أنكال نواحي أمزميز- داخل خيمة مجهزة بكراسي وطاولات صغيرة، تحيطها بالونات ملونة من كل جانب في مدشر أينغد بمنطقة أنكال، يلهو أطفال ويمرحون إلى جانب مربيتهم، يلونون صفحات بيضاء بآمال المستقبل، ويديرون وجوههم إلى آثار الزلزال المدمر الذي ضرب القرية وخلف قتلى ومصابين.

وما أن يصل أفراد منظمة كشفية، حتى يعلو وجوه الأطفال اهتمام ظاهر، قبل أن ينخرطوا في تنشيط صباحي ينقلهم إلى أجواء أخرى.

أنشودة من هنا، وقصة من هناك، ورقصات رياضية وحركات بهلوانية، تجعل الأطفال مبتهجين، ويملأ ضحكهم المكان.

يردد الشاب الكشفي شكيب بوكام "الكشاف يبتسم في وجه الشدائد" (الشعار معروف بين الكشافة)، هو لعب في وجه الدمار، صنع فرحة ونشر طمأنينة وسط الركام.

في حديثه للجزيرة نت، يقول بوكام إن "هذه الخيمة نصبتها جمعية عطاء، وهي مبادرة مبدعة، توفر للأطفال أجواء تعليمية طيلة اليوم، في حين تقوم منظمتنا الكشفية بدور تنشيطي، ولا نملك إلا أن نحيي كل الجهود".

ألعاب في الهواء الطلق تسهم في تنمية الروح الجماعية وإعادة الثقة بالنفس للأطفال (الجزيرة) مبادرة

تقود منظمة كشافة المغرب -مثلها عدد من منظمات الطفولة في المغرب- مبادرة لإدخال السرور على أطفال عدد من المداشر المنكوبة جراء الزلزال، عبر فقرات تنشيطية، وتوزيع لعب وهدايا، وحملات نظافة، يؤطرها العشرات من الأعضاء المتطوعين.

وتتخذ المنظمة خيمة في مدشر أمدل بأمزميز مأوى لأفرادها، وتعتبر رحلة أنكال واحدة من الرحلات التي تقوم بها، عبر مسالك وعرة، للوصول إلى أطفال في أعالي الجبال.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول عبد السلام بنهنية مسؤول بالمنظمة الكشفية إن "أول ما يفكر فيه الأطفال مطلع صباح يوم جديد بالمخيم هو الالتحاق التلقائي بورش تنشيطية رفقة أطر تربوية".

ولفت المؤطر التربوي إلى أن ألعاب الهواء الطلق تسهم في تنمية الروح الجماعية وإعادة الثقة بالنفس للأطفال وخلق لحظات من المنافسة والفرح تخرجهم من آلامهم الصامتة، وتابع "ما حدث يتجاوز مستويات إدراك الأطفال".

وأوضح بنهنية أن الألعاب التي تم توزيعها كان لها أكبر أثر إيجابي على أطفال هذه المناطق، حيث تظهر فرحتهم سريعا، وتشغل جزءا مهما من وقتهم خاصة في ظروف العيش داخل خيام من دون كهرباء ولا تلفاز.

وأشار الفاعل المدني إلى أهمية التوجيهات التي يحرص فريقه على تقديمها للأسرة، والتي تؤكد على الاهتمام بالأطفال والانتباه لضررهم النفسي ومساعدتهم على تجاوز آثار ليلة الزلزال وما تلاها، إضافة إلى تجنب بعض الحديث أمامهم بطريقة مضرة لهم، ومحاولة ملء أوقاتهم بأشياء أخرى مثل الرسم والتلوين وحضور الأنشطة التربوية للجمعيات وإلحاقهم بالمؤسسة التعليمية فور فتح أبوابها، مع الانتباه للتغيرات التي لحقت بنفسياتهم والتواصل مع المختصين إن اقتضى الحال.

