سحر العلم الفلسطيني.. قبل أوسلو وبعدها!
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
"هذه أوّل مرة سيرتفع فيها علم فلسطيني على أرض فلسطينية محرّرة، هذا مكسب معناه أن شعبنا ثُبّت على الخريطة السياسية والجغرافية في النظام العالمي الجديد (..) أقول إلى أهلي وربعي، إلى أحبائي ورفاقي، إلى كل المجاهدين والمناضلين، أطفالاً ونساءً ورجالاً، نحن كما قلت لكم على موعد مع النصر، نحن على موعد مع الفجر".
الكلمات أعلاه؛ هي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، نقلها عنه الصحفي والإعلامي التونسي الشهير، محمد كريشان، في لقاء أجراه معه من على الطائرة التي أقلّته من تونس إلى واشنطن للاحتفال بتوقيع ما صار يُعرف في الأدبيات السياسية بـ"اتفاقية أوسلو"، وذكّر بها كريشان أخيراً في مقالة له، حملت عنوان "آه لو جُمّد الاستيطان على الأقلّ!"، نشرتها "القدس العربي".
يمكن الوقوف عند ثلاث كلمات في النصّ المأخوذ عن الرئيس عرفات، تتداخل في صورة واحدة، وهي: (١) رفع العلم الفلسطيني لأوّل مرّة، (٢) على أرض فلسطينية محرّرة، (٣) لنكون على موعد مع النصر. الصورة اليوم، بعد ثلاثين سنة على هذه الكلمات مناقضة لمضمونها تماماً، فالشيء الوحيد الباقي منها أنّ العلم الفلسطيني يُرفع بالفعل على الأرض الفلسطينية، لكنّ الأرض ليست محرّرة، ولم نكن بهذه الاتفاقية على موعد مع الفجر، أو مع النصر، فبعد سبع سنوات فقط على هذه الكلمات، اكتشف الفلسطينيون المأساة المظلمة، التي آلت إليها هذه الاتفاقية، فانفجرت الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
ما ينبغي التذكير به، بعد هذه العقود الثلاثة، أنّ العلم الفلسطيني كان يرفع بالفعل على الأرض الفلسطينية، رغماً عن الاحتلال. فلسطينيون أطلق عليهم الرصاص لأنّهم كانوا يرفعون العلم؛ يرسمونه على الجدران، ويحملونه في المظاهرات والمسيرات، وعلى أعمدة الكهرباء، وفوق المآذن. كنت طفلاً في الصفوف الابتدائية، وأرسم مع زملائي العلم على دفاترنا المدرسية.
كان العلم الفلسطيني لا يفارق القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، ويستنزف جيش الاحتلال، وهو يقتحم تلك المناطق لإنزال العلم من على عمود أو مئذنة. الذي اختلف اليوم أنّ الجيش كفّ عن اقتحام تلك المناطق لإنزال العلم، ولكنه يقتحمها للاعتقال والقتل والاغتيال وفرض أوامر الإغلاق على بعض المؤسّسات. كنّا أكثر حرّيّة ونحن نرفع العلم قبل توقيع اتفاقية أوسلو، تماماً كما كانت أرضنا أقلّ مستوطنات وحواجز، فكنّا أكثر حرّيّة في التنقل والحركة فيها!
الواقع الماثل اليوم يغني عن أيّ حجاج في صواب الموقف القائل باستحالة تحقيق سلام تعاقديّ؛ ينطوي في جوهره على إقرار ضمنيّ بالهزيمة لصالح العدوّ المنتصر، فكيف إذا كان أصل العقد لا يتحدث عن شيء من حقوق الفلسطينيين، ولكنّه ينصّ على بقاء العدوّ في الأراضي الفلسطينية التي احتلّها في العام 1967، في إطار صيغة سُمِّيت "إعادة الانتشار" يبقى فيها العدوّ في معسكراته ومستوطناته وحواجزه، مع إحلال قوّات فلسطينية مكانه في تجمعات الفلسطينيين الكبرى!
