انتهاكات الحوثيين ضد القبائل.. ممارسات إرهابية تهدد مستقبل الجماعة
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
من صنعاء إلى عمران والمحويت، وصولًا إلى معقلها الرئيس في صعدة، تتواصل الانتهاكات الحوثية بحق القبائل اليمنية للسطو على أراضيهم وممتلكاتهم بقوة السلاح، في حين يعمد مشرفو الجماعة والنافذون من الموالين لها إلى تغذية الصراعات بين القبائل بهدف إضعافها وتفكيك تماسكها.
وفي حين يتنامى السخط الشعبي ضد عمليات البطش التي تمارسها ذراع إيران بحق القبائل، تحول مؤخرًا إلى مواجهة مسلحة، ليصل الخطاب المناوئ لممارسات الجماعة إلى معقلها الرئيس في محافظة صعدة، إذ شهدت الأيام القليلة الماضية مواجهات مسلحة بين حملات عسكرية تتبع الحوثيين، ومسلحين قبليين خرجوا للدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم من سطو الجماعة.
وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن الاعتداءات المتكررة للمليشيا فاقمت حالة الغضب الشعبي في مختلف مناطق سيطرتها، يعتقدون أن تصاعد الرفض المجتمعي للجماعة في محافظة صعدة، التي وصفت في الغالب كأحد أهم مراكز نفوذها، مؤشرٌ لتحول في موقف المحيط القبلي والاجتماعي في المحافظة، الذي سيرفع مستوى الرفض الشعبي في باقي المحافظات المنكوبة بذراع إيران.
معقلٌ مفكك
منذ تمردها على الدولة في الـ21 من سبتمبر 2014م، ركزت جماعة الحوثي على محافظة صعدة التي مثلت لها جغرافيا لتأسيس نفوذها على المستوى العام، إذ عملت على عزل المحافظة عن الخارطة اليمنية بشكل كامل، لتبعدها عن أي عوامل تهدد وجودها، لتختزل بداخلها قدراتها الكاملة.
وسعت ذراع إيران لتصدير صعدة كمسرح لنفوذها، ومحطة مفصلية لقدراتها العسكرية، غير أن مراقبين يعتقدون أن الطبيعة الإرهابية للجماعة، وممارساتها القمعية ضد القبائل لسلب أراضيهم وممتلكاتهم، نسفت الصورة التي سعت المليشيا لتصديرها عن المحافظة.
وفي هذا السياق يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي، إن ممارسات الحوثيين تكشف الكثير من الحقائق، بما في ذلك رفض المجتمع لهم في معقلهم الرئيس بمحافظة صعدة.
وفي إطار حديثه لـ"نيوزيمن" أشار الفاتكي إلى أن الحوثيين يمارسون مختلف الانتهاكات الجسيمة في المناطق التي ما تزال تحت سيطرتهم، وقد نالت محافظة صعدة النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات، منذ أن دشنوا منها حربهم ضد الجمهورية والدولة اليمنية عام ٢٠٠٤م.
فيما يرى أن الحوثيين يعتبرون محافظة صعدة بالذات، معقلًا مقدسًا لهم، بل وملكية خاصة بهم لا ينازعهم فيها أي مكون سياسي أو اجتماعي وتدين قبائلها بالولاء المطلق لهم. حد تعبيره.
ويعتقد أن هذا الاعتقاد الذي يصفه بالحلم الحوثي، يعود لكون محافظة صعدة، مثلت مسقطًا لرأس الحركة الحوثية، والمكان الذي تأسست فيه وانتشرت منه، والذي ينتمي له مؤسسو الحركة وقيادتها بداية من بدر الدين الحوثي وأولاده إلى القيادات الميدانية للحركة.
وقال: "من هذا المنطلق، سعى الحوثيون لإحكام السيطرة على صعدة وكل مكوناتها القبلية والاجتماعية والسياسية، ما جعلهم يرتكبون جرائم جسيمة بحق المواطنين، تنوعت بين التشريد والتهجير القسري ونهب الأموال والممتلكات، ناهيك عن القتل والإخفاء القسري".
