أتمت أثيوبيا الملء الرابع لسد النهضة رافضة توقيع أي اتفاقيات مع مصر والسودان في أي شيء يختص بمياه النيل وبالسد

أعلنت أثيوبيا انتهاء عملية ملء سد النهضة الضخم المقام على النيل الأزرق في تحد لمحاولات مصرية وسودانية لوضع أطر لمراحل احتجاز المياه خلف السد الأضخم في أفريقيا.

ونشرت رئاسة الوزراء الأثيوبية صورة لرئيس الوزراء أبيي أحمد على موقع X (تويتر سابقا) وكتب تحتها "أعلن بسرور بالغ أن التعبئة الرابعة والأخيرة لسد النهضة تمت بنجاح".

 وأضاف "واجهنا الكثير من التحديات، واضطررنا مرارا إلى التراجع. واجهنا تحديا داخليا وضغوطات خارجية"، لكنه أكد أن بلاده "ستنجز ما تعهدت به".

ويهدد الملء الرابع - الذي يرى البعض أنه قد لا يكون الأخير بعكس ما أعلنت أثيوبيا - بإحياء التوترات الإقليمية مع مصر والسودان الواقعتين عند مصب النهر. ويتزامن الإعلان الأثيوبي مع استئناف المفاوضات بين الدول الثلاث في 27 آب/أغسطس، بعدما كانت متوقفة منذ نيسان/أبريل 2021.

سد الحياة لأثيوبيا

وأشاد المكتب الاعلامي للحكومة الأثيوبية في رسالة على المنصة نفسها بما اعتبره "هدية للأجيال"، مضيفا أن "الجيل البطل الحالي سيبني أثيوبيا الغد القوية على أسس صلبة".

مختارات رغم معارضة مصر.. إثيوبيا تستعد للمرحلة الرابعة لملء سد النهضة خبراء يؤكدون: سد النهضة سيصب في صالح الجميع

يُعتبر "سد النهضة الأثيوبي الكبير" حيوياً بالنسبة لأديس أبابا، وقد بلغت تكلفته أكثر من 3,7 مليارات دولار، ويبلغ طوله 1,8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترا، ومن خلاله تعتزم أثيوبيا مضاعفة إنتاجها من الكهرباء، التي لا يصل إليها سوى نصف سكّانها البالغ عددهم حوالى 120 مليون نسمة. وباكتمال بناء السد وملحقاته سيكون لدى أثيوبيا أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا وسابع أكبر محطة في العالم.

ومن المتوقع أن يولد سد النهضة ما يصل إلى 6500 ميجاوات من الكهرباء، وهو ما يكفي لتزويد نحو 60% من سكان البلاد بالطاقة ما سيساعد على تحسين حياة ملايين الأثيوبيين وتعزيز اقتصاد البلاد. وتقول أثيوبيا إن السد سينظم تدفق نهر النيل الأزرق - المصدر الرئيسي للمياه لمصر والسودان - وسيساعد على ضمان حصول هذه البلدان على إمدادات موثوقة من المياه حتى أثناء فترات الجفاف.

وتخطط أثيوبيا لتحقيق إيرادات كبيرة من تصدير فائض الإنتاج الكهربائي للدول المحيطة، الأمر الذي سيجلب العملات الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها.

غضب مصري وقلق سوداني

فور الإعلان عن الملء الرابع لسد النهضة، نددت مصر بالتصرف "الأحادي" لأديس أبابا، مؤكدة أن هذا الإجراء يشكل "مخالفة قانونية". وقالت الخارجية المصرية في بيان إن "اتخاذ أثيوبيا لمثل تلك الإجراءات الأحادية يُعد تجاهلا لمصالح وحقوق دولتي المصب وأمنهما المائي الذي تكفله قواعد القانون الدولي"، في إشارة إلى مصر والسودان.

وتخشى مصر والسودان أن يؤدي ذلك إلى تقليل إمدادات المياه لديهما. وتعتبر مصر هذا السد الكبير تهديداً وجودياً لأنها تعتمد على نهر النيل في 97 في المئة من احتياجاتها المائية. أما الخرطوم، فقد تباين موقفها في السنوات الأخيرة.

