كيف غيرّت حرب أوكرانيا صناعة الأسلحة في كوريا الجنوبية؟
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
مع حاجة كييف الماسة إلى مدافع هاوتزر في هجومها المضاد على القوات الروسية، برز تحول كبير في صناعة الأسلحة في كوريا الجنوبية وجعل البلاد أسرع مصدر للمعدات العسكرية.
وروى الصحافي داسل يوون في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تفاصيل زيارته لمصنع في كوريا الجنوبية حيث كانت الروبوتات تجمع ألواحاً مضادة للرصاص، ويعمد عمال إلى حفر أجزاء فولاذية في العشرات من مدافع الهاوتزر التي تزن 47 طناً مرسلة إلى بولندا.
وخارج المصنع في مدينة تشانغون الساحلية، كانت مدافع الهاوتزر المرسلة إلى أستونيا تمر عبر منطقة اختبار. كان مدفع الهاوتزر كي 9 عيار 155 ملليمتراً ذاتي الدفع في صلب ظهور كوريا الجنوبية دولةً مصدرة للسلاح. وتعتبر شركة هانواها "ايروسبايس" مصنعة السلاح الأكثر مبيعاً في البلاد.
وتزايد الطلب على مدافع الهاوتزر وغيرها من الأسلحة مع تحول الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حربٍ طاحنة. وسبق للولايات المتحدة وحلفائها أن أرسلت إلى أوكرانيا الكثير من إمدادات بالمدفعية والذخائر، ولكن هذه الدول لاحظت أن صناعاتها التسليحية ليست بالاستعداد الكافي لتجديدها بسرعة. وهنا جاء دور كوريا الجنوبية.
تكاليف أقلترفض سيول تزويد أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة مباشرة، لكنها كانت مستعدة لتعويض الإمدادات من الولايات المتحدة وحلفائها، وأثبتت أن بإمكانها فعل ذلك في وقت قصير، وبتكاليف أقل من منافسين غربيين آخرين.
غيرت الحرب صناعة الأسلحة في كوريا الجنوبية، التي كانت تصنعه إلى حد كبير للدفاع عن نفسها، لتصبح المصدر الأسرع نمواً في العالم، مع ارتفاع مبيعاتها إلى أكثر من ضعف ما باعته في 2022.
وتستعد هانواها الآن لبيع المزيد من الهاوتزر. وتضاعف الشركة قدرتها على انتاج المدافع، وفق ما يقول تشوي دونغ-بين المدير العام لهانواها للصناعات الفضائية في تشانغون الذي أمضى ثلاثة عقود في الشركة.
وأضاف أن سنوات من الاستثمارات الثابتة في التصنيع، أرست الأرضية من أجل التوسع، لافتاً إلى أن "ذلك كان ممكناً فقط لأننا حافظنا على خطوط الإنتاج بالمثابرة على تأمين المواد الأولية والقوة العاملة، وهو استثمار لا تقدم عليه دول كثيرة".
بعد الحرب الباردة، أعاد الكثير من دول حلف شمال الأطلسي ترتيب أولوياته في صناعاته التسليحية. وقلصت دول أوروبية ميزانياتها الدفاعية. كما تقلص مخزونها من الدبابات والمدفعية الثقيلة، بعد استبعاد نشوب حرب برية واسعة النطاق ووجهت الأموال عوض ذلك نحو الحصول على مقاتلات وسفن.
وتخلصت هذه الدول من مخزونها الكبير وكذلك من القدرة الانتاجية، وتوقفت عن الحصول على المواد اللازمة لإنتاج الذخائر على نطاق واسع.
وحسب الباحث البارز المتخصص في الحد من الأسلحة والمساعدة العسكرية في معهد أبحاث السلام بأوسلو نيكولاس مارش، فإن الافتقار إلى الموارد الضرورية يمتد الآن من الكيميائيات، والكهرباء، إلى الأفراد.
وقال: "عندما يفكر الناس في الإنتاج العسكري، يميلون إلى التفكير في مصانع كبيرة مع عشرات آلاف العمال، بينما أنت تتطلع الآن إلى شيء أشبه بإنتاج سيارات السباق، ذات تكنولوجيا فائقة الدقة وتكاليف انتاج منخفضة.وقد يستغرق الأمر سنوات لإنتاج أسلحة لم ننتجها بكميات كبيرة".