وبرمجت المنظمة حصصا لاستدراك ما فات من الدروس للتلاميذ، في حين تعمل الجهات المختصة على نقل تلاميذ إلى أماكن آمنة من أجل استئناف دراستهم بصفة شبه عادية.

المنظمات الكشفية في المغرب تحاول إخراج الأطفال من صدمة الزلزال عبر الأنشطة المتنوعة (الجزيرة) دعم طبي

غير بعيد من مكان لعب الأطفال، يدخل رشيد ماهر -الطبيب المرافق لمنظمة كشافة المغرب- في حوار ودي مع طفل متضرر من الزلزال، ومظاهر الألفة بادية بين الاثنين.

في حديثه للجزيرة نت، يقول الطبيب المتخصص في علم الأوبئة "نقوم بجولات ميدانية لدواوير مختلفة لتقديم الإسعافات الضرورية للمصابين والفحوصات الطبية للمرضى، ومراقبة الأوضاع المعيشية في المخيمات، لتدارك وقوع أوبئة في المستقبل القريب". وأضاف ماهر "لا يمنع ذلك من تقديم دعم نفسي للأطفال، والتعامل معهم بلين ورفق".

وحكى الطبيب للجزيرة نت قصته مع آدم (طفل زاره مع والدته في تشخيص طبي) فعبر عن صداقته له وانتظره بعد أن أنهى الفحوصات، إذ تبادلا الحديث ولعبا معا، إلى أن اتصل بالطبيب ابنه (رضا 10 سنوات) ليطمئن على أحواله، فتبادل آدم الحديث مع ابن الطبيب عبر الهاتف ودخلا في حوار طفولي مؤثر، دعا كل منهما الآخر لزيارته واللعب معه.

واستطرد متأثرا "هي لحظة عفوية عبرت خلالها عن قليل من المساندة النفسية والاجتماعية، لأن تجديد الثقة والأمان والاستقرار ضروري جدا بعد الكارثة، خاصة لدى الأطفال والنساء، لتجنب حالات نفسية مرضية كثيرة لها عواقب خطيرة في المستقبل".

إقبال الأطفال على الأنشطة الكشفية يساعدهم على تجاوز صدمة ما بعد الزلزال (الجزيرة) دعم نفسي

لحظات سعادة يعيشها الأطفال، خلال الفقرات التنشيطية، يندمجون في الحياة اليومية بسرعات مختلفة، وبعضهم يحتاج إلى دعم نفسي. عن أهمية ذلك، تقول الطبيبة النفسية نائلة بنصبيح للجزيرة نت إن الطفل يعيش صدماته بطريقته.

وأوضحت بنصبيح أنه من المهم في مرحلة بعد الزلزال طمأنة الجميع، وخصوصا الأطفال، أنهم بخير وأن الخطر قد زال، مضيفة أن "اللعب والضحك معهم وفسح المجال لحكي تجربتهم هدفه تفريغ مشاعر الخوف والصدمة، لكن البعض قد يحتاج إلى جلسات العلاج النفسي لمساعدته على تخطي هذه التجربة الصعبة".

وأوصت المتخصصة بضرورة توجيه المدرسين للعمل على طمأنة الأطفال في المدارس، ومساعدتهم على التفريغ عبر الكتابة ومشاركة التجارب.

واختتمت بالقول إن تمارين التنفس البطيء والكتابة والرسم تساعد كثيرا في تحرير مشاعر الخوف والصدمة، وزيارات منظمات الطفولة، وتقديم المساعدة وسيلة جيدة للإحساس بتضامن الجميع: "إننا بجانبهم، نشعر بمعاناتهم وندعمهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

طريقة للحمل تجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بعيوب خلقية في القلب

السويد – وجد باحثون أن الأطفال المولودين عن طريق تقنيات الإنجاب المساعد، مثل التلقيح الصناعي، لديهم خطر أعلى بنسبة 36% للإصابة بعيب خلقي رئيسي في القلب مقارنة بالأطفال المولودين بشكل طبيعي.