يقول الدكتور فؤاد إبراهيم أستاذ الجغرافيا في جامعة بايرويت بألمانيا إنه مع استمرار ملء السد الأثيوبي ستعاني مصر - الفقيرة مائيا بالأصل - من عجز في المياه، لأنه حصتها من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب في السنة، وأي اقتطاع من هذه الكمية من المياه سيكون بمثابة خسارة من كافة النواحي لمصر، لأن السودان سيستغل نصيبه بشكل طبيعي خصما أيضا من حصة مصر"، وقدر حجم هذه الخسارة خلال فترات ملء السد بنحو 30 في المائة من حصة مصر.

وأضاف في حوار مع DW عربية أن "هذه النسبة التي ستفقدها مصر مهمة للغاية، لأن استهلاك مصر من الماء في الزراعة وغيرها من الأنشطة أكثر من حصتها السابق ذكرها بكثير، ولذلك تحاول مصر إعادة استخدام المياه بوسائل مختلفة سواء بإعادة تنظيم توزيع هذه المياه أو تقليل الفاقد من المياه عن طريق تبطين قنوات الري وقنوات الصرف ورغم ذلك يصعب جدا تعويض هذه الكمية المقتطعة من حصتها".

وشكك الدكتور فؤاد إبراهيم في أن يكون هذا هو الملء الأخير لسد النهضة "والدليل على ذلك أن حجم ما أعلنت عنه أثيوبيا من احتياجها لتخزين المياه خلف بحيرة السد يتجاوز بكثير ما تم الإعلان عنه الآن في الملء الرابع، والذي يتعدى 75 مليار متر مكعب من المياه، ما يعني أنه قد يكون هناك ملء خامس وملء سادس حتى تصل أثيوبيا إلى حجم المياه الذي أعلنت عنه أول مرة عند إنشاء السد، ويضيف الخبير: "ليس معقولا أن تكتفي أثيوبيا باحتجاز خمسين مليار متر مكعب فقط بل ستحاول الوصول للسعة القصوى".

وعن الموقف السوداني كتب الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا ومصادر المياه بجامعة القاهرة أنه باكتمال التخزين الرابع للمياه خلف سد النهضة يكون نظام الزراعة الفيضية على جانبي النيل الأزرق فى السودان قد انتهى، ويتطلب ذلك إقامة السودان لشبكة ري من ترع وماكينات رفع المياه، واستخدام الأسمدة لتعويض فقد الطمي الحادث بسبب سد النهضة مما يزيد من تكلفة الإنتاج الزراعي السوداني في المستقبل.

لا اتفاقات ملزمة لأثيوبيا

رغم المحاولات المصرية الحثيثة - والسودانية على استحياء - للتوصل لاتفاق إطاري بشأن مراحل احتجاز المياه وخصوصا خلال فترات الجفاف، إلا أن أثيوبيا رفضت بشكل قاطع تماما على مدار 10 سنوات تقريبا الالتزام بأي اتفاق في هذا الإطار.

من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأثيوبية، ميليس آلم، أنّ بلاده لم توقّع أي اتفاقية بشأن نهر النيل، مُشدّدا على أنّ أديس أبابا "لن توقف جهودها التنموية بسبب اتفاقيات استعمارية أحادية الجانب"، على حد وصفه. وقال آلم أنّ التعبئة الرابعة لسد النهضة، تأتي "وفقا لسيادة أثيوبيا على أراضيها".

ويقول علي هندي الباحث الأريتري في مركز التقدم العربي للسياسات في لندن إن "هناك خلاف لازم قضية ملف سد النهضة وهو أن للجانب الأثيوبي قراءة خاصة تماما بنى عليها قضيته وهي رفض الالتزام بحصتى دولتي المصب، مصر والسودان. ولذلك ترفض اديس أبابا أي مطالب مصرية سودانية بشان التوصل لاتفاق يلزمها بإمداد القاهرة والخرطوم بكميات محددة من المياه وطريقة ملء السد وتوقيته أو حتى الاتفاق على الأمور الفنية".