ومرت الصناعات الدفاعية الأمريكية بتحول مشابه. ولم يغير تورطها الطويل في نزاعات العراق وأفغانستان هذا الاتجاه، لأن قواتها كانت تخوض معارك مع متشددين مزودين بأسلحة خفيفة نسبياً. وفي أفغانستان، كانت القوات الأمريكية تطلق مئات القذائف يومياً، مقابل آلاف القنابل التي تطلق في أوكرانيا.
South Korea rises to become the world’s fastest-growing arms exporter as the grinding land war in Ukraine fuels demand for artillery and munitions https://t.co/vW1moLUysv
— The Wall Street Journal (@WSJ) September 18, 2023وفي الوقت نفسه، كانت كوريا الجنوبية تواجه تهديداً مختلفاً. ففي شبه الجزيرة الكورية، لم تنتهِ فعلياً إحدى أطول الحروب البرية في القرن العشرين. وتوقفت الأعمال العدائية مع توقيع هدنة 1953، لكن الطرفين لم يتوقفا عن الاستعداد لقتال قد يستأنف في أي يوم.
وعلى مدى عقود، كانت كوريا الجنوبية تتفوق على كوريا الشمالية في الأسلحة التقليدية وتعتمد إلى حد كبير على الولايات المتحدة للدفاع عنها. وفي الثمانينات، بدأ هذا البلد بناء قدراته الذاتية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أوكرانيا كوريا الجنوبية فی کوریا الجنوبیة
إقرأ أيضاً:
نشأت فى كوريا الجنوبية وتكتسب كل يوم أعضاء جددًا.. حركة «4B» النسائية فى أمريكا تعلن عن معارضتها لترامب
عندما أُعلن عن فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدأت النساء الأمريكيات فى النشر عما يسمى بحركة 4B، وهى حركة نسوية راديكالية نشأت فى كوريا الجنوبية، ووصلت للولايات المتحدة لتعبر عن رفض المرأة هناك لفترة ترامب الرئاسية، وظهرت على ضوء ذلك عبارات من نوعية أن امرأة تقول إنها انفصلت عن صديقها الجمهورى ليلة الانتخابات لتنضم إلى الحركة وأخرى تقول إنها تطبق نظامًا غذائيًا للتمتع بجسد رشيق «لن يلمسه أى رجل خلال السنوات الأربع المقبلة»، لينتشر النقاش حول الحركة على الإنترنت.
ما هى 4B؟ترمز 4B إلى «اللاءات الأربع»، والتى تعنى لا مواعدة ولا علاقات عاطفية ولا زواج ولا تربية أطفال، كما كتبت هاون جونج، الصحفية ومؤلفة كتاب «زهور النار: القصة الداخلية للحركة النسوية فى كوريا الجنوبية وما تعنيه لحقوق المرأة فى جميع أنحاء العالم»، فى صحيفة نيويورك تايمز العام الماضى.
و نشر موقع The Cut شرحا نوقش على نطاق واسع حول 4B. ومع فوز ترامب انتشرت الحركة بقوة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وظهرت الحركة فى كوريا الجنوبية كجزء من الموجة النسوية الأوسع التى اجتاحت البلاد من أواخر عام ٢٠١٠ إلى أوائل عام ٢٠٢٠، كما أخبرت جونج موقع Mashable. كانت هناك مناقشات ساخنة على الإنترنت وخارجه حول كراهية النساء والنظام الأبوى والعنف بين الجنسين والتمييز بين الجنسين. وتعانى كوريا من فجوة حادة فى الأجور بين الجنسين، كما احتلت المرتبة الأخيرة بين ٢٩ دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD) فيما يتعلق ببيئة عمل المرأة.
وقالت جونج إن جزءا كبيرا من هذه المناقشات كان يدور حول العبء غير المتكافئ الذى تواجهه المرأة من حيث العمل المنزلى وتربية الأبناء، والذى غالبا ما يكون على حساب التطلعات الشخصية. فى هذا الوقت تقريبا، بدأ مصطلح «غير المتزوجات» - الذى يُترجم تقريبا إلى «غير المتزوجات عمدا» - فى الانتشار والاستخدام على نطاق واسع للنساء اللاتى اخترن عدم الزواج.
