير في أي شيء آخر في تلك اللحظات إلا في كيفية النجاة، وبقي محتميا في العمارة يراقب السيول منتظرا أن ينخفض مستواها، في الوقت الذي لم يكن قادرا على معرفة ما حل بعائلته التي تركها خلفه في المنزل.
فور بداية انخفاض مستوى المياه، هبط محمد وشقيقه مهرولين في اتجاه منزلهما، ليجد المياه والأتربة قد سدت الطابق السفلي من العمارة، والذي يوجد به والداه وشقيقته وطفلتها التي كانت تزور والديها.
اقتحم محمد وشقيقه العمارة بعد أن هشما نافذة زجاجية في الطابق الثاني، قبل أن يدخل إلى حيث توجد عائلته ويجدهم قد فارقوا الحياة.
بعد أن خسر محمد 4 من أفراد أسرته ومنزله، يعاني الآن كغيره من النازحين الناجين من الكارثة التي حلت بالمدينة. ويضيف للجزيرة نت، أنه يعيش الآن في منزل بمنطقة شيحة الشرقية في مدينة درنة، حيث تقطن 5 عائلات مكونة من 24 فردا.
يقول محمد -الذي كان يعمل في أحد محلات بيع الملابس بالمدينة وخسر مصدر رزقه الوحيد- إنهم لا يعانون أي نقص في حاجاتهم الأساسية، بفضل جهود فرق الإغاثة، وأن ما يحتاجون إليه الآن هو مساكن لأسرهم النازحة، في ظل عدم قدرتهم على دفع ثمن استئجار منزل.
مأساة النازحين
هناك الكثير ممن يعانون كمحمد قاطش في ليبيا الآن. وحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة نزح أكثر من 38 ألفا و640 شخصا بسبب الفيضانات التي شهدتها مناطق الجبل الأخضر ليبيا.
في هذا السياق، قال محمد دومه وزير الموارد المائية في الحكومة المكلفة من البرلمان وعضو لجنة إدارة الأزمة، إنهم يعملون على توفير مساكن للنازحين، مع ضرورة مراعاة الظروف الاجتماعية وأوضاع الأسر النازحة في عملية التسكين.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف دومه أنه يجري حاليا استخدام المدارس والمرافق العامة لإيواء النازحين وحل مشكلة السكن بشكل مؤقت، مع ضرورة التفكير في سبل توفير مساكن مؤقتة للنازحين لتعود المدارس والمرافق العامة لأداء خدماتها.
وعن أبرز وجهات النازحين، قال الناطق باسم الهيئة الليبية للإغاثة في بنغازي محمد الورفلي، إنهم يعملون على جمع البيانات المتعلقة بأعداد النازحين وفق المدن والمناطق التي يجري إيواؤهم فيها، وإن مدن بنغازي والقبة والبيضاء وطبرق وأجدابيا استقبلت أعدادا كبيرة منهم، فضلا عن النازحين داخل مدينة درنة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الورفلي أن بعض النازحين يقصدون مناطق بعينها بحكم صلات القرابة والنسب التي تجمعهم مع القاطنين فيها.
بدوره، أكد الوزير محمد دومه عدم وجود أرقام وإحصائيات دقيقة بشأن أعداد النازحين وحجم المساعدات المتوفرة لدى الجهات المختصة حتى الآن، مشيرا إلى أن عملية تنظيم إدارة الأزمة تتجه إلى الأفضل، بدلا من العشوائية في توزيع المساعدات وتلبية احتياجات النازحين في الأيام الأخيرة.
وقال دومه "نحن بحاجة ماسة إلى مراقبة الوضعين الصحي والبيئي داخل المدينة، وهما الملفان اللذان يأخذان أكبر اهتماماتنا الآن".
ولفت محمد الورفلي إلى أن حجم المساعدات المتوفر لدى الهيئة الليبية للإغاثة يكفي لـ4 أشهر على أقصى تقدير، وأن أزمة درنة ومدن الجبل الأخضر ستستمر لنحو عامين، مما يحتم على الدولة الليبية التخطيط لتلبية احتياجات النازحين ضمن خطة إستراتيجية طويلة الأمد.
وتعمل الهيئة الليبية للإغاثة على جمع المساعدات في مخازن رئيسية بمدن بنغازي ودرنة وشحات، بما في ذلك المساعدات المقدمة من الدول والمنظمات الدولية والمؤسسات والجهات المحلية والمواطنين داخل ليبيا، بحسب الورفلي.
وتتعاون الهيئة الليبية للإغاثة مع عدد من المنظمات الدولية التي تربطها بها شراكات واتفاقيات تعاون أبرزها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الهیئة اللیبیة للإغاثة للجزیرة نت لم یکن
إقرأ أيضاً:
بعد 3 سنوات من الواقعة.. رهائن في متجر آبل يجسد لحظات رعب في أمستردام
طُرح الفيلم الهولندي "رهائن في متجر آبل" (iHostage) مساء الجمعة 18 أبريل/نيسان، ليحكي في 102 دقيقة عن أحداث حقيقية وقعت في العام 2022 حين تعرض متجر "آبل" الرئيسي في أمستردام لعملية سطو مسلح.