 

ويشير الباحث الاريتري في حوار هاتفي مع DW عربية إلى أن "أثيوبيا ترى أن هذا الأمر ينتقص من ’حقها التاريخي’ ولذلك حاولت أثيوبيا أن تعيد المسألة إلى المربع الأول في المفاوضات وتجاوز الاتفاقيات القديمة، بحيث تدخل الأطراف كلها في مفاوضات فنية ولديها الحظوظ نفسها دون أي ميل لجانب على حساب الآخر وهذا هو في تصوري ما دفع أثيوبيا للإصرار على توقيع اتفاق المبادئ 2015".

من جانبه، يقول أحمد النجار الخبير الاقتصادي المصري إن أثيوبيا تتعامل بمنطق ما يسمى "السيادة المطلقة على الإقليم" بما فيه السيادة على المياه "وهي نظرية فاسدة أصلا ومصدرها الولايات المتحدة التي أصدرت عام 1906 قرارا في مواجهة المكسيك بشأن أحد الأنهار الذي رغبت الولايات المتحدة في الانفراد بالتحكم فيه".

ويضيف النجار أنه "بغض النظر عن الجانب التاريخي، فإن الولايات المتحدة نفسها - صاحبة المقترح - تخلت عنه ووقعت اتفاقية جديدة مع المكسيك مختلفة عن اتفاقية 1906 التي كان فيها نوع من الجور والتسلط. وكانت الاتفاقية بالمعنى الحرفي تقول: نحن لنا سيادة كاملة على الإقليم بما فيه المياه .. نعطي أو لا نعطي.. في حين أن هناك شيء اسمه الحياة التي ترتبت على التدفق التاريخي للمياه وخلقت حقوق لا يمكن تغييرها إضافة إلى وجود جزء آخر من الاتفاق بين مصر وأثيوبيا عام 1902، وهو ألا تمس أثيوبيا أي قطرة مياه من حصة دولتي المصب وألا تنشأ أي أعمال على النيل الأزرق ونهر السوباط وبحيرة تانا من شأنها إعاقة التدفق الحر للمياه إلى مصر والسودان" .

ويشير النجار إلى أن تذرع أثيوبيا بأن اتفاقيات المياه مع مصر والسودان جرت في عهد الاحتلال البريطاني وأنها لم تكن طرفا فيها ولا تلزمها هو "أمر غير قانوني وغير صحيح، لأن الاتفاقيات تمت مع أثيوبيا ولم تكن خاضعة لاحتلال لا بريطاني ولا إيطالي. وجرت الاتفاقيات بين منليك الثاني ملك أثيوبيا فيما عقدتها بريطانيا نيابة عن مصر وفقا لقاعدة الاستخلاف في القانون الدولي وورثت مصر المعاهدة لاحقا".

خسائر متوقعة لمصر

ويحذر خبراء مصريون وأجانب من التأثيرات السلبية على كل من مصر والسودان. ويقول خبراء في دراسات وأبحاث ومقالات مختلفة إن سد النهضة سيؤدي لعدة آثار سلبية منها انخفاض تدفق المياه، حيث سيقوم سد النهضة بتخزين المياه خلال موسم الأمطار وإطلاقها خلال موسم الجفاف (وهذا الأمر أصبح الآن رهن الإرادة الأثيوبية فقط) الأمر الذي قد يقلل من كمية المياه التي تتدفق إلى مصر والسودان في الأوقات الحرجة وهو أكثر ما يثير قلق البلدين.

وفي المقام الثاني، تعتمد كل من مصر والسودان على نهر النيل للري ويمكن أن يؤدي انخفاض تدفق المياه من سد النهضة إلى مشاكل في الري، مما قد يؤدي إلى تلف المحاصيل وتقليل الإنتاج الزراعي. ويقول علماء إن سد النهضة سيمنع هجرة الأسماك بين النيل الأزرق والنيل الأبيض. وقد يؤدي ذلك إلى تقليل أعداد الأسماك والإضرار بصناعة صيد الأسماك في مصر والسودان.

