اللعب لمواجهة الدمار.. متطوعون يخففون صدمة الزلزال عن الأطفال بالجبال
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
أنكال نواحي أمزميز- داخل خيمة مجهزة بكراسي وطاولات صغيرة، تحيطها بالونات ملونة من كل جانب في مدشر أينغد بمنطقة أنكال، يلهو أطفال ويمرحون إلى جانب مربيتهم، يلونون صفحات بيضاء بآمال المستقبل، ويديرون وجوههم إلى آثار الزلزال المدمر الذي ضرب القرية وخلف قتلى ومصابين.
وما أن يصل أفراد منظمة كشفية، حتى يعلو وجوه الأطفال اهتمام ظاهر، قبل أن ينخرطوا في تنشيط صباحي ينقلهم إلى أجواء أخرى.
يردد الشاب الكشفي شكيب بوكام "الكشاف يبتسم في وجه الشدائد" (الشعار معروف بين الكشافة)، هو لعب في وجه الدمار، صنع فرحة ونشر طمأنينة وسط الركام.
في حديثه للجزيرة نت، يقول بوكام إن "هذه الخيمة نصبتها جمعية عطاء، وهي مبادرة مبدعة، توفر للأطفال أجواء تعليمية طيلة اليوم، في حين تقوم منظمتنا الكشفية بدور تنشيطي، ولا نملك إلا أن نحيي كل الجهود".
تقود منظمة كشافة المغرب -مثلها عدد من منظمات الطفولة في المغرب- مبادرة لإدخال السرور على أطفال عدد من المداشر المنكوبة جراء الزلزال، عبر فقرات تنشيطية، وتوزيع لعب وهدايا، وحملات نظافة، يؤطرها العشرات من الأعضاء المتطوعين.
وتتخذ المنظمة خيمة في مدشر أمدل بأمزميز مأوى لأفرادها، وتعتبر رحلة أنكال واحدة من الرحلات التي تقوم بها، عبر مسالك وعرة، للوصول إلى أطفال في أعالي الجبال.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول عبد السلام بنهنية مسؤول بالمنظمة الكشفية إن "أول ما يفكر فيه الأطفال مطلع صباح يوم جديد بالمخيم هو الالتحاق التلقائي بورش تنشيطية رفقة أطر تربوية".
ولفت المؤطر التربوي إلى أن ألعاب الهواء الطلق تسهم في تنمية الروح الجماعية وإعادة الثقة بالنفس للأطفال وخلق لحظات من المنافسة والفرح تخرجهم من آلامهم الصامتة، وتابع "ما حدث يتجاوز مستويات إدراك الأطفال".
وأوضح بنهنية أن الألعاب التي تم توزيعها كان لها أكبر أثر إيجابي على أطفال هذه المناطق، حيث تظهر فرحتهم سريعا، وتشغل جزءا مهما من وقتهم خاصة في ظروف العيش داخل خيام من دون كهرباء ولا تلفاز.
وأشار الفاعل المدني إلى أهمية التوجيهات التي يحرص فريقه على تقديمها للأسرة، والتي تؤكد على الاهتمام بالأطفال والانتباه لضررهم النفسي ومساعدتهم على تجاوز آثار ليلة الزلزال وما تلاها، إضافة إلى تجنب بعض الحديث أمامهم بطريقة مضرة لهم، ومحاولة ملء أوقاتهم بأشياء أخرى مثل الرسم والتلوين وحضور الأنشطة التربوية للجمعيات وإلحاقهم بالمؤسسة التعليمية فور فتح أبوابها، مع الانتباه للتغيرات التي لحقت بنفسياتهم والتواصل مع المختصين إن اقتضى الحال.
وبرمجت المنظمة حصصا لاستدراك ما فات من الدروس للتلاميذ، في حين تعمل الجهات المختصة على نقل تلاميذ إلى أماكن آمنة من أجل استئناف دراستهم بصفة شبه عادية.