وأضاف: "اعتقد الحوثيون خطأً، خلال الفترة الماضية، أنهم قد أخضعوا قبائل صعدة، لدرجة أنها فقدت القدرة على مقاومة ومناهضة سلوكهم النهبوي، وعنفهم ضد القبائل والعشائر الصعدوية، لكنهم تفاجأوا مؤخرا بمقاومة شرسة، ومواجهة مسلحة على خلفية سطوهم على أراضي وممتلكات القبائل، ما ينذر بتوسع دائرة الرفض المناهض للحوثيين في المستقبل القريب".
وأشار إلى أن "وجود مقاومة مسلحة ضد الحوثيين في صعدة، التي يرونها حاضنة رئيسة لهم ولا يمكن لأي مكون سياسي أو اجتماعي أن ينازعهم عليها، يشير إلى أن الصورة التي حرص الحوثيون على ترسيخها عن صعدة، خصوصا بأنها محافظة محصورة عليهم، تبددت من خلال المواجهات والمقاومة الشرسة لبعض القبائل ضد الحوثيين".
واختتم بالقول: "هذا الحراك المسلح للقبائل ضد الجماعة، يأتي دفاعا عن ممتلكاتها وأراضيها، وهو ما يعني أن ما يعتقده الحوثيون من سلطتهم واستتباب الأمر لهم، ضرب من الخيال والأماني والأحلام الكاذبة، والتي ستتبخر قريبا باستمرار الحوثيين في تماديهم بسلب حقوق الناس، ومصادرة حرياتهم والاعتداء على ممتلكاتهم وأموالهم، وهو ما سيخلق مستقبلًا، حراكًا ثوريًا يضع حدا لجبروت المليشيا".
قنبلة موقوتة
ممارسات جماعة الحوثي واستهدافها للقبائل اليمنية في مناطق سيطرتها، تضع المكون القبلي أمام خيار الموجهة المسلحة، وهو ما ظهر في مختلف المحافظات المنكوبة بالمليشيا، لا سيما مع استغلال عصابة الحوثي لسلاح الدولة المهوب لقمع المجتمعات المحلية والسطو على ممتلكاتهم.
ويرى مراقبون أن الخطاب المناوئ للحوثيين يستمد قوتها من الممارسات المتكررة للجماعة، إذ يشيرون إلى أن المجتمعات المحلية تحولت بفعل هذه الانتهاكات الإرهابية إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه المليشيا بقوة سيصعب عليها قمعها، لا سيما مع تنامي الشعور الاجتماعي بحتمية مقاومة العنف الحوثي.
وبحسب الصحفي صلاح الجندي، فإن ممارسات مليشيا الحوثي ضد القبائل والمجتمعات المحلية في مناطق سيطرتها، تدفع باليمنيين إلى نقطة قد تكون حرجة على الجماعة، ولا شك في أنها ستهدد أمنها ووجودها مستقبلًا. حد تعبيره.
وقال الجندي، في حديثه لـ"نيوزيمن": "سياسة القمع والترهيب التي يتخذها الحوثيون وسيلة لإذلال القبائل وسلب حقوقهم وممتلكاتهم، هي نفسها السياسة التي قوضت حكم الإمامة وانتهت بثورة الـ26 من سبتمبر 1962".
في حين يرى أن جماعة الحوثي في الوقت الحالي تعيد ارتكاب الأخطاء والحماقات ذاتها التي ارتكبتها الإمامة، وهو مؤشر على اقتراب نهاية سلطة الحوثيين ونفوذهم الذي بات يشكل تهديدًا للقبيلة اليمنية والمجتمع بشكل عام.
ويعتقد أن ممارسات عصابة الحوثي لن تنتهي، بل تمثل امتدادًا لأهداف الجماعة في إذلال القبائل وتفكيك نسيجهم الاجتماعي، وهو الأمر الذي قد يدفع بالمكون القبلي لمقاومة سلوكها العدواني كما حدث في صنعاء وعمران وكذلك محافظة صعدة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: محافظة صعدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: لماذا الدول العربية تقاوم الضغوط الأميركية لإدانة الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الدول العربية تقاوم الضغوط الأمريكية لإدانة جماعة الحوثي التي تشن هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن.