ومع ذلك، فإن عيوب القلب نادرة نسبيا. ووجد مؤلفو الدراسة هذه العيوب في 1.15% من الأطفال المولودين بشكل طبيعي و1.84% من الأطفال المولودين بعد الإنجاب المساعد. وارتفع الخطر إلى 2.47% للأطفال المولودين بالتلقيح الصناعي في توائم متعددة.

وتستند الدراسة الأكبر من نوعها حتى الآن إلى تحليل أكثر من 7.7 مليون ولادة في الدنمارك وفنلندا والنرويج والسويد.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة أولا بريت وينرهولم من جامعة غوتنبرغ في السويد: “أظهرت الأبحاث السابقة أن هناك مخاطر متزايدة للأطفال المولودين بمساعدة تقنيات الإنجاب المساعد. وتشمل هذه الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة. أردنا التحقيق في ما إذا كان خطر الإصابة بعيوب القلب أعلى بالنسبة للأطفال المولودين بعد الإنجاب المساعد”.

وقارن فريق وينرهولم البيانات المتعلقة بالأطفال الذين تم الحمل بهم بشكل طبيعي مقابل الأطفال الذين تم الحمل بهم عن طريق التلقيح الصناعي، وحقن الحيوانات المنوية داخل الخلايا (ICSI)، عندما يتم حقن حيوان منوي واحد مباشرة في بويضة أثناء التلقيح الصناعي، والجنين المجمد.

ثم تمكن الباحثون من تحديد عدد الأطفال في كل مجموعة على حدة الذين تم تشخيصهم بعيب خطير في القلب في الرحم أو خلال السنة الأولى من العمر.

وأخذ مؤلفو الدراسة في الاعتبار عوامل مثل عمر الأم عند الولادة وما إذا كانت تدخن أثناء حملها أو كان لديها تاريخ من مرض السكري أو عيوب القلب.

ويأمل الباحثون أن تؤدي نتائجهم إلى تشخيص عيوب القلب في الوقت المناسب والتدخل المنقذ للحياة.

وقالت وينرهولم: “يمكن أن تكون عيوب القلب الخلقية خطيرة للغاية، وتتطلب جراحة متخصصة عندما يكون الأطفال صغارا جدا، لذا فإن معرفة الأطفال الأكثر عرضة للخطر يمكن أن يساعدنا في تشخيص عيوب القلب في أقرب وقت ممكن وضمان تقديم الرعاية والعلاج المناسبين”.

وتعتقد وينرهولم وفريقها أنه قد يكون هناك رابط بين الآباء المصابين بالعقم والأطفال المولودين بعيب في القلب. موضحة: “إن حقيقة أن خطر الإصابة بعيوب القلب متشابه بغض النظر عن نوع الإنجاب المساعد المستخدم قد يشير إلى وجود بعض العوامل المشتركة الكامنة وراء العقم لدى الآباء وأمراض القلب الخلقية لدى أطفالهم”.

المصدر: نيويورك بوست

مقالات مشابهة

  • من هم أطفال القمر؟.. مرض نادر يشوه وجه المُصاب ويعرضه للسرطان
  • استشارية في أمراض الأطفال: الالتهاب الفيروسي للأطفال لا يستدعي تناول المضاد الحيوي
  • الطفولة والأمومة ينفذ ورشة عمل للأطفال وأسرهم
  • أطفال في محاكاة لحرب أكتوبر احتفالاً بالنصر.. «زرع العلم.. طرح الأمل»
  • قرآن الكريم وإنشاد.. «أوقاف أسيوط» تنظم برنامجا تثقيفيا للأطفال
  • دراسة: قصر النظر يطال 1 من كل 3 أطفال في العالم
  • منظمة الصحة العالمية تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال
  • مؤسسة أكديطال الخيرية تنظم قافلة طبية إنسانية للمعوزين بمنطقة تافراوت
  • صدمة في إيطاليا: تفاصيل جديدة حول قضية "الأطفال المدفونين" في ترافيرسيتولو
  • طريقة للحمل تجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بعيوب خلقية في القلب