لا يمكن التقليل من تلك الرومانسيات التي جرت بها، في ذلك الوقت، تغطية اتفاق لم يقم في الأساس على نصر فلسطيني، بل على قبول نهائي بالواقعة الإسرائيلية في بلادنا، ممّا يعني بالضرورة أن أساساً كهذا لن يفضيَ لا إلى فجر ولا إلى نصر. وليس ثمّة حاجة بعد هذه العقود، للاستدلال على ذلك، لأنّ الواقع الماثل اليوم يغني عن أيّ حجاج في صواب الموقف القائل باستحالة تحقيق سلام تعاقديّ؛ ينطوي في جوهره على إقرار ضمنيّ بالهزيمة لصالح العدوّ المنتصر، فكيف إذا كان أصل العقد لا يتحدث عن شيء من حقوق الفلسطينيين، ولكنّه ينصّ على بقاء العدوّ في الأراضي الفلسطينية التي احتلّها في العام 1967، في إطار صيغة سُمِّيت "إعادة الانتشار" يبقى فيها العدوّ في معسكراته ومستوطناته وحواجزه، مع إحلال قوّات فلسطينية مكانه في تجمعات الفلسطينيين الكبرى!
مرّة أخرى وبقطع النظر عن هذه الحقائق التي كانت تعني بالضرورة، أنّ تلك الاتفاقية لم تضمن للفلسطينيين أرضاً محرّرة يرفعون علمهم عليها بحرّيّة، فإنّ حمل الفلسطيني لوثيقة سفر تمكن تسميتها مجازاً بـ"جواز سفر"، ووجود قوات محلّيّة داخل تجمعات الفلسطينيي، وعودة عدد من الفدائيين بسلاحهم وزيّهم العسكريّ من معسكرات اللجوء إلى بلدات فلسطينية، ورفع العلم الفلسطيني، وبثّ النشيد الوطني، وامتلاك الفلسطينيين لإذاعة ومحطة تلفزيونية.. رومانسيات كانت بالغة الأثر في حينه، للقول إنّ ذلك الاتفاق مثّل إنجازاً للفلسطينيين.
ظلّ الفلسطيني ينظر باستمرار لاختلاف أوضاعه عن محيطه العربي، ويتشرّب مرارة لجوئه إلى بلاد مثّلت قروناً طويلة امتداداً لفضائه الاجتماعي، ثمّ وجد نفسه فيها بعد النكبة، غريباً منبوذاً، لاجئاً أم مقاوماً. وهذه المفارقة الفلسطينية حفرت عميقاً في وعي قيادة الحركة الوطنية ما بعد النكبة، لا سيما تلك القيادة التي نشأت على أساس "القُطرية الفلسطينية". وبعد ذلك، كان ثمّة معنى للمناضلين من داخل الأرض المحتلة أن يرفعوا علمهم، الذي كانوا يواجهون الرصاص لأجل رفعه، ويبثّوا نشيدهم ويملكوا إذاعتهم، بعد نضال طويل ضدّ المستعمر الصهيوني، فكان لتلك الرومانسيات دورها في الإقناع بصواب ذلك الاتجاه، الذي قطع الانتفاضة الأولى، وذهب إلى صيغة تعاقديّة، لم تُفضِ بعد هذه السنوات كلّها إلا إلى تكريس الاحتلال أكثر، وتصعيب مهمّة النضال أكثر، وإفقاد تلك الرومانسيات معناها!