وأضافت جونج: «4B هى فى الطرف الأقصى من الطيف الكامل للنساء فى كوريا الجنوبية اللاتى اخترن البقاء عازبات ودون أطفال». وتتلخص حجتها وفقا للنساء فى أنهن سئمن من الثقافة الأبوية المتأصلة فى مؤسسة الزواج، والضغط المجتمعى للزواج وإنجاب الأطفال، وعنف الشريك فى الحياة وعدم حماية الضحايا. فتختار النساء مقاطعة الزواج والعلاقات الرومانسية مع الرجال حتى يغير المجتمع طريقة تعامله مع النساء.
مع اكتساب حركة MeToo فى كوريا الجنوبية، وكذلك قضايا العنف الزوجى والجرائم العاطفية الرقمية اهتماما كبيرا فى أواخر عام ٢٠١٠ - إلى جانب اتساع دعوات «لا زواج» فى البلاد - كان هناك زخم لاستقرار حركة 4B وانتشارها بشكل أكبر، كما تقول ميرا تشوى، طالبة الدكتوراه فى علم الاجتماع فى جامعة ييل.
وقالت كل من جونج وتشوى إن هناك استياء أوسع نطاقا بشأن الزواج والإنجاب بين النساء الكوريات الجنوبيات بخلاف أولئك اللاتى يعرّفن أنفسهن بأنهن من أتباع حركة 4B.. قالت جونج: «إن الرسالة الأساسية لحركة 4B هى نسخة أكثر تكثيفا وكثافة وصراحة من الإحباط والمظالم التى تشعر بها العديد من النساء الكوريات الجنوبيات العاديات تجاه مؤسسة الزواج أو الثقافة الأسرية الأبوية بشكل عام.
لماذا تتحدث النساء الأمريكيات عن 4B؟أدى فوز دونالد ترامب وكذلك اتساع نطاق الخطاب المعادى للنساء من بعض أعضاء تيارات اليمين المتطرف، إلى تحفيز النقاش حول 4B فى الولايات المتحدة،
على وسائل التواصل الاجتماعى، ظهرت مناقشات حول العزوبية الطوعية بين النساء. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الإحباط من المواعدة الحديثة وتطبيقات المواعدة، بالإضافة إلى عدم الرضا عن العلاقات العاطفية العابرة. وقد تم دمج 4B فى هذه المناقشات. ومع ذلك، قالت تشوى إن هناك اختلافات متأصلة بين النسوية الأمريكية والكورية الجنوبية. ومن الأمثلة التى قدمتها أن النسوية الأمريكية تركز على الرغبة الفردية والحرية، وهى نظرة أكثر تفاؤلا. قالت تشوى إن التشاؤم أكثر انتشارا فى كوريا، وهناك تركيز أكبر على ما يجعل الشخص نسويا «جيدا».
من يمكنه المشاركة فى 4B؟بدأت موجة من النقاشات بين النساء الأمريكيات حول من يمكنه أو لا يمكنه أن يكون فى 4B. بدأت النساء يسألن عما إذا كان بإمكانهن المشاركة فى 4B إذا كان لديهن صديق أو زوج أو أطفال.
وقالت جونج إن جدالات مماثلة ظهرت فى بعض الأحيان على وسائل التواصل الاجتماعى وغرف الدردشة على الإنترنت فى كوريا الجنوبية منذ ظهور 4B. وقالت جونج: «عادة ما تدور الحجج حول مسألة ما إذا كانت المرأة يمكن أن تكون نسوية حقيقية إذا كانت مرتبطة عاطفية، إذا كانت متزوجة. وتابعت: «وأعتقد أن هذا النوع من الجدل يحدث حتما عندما يكون هناك حركة مدفوعة بوسائل التواصل الاجتماعى تستند إلى التغييرات الشخصية العميقة فى الحياة اليومية للمرأة».
فى الأيام التى تلت الانتخابات، يبدو أن ممارسات 4B، بعيدا عن الجانب المتعلق بالهوية، قد انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى الأمريكية، ومع اقتراب رئاسة ترامب، يبدو أن اهتمام النساء الأمريكيات بالحركة وما تمثله يشير إلى تنامى شعور النساء بالغضب واليأس من القوة الذكورية فى مجتمعهن - وهو عامل رئيسى مهد الطريق لها للانتشار فى كوريا الجنوبية منذ البداية».
وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية والسياسية، إلا أن الغضب والإحباط الذى تشعر به النساء فى المجتمع الأبوى متشابهان للغاية.
ويبدو أن ترامب سوف يبدأ ولايته الثانية مع بداية عام ٢٠٢٥ بمعارض شرس يتمثل فى تلك الحركة النسوية التى تنتشر بسرعة فى الولايات المتحدة.