مرور عدن.. من تهميش الفوضى.. إلى فوضى التنظيم
تاريخ النشر: 19th, September 2023 GMT
سام برس
متابعة/ فتحية سالم
قد تبدو الإجراءات الجديدة الصادرة عن سلطة مرور محافظة عدن والمرتبطة بتغيير لوحة السيارات إلى اللوحات الجديدة اجراءات قانونية تهدف إلى التخلص من حالة الفوضى القائمة في آلية اصدار هذه اللوحات والتي كانت تسمح في السابق بإصدار لوحة فاصل (3) من مناطق ومحافظات أخرى واعادة تنظيم العملية برمتها بحيث تصدر هذه اللوحات حصراً عن جهة الاختصاص المسؤولة عن اصدارها وهي إدارة مرور السير في محافظة عدن.
ومع التسليم بصحة وصوابيه هذه الإجراءات التي اتخذتها السلطات المرورية في المحافظة وسلامة توجهها لجهة اهتمامها بسد ثغرة أمنية قائمة تعيد الاعتبار لحالة نظامية فقدت نتيجة فوضى الحرب حتى كادت تؤسس لأمر واقع يسهل قياس تداعياته الكارثية على نطاق أمني واسع، اجلته بوضوح حالة القبول بإصدار اللوحات فاصل (3) من مناطق أخرى كحالة استثنائية مؤقتة استجابت في حينه لحاجة المحافظة إلى تنظيم عملية دخول السيارات الوافدة إليها من المحافظات الأخرى وأن لم يصدر قرار رسمي بذلك من قبل السلطات فيها.
إلا أن هذه الإجراءات - وعلى أهميتها - أهملت دراسة الوضع بالنسبة لحالات كثيرة تأثرت بالفوضى القائمة ووجدت نفسها مضطرة على تحويل لوحات سياراتها إلى فاصل (3) اعتماداً على خيارات تسمح بالحصول على هذه اللوحات من محافظات أخرى، بهدف تسهيل عملية دخولها من وإلى عدن.
كالحالات الخاصة بشركات النقل التي تتولى مهمة نقل المسافرين من مختلف المحافظات إلى مطار عدن وتؤجر سياراتها لمنظمات العمل الإنساني بالمحافظة.
حيث تفاجأت هذه الشركات بالإجراءات الأخيرة ووجدت نفسها مجبرة على مواجهة تحديات فيما تحتمل إعاقة عملية تدفق نشاطها من وإلى المحافظة بشكل طبيعي نتيجة الزامها من قبل سلطات مرور عدن إما بتغيير لوحات سياراتها إلى اللوحات الجديدة الصادرة عن إدارة مرور المحافظة أو تغيير اللوحات التي تستعملها إلى لوحات لا تحمل فاصل (3)، هذا أو تقع تحت طائلة إجراءات عقابية تجعل من سياراتها عرضة للضبط المروري بمجرد دخولها إلى محافظة عدن.
ولأن إدراك أهمية الإجراءات الجديدة يلزم بمقابل طبيعي له يتمثل بأهمية إدراك حجم الضرر الناجم عن هذه الإجراءات بالنسبة لهذه الشركات وقياس حجم المصلحة التي تخدمها من خلال سياراتها المخصصة لخدمة العمل الإنساني في المحافظة كقيمة اقتصادية وتنموية على درجة عالية من الإضافة بالنسبة للمحافظة ككل.. ما يلزم بمنح هذه الشركات المهلة الزمنية الكافية التي تستحقها لترتيب أوضاعها مع الإجراءات الجديدة.. وفقاً لقاعدة لا ضرر ولا ضرار.
المصدر: سام برس
إقرأ أيضاً:
فوضى "المحمول"
بلغت التكنولوجيا وثورة الاتصالات مبلغاً لم نكن نتخيل الوصول إليه من قبل، وصار المرء منا لا يتخيل أن يستغنى عن هاتفه الذي صار أشبه بعضو جديد نما لدى الإنسان في هذا العصر إذ صار "يده الثالثة" وإذا نسيه ذات مرة فإنه يشعر أن شيئاً عظيماً ما ينقصه وصارت تطبيقات الهاتف المحمول تمتزج بحياة المرء منا سواء فى عمله أو حياته الخاصة.. إلخ.