في هذا السياق يقول أحمد النجار الخبير الاقتصادي المصري البارز إنه لا يمكن لأحد أن يمنع أثيوبيا من بناء السدود لتوليد الكهرباء "فلا يستطيع أحد أن يجور على حق أثيوبيا في هذا الأمر، خاصة وأن النيل الأزرق بالتحديد لديه معامل انحدار مرتفع للغاية يصل إلى ستة عشر متر في الكيلومتر الواحد وذلك في أول مئة كيلو متر من مجرى النهر، وبعد ذلك في إجمالي مجرى النهر يصل معدل الانحدار إلى 1.5 متر لكل كيلو متر، ما يعني أن هناك مساقط مياه على طول مجرى النهر يمكن توليد الكهرباء منها من خلال السدود، لكن المشكلة تكمن في فترات الجفاف وكميات المياه المنصرفة من السد خلالها".

وأضاف النجار أن الاتفاقيات المتعلقة بالنيل الأزرق تقتضي التدفق الحر والكامل للنهر حتى يصل إلى مصر والسودان وفقا للمعاهدات القديمة في عام 1902 لأن أثيوبيا لديها كمية هائلة من المياه من الأمطار، قد تتعدى 900 مليار متر مكعب إضافة إلى ثلاثين نهر إلى جانب اثنين وعشرين مليار مياه داخلية لا تستهلك منها إلا عشرة في المئة، في حين أن مصر لا تملك اي مصدر للمياه إلا نهر النيل وخلال فترات الملء السابقة قامت مصر بسحب المياه من مخزون بحيرة ناصر في السنوات الماضية لكي تعوض ما تخصمه أثيوبيا من حصتها من خلال عمليات الملء السابقة بما فيها الملء الرابع".

في هذا السياق يتحدث خبراء عن سوء استخدام شديد للموارد المائية الداخلية في أثيوبيا وأن استغلالها بشكل علمي كان سيكفي أديس أبابا للزراعة والتنمية والاكتفاء بإقامة سدود لتوليد الكهرباء، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية ووالسياسية الخفية وراء إنشاء أثيوبيا لسد بهذا الحجم الهائل.

وحذر خبراء مصريون من أن مخزون مصر من المياه في حالة حرجة:

أرقام غير واضحة

يقول خبراء ومحللون إن أثيوبيا تفرض ستارا من الغموض الشديد حول كل ما يتعلق بالسد، سواء كميات المياه المحتجزة خلفه أو المنصرفة منه أو كمية المياه اللازمة لإدارة توربيات المياه المولدة للكهرباء، بل وحتى الدراسات البيئية المتعلقة بالسد وتأثيراته سواء عليها أو على جيرانها وبالذات دولتي المصب.

ويقول علي هندي الباحث في مركز التقدم العربي للسياسات في لندن: "إننا حتى الآن لا نعرف كمية المياه التي احتجزت في الملء الرابع ولا يوجد أي تأكيد سواء من الجانب المصري أو حتى من الجانب السوداني بشأن حجم الفاقد .. ومن الجانب الأثيوبي فإن كل ما هو مطروح هو أنه بعد الملء الثالث كانت سعة الخزان خلف السد قد وصلت إلى اثنين وعشرين مليار متر مكعب لكن ما حجم المياه الآن؟ لا أحد يعلم".

ويرى هندي أن الإجراءات الأثيوبية جعلت مصر تلجأ لاتخاذ قرارات في غاية الأهمية لتقليل الفاقد من المياه لديها، وهي إجراءات ترى أثيوبيا أن مصر كان عليها تلجأ إليها منذ زمن طويل، أهمها قضية إصلاح الترع ومصارف المياه في مصر لأن المياه المهدرة من منظومة الترع الحالية كانت تصل لأكثر من تسعة عشر مليار متر مكعب، وأيضا لجأت مصر إلى إعادة تكرير واستخدام المياه مرة أخرى.

ويضيف الباحث والخبير الاريتري أن "مصر بدأت في التفكير باحتجاز المياه عند المصب أي قبل الدخول إلى البحر الأبيض المتوسط وإقامة أماكن لاختزان المياه في تلك المناطق وليس فقط في توشكا. بالتالي مجموعة الإجراءات هذه التي اتخذتها مصر تقول إن هنالك فعلا تغير في السياسة المائية المصرية نتيجة لبناء السد الأثيوبي واحتجاز المياه خلفه".

عماد حسن

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: سد النهضة مصر أثيوبيا السودان توليد الكهرباء الجفاف حجم سد النهضة النيل الأزرق الاقتصاد المصري الاقتصاد السوداني الزراعة الأمن المائي حصة مصر من مياه النيل الاستعمار البريطاني سدود سد النهضة مصر أثيوبيا السودان توليد الكهرباء الجفاف حجم سد النهضة النيل الأزرق الاقتصاد المصري الاقتصاد السوداني الزراعة الأمن المائي حصة مصر من مياه النيل الاستعمار البريطاني سدود إلى مصر والسودان ملیار متر مکعب النیل الأزرق لسد النهضة سد النهضة نهر النیل من المیاه میاه من فی هذا

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الأميركية.. ماذا وراء الموجة الحمراء؟

في نتيجة فاجأت الكثيرين، نجح المرشح الجمهوري دونالد ترامب في العودة للبيت الأبيض ليصبح بذلك الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، محققا فوزا مريحا على منافسته الديموقراطية كامالا هاريس ومخالفا بذلك معظم استطلاعات الرأي التي توقعت سباقا تنافسيا للغاية.

فجر، الأربعاء، بتوقيت الولايات المتحدة أُعلن فوز ترامب بعد حصوله على 277 من أصوات المجمع الانتخابي مستفيدا من فوزه بأربعة ولايات متأرجحة من أصل سبعة، هي نورث كارولاينا وجوروجيا وويسكنسن وبنسلفانيا.

ولم تقتصر مكاسب الجمهوريين على فوز ترامب وحسب، بل حقق الحزب الذي يستخدم اللون الأحمر لتمثيله في السياسة الأميركية، فوزا مهما في الجانب التشريعي بتحقيقه الأغلبية المطلوبة في مجلس الشيوخ، واحتمال حصوله على أغلبية مماثلة في مجلس النواب.

ويُطلق على هذا الفوز الكاسح اسم مصطلح "الموجة الحمراء" في الانتخابات الأميركية إشارة إلى فوز كبير أو سيطرة كبيرة للحزب الجمهوري في الانتخابات، سواء كانت انتخابات الكونغرس (مجلس النواب والشيوخ) أو الانتخابات الرئاسية.

وعندما يتحدث المحللون أو وسائل الإعلام عن "موجة حمراء"، فإنهم يقصدون بها تحقيق الجمهوريين مكاسب كبيرة في مقاعد الكونغرس أو فوزهم بالعديد من المناصب المهمة في الانتخابات على مستوى الولايات.

تكون الموجة الحمراء غالبًا مدفوعة بعدة عوامل، مثل الإقبال العالي من الناخبين المحافظين، أو عدم رضا الناخبين عن سياسات الحزب الديمقراطي الحاكم، أو الرغبة في تغيير مسار البلاد نحو سياسات أكثر تحفظا.

يقول كبير الباحثين في مركوز التقدم الأميركي لاري كورب أن السبب الرئيس في هذه الموجة الحمراء يتمثل بعدم "رضا الناس عن السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس سواء الداخلية منها أو الخارجية".

ويضيف كورب في حديث لموقع "الحرة" أنه "داخليا على سبيل المثال، شهدت أسعار البقالة ارتفاعا ملحوظا خلال الأشهر القليلة الماضية وكان التضخم واضحا للغاية، وقابله ارتفاع في إرسال المساعدات للخارج وخاصة أوكرانيا".

ويشير كورب إلى أن "الناخبين أرادوا القول من خلال نتائج التصويت، حسناً دعونا نعيد ترامب حتى يكون اقتصادنا أفضل في الداخل وحتى لا تتورط الولايات المتحدة كثيرا في صراعات خارجية كما يحصل في أوكرانيا والشرق الأوسط".

خلال حملته الانتخابية تمكن ترامب من إقناع الأميركيين بأنه يفهم الصعوبات اليومية التي يواجهونها بشكل أفضل من أي شخص آخر، ولا سيما أن هاريس التي خاضت حملة خاطفة بعد انسحاب جو بايدن من السباق، لم تتمكن من حشد تعبئة كافية لرسالتها الوسطية الداعية إلى الوحدة، في مواجهة انتقادات منافسها اللاذعة بشأن التضخم والهجرة.

يعتقد الصحافي في صحيفة بوليتيكو الأميركية دانيال ليدمان أن أصوات الأميركيين من أصول لاتينية كانت حاسمة في فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.

ويقول ليدمان للحرة إن "الزخم كان واضحا في أوساط اللاتينيين الأميركيين، الذين دعموه بشكل أكبر مقارنة بالانتخابات الماضية".

ويشير ليدمان إلى أن الناخبين الأميركيين أرادوا إيصال رسالة مفادها ضرورة أن يكون هناك تغيير في السيساات الاقتصادية التي اتبعتها البلاد خلال فترة ولاية بايدن-هاريس.

موجات حمراء

وهذه ليست المرة التي تشهد في الولايات المتحدة "موجة حمراء" حيث تمكن الحزب الجمهوري من تحقيق انتصارات كبيرة في الكونغرس أو مناصب حكومية مختلفة خلال العقود الماضية.

واحدة من أبرز هذه الموجات حصلت في عام 1980 بعد فوز الجمهوري رونالد ريغان برئاسة الولايات المتحدة ضد منافسه الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر.

تزامن فوز ريغان مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ للمرة الأولى منذ عام 1954، وكان هذا الأمر بمثابة تحول كبير نحو سياسات محافظة، واعتبره البعض بداية لعصر جديد من النفوذ الجمهوري.

وفي انتخابات التجديد النصفي لعام 1994 حصل الجمهوريون على مكاسب كبيرة حيث فازوا بأغلبية مقاعد مجلس النواب للمرة الأولى منذ 40 عاما، وسيطروا أيضا على مجلس الشيوخ.

عُرفت هذه الانتخابات بـ "ثورة الجمهوريين" وكان لها تأثير كبير على سياسات إدارة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، مما أجبره على تبني سياسات أكثر اعتدالا.

وبعد سنتين من انتخاب باراك أوباما، شهدت انتخابات 2010 موجة حمراء كبيرة، حيث تمكن الجمهوريون من الفوز بـ 63 مقعدا إضافيا في مجلس النواب، مما أعاد إليهم السيطرة على المجلس.

ستمنح السيطرة على مجلس الشيوخ دفعا كبيرا لترامب في تطبيق برنامجه وتعيين كبار موظفي الحكومة والقضاة الجدد في المحكمة الأميركية العليا النافذة جدا، وفقا لكورب.

بالإضافة لذلك يشير كورب إلى أن السيطرة على مجلس النواب يعني أن الرئيس المقبل سيكون قادرا على التحكم بالميزانية العامة للبلاد بالطريقة التي يريدها.

ويتألف الكونغرس الأميركي من مجلس النواب الذي يختار الناخبون خلال الاقتراع الحالي أعضاءه الـ435 بالكامل، ومجلس الشيوخ المؤلف من مئة مقعد يتم تجديد 34 منها هذه السنة تزامنا مع الانتخابات الرئاسية.

وفي حين يقر مجلس الشيوخ الاتفاقات والمعاهدات وبعض تعيينات الرئيس، مثل السفراء وأعضاء المحكمة العليا، كل القوانين التي تشمل أموالا يجب أن تبدأ مناقشتها في مجلس النواب. 

مقالات مشابهة

  • نائب: حقوق مصر في مياه نهر النيل بأيد أمينة لم ولن تفرط فيها
  • وكيل زراعة النواب: مصر لن تفرط فى قطرة من مياه نهر النيل
  • يعبر أسفل النيل.. أحدث صور تنفيذ مشروع الخط الرابع لمترو الأنفاق
  • خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة: تحت المياه ذهب ونحاس
  • عاجل- رسالة حاسمة من رئيس الوزراء.. لن نفرط في مياه النيل ( التفاصيل الكاملة)
  • عاجل- رئيس الوزراء.. مصر ثابتة على موقفها في حماية حقوقها المائية في مواجهة تحديات سد النهضة
  • الانتخابات الأميركية.. ماذا وراء الموجة الحمراء؟
  • رئيس الوزراء عن سد النهضة: مصر لن تفرط في حقوقها المائية وقادرة على حماية هذه الحقوق
  • "لن نفرط في حقوقنا".. رئيس الوزراء: مخزون المياه في بحيرة السد العالي لم يتأثر ببناء السد الإثيوبي
  • مصر والسودان ترفضان السياسة الأثيوبية بشأن المياه