المُجرمُون الجُدُد- السرقات الفكرية (29)
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
بقلم: هيثم السحماوي
(زمان التركية)- أكمل الحديث في هذا المقال عن أحد أخطر أنواع جرائم المجرمين الجدد وهي السرقات الفكرية، والتي بدأت الحديث فيه في المقال السابق، والحديث الآن عن مدى خطورة هذا النوع من الجرائم على الفرد والمجتمع في مختلف المناحي وعلى كافة الأصعدة؟
إن المفكرين والمبدعين هم مصدر الأفكار الجديدة والرؤى الفريدة التي تسهم بشكل كبير في تقدم المجتمعات، وإذا قرأنا التاريخ لوجدنا أنه على مر العصور المفكرين والمبدعين يلعبون دورًا أساسيًّا في هذا التقدم.
فإذا كانت الأفكار والإنتاج الإبداعي للمفكرين والمبدعين مهدد بالسطو عليه وسرقته، فالنتيجة المنطقية تكون أن تقدم المجتمعات وتطويرها في خطر ومهدد.
هذا بشكل عام، ويمكن أن أوضح للقارئ الفاضل بعض هذه الأخطار في بعض المحاور والمجالات الحياتية بشكل خاص كالاتي:
تضرر الابتكار والبحث العلمي: إذا لم يكن هناك حماية كافية للملكية الفكرية، فإن العلماء والباحثين قد يترددون في نشر النتائج والاكتشافات الجديدة، مما يقلل من تبادل المعرفة وتقدم العلوم. تأثير سلبي على المجتمع: فالسرقة الفكرية تؤثر على الاقتصاد والابتكار والثقة في المجتمع، مما يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ التطور والتقدم، وفقا للتسلسل المنطقي الذي ذكرته لحضراتكم وهو الحقيقة أن المفكرين والمبدعين هم أساس تقدم المجتمعات والنهوض بها، وبإنتشار جرائم السرقات الفكرية يكون إنتاج هؤلاء المفكرين والمبدعين مهدد وفي خطر، فتكون النتيجة أن تقدم المجتمعات وتطورها مهدد وفي خطر . تدني الإبداع والابتكار: إذا لم يتم حماية حقوق الملكية الفكرية، فإن المبتكرين والمخترعين قد لا يكونون مستعدين للاستثمار في الأبحاث والتطوير والإبداع. هذا يؤدي إلى تدني مستوى الابتكار والتقدم الاقتصادي تقويض الثقة: عندما يصبح من الصعب الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، يمكن أن يؤثر ذلك على ثقة الأفراد والشركات في النظام القانوني والاقتصادي.وبناء عليه تكون مسألة التصدي لهذه الظاهرة الإجرامية أمر مُلح وضروري وهام، وهنا السؤال كيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة بشكل حقيقي وعملي يؤدي إلى منعها حماية للفرد والمجتمع؟ وماذا عن قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية ومدى فاعليتها في محاربة مجرمي وسارقي الأفكار ، وهل الإلتزام بالتوثيق وكتابة مصدر المعلومة أو الفكرة مجرد مسألة أخلاقية وأمانة علمية أم أن عدم الالتزام بها يشكل مسؤولية جنائية على صاحبها ؟
كل هذا أستاذن القارئ الفاضل في تناوله في المقال القادم إن شاء الله
يسعدني التواصل وإبداء الرأي
haitham. [email protected]
مصادر رجعت اليها في كتابة هذا المقال :
1 “How Innovators and Intellectuals Help Society Progress,” World Economic Forum, https://www.weforum.org/agenda/2018/03/how-innovators-and-intellectuals-help-society-progress/.
2 “The Role of Creativity and Innovation in Driving Economic Growth,” OECD, https://www.oecd.org/industry/the-role-of-creativity-and-innovation-in-driving-economic-growth-9789264193307-en.htm.
3″The Economic Impact of Counterfeiting and Piracy”، OECD, 2020.
4″The Effects of Intellectual Property Rights Infringement on the Economy”، International Intellectual Property Alliance, 2019.
5″Intellectual Property Theft: A Threat to U.S. Workers, Industries, and the Economy”، U.S. Chamber of Commerce, 2021.