ولا شك أن تلك التكنولوجيا لها من الفواىٔد ما لا يحصى بالنسبة للإنسان في شتى المجالات العملية والشخصية، إلا أنه ثمة جانب آخر بغيض يرتبط ببعض الممارسات الغريبة المنتشرة التى قد تؤدى بك إلى أن تلعن النت والنتيت والمحمول وكل أشباهه.
فقد تضطرك ظروفك إلى استقلال إحدى المواصلات العامة، وتجلس بجوار شخص ما، لكن لا يلبث هذا الشخص أن يخرج هاتفه المحمول ثم يبدأ فى الاستماع لإحدى فقرات «التوك توك» أو اليوتيوب بصوت عال يجلب لك الصداع دون أدنى اهتمام، وحينما تحاول تنبيهه كى يخفض صوته قليلاً أو يستخدم "سماعة"، فإنه ينظر لك باستغراب شديد ويخفض صوته على مضض هذا إن فعل ذلك من الأساس، بل قد يتطور الأمر إلى مشاجرة حامية الوطيس!!
وقد يجلس آخر بجانبك كى يتحدث مع أحدهم على هاتفه ويمكث طيلة وقت المواصلة يتجاذب أطراف الحديث بصوت عال تعرف من خلاله تفاصيل حياته كاملة بل تاريخ ميلاده وتفاصيل علاقاته الشخصية، أو تلك السيدة التى تعاتب صديقتها بصوت جهورى وهى تتحدث فى هاتفها المحمول على الملأ دون اهتمام بأن يسمعها أحد أو ما شابه وهكذا قد تعرف تفاصيل حياة الشعب المصرى كله أثناء استقلالك المواصلات العامة فى ظاهرة تعبر عما وصلنا إليه من ضوضاء سمعية تفقد المرء صوابه بل وقد تدفعه للجنون!!
ويرتبط بما سبق سلوك آخر في السياق نفسه، ويعد من أكثر مظاهر عدم احترام الخصوصية الآخر، يتمثل فى ذلك الفضول الغريب الذى أصبح سمة لا تنفصل عن شخصية الكثيرين بشأن ما تفعله أو تقرأه عندما يجبرك القدر على الجلوس بجوار أحدهم، إذ يمد أحدهم «بوزه» ليرى ما تشاهده على هاتفك المحمول، أياً كان ما تفعله، سواء عندما تقرأ كتاباً أو تشاهد صوراً خاصة بك أو حتى تلعب إحدى الألعاب لا يبالى بل قد تفاجأ بأحدهم يناقشك فيما تقرأ -حدث لى ذلك بالفعل إذ فوجئت بأحدهم يسألنى وهو متجهم الوجه وهو يشير إلى ما أقرأه قائلاً: «هل حضرتك موافق على الكلام المكتوب ده»، فسألته باندهاش «وانت مال حضرتك ده حاجة خاصة» وكاد ينقلب الأمر إلى ما لا يحمد عقباه!!- أو يحملق إلى صورتك الخاصة بشكل مستفز أو حتى يقترح عليك أن تلعب بشكل معين معتبراً نفسه مدربك في هذه اللعبة!!!
إنه نوع من سوء الأخلاق طال كل شىء الآن فلم يعد احترام الآخر ذا قيمة، ووصل الأمر إلى استباحة كل ما يخصه، فمن يعطى لنفسه الحق فى مشاهدة ما لا يخصه قد يتجاوزه لاستباحة ما هو أكثر..
هى سلوكيات قد يراها البعض بسيطة، لكنها تحمل فى العمق منها الكثير، فمن لا يحترم خصوصية الآخرين فى أبسط الأشياء بالتأكيد لن يحترمها فيما هو أكثر وقد يتطور الأمر لديه ليشمل التعدى على ما يتجاوز خصوصيته إلى ما يتعلق بماله أو عرضه أو ما هو أكثر من ذلك، فمعظم النار من مستصغر الشرر. فقط عليك أن تدرك أن لكل شخص مساحة عليك احترامها وألا تتجاوزها حتى لا يتجاوز الآخرون في حقك.