جدل واسع ومخاوف كبيرة تحتدم في السودان بشأن سيناريو الحكومتين منذ أن هدد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بتشكيل سلطة بمناطق سيطرته عاصمتها الخرطوم، حال تعيين خصومه في الجيش لحكومة تصريف أعمال بمدينة بورتسودان شرقي البلاد.

وعلى الرغم من عدم صدور تصريحات رسمية من الجيش السوداني، بشأن اعتزام قائده عبد الفتاح البرهان، تشكيل حكومة جديدة، إلا أن القوى السياسية في البلاد تداعت واحدة تلو الأخرى للإدلاء بدلوها فيما بات يعرف على نطاق واسع في البلاد بـ"سيناريو الحكومتين"، وفق "الشرق".

وانقسم السودانيون بين مشكك في إمكانية إعلان حكومتين بالبلاد وسط احتدام القتال بين الجيش والدعم السريع، ومحذر من خطورتها باعتبارها خطوة تعيد للأذهان سيناريو التقسيم الذي شهدته البلاد في 2011 بانفصال جنوب السودان.

وفي وقت اعتبرت قوى سياسية تهديدات "حميدتي"، مجرد محاولة للضغط على الحكومة، حذرت أخرى من مغبة تشكيل حكومتين، قائلة إن الخطوة "قد تزيد من رقعة انتشار الحرب بما يفضي إلى تقسيم البلاد مجدداً"، داعية الطرفين إلى العودة لطاولة المفاوضات ووقف إطلاق النار.

مدير مركز الجمهورية السوداني للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمار عوض، أوضح أن المحك الأساسي بشأن تهديد قائد قوات الدعم السريع، يتمثل في أمرين، أولهما "مدى قبول الشعب لأي حكومة حتى تصبح واقعية"، وثانيهما "تعامل المجتمع الدولي والإقليمي معها"، بحسب "الشرق".

وتابع: "إذا شكل البرهان حكومة، فهل سيذهب المواطن السوداني إليها للحصول على احتياجاته كالزراعة، أو الاقتراض من البنوك، وجواز السفر، والرواتب؟ أم سيتجه إلى حكومة حميدتي؟"

ولفت إلى أن الحكومة "جهاز تنفيذي وليست جهة سياسية"، وتساءل: "هل سيقبل المجتمع الدولي بالحكومة التي سيعلنها حميدتي، وسيُمثل في الأمم المتحدة، أم سيكون فقط مجرد إعلان حكومة".

واستبعد عوض، سيناريو التقسيم، واستدل بالأوضاع في ليبيا واليمن، قائلاً: "جارتنا ليبيا، بها اضطراب، لكن حتى الآن لم تصل إلى تقسيمها دولتين، واليمن أيضاً بها قوى في الجنوب وأخرى في الشمال، ولم يأت مفوضين لترسيم حدود بين اليمن الجنوبي والشمالي".

وأقرّ مدير مركز الجمهورية السوداني للدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن إعلان حكومتين "يخلط الأوراق ويوحي بأن البلاد يمكن أن تمضي إلى تقسيم".

واستدرك: "لكن تقسيم السودان ليس بالأمر السهل. جنوب السودان قاتل لأكثر من 21 عاماً حتى يصل إلى اتفاق برعاية دولية للحصول على استقلاله".

وأشار إلى أن شبح الحرب الأهلية "يمكن أن يكون موجوداً"، بسبب وجود استنفار من قبل الدعم السريع لأنصاره على أساس قبلي وعرقي.

ومع هذا، يقول عوض: "شاهدنا استمرار القتال منذ 4 أو 5 أشهر لكن المحصلة النهائية، أن الدعم السريع لم يتحرك من موقعه منذ اليوم الذي بدأت فيه الحرب، فكل مدن ولاية الخرطوم، والفرق العسكرية الأساسية في العاصمة، والمقرات العسكرية وغيره، تحت سيطرة الجيش السوداني".

وحذر من أنه "إذا استنفر كل طرف من الأطراف حاضنته الاجتماعية، سيهدد ذلك بحرب أهلية، وهو ما يتخوف منه الجميع".

وأضاف أن "المجتمعين الدولي والإقليمي يمثلان التحدي الأكبر الآن، وهو سباق اللحظات الأخيرة ما بين البرهان و حميدتي".