والفيلم من إنتاج شركة "هورايزون"، وبطولة سفيان موصلي، وأديمير سهوفيتش، ومارسيل هينسيما، ولوس هافركورت، وتأليف وإخراج الهولندي بوبي بورمانز، فيما شاركه في كتابة السيناريو الهولندي سيمون دي وال، وهما من كتبا وأخرجا معا مسلسل الجريمة "الساعة الذهبية" (The Golden Hour) الذي نال استحسان النقاد في عام 2022 وحقق المركز الأول في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بيرك أتان في حالة حرجة بعد حادث سير أثناء توجهه لتصوير "جبل القلب"list 2 of 2بعد غموض لأسابيع.. الطب الشرعي يكشف سبب وفاة ميشيل تراختنبرغend of listووقعت القصة الحقيقية في 22 فبراير/شباط 2022، حين دخل رجل مسلح يبلغ من العمر 27 عاما متجر "آبل" في ساحة لايدسابلين بأمستردام، واحتجز عميلا تحت تهديد السلاح لما يقرب من 5 ساعات، مطالبا بـ200 مليون يورو من العملات المشفرة إلى جانب تأمين خروجه آمنا من المبنى، لكن الأمور لم تسر كما خطط لها.
تدور أحداث العمل حول مسلح يرتدي زيا عسكريا وحزاما ناسفا (سفيان موصلي) يدخل متجر "آبل" المزدحم، لكن معظم الزبائن يتمكنون من الهروب، بينما يركض عدد منهم إلى الطابق العلوي ويهرب 4 أشخاص إلى خزانة أدوات التنظيف، لكنه ينجح في احتجاز سائح بلغاري كرهينة ويظل تحت تهديد السلاح لساعات.
يعيش مخرج الفيلم بورمانز، بالقرب من متجر آبل ويحكي عن تلك الليلة المثيرة لمجلة "تايم" قائلا، "لحسن الحظ، حالات احتجاز الرهائن كهذه نادرة في هولندا. وهذا ما جعل هذه الحادثة غريبة. رجل يطالب بمبلغ 200 مليون يورو من العملات المشفرة، اختار احتجاز رهينة في وضح النهار في إحدى أكثر ساحات أمستردام ازدحاما".
ويستطرد، "في يوم احتجاز الرهائن في 2022، كنت مشغولا بتصوير فيلم ‘الساعة الذهبية’. وصلت إلى المنزل في الساعة الرابعة صباحا وتجولت حول ساحة لايدسابلين، كل ما كان بإمكانك رؤيته هو ثقوب الرصاص في الزجاج، هذا السلام والفراغ التام، بعد كل هذه الضجة، فكرت، ما الذي مر به هؤلاء الأشخاص هناك؟".
إعلانأمستردام تبدو جميلة في الفيلم الذي يمكن مشاهدته على "نتفليكس"، اللقطات الجوية للمدينة والتي يبدأ بها الفيلم تُظهر المدينة من أفضل زواياها، حتى شارع "الدام راك" الرئيسي الذي يربط بين محطة القطارات الرئيسية وساحة قصر الملكة، المزدحم يبدو من الأعلى كأنه لوحة فنية رائعة.
يبدأ الفيلم بمشهد محطة القطارات الرئيسية والسائح البلغاري نائما في القطار، بعد أن يصل القطار محطة أمستردام ينسى سماعة هاتفه "الآيربود" في القطار ويغادر.
ينتبه في الفندق أنه نسي سماعته فيقرر الذهاب صباح اليوم التالي إلى متجر "آبل" الرئيسي في منطقة لايدسا بلين، وهناك تتداعى الأحداث بدخول الإرهابي ذي الأصول العربية لكنه ولد وترعرع في مدينة أمستردام.
من النقاط الإيجابية في سيناريو "رهائن في متجر آبل"، أنه ناقش حادثة عملية السطو بعيدا عن الفكرة المكررة في أفلام هوليود حيث يظهر العربي كشخص متعطش للقتل. وضح ذلك جليا في الحوار بينه وبين رئيسة مفاوضي الشرطة من ناحية، وبينه وبين الرهينة البلغاري من الناحية الأخرى.
عرض الفيلم الشاب الذي قام بعملية السطو كإنسان يتعرض لضغوط مالية جعلته يقرر الهجوم على المتجر بسبب غضبه على "النظام"، ويشتكي من معاناته مع مؤسسة الضرائب مما خلق له ضغوطا وفوضى في حياته كمواطن صالح. حكى أيضا عن اعتقاله لاحقا بسبب المشاكل المالية وإساءة معاملته من قبل الشرطة، ما خلق لديه ثأرا مع الشرطة والنظام.
كما وضّح جليا من خلال الفيلم مساعدة الشرطة والإعلام الهولندي والقوات الخاصة، في تغطية الحدث وإنجاح الفيلم وتجسيد القصة التي سيطرت على الأخبار قبل 3 سنوات.