اليوم فقدت تلك العناصر بريقها الرومانسي، لأنّ الفلسطيني في الأصل لم يكن يقاتل لأجلها، وإنّما كانت دائماً رمزاً على ما يقاتل لأجله، وهو الحرّيّة الكاملة على فلسطين الكاملة، فكيف والحرّيّة ليست منقوصة على أرض منقوصة؟ بل منعدمة، ووضعت الفلسطيني مقابل الفلسطيني، بعدما كان دائماً مقابل العدوّ المستوطن
اليوم فقدت تلك العناصر بريقها الرومانسي، لأنّ الفلسطيني في الأصل لم يكن يقاتل لأجلها، وإنّما كانت دائماً رمزاً على ما يقاتل لأجله، وهو الحرّيّة الكاملة على فلسطين الكاملة، فكيف والحرّيّة ليست منقوصة على أرض منقوصة؟ بل منعدمة، ووضعت الفلسطيني مقابل الفلسطيني، بعدما كان دائماً مقابل العدوّ المستوطن.
أدرك رابين أن أوسلو ستخرج دولته من مأزق الانتفاضة الأولى، ولكنّها أنشأت أيضاً بنى سياسية واجتماعية واقتصادية فلسطينية على أساس تعاقديّ في إطار التفوّق الإسرائيلي المطلق وتحكّمه الكامل، وتحويل تيار مهمّ من الحركة الوطنية الفلسطينية إلى هذه البنى، ثمّ تكبيل مجاميع الفلسطينيين في كلّ مكان بها، ثمّ جعلها أساساً للتحرّك السياسي الإسرائيلي في العالم، ممّا يعني أن خلاص العدوّ بأوسلو كان أكبر من مجرّد خروجه من مأزق الانتفاضة الأولى!
مرّة أخرى؛ لم يعد لتلك الرومانسيات سحرها، لكن ما ينبغي الخلوص إليه بعد هذه التجربة، هو النظر دائماً إلى جوهر الأشياء، والنفاذ من سحر البريق الظاهر، إلى الحقائق الباطنة لكلّ شيء، لأنّ لعبة السحر والبريق وتزيين الكلمات لا تتوقف؛ لا في وجود الإنسان من حيث هو، ولا في صراع كهذا!
بقيت كلمة أخيرة تعليقاً على قول الرئيس الراحل "هذا مكسب معناه أن شعبنا ثُبّت على الخريطة السياسية والجغرافية في النظام العالمي الجديد"، وهي أنّ ما ثَبَّت شعبنا على الخرائط السياسية والجغرافية في أنظمة العالم المتحوّلة كلّها، هو نضاله ومقاومته ورفضه فحسب.
twitter.com/sariorabi
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطيني ياسر عرفات الاحتلال اتفاقية أوسلو الإسرائيلية إسرائيل فلسطين الاحتلال ياسر عرفات اتفاقية أوسلو مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على موعد مع بعد هذه على أرض
إقرأ أيضاً:
الخليل بن أحمد الفراهيدي
نابغة علوم اللغة العربية وأستاذها أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، ولد الخليل في ودام الساحل بالمصنعة سنة مائة هجرية وفيها تعلم ونشأ، ثم قرر شق عصا الترحال إلى البصرة للاستزادة في العلم من جانب وطلبا للرزق من جانب آخر، فالبصرة في تلك الفترة كانت مركزا اقتصاديا مهما، ويشكل الأزد فيها النسبة الأكبر من السكان، وكانوا يمتلكون التجارة وخاصة البحرية منها. سافر الخليل بن أحمد إلى البصرة وفيها التقى بعلماء البصرة وجالسهم وناقشهم في علوم اللغة، كان الخليل كثير التدبر في العلم والتفكر فيه وكان كثيرا ما يقول (كن على مدارسة ما في قلبك أحرص منك على حفظ كتابك). حضر الخليل بن أحمد العديد من حلقات العلم في البصرة، فكان يجلس ليتعلم في حلقات كبار علماء البصرة في تلك الفترة مثل أيوب بن أبي العلاء ، وأبي عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر الثقفي ، وعثمان بن حاضر، وغالب القطان ، والعوام بن الحوشب.