غير بعيد من مكان لعب الأطفال، يدخل رشيد ماهر -الطبيب المرافق لمنظمة كشافة المغرب- في حوار ودي مع طفل متضرر من الزلزال، ومظاهر الألفة بادية بين الاثنين.
في حديثه للجزيرة نت، يقول الطبيب المتخصص في علم الأوبئة "نقوم بجولات ميدانية لدواوير مختلفة لتقديم الإسعافات الضرورية للمصابين والفحوصات الطبية للمرضى، ومراقبة الأوضاع المعيشية في المخيمات، لتدارك وقوع أوبئة في المستقبل القريب". وأضاف ماهر "لا يمنع ذلك من تقديم دعم نفسي للأطفال، والتعامل معهم بلين ورفق".
وحكى الطبيب للجزيرة نت قصته مع آدم (طفل زاره مع والدته في تشخيص طبي) فعبر عن صداقته له وانتظره بعد أن أنهى الفحوصات، إذ تبادلا الحديث ولعبا معا، إلى أن اتصل بالطبيب ابنه (رضا 10 سنوات) ليطمئن على أحواله، فتبادل آدم الحديث مع ابن الطبيب عبر الهاتف ودخلا في حوار طفولي مؤثر، دعا كل منهما الآخر لزيارته واللعب معه.
واستطرد متأثرا "هي لحظة عفوية عبرت خلالها عن قليل من المساندة النفسية والاجتماعية، لأن تجديد الثقة والأمان والاستقرار ضروري جدا بعد الكارثة، خاصة لدى الأطفال والنساء، لتجنب حالات نفسية مرضية كثيرة لها عواقب خطيرة في المستقبل".
لحظات سعادة يعيشها الأطفال، خلال الفقرات التنشيطية، يندمجون في الحياة اليومية بسرعات مختلفة، وبعضهم يحتاج إلى دعم نفسي. عن أهمية ذلك، تقول الطبيبة النفسية نائلة بنصبيح للجزيرة نت إن الطفل يعيش صدماته بطريقته.
وأوضحت بنصبيح أنه من المهم في مرحلة بعد الزلزال طمأنة الجميع، وخصوصا الأطفال، أنهم بخير وأن الخطر قد زال، مضيفة أن "اللعب والضحك معهم وفسح المجال لحكي تجربتهم هدفه تفريغ مشاعر الخوف والصدمة، لكن البعض قد يحتاج إلى جلسات العلاج النفسي لمساعدته على تخطي هذه التجربة الصعبة".
وأوصت المتخصصة بضرورة توجيه المدرسين للعمل على طمأنة الأطفال في المدارس، ومساعدتهم على التفريغ عبر الكتابة ومشاركة التجارب.
واختتمت بالقول إن تمارين التنفس البطيء والكتابة والرسم تساعد كثيرا في تحرير مشاعر الخوف والصدمة، وزيارات منظمات الطفولة، وتقديم المساعدة وسيلة جيدة للإحساس بتضامن الجميع: "إننا بجانبهم، نشعر بمعاناتهم وندعمهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
متطوعون: قمة الحكومات المساحة الأفضل لاستكشاف الفرص
دبي: محمد ياسين وعهود النقبي
جسدت مشاركة المتطوعين في القمة العالمية للحكومات روح العطاء والتعاون، حيث يساهمون في تنظيم الحدث وضمان تجربة سلسة للمشاركين، وبمزيج من المهارات المتنوعة والقدرة على التحدث بلغات مختلفة، يعملون في مجالات متعددة تشمل الاستقبال والمواصلات وتنظيم الحشود والبروتوكول، فيما برزت مشاركة متطوعين من أصحاب الهمم بفعالية في مختلف المهام دون أي استثناء، وأكد المتطوعون أن الشمولية والتكافؤ من القيم الأساسية التي تميز القمة.