وذكرت الصحيفة في تقرير ترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" إن الهجمات التي شنتها الجماعة اليمنية في البحر الأحمر تلحق الضرر بالاقتصادات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، لكن القادة العرب يكرهون أن يُنظر إليهم على أنهم يقفون إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقالت إن تيموثي ليندركينج، المبعوث الخاص للرئيس جو بايدن إلى اليمن، قد وجه عدة نداءات إلى المصريين في الأشهر الأخيرة. وقد فعل الشيء نفسه مع السعوديين وغيرهم من الشركاء العرب، وفي كل مرة تكون رسالته هي نفسها إلى حد كبير.
وقال ليندركينج في مقابلة أجريت معه مؤخرًا عن الحوثيين، إن الجماعة المسلحة المدعومة من إيران والتي شنت خلال العام الماضي حملة عدوانية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل والسفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر - كل ذلك باسم الدفاع عن الفلسطينيين وسط حرب إسرائيل المدمرة في غزة: "لقد أخبرتهم جميعًا أنهم بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد".
حسب التقرير فإن ما يعنيه ليندركينج هو أن شركاء واشنطن العرب بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لمواجهة رواية البطل الحوثي في الشرق الأوسط.
تقول الصحيفة "لكن قادة الجماعة لم يثنهم عن ذلك الجهد الذي بذلته الولايات المتحدة في التحالف لصد هجماتهم وتأمين طرق الشحن الحيوية، كما شجعتهم شعبيتهم المتزايدة بين المسلمين الآخرين الذين بلغ غضبهم من أزمة غزة حداً عميقاً".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولون وخبراء قولهم إن هناك جاذبية قوية في فكرة أن هذه الحكومة شبه المتهربة تطعن في الدولة اليهودية.
ويزعم ليندركينج أن الحوثيين لا يساعدون الفلسطينيين وأنهم فظيعون بالنسبة لليمن، البلد الفقير الذي عانى سكانه كثيراً وسط سنوات من الحرب.
ويقول إن القوى الإقليمية "يمكن أن تساعد في فك الارتباط بين هذه الفكرة القائلة بأن ما يفعله الحوثيون مشروع بحقيقة وجود صراع في غزة. ومن الصعب علينا كثيراً أن نكسر هذا الارتباط".
وتابع ليندركينج: "إنهم يرون أنفسهم يركبون على قمة الشعبية". ولهذا السبب تعتقد واشنطن أن الرفض الواضح من الدول العربية قد يكون فعالاً.
وطبقا للتقرير فإن الهجمات المستمرة التي تشنها الجماعة في أحد أكثر ممرات الشحن أهمية في العالم ألحقت أضراراً جسيمة باقتصادات العديد من البلدان وساهمت في التضخم في جميع أنحاء العالم. لقد انخفضت حركة المرور التجارية عبر قناة السويس إلى البحر الأحمر - وهو مصدر رئيسي للعملة الأجنبية للحكومة المصرية - بشكل كبير في العام الماضي لدرجة أنها كلفت القاهرة ما لا يقل عن 2 مليار دولار من العائدات المفقودة، مما أدى إلى تفاقم ضغوط الأسعار على فقراء مصر.
كما أدت حملة الحوثيين إلى إبطاء تدفق المساعدات الإنسانية إلى اليمن، حيث تقدر البنك الدولي والمنظمات الدولية الأخرى أن ملايين الأشخاص يواجهون سوء تغذية حادًا.
تضيف "كل هذا، في نظر إدارة بايدن، يجب أن يوفر سببًا كافيًا لحلفاء أمريكا وشركائها العرب في الشرق الأوسط للانضمام إلى الولايات المتحدة - إن لم يكن عسكريًا، فعلى الأقل بصوت عالٍ - في مواجهة الحوثيين".
وذكرت أن المصريين والسعوديين والدول العربية الأخرى، في الغالب، يقاومون توسلات واشنطن.