كان الخليل بن أحمد حريصا على طلب العلم، يقضي الساعات الطوال في المطالعة والمذاكرة وفي التأمل والتفكر فيما يقرأ ويتعلم، وكان دائما يقول: أحث كلمة على طلب العلم، قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه:" قَدرُ كُلِّ امرِئٍ ما يُحسِنُ".
يُعد أعظم إنجازات الخليل بن أحمد اكتشافه لعلم العَروض، وهو العلم الذي يُعنى بوزن الشعر وتحديد بحوره. استنبط هذا العلم من ملاحظته للأوزان الشعرية وسماع إيقاعات الألفاظ. قسم الخليل الشعر العربي إلى خمسة عشر بحرًا، أضاف عليها تلميذه الأخفش الأوسط بحرًا آخر ليصبحوا ستة عشر بحرًا معروفة حتى اليوم.
ويُقال إن فكرة علم العروض جاءته أثناء مشيه في السوق، حيث لاحظ وقع الأقدام والأصوات المتكررة، فبدأ في تأليف هذا العلم لضبط الشعر وتقييم وزنه، ما أنقذ الشعر العربي من التلاعب وأتاح للناس فهم قواعده . . وحتى في زيارته لبيت الله الحرام ، كان دعاؤه أن يشرح الله صدره للعلم وأن يهديه إلى علوم جديدة ، فكان أن ابتكر علم العروض، ووضع أسسه وقواعده، وكان الكثير من العلماء ينسبون الخليل إلى علم العروض فيقولون هو الخليل بن أحمد العروضي، تقديرا لدوره الكبير في تأسيس هذا العلم وتنظيره، وكان كثيرا ما يغني الأبيات لتحديد بحورها الشعرية، وكان يستغرق في ذلك الساعات الطوال حتى كان يظن من يدخل عليه أن الخليل قد مسه الجنون، وما ذلك إلا من استغراقه في العلم وعدم انشغاله بغيره، وفي إحدى المرات دخل عليه ولده فلم يفهم ما يقول والده، فخرج إلى الناس صائحا بأن والده قد جُنّ، فدخل عدد من الأشخاص بيت الخليل للاطمئنان عليه فوجدوه مشتغلا بعلمه، فأخبروه بما فعل ولده فقال الخليل مرتجلا بيتين يعذر فيها ولده:
لو كُنت تَعلمُ ما أَقول عذرتني أو كنت تَعلمُ ما تَقُولُ عَذلتُكا
لكن جَهلتْ مَقالتي فَعَذلتني وعَلمتُ أنكَ جَاهلٌ فَعَذرتُكا
إن الخليل بن أحمد مفخرة كل عماني وكل مسلم، لاجتهاده في العلم وتفرغه له بشكل كلي وبعده عن المال والمناصب، هذا الاجتهاد مكنه من أن يكون فريد عصره فلقد أسس لعدد من العلوم، فهو واضع أول معجم لغوي عربي وهو “معجم العين”، وسُمّي بذلك لأنه بدأ بحرف العين، أصعب الحروف نطقًا. تميز المعجم بمنهجيه الفريد في ترتيب الكلمات حيث رتبت الكلمات وفق مخارج الحروف من الحلق إلى الشفتين، على عكس الترتيب الأبجدي التقليدي. هدف الخليل من هذا العمل إلى الحفاظ على اللغة العربية من الضياع، خاصة بعد انتشار اللحن بفعل اختلاط العرب بالأعاجم بعد الفتوحات الإسلامية.
رتب الخليل معجمه ترتيبا صوتيا على حسب مخارج الحروف حيث بدأ المعجم بحروف الحلق فكان أولها حرف العين، ثم الحاء ومن بعدها الهاء ثم الخاء ثم الغين ، وشكلت حروف الحلق هذه حوالي نصف الكتاب، وبعدها يبدأ بحرف القاف ثم الكاف وهي حروف اللهاة، ثم ينتقل إلى حروف الشفتين وهي الفاء والباء والميم، ثم يتناول الحروف المعتلة ، وفي كل باب من هذه الأبواب نظم ترتيب الكلمات على النحو التالي: باب الثنائي المشدد ثانيه، باب الثلاثي الصحيح ، باب الثلاثي المعتل، باب اللفيف، باب الرباعي، باب الخماسي.
ويذكر الفراهيدي في مقدمته السبب وراء الابتداء بحرف العين حيث يقول:" فلم يمكنه أن يبتدأ التأليف من أول أ، ب، ت، ث، وهو الألف لأن الألف حرف معتل فلما فاته الحرف الأول كره أن يبتدأ بالحرف الثاني وهو الباء إلا بعد حجة واستقصاء فدبر ونظر، فدبر ونظر إلى الحروف كلها وذاقها فوجد مخرج الكلام كله من الحلق" وفي موضع آخر من المعجم يقول:" بدأنا في مُؤلَفنا هذا بالعين وهو أقصى الحروف، ونَضُمُّ إليه ما بعده حتى نستوعب كلام العرب الواضح والغريب".
عرف الخليل بتواضعه وزهده، فكان عفيف النفس، رافضًا قبول العطاء من الخلفاء رغم فقره وحاجته للمال. وقد روي أن الخليفة هارون الرشيد عرض عليه مالًا فرفضه، مؤكدًا قناعته بعيش الكفاف.
كما أرسل له والي الأهواز رسولا يعرض عليه راتبا مجزيا في مقابل تعليم ولده، فرفض الخليل هذا العرض وفضل ألا يترك طلابه، وقال للرسول:
أبلغ سليمان أني عنه في سعة وفي غنى، غير أني لست ذا مالِ
سخي بنفسي أني لا أرى أحدا يموت هزلا، ولا يبقى على حالِ.
تخرج على يديه العديد من العلماء، أبرزهم:
سيبويه: الذي يعد كتابه “الكتاب” من أعمدة النحو العربي ولقد اعتمد فيه كثيرا على محاضرات الخليل التي كان يلقيها على طلابه، ومن طلبة العلم لدى الخليل الأخفش الأوسط الذي أكمل عمل الخليل في بحور الشعر و الكسائي أحد أعلام النحو والقراءات.
كان الخليل يُلقب بأستاذ الأساتذة” لما خلفه من إرث علمي ضخم لم يسبق له مثيل في مجاله. مات هذا النابغة سنة 170هـ ودفن في البصرة. وحضر جنازته جمعا غير من أهالي البصرة وأعيانها، ويقال أن سبب موته أنه اصطدم بعمود مسجد في البصرة لأنه كان غارقا في التفكير حول إيجاد طريقة حسابية تسهل على الناس معاملاتهم التجارة.
أشاد العلماء بالخليل فها هو سفيان بن عُيينة يقول عنه (من أحب أن ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد). وقال عنه الثعالبي:" كان يقال أربعة لم يُلحقوا، ولم يُسبقوا: أبو حنيفة في فقهه، والخليل في أدبه، والجاحظ في تأليفه، وأبو تمام في شعره". وقال عنه أبو بكر الزبيدي: «الخليل بن أحمد أوحد عصره، وجهبذ الأمة، وأستاذ أهل الفطنة الذي لم يُر نظيره، ولا عرف في الدنيا عديله".
ترك الخليل إرثًا علميًا خالدًا، إذ لا تزال بحور الشعر التي وضعها حجر الأساس لدراسة الأدب العربي، ويُعتبر معجم العين من أعمدة المعاجم اللغوية. تظل مساهماته مرجعًا رئيسيًا في الجامعات والمعاهد إلى يومنا هذا. وحرصت سلطنة عمان على إدراج الخليل بن أحمد كشخصية عالمية مؤثرة في التراث الإنساني ومساهمة في تطور علوم البشرية، فكان ذلك في عام 2006م حين أعلنت منظمة اليونسكو أن الخليل بن أحمد الفراهيدي شخصية استثنائية مؤثرة عالميا وملهمة وجدانيا.