وقال عبد الله العرج، من مكتب رئاسة مجلس الوزراء، إن فريق إدارة المتطوعين في القمة يضم مجموعة من الشباب المتحمسين الذين يعملون في أدوار مختلفة لضمان التنظيم السلس للحدث، حيث يبدأ عملهم قبل انطلاق القمة بفترة، لا سيما في ما يتعلق بالتسجيل، لكنه يبلغ ذروته خلال أيام الفعاليات.
وأشار إلى أن أصحاب الهمم يشاركون بفعالية في مختلف المهام دون أي استثناء، ما يعكس التزام القمة بمبدأ الشمولية وإتاحة الفرص للجميع، لا سيما أن المتطوعين جاؤوا من خلفيات مهنية متنوعة، فمنهم موظفون وطلاب، ما يدعم تبادل الخبرات ويسهم في تحسين مستوى العمل الجماعي والتنظيمي.
من جانبها أكدت علياء علي، من وزارة تمكين المجتمع، أن دورها يتركز على متابعة احتياجات الضيافة والتأكد من توفر جميع المستلزمات بالتنسيق مع فرق التموين، لضمان راحة الضيوف، ولفتت إلى أن التطوع في القمة تجربة مثرية تعزز مهارات التنظيم والتواصل، وأن أصحاب الهمم يثبتون كفاءتهم ويشاركون بفاعلية في إنجاح الحدث.
وأوضحت أن القمة ليست فقط فرصة لخدمة المشاركين، بل أيضاً لتطوير الذات، حيث يتعلمون مهارات جديدة مثل التعامل مع الضغوط والتكيف مع المتغيرات السريعة التي تميز الفعاليات الكبرى.
فيما أشارت حليمة السماحي، موظفة في بريد الإمارات، التي تشارك لأول مرة كمتطوعة، إلى أن التجربة كانت رائعة، حيث أتاحت لها فرصة مساعدة المشاركين والتفاعل مع ضيوف من ثقافات متعددة.
وأكدت أن العمل ضمن فريق المتطوعين يعزز الشعور بالمسؤولية وروح التعاون، ويمنحها فرصة للمساهمة في إنجاح حدث عالمي مميز، وأن التطوع في القمة فتح لها آفاقاً جديدة، حيث اكتسبت خبرة في التعامل مع الضيوف الدوليين، ما عزز ثقتها بنفسها وشجعها على المشاركة في فعاليات أخرى مستقبلاً.
وأكد كل من عائشة الخليفي وسيف الكعبي وعائشة الشاووش ومحمد عارف وأمل أحمد ومحمد علي، أن تجربة التطوع في حدث مهم مثل القمة، تضيف المزيد إلى خبراتنا، وتؤكد إيمان القيادة الرشيدة بشبابها، ما جعلهم يكثفون الجهود في أن يكونوا حاضرين في الميدان دائماً، لافتين إلى أن هذه النسخة لا تعد استشرافاً لحكومات المستقبل، بل هي محور مهم كذلك في استشراف مستقبل الشباب، فالقمة العالمية للحكومات هي المساحة الأفضل لاستكشاف جميع الفرص، والاختلاط بجميع الثقافات، وأرض خصبة لتبادل الخبرات والمعرفة.
وأكدوا أن المشاركة في القمة ليست التجربة الأولى لهم في هذا المجال، متمنين أن يتم اختيارهم كمتطوعين في كل الأحداث المهمة في دولة الإمارات وحتى خارجها، فتمثيل الوطن هو الغاية دائماً.
وتم اختيار المتطوعين بعناية من عدة جهات رسمية ومجتمعية، حيث ساهمت وزارة تمكين المجتمع، وهيئة تنمية المجتمع، ورابطة طلبة الإمارات في توفير الكفاءات الشبابية القادرة على تحمل مسؤولية تنظيم حدث بهذا الحجم، كما كان لفرجان دبي والمجالس الشبابية، بالتعاون مع المؤسسة الاتحادية للشباب، دور بارز في دعم المبادرة، عبر استقطاب المتطوعين.