وقال حسين إيبش، الباحث في معهد دول الخليج العربية: "إنهم لا يرون أن رفع الرهانات الخطابية مع الحوثيين سيساعدهم. المصريون، على وجه الخصوص، خائفون مما قد يفعله الحوثيون بعد ذلك". وأثار احتمال أن تحاول الجماعة زرع ألغام في مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن. وأضاف إبيش أن هذا من شأنه أن يخلف عواقب وخيمة على الجنيه المصري، وقال عن الحكومة في القاهرة: "إنهم خائفون للغاية".
لقد خاض السعوديون والإماراتيون حربًا استمرت لسنوات ضد الحوثيين وليس لديهم أي مصلحة في التورط في صراع جديد مع المجموعة، كما قال الخبراء. وفي بيئة حيث إيران قريبة جغرافيًا، وتركت الولايات المتحدة بعض الدول العربية تشعر بأنها شريك غير موثوق به، وسع زعماء تلك البلدان بشكل متزايد من تواصلهم مع طهران ولا يرون سوى القليل من المزايا في استفزاز وكلائها.
تشير الصحيفة إلى أن مصداقية أمريكا في المنطقة انخفضت بشكل أكبر مع دعم واشنطن الثابت لإسرائيل على مدار العام الماضي، حيث مات عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة وتنتشر لقطات الأطفال الملطخين بالدماء يوميًا على الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال النائب رو خانا (ديمقراطي من كاليفورنيا)، الذي عاد مؤخرًا من رحلة إلى المملكة العربية السعودية: "تشغل التلفزيون، إنها الحرب. مستمرة. كل القنوات. التفجيرات والحرب والمعاناة".
وأضاف "على الرغم من عدم اعتراف أي دولة كبرى بحكومة الحوثيين في صنعاء، ووضع إدارة بايدن المسلحين مرة أخرى على قائمة الإرهاب العالمية، فقد استفادت الجماعة من عملية إعلامية متطورة لتضخيم حملتها في البحر الأحمر وإطلاق الصواريخ على إسرائيل لتصوير نفسها كمدافع عن القضية الفلسطينية".
وأردف "يحظى كل من زعيم الحوثيين والمتحدث باسمه بأكثر من مليون متابع على منصة التواصل الاجتماعي X، وفي غضون عام، أصدرت الجماعة مئات مقاطع الفيديو والأغاني والتراتيل الدينية التي وصلت إلى الملايين في جميع أنحاء العالم، وفقًا للمحللين في معهد أبحاث الشرق الأوسط".
وقال إبيش: "لقد أقنعوا الكثير من الناس بأن ما يفعلونه مفيد. أسأل الناس، كيف تعتقد أن هذا يفيد الفلسطينيين؟ أو حتى حماس؟"
وقال أحد كبار الدبلوماسيين العرب، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته ليكون صريحًا بشأن التفكير داخل حكومته وحكومات أخرى، "عليك أن تفهم مستوى التعقيد الذي خلقه هذا الوضع للحكومات "العربية" في التعامل مع شعوبها، ومع المجتمعات داخل بلدانها".
واضاف الدبلوماسي: "يعتقد الناس في المنطقة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الدولة الفلسطينية ضرورية للسلام الدائم في الشرق الأوسط بأكمله". قبل هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أشعل فتيل الحرب في غزة ولبنان، قال الدبلوماسي: "إذا سألت الناس، ما هي القضية الجيوسياسية الإقليمية الأولى التي تشغل بالهم، فستكون إجاباتهم متباينة". "اليوم، إذا أردت التحدث عن أي قضية سياسية في المنطقة، في أي منزل، فإن الفلسطينيين سيكونون القضية الأولى".
من بين أكثر من 20 دولة تشارك في عملية حارس الرخاء التي تقودها الولايات المتحدة، وهو تحالف بحري أطلق في ديسمبر للدفاع عن ممر الشحن قبالة سواحل اليمن، هناك دولة عربية واحدة فقط، وهي البحرين، تفعل ذلك علنًا. يعتقد الخبراء الإقليميون أن دولًا عربية أخرى تحتل أيضًا مرتبة بين أعضاء التحالف العشرة الذين أبقوا دعمهم سراً.