وأوضح أن البرهان، حصد 4 أو 5 نقاط في هذا السباق بزيارته جميع دول الجوار، فضلاً عن احتمال تمثيله السودان في الأمم المتحدة، مشدداً على أن ذلك "يعني الاعتراف به رئيساً للمجلس السيادي".

عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، عمران عبد الله، قال إن نية البرهان تشكيل حكومة في بورتسودان، تعني أنه "يريد تقسيم السودان بعد أن فقد السيطرة على الخرطوم تماماً".

واعتبر أن "كل الدلائل تقول إن بورتسودان أصبحت مقراً لإدارة الحرب بعد ذهاب البرهان إليها".

وبشأن ما يمكن أن تقدمه حكومة يشكلها حميدتي من خدمات للشعب السوداني، مثل معاشات أو جوازات، قال عبد الله: "نحن نتمنى ألا يحدث ذلك، لكن في الواقع شعبية دقلو أكثر من البرهان".

وعن إمكانية نيل حكومة الدعم السريع الاعتراف الدولي، أجاب: "نعم، أكيد بالضرورة، عندما يكون ذلك أمراً واقعاً، الدول أكيد ستعترف، الدول مع الغالب، والغلبة الآن في الميدان لقوات الدعم السريع، ونسيطر على الخرطوم تماماً"، بحسب قوله، وتابع: "إذا لا قدر الله ذهب البرهان إلى هذا (تشكيل حكومة)، لن نكتفي بالخرطوم على الإطلاق".

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: السودان حرب طويلة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مصر ترفض أي محاولات لتشكيل حكومة سودانية موازية

القاهرة – أعلنت مصر، الأحد، رفضها أي محاولات لتشكيل حكومة سودانية موازية وأي محاولات تهدد وحدة وسيادة أراضي السودان.

جاء ذلك في بيان للخارجية المصرية، اطلعت عليه الأناضول.

وقال البيان: “تعرب جمهورية مصر العربية عن رفضها لأي محاولات تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان الشقيق بما في ذلك السعي نحو تشكيل حكومة سودانية موازية”.

وأضاف البيان أن محاولات تشكيل حكومة موازية “يعقد المشهد في السودان ويعيق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السياسية السودانية ويفاقم الأوضاع الإنسانية”.

وطالبت مصر كافة القوى السودانية “بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد، والانخراط بصورة إيجابية في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات”، وفق البيان ذاته.

وفي 22 فبراير/ شباط الجاري، وقعت “قوات الدعم السريع” وقوي سياسية وحركات مسلحة سودانية، بالعاصمة الكينية نيروبي، ميثاقا سياسيا لتشكيل حكومة موازية للسلطات في السودان، وسط احتجاج الحكومة على استضافة كينيا “مؤامرة تأسيس حكومة” للدعم السريع.

وفي 20 فبراير استدعى السودان سفيره لدى نيروبي كمال جبارة، احتجاجا على استضافة كينيا اجتماعات ضمت قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف إقامة “حكومة موازية”، وفق ما أعلنت آنذاك الخارجية السودانية.

بينما تقول كينيا إن استضافتها لتلك الاجتماعات “تأتي في إطار سعيها لإيجاد حلول لوقف الحرب في السودان، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي”.

ومنذ أيام وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة “الدعم السريع” لصالح الجيش بولايات الخرطوم، والجزيرة، والنيل الأبيض، وشمال كردفان.

وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن، بات الجيش يسيطر على 90 بالمئة من “مدينة بحري” شمالا، ومعظم أنحاء “مدينة أم درمان” غربا، و60 بالمئة من عمق “مدينة الخرطوم” التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي والمطار الدولي، بينما لا تزال “الدعم السريع” بأحياء شرق المدينة وجنوبها.

ومنذ أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
  • ثالث دولة عربية تعلن رفضها دعوات تشكيل حكومة موازية فى السودان للدعم السريع
  • لماذا تحتضن نيروبي مشروع حكومة الدعم السريع؟
  • مصر ترفض تشكيل حكومة سودانية موازية
  • مصر ترفض أي محاولات لتشكيل حكومة سودانية موازية
  • ثاني دولة عربية تعلن رفضها تشكيل حكومة سودانية موازية بقيادة الدعم السريع
  • الجيش السوداني يتقدم أكثر باتجاه العاصمة و مقتل 10 من مليشيات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض
  • دول خليجية تعلن رفضها لتشكيل حكومة موازية في السودان للدعم السريع