6″The Impact of Creative Arts on Society,” The University of Texas at Austin, https://liberalarts.utexas.edu/prc/_files/cs/cofa-series/impact-of-creative-arts-on-society.pdf.
Tags: الابتكارالسرقات الفكرية
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الابتكار
إقرأ أيضاً:
التعليم .. مفتاح الخروج من الأزمات وبناء مستقبل أفضل
التعليم ليس مجرد فصول دراسية، بل أمل يعيد بناء المجتمعات ويمنح الأفراد مستقبلا أكثر إشراقا، لكن: هل يستطيع التعليم أن يكون أداة لتحقيق السلام والاستدامة؟.
سؤال كان محور النقاش في جلسة رعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم الثقافة "اليونسكو"، عُقدت بـ "مهرجان كوكب التعليم"، الذي استضافته واشنطن، بالنظر إلى أن 251 مليون طفل حول العالم لا يزالون محرومين من حقهم في التعلم، ما يعزز الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، ويترك مستقبلا غامضا للأجيال القادمة.
وفي الفعاليات الدولية التي تناقش مستقبل التعليم، مثل مهرجان كوكب التعلم، يتكرر السؤال نفسه: كيف يمكننا جعل التعليم أكثر شمولا وإنصافا؟.
وفقًا لياسمين شريف، المديرة التنفيذية لصندوق "التعليم لا ينتظر"، فإن التعليم الجيد لا يقتصر على الكتب المدرسية والمناهج التقليدية، بل يجب أن يتضمن قيم حقوق الإنسان، العدالة، وسيادة القانون.
وتؤكد شريف أن غياب هذه القيم يجعل التعليم ناقصًا وغير قادر على تحقيق الإدماج الاجتماعي والسلام العالمي، لكن في المقابل، تواجه العديد من الدول تحديات هائلة، أبرزها، النزاعات المسلحة التي تدمر المدارس وتحرم الأطفال من فرص التعلم، الفجوة الرقمية التي تجعل الوصول إلى التعليم التكنولوجي حكرا على دول بعينها، التغير المناخي، حيث تزداد الكوارث الطبيعية التي تعطل الأنظمة التعليمية وتجبر المجتمعات على الهجرة.
وفي هذا الصدد يجب القول إن تجارب عديدة أثبتت أن التعليم ليس مجرد استثمار في المعرفة، بل هو أداة لمواجهة الأزمات، ففي المناطق التي دمرتها الحروب، لعبت برامج التعليم في حالات الطوارئ دورا مهما في إعادة بناء المجتمعات ومساعدة الأطفال على تجاوز صدمات النزاع، حسب اليونسكو.
كما أن بعض المبادرات، مثل برنامج "كل الفتيات يبرمجن" الذي أطلقته آية معلم، تسعى لتمكين الفتيات في المجتمعات الهشة من تعلم مهارات تكنولوجية تفتح لهن أبواب المستقبل، كما قالت معلم في تلك الجلسة.
يُنظر إلى التعليم الرقمي على أنه المستقبل، لكن ما لم يتم ضمان وصوله العادل للجميع، فقد يتحول إلى أداة جديدة لتوسيع الفجوات بين الطبقات الاجتماعية.
وتؤكد آية معلم أن التكنولوجيا يجب أن تكمل التعليم التقليدي بدلا من أن تكون بديلا عنه، مشيرة إلى أن خصخصة التعليم الرقمي قد تؤدي إلى حرمان الفئات الأضعف من فرص التعلم المتكافئة، ولا يمكن الحديث عن التعليم دون ربطه بالاستدامة، حسب إلين ديكسون، الناشطة في مجال التعليم.
وقالت ديكسون إن المناهج الدراسية يجب أن تتضمن مهارات الذكاء الاصطناعي، والتوعية البيئية، وتعزيز روح الابتكار، لأن العالم يواجه تحديات تتطلب عقليات جديدة قادرة على التفكير النقدي والابداع.
وأشارت إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الطموحات والواقع، إذ لا تزال الميزانيات المخصصة للتعليم غير كافية في كثير من الدول النامية، ما يجعل تحقيق التعليم الشامل والمستدام تحديا يحتاج إلى إرادة سياسية واستثمارات